عبد الله بن سلام الإسرائيلي هو الأصل في دخول الإسرائيليات على الفكر الإسلامي ويليه كعب الأحبار:
روى عبد الله بن سلام الإسرائيلي قال:
[إن أعظم أيام الدنيا يوم الجمعة فيه خُلِقَ آدم وفيه تقوم الساعة، وإن أكرم خليقة الله على الله أبو القاسم... فإذا كان يوم القيامة بعث الله الخليقة أمة أمة ونبياً نبياً حتى يكون أحمد وأمته آخر الأمم مركزاً قال: فيقوم فيتبعه أمته برها وفاجرها ثم يوضع جسر جهنم فيأخذون الجسر فيطمس الله أبصار أعدائه فيتهافتون فيها من شمال ويمين وينجو النبي والصالحون معه فتتلقاهم الملائكة فتوريهم منازلهم من الجنة على يمينك على يسارك حتى ينتهي إلى ربه عز وجل فَيُلْقى له كرسي عن يمين الله عز وجل ثم ينادي مناد: أين عيسى وأمته ؟...] الحديث.
رواه ابن أبي عاصم في سنته (786) والخلال في سنته في مواضع كثيرة من ص (209-260) والحاكم (4/568) وإسناد الحاكم غير إسناد الخلال وابن أبي عاصم وبإسناده ثبتت القصة عن ابن سلام.
وهذا هو أصل حديث الصورة الطويل والرؤية والإقعاد وتلك البلايا. ولذلك قلنا إن أصله من الإسرائيليات.
وقد أورده الذهبي في "العلو" برقم (191) ولفظه:
[إذا كـان يـوم القيامـة جيء بنبيكم فأقعـد بين يـدي الله على كرسيه](!!)
تعالى المولى سبحانه عن ذلك علواً كبيراً!
وقد أقرَّ الحويني الوهابي في كتابه "المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/155/برقم 124-14) بأن حديث عبد الله بن سلام من الإسرائيليات فقال:
[ويظهر أنه من الإسرائيليات التي كان يرويها عبد الله بنُ سلام].
وصغار الصحابة رضي الله عنهم كابن عباس رووا ما حكاه عبد الله بن سلام وكعب الأحبار وأمثالهما من القصص ومما كانوا ينقلونه من خرافات تلمودية فصيرها الرواة عنهم أحاديث مرفوعة وزادوا ونقصوا في متونها وصارت له طرق وأسانيد ودخلت على الصحاح والمسانيد، وقد نبه على ذلك الحذاق من الأئمة من التابعين من تلاميذ الصحابة رضي الله عنهم، ففي "سير أعلام النبلاء" (2/606) و"البداية والنهاية" (8/109) عن بسر بن سعيد المدني (وهو من الأئمة الثقات وكبار التابعين ومن رجال الستة) قال:
[اتقوا الله وتحفظوا من الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدِّث عن رسول الله ، ويحدِّثنا عن كعب، ثمَّ يقوم، فأسمع بعض مَنْ كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب، ويجعل حديث كعب عن رسول الله ].
رواه الإمام مسلم صاحب الصحيح في كتابه "التمييز" برقم (10) بإسناد صحيح.
قال الذهبي في "العلو" النص رقم (280) بتحقيقي:
[قال أبوصفوان الأموي عبدالله بن سعيد بن عبدالملك بن مروان:
ثنا يونس بن يزيد، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن كعب الأحبار قال:
قال الله في التوراة: أنا الله فوق عبادي وعرشي فوق جميع خلقي وأنا على عرشي أدبر أمور عبادي ولا يخفى عليَّ شيء في السماء ولا في الأرض. رواتـه ثقات].
أقول: وراويه الأول: أبو صفوان الأموي: أحد رجالات بني أمية وهو عبدالله بن سعيد، وكان له أربعة عمومة خلفاء وهم: الوليد بن عبدالملك، وسليمان بن عبد الملك، وهشام بن عبدالملك، ويزيد بـن عبد الملك. كما في ((تهذيب الكمال)) (15/37).
ومن هذا يعلم أنَّ هذه الأفكار كانت تروَّج في دولـة بني أمية(!!) وأنهم كانوا يقومون بأنفسهم على ترويج التجسيم وبث الإسرائيليات(!!)
ثم قال الذهبي في "العلو":
[281- وقال أبو الشيخ في كتاب "العظمة": ثنا الوليد بن أبان، ثنا يعقوب الفسوي، ثنا أبو صالح، حدثني الليث، حدثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، أنَّ زيد بن أسلم حدثه عن عطاء بن يسار قال: أتى كعباً رجلٌ وهو في نفر فقال: يا أبا إسحق: حدثني عن الجبار عزَّ وعلا، فأعظم القوم فقال كعب: دعوا الرجل فإنه إن كان جاهلاً تعلَّم وإن كان عالماً ازداد علماً، أُخْبِرُكَ أنَّ الله خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهنَّ، ثمَّ جعل بين كل سمائين كما بين السماء الدنيا والأرض، وجعل كثفها مثل ذلك ثمَّ رفع العرش فاستوى عليه، فما من السموات سماء إلا له أطيط كأطيط الرحل في أول ما يُرتحل.... وذكر كلمة منكرة لا تسوغ لنا. والإسناد نظيف وأبو صالح لينوه وما هو بمتهم بل سيء الإتقان].
هذا كلام الذهبي!
أقول: والكلمة المنكرة التي لا تسوغ هي قول كعب الأحبار اليهودي:
(... كأطيط الرَّحل في أول ما يرتحل من ثقل الجبار فوقهنَّ).
فجعل ربه ومعبوده خاضع للجاذبية الأرضية من سخافة تفكيره!!
وعلى هذه القوانين والأفكار المستقاة عن مثل هؤلاء مشى المجسمة من هذه الأمة في تخيل معبودهم وجلوسه وقعوده وصورته وهيئته وشكله فجعلوا له وجهاً وعينين ويدين وساقا وضحكا وقدمين و....
سبحانك ربي لا إله إلا انت
{ولا يحيطون به علما}
{سبحان ربك رب العزة عما يصفون}
{وما قدروا الله حق قدره}
وأختم هذا المقال بما أورده الذهبي نفسه في تاريخه (23/384طبعةتدمري) في حوادث سنة (317هـ) حيث قال:
[الفتنة في تفسير آية: وهاجت ببغداد فتنة كبرى بسبب قوله: {عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً} فقالت الحنابلة: معناه يُقْعِدهُ اللَّه عَلَى عرشه كما فسّره مجاهد. وقال غيرهم من العلماء: بل هِيَ الشّفاعة العُظْمى كما صحَّ في الحديث. ودام الخصام والشَّتْم واقتتلوا، حتّى قُتِل جماعة كبيرة].
فالمجسمة كما ترى أخذوا بقول يروى عن مجاهد ولم يصح عنه وأصله كلام لابن سلام الإسرائيلي من فكره القديم وتركوا تفسير النبي صلى الله عليه وآله بالشفاعة!
وهذا غيض من فيض!
وهذه أمور يجبن كثير من المشايخ لو علموها عن النطق والتصريح بها والله من ورائهم محيط
والله تعالى أعلم
عبد الله بن سلام الإسرائيلي هو الأصل في دخول الإسرائيليات على الفكر الإسلامي ويليه كعب الأحبار:
-
- مشاركات: 777
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm