الفرق المنهجي بين أبي منصور الماتريدي وأبي الحسن الأشعري:

[عود الخيزران]

الفرق المنهجي بين أبي منصور الماتريدي وأبي الحسن الأشعري:


من فرائد وفوائد سماحة السيد المحدّث حسن السقاف:
الفرق بين أبي منصور الماتريدي وأبي الحسن الأشعري، الماتريدي منزه مؤول واضح المنهج والأشعري حنبلي مائل إلى عقيدة الحنابلة وقد صرح في مصنفاته أنه على مذهب أحمد بن حنبل أو على مذهب أهل الحديث وهم المثبتون للاستواء والوجه والعينين واليدين والأصابع والنزول و.... الخ
وينبغي أن نشرح ذلك ونبينه ونفصله
والأشاعرة رضي الله عنهم العقلاء المنزهون ليسوا على منهج ولا طريقة أبي الحسن الأشعري..
وهذه التسمية (الأشاعرة) تم إطلاقها على المنزهين من الشافعية والمالكية.. وإن كان هؤلاء الشافعية والمالكية لم يلتزموا بمنهج الأشعري..
ولم يكن الأشاعرة يدرسون كتب الأشعري أو يتناقلونها فيما بينهم ولم يحفظوها!
لماذا ترك الأشاعرة المنزهون "الإبانة" مثلاً ولم يصونوها من تحريف ودس المتلاعبين؟
مع أنني لا أُسلّم بأنه تم الدس فيها!
وقد صرح أئمة الهدى المنزهون ممن يطلق عليهم (أشاعرة) بأنهم لا يتقيدون ولا يلتزمون بقول الأشعري!
فقد قال السبكي في طبقاته في ترجمة إمام الحرمين:
(والإمام لا يتقيد بالأشعري.....).
وقال الإمام الغزالي في "فيصل التفرقة":
(فإن زعم صاحبك أن حد الكفر ما خالف مذهب الأشعري أو مذهب المعتزلي أو الحنبلي فهو غر بليد قد قيده التقليد).
وقال الحافظ أبو بكر بن العربي المالكي في "العواصم":
(إذا سمعت أني أشعري كيف حكمت بأني مُقَلِّد له في جميع قوله؟! وهل أنا إلا ناظر من النُّظَّار أدين بالاختيار ، وأتصرَّف في الأصول بمقتضى الدليل).
ويخالف الفخر الرازي رحمه الله تعالى الأشعري كثيراً ويُظهر ذلك في مواضع عديدة من كتبه فيقول مثلاً في كتابه "أصول الدين" ص (68):
(المسألة التاسعة عشرة : أنه تعالى باق لذاته خلافاً للأشعري) .
وانظر أيضاً ص (89) و (90) وغير ذلك!
ومنها مسائل وافق فيها الرازيُّ المعتزلةَ وخالف فيها الأشعريَّ مثل قوله في ذلك الكتاب ص (89):
[قال أبو الحسن الأشعري: الاستطاعة لا توجد إلا مع الفعل، وقالت المعتزلة: لا توجد إلا قبــــــــــــــــــل الفعل، والمختار عندنا أن القدرة هي عبارة عن سلامة الأعضاء وعن المزاج المعتدل فإنها حاصلة قبــــــــــــــــل حصول الفعل....].
وقال التفتازاني في "شرح المقاصد" (1/70) عند كلام له في زيادة الصفات وكونها غير الذات أو عين الذات وفي تعدد القدماء ما نصه:
[وكلام الإمام الرازي في تحقيق إثبات الصفات وتحرير محل النزاع ربما يميل إلى الاعتزال].
وقال الإمام البزدوي الحنفي في كتابه "أصول الدين" ص (53):
[قال أبو الحسن الأشعري: الطاعات والمعاصي والمباحات كلها برضا الله ومحبته ومشيئته وإرادته ولا يفصل بين المشيئة والإرداة وبين المحبة والرضا، وخالف أبو الحسن الأشعري أهل السنة والجماعة].
ومشى على ما قاله البزدوي في مخالفة الأشعري السبكي وإمام الحرمين والنووي وغيرهم رحمهم الله تعالى!
قال السبكي في الطبقات (3/385):
[وأبو حنيفة قائل إن الإرا /// دة والرضا أمران متحدان].
ثم قال السبكي:
(وأكثر الأشاعرة على ما يعزى إلى أبي حنيفة من عدم الافتراق منهم إمام الحرمين وغيره، آخرهم الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله تعالى قال: هما شيء واحد).
والمقصود أنهم لم يوافقوا الأشعري بل خالفوه!
وقال العلامة الكوثري رحمه الله تعالى عن الأشعري في مقدمة "تبيين كذب المفتري" ص (16):
[وفقهاء المذاهب يتجاذبون الأشعري إلى مذاهبهم ويترجمونه في طبقاتهم والحنابلة أحق بذلك؛ حيث يصرِّح الأشعري في مناظراته معهم أنه على مذهب أحمد..].
هذا غيض من فيض!
والمقصود بيان أن العلماء الذين يطلق عليهم أشاعرة وهم عقلاء وأئمة أهل السنة لم يوافقوا الأشعري فيما يقول وخاصة في الصفات وأنهم لا يثبتون ما أثبته هو والباقلاني من الاستواء فقد أنكرا - الأشعري والباقلاني - على من فسر الاستواء في صفات الله تعالى بالاستيلاء والقهر والملك والتدبير مع أن جمهور الأشاعرة المنزهة على تفسير الاستواء بذلك!
كما لم يوافقوا الأشعري في إثبات الوجه والعينين واليدين الحقيقيتين والأصابع والنزول وغير ذلك!
ومشت المتون والشروح والتفاسير على التأويل والتفسير والبيان وليس على تمميع القضية وجعلها من الألغاز والمبهمات والميل فيها إلى الإيماء لظاهر الجهة والاستقرار والعلو الحسي!
كما أن المقصود معرفة الحقيقة وعدم التعامي عنها والإقرار بالحق وبيان الحقيقة وعدم مغمغتها والتعمية عليها وترك طلبة العلم في حيرة من أمرهم!
فالتنزيه هو الحق المطلوب
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل