صيام يوم الشك:

مسائل فقهية عامة
أضف رد جديد
عود الخيزران
مشاركات: 777
اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm

صيام يوم الشك:

مشاركة بواسطة عود الخيزران »

صيام يوم الشك:

الكلام في صوم يوم الشك، وردت أحاديث تفيد بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم شعبان كله أو غالبه وأحاديث تقول: (لا يتقدمنَّ أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم) رواه البخاري ومسلم.

فمثل هذا الحديث يجوّز صيام يوم الشك لمن كانت له عادة صيام يوم وإفطار يوم وصادف يوم صيامه يوم الشك، أو كان يصوم الاثنين والخميس أو نحو ذلك.

وعندي أن هذا ليس بحديث بل هو كلام أبي هريرة لما روى البخاري في الصحيح (1983) عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأله فقال: (أما صمت سرر هذا الشهر؟) قال البخاري: وقال ثابت عن مطرف عن عمران عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من سرر شعبان).

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4/231) في شرح هذا الحديث: (قال أبو عبيد والجمهور: المراد بالسرر هنا آخر الشهر، سميت بذلك لاستسرار القمر فيها وهي ليلة ثمان وعشرين وتسع وعشرين وثلاثين).

قلت: ومما يضعف الرواية أيضاً أن أبا هريرة كان يقول بجواز صيام يوم الشك كما في سنن البيهقي (4/211) .

فإذن صيام هذا اليوم ليس حراماً خلافاً لما جاء عن عمار بن ياسر رضي الله عنه: (من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم)، رواه الترمذي. والتحقيق عندنا أن هذا الحديث موقوف، فقد قال الحافظ في "الفتح" (4/120) إن ابن أبي شيبة أخرجه عن رِبْعِي: أن عماراً وناساً معه أتوهم يسألونهم في اليوم الذي يشك فيه، فاعتزلهم رجل، فقال عمار تعالَ فَكُلْ، فقال: إني صائم، فقال له عمار: إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فتعال وكل.

قلت : ربما كان هذا هو أصل الحديث لكن الرواة حوَّروه ودَوَّروه بروايتهم له بالمعنى، ومتى كان هناك احتمال لم يصح الاستدلال به.

ولذلك نقل الحافظ ابن حجر هناك أن الجوهري المالكي قال: هو موقوف، ثم ذكر الحافظ جواباً على كلام الجوهري أنه: موقوف لفظاً مرفوع حكماً.

وأقول: بل موقوف لفظاً وحكماً وهو اجتهاد من سيدنا عمار رضي الله عنه.
لا سيما والحافظ البيهقي الشافعي عقد باباً في سننه سماه (باب من رخص من الصحابة في صوم يوم الشك) وذكر فيه أن إباحة صوم يوم الشك مذهب السيدة عائشة وأسماء وأبي هريرة، وأشار أنه مروي عن سيدنا علي وابن عمر .

ثم اعلم أن مَنْ قال إن يوم الشك مكروه أو حرام لم يعن اليوم الذي قبل رمضان إذا لم يشك فيه، وإنما عنى أنه إذا شككنا أنه هل من رمضان أم من شعبان أما إذا تحققنا أنه من شعبان فإنهم لا يقولون بحرمته ولا بكراهته.
وعليه ولما تقدَّم من الأحاديث يتبين لنا أن صوم يوم الشك ليس بحرام ولا مكروه. وهذا قول أبي حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى.
قال الإمام النووي في "شرح المهذب" (6/421): [وقال مالك وأبو حنيفة: لا يجوز (صوم يوم الشك) عن رمضان ويجوز تطوعاً].

هذا مختصر الحكم عندنا في هذه المسألة.

والله تعالى أعلم.
أضف رد جديد

العودة إلى ”مسائل فقهية عامة“