بيان معنى المتشابه في آيات الله تعالى ،وبيان طريقة فهمه ورده إلى المحكم :
يقول سماحة السيد المحدث حسن السقاف:
النص المتشابه : هو ما يحتمل أكثر من معنى في لغة العرب فيجب فهمه وتأويله حَسَبَ الآيات المحكمات ؛ لأنهن أم الكتاب، وأساس المحكمات في التوحيد قوله تعالى :{لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} الإخلاص : ٣- ، وقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} الشورى: ۱۱ ، وقوله تعالى:{وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} طه: ۱۱۰، وقوله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} مريم : ٦٥ أي : نظيراً أو مثلاً أو شبيها، وأمثالها.
ومثال المتشابه: وهنّ الآيات التي يوهم ظاهرها إثبات جارحة أو عضو الله تعالى أو مشابهة الله سبحانه بخلقه من وجه ما، وطريقة بيان أن المتشابه غير مراد ظاهره استحضار نحو قوله تعالى:{يَا حَسْرَنَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ } الزمر : ٥٦ ، أي في حق الله، ولا يراد من ذكر لفظ الجنب هنا ظاهره وهو إثبات عضو، وكذا استحضار مثل قوله تعالى:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} الإسراء: ٢٤، وقوله تعالى :{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} الحجر : ۸۸، لا يراد من هذا إثبات الجناح المعروف، وإنما يراد المعنى المجازي وهو العطف والرحمة والحنان. وكذلك قول الله تعالى في حق القرآن :{لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حكِيمٍ حَمِيدٍ} فصلت: ٤٢ ، لا يراد من ذلك إثبات يدين للقرآن ولا خلف، وإنما المراد مجاز ذلك، وهو أن الباطل والتحريف والتغيير غير داخل عليه، ومثله قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} (سبا: ٤٦، والعذاب ليس جسماً له يدان، وكذلك قوله تعالى حكاية عن بعض الكفار أنهم قالوا: {عَامِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا ءَاخِرَهُ} آل عمران: ۷۲، لا يراد إثبات وجه للنهار بمعنى العضو المعروف في البدن إذ النهار ليس له وجه بهذا المعنى ولا أيد ولا أعضاء لأنه ليس جسماً، وإنما المراد أول النهار، وبه يتبين أن هذا من مجاز اللغة في القرآن الكريم ، والمجاز لا يمكن إنكاره وهو مستعمل في كتاب الله تعالى وفي صحيح السنة وأشعار العرب وأرجازهم وهو منقول عن أئمة السلف كأبي عبيدة معمر بن المثنى له كتاب مجاز القرآن" والشافعي وأحمد وغيرهم ، وأخطأ من خص نفيه في القرآن الكريم، والقائلون بنفي المجاز إنما أرادوا التمهيد للأخذ بظواهر النصوص في صفات الله تعالى للإفضاء إلى عقيدة التشبيه التجسيم.
وقد عَلَّمَنَا الله تعالى التأويل حيث أضاف النسيان إليه فقال : {فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا} الأعراف: ٥١، وقال سبحانه: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ} التوبة: ٦٧ ، ثم في موضع آخر نفى سبحانه أن يوصف بالنسيان فقال: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} مريم : ٦٤ ، وقال :{قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى} طه : ٥٢.
بيان معنى المتشابه في آيات الله تعالى ،وبيان طريقة فهمه ورده إلى المحكم :
-
- Posts: 921
- Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm