بيان حال الزهري وتفنيد دعوى أنه (متفق على إمامته وجلالته وقبول رواياته)

التراجم والرجال: الصحابة والعلماء وغيرهم
أضف رد جديد
cisayman3
مشاركات: 300
اشترك في: السبت نوفمبر 11, 2023 8:00 pm

بيان حال الزهري وتفنيد دعوى أنه (متفق على إمامته وجلالته وقبول رواياته)

مشاركة بواسطة cisayman3 »

كتب بعض المتعصبين ممن ليس لهم علم واطلاع ودرابة في هذه الفنون يعترض علينا في رد رواية نزول بعض الآيات في عدم إيمان أبي طالب رضي الله عنه ومنها رواية في إسنادها الزهري ولها عدة علل بيناها هنالك فاعترض علينا التعليلي بالزهري، وادعى بأن الزهري متفق على إمامته وجلالته، مع أن الواقع ليس كذلك، فأحببت أن أنقل بحثاً قديماً لي في الزهري رددت به على الألباني.
حيث كنت قد كتبت قبل نحو ثلاثين سنة في الجزء الثاني من كتابي تناقضات الألباني الواضحات رداً على الألباني في دفاعه عن الزهري عندما رد على الشيخ أحمد السيابي الإباضي، وقلت هناك ما مختصره:
ختم المتناقض الألباني مقدمته الجديدة لصفة صلاته ص (26) بالتطاول والاعتداء على طائفة من المسلمين والمؤمنين الموحّدين وهم الإباضية!! إذ قال هناك:
[هذا، وأنا أستعد لوضع فهرس الكتاب، وفقتُ على جزء صغير بعنوان: (رسالة في الرفع والضم في الصلاة) تاليف أحمد بن مسعود السيابي، وهو من الإباضية المعروفين بانحرافهم عن السنة، ولا أدلَّ على ذلك من هذه الرسالة التي قدّمت لها (المديرية العامة للشؤون الإسلامية بوزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية)، يعني الإباضية، ولولا ذلك لم آبه لهذه الرسالة لأنه مؤلفها مجهول، غير معروف بالعلم والصنح للمسلمين]!!!
أقول: كيف يقول (لأنَّ مؤلفها مجهول) مع أنه يقول قبل ذلك بسطرين (وهو من الإباضية المعروفين بانحرافهم..)!!!
والشيخ أحمد السيابي رجل عالم نزيه أديب لا يضره تطاول هذا المتناقض المتخابط!! كما قيل: (ما ضر السحاب...)!! فالشيخ السيابي معروف بالعلم والنصح عند المسلمين في بلاده التي يقطنها!!
ولنعد إلى بقية كلام المتناقض!! فنقول وبالله تعالى التوفيق:
قال المتناقض في مقدمة صفة صلاته ص (26):
[وبرهاني على ذلك زعمه أن أحاديث الرفع والقبض (كلها ضعيفة أو موضوعة)(1) (ص 14)، وهو يعلم من (نيل الأوطار) للشوكاني أنها متواترة(2)، وأن بعضها أخرجها (الصحيحان) كما سترى في موضعه من الكتاب(3)،ولكنه خبيث النقد والنقل، يطعن في الأحاديث الصحيحة ورواتها من الأئمة بأوهى الأسباب(4)،والأمثلة فيها كثيرة، والمجال ضيق، فلأقتصر على مثال واحد كدليل على غيره، لقد أعلَّ حديث الصحيحين عن ابن عمر في رفع اليدين بقوله (ص18): (وفيه الزهري، قال الذهبي في الميزان: إنه كان يدلس())! وفي نقله خيانة علمية، لأنَّ تمام كلام الذهبي: (في النادر)(5) فحذفها الإباضي تضليلاً لقرائه(6) لأنَّ النادر لا حكم له هنا كما لا يخفى على العلماء. ثم إنه تجاهل منزله الإمام الزهري عند المسلمين، هذه المنزلة التي لخصها الحافظ من (التهذيب) في (التقريب) فقال: (الفقيه الحافظ، متفق على جلالته وإتقانه). كما تجاهل تصريح الزهري بالتحديث في صحيح البخاري رقم 736 وغيره {إنَّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}!] انتهى كلام الألباني بعجره وبجره!!!!
وأقــول راداً عليه: أما ادّعاؤه بأن الذهبي يقول في الزهري: (كان يدلّس في النادر) وزعمه بأنَّ (النادر لا حكم له هنا) فغير مُسلّم!! بل هو غلط محض مخالف لما صرّح به الحفاظ الذين يتخذ المتناقض!! أقوالهم نصوصاً شرعية ما عليها من مزيد دون تبصر!!
بل كلام الذهبي هنا لا حكم له إلا الإعراض عنه!! وعدم التعويل عليه!! قال الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب) (9/398):
(وقال أحمد بن سنان: كان يحيى بن سعيد لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئاً، ويقول هو بمنزلة الريح).
وقال الحافظ قبل ذلك بأربعة أسطر:
[وعن أحمد قال: لم يسمع الزهري من عبد الله بن عمر ؛ وقال أبو حاتم: لا يصح سماعه من ابن عمر ولا رآه، ورأى عبد الله بن جعفر ولم يسمع منه، وعن ابن معين قال: ليس للزهري عن ابن عمر رواية ؛ وقال الذهبي: لم يسمع من مسعود بن الحكم، وقال أبو حاتم: لم يسمع من حصين بن محمد السالمي، وقال الدارقطني: لم يصح سماعه من أم عبد الله الدوسية، وقال ابن المديني: حديثه عن أبي رهم عندي غير متصل].
وقال الحافظ أيضاً هناك ص (396):
[وقال الآجريّ عن أبي داود: جميع حديث الزهري كله ألفا حديث ومائتا حديث ؛ النصف منها مسند(7) وقدر مائتين عن غير الثقات...].
فهل بعد هذا كله يقال (في النادر) والنادر لا حكم له هنا ؟!!!!!
ولذلك عدَّ الحافظ ابن حجر الزهري في المرتبة الثالثة من المدلسين في كتابه (تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس) ص (109) برقم (102/36) حيث قال في تعريف هذه المرتبة ص (23):
[الثالثة: من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرَّحوا فيه بالسماع، ومنهم من ردَّ حديثهم مطلقاً...]!!
ثمَّ إنَّ الزهري كان يدرج ألفاظاً في الأحاديث النبوية هي من فهمه أو تفسيره نبَّه على ذلك بعض الأئمة كالبخاري وربيعة شيخ الإمام مالك، قال الإمام البخاري في (جزء القراءة) ص (29):
[وقوله (فانتهى الناس...) من كلام الزهري، وقد بيَّنه لي الحسن بن الصباح قال: حدثنا مبشر عن الأوزاعي قال الزهري: فاتعظ المسلمون بذلك فلم يكونوا يقرأون فيما جهر. قال مالك: قال ربيعة للزهري: إذا حدَّثت فبين كلامك من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم(8)] اهـ!!
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (5/38) في كلام له على عبارة أدرجها الزهري في حديث:
[قال الخطابي: هذه الزيادة يشبه أن تكون من كلام الزهري، وكانت عادته أن يصل بالحديث من كلامه ما يظهر له من معنى الشرح والبيان](9).
وقال الخطيب البغدادي: [كان موسى بن عقبة يقول للزهري: أفصل كلامك من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم. لما كان يحدّث به فيخلطه بكلامه](10).
وكم في الفتح وغيره من جمل وكلمات وعبارات نبه الحفاظ على أنها من مدرجات وزيادات الزهري والله الهادي.
هذا كله من جهة الكلام على الزهري من حيث الضبط والرواية والأداء والزيادة في الحديث.
ثم إن هناك مسألة أخرى على الزهري وهي سيره في ركاب الأمويين وبالتالي مجاراته للسياسيين في ذلك العصر مما جعل عبد الملك بن مروان الطاغية يعده في صحابته ويغدق عليه!! ومن هنا صار متفقاً على جلالته عندهم!!
قال الزهري نفسه كما في (سير أعلام النبلاء) (5/331):
[وتوفي عبد الملك فلزمت ابنه الوليد، ثم سليمان ؛ ثم عمر بن عبد العزيز، ثم يزيد، فاستقضى يزيد بن عبد الملك على قضائه الزهري... ثم لزمت هشام ابن عبد الملك، وصير هشام الزهري مع أولاده، يعلمهم ويحج معهم].
قال الذهبي هناك ص (337):
[كان رحمه الله تعالى محتشماً جليلاً بزي الأجناد له صورة كبيرة في دولة بني أمية]!!!!!!!
وقال ص (341): [قال محمد بن إشكاب: كان الزهري جندياً، قلت: كان في رتبة أمير]!!!!
وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: [إرسال الزهري ليس بشيء لأنّا نجده يروي عن سليمان بن أرقم،..... عن مكحول وذكر الزهري َّ فقال: ايُّ رجل هو لولا أنه أفسد نفسه بصحبة الملوك(11)، قلت ـ أي الذهبي ـ: بعض من لا يعتد به لم يأخذ عن الزهري لكونه كان مداخلاً للخلفاء].
[انظر سير النبلاء 5/339].
وقول مكحول جرح في الزهري!! وإن أباه الذهبي وحاول عبثاً ردَّه!!
وانظر كيف وصف من لم يقبل روايته بأنهم (لا يعتد به) وهو غير صحيح!! لأنهم من جهابذة المحدين من علماء السلف.
وبذلك يصح أن يقال إنَّ دعوى الاتفاق على جلالته ليست صحيحة بل هي سراب بقيعة!! وبه يبطل اعتراض الألباني على الشيخ السيابي وتطاوله عليه!!
[فائـــدة]: قال المتناقض!! في مقدّمته الجديدة للجزء الأول من صحيحته في الصحيفة الثامنة: [فمنهم كالإباضية والمعتزلة من قال: إنه في كل مكان! ولازمه القول بالحلول أو وحدة الوجود...]!!!
وكنا قد نقلنا ص (270 ـ 271) من هذا الكتاب هذه العبارة وبينا عدم صدقة بل وافترائه عليهم فيما يقول وذكرنا أن الإمام أبي محمد عبد الله بن حميد السالمي الإباضي رحمه الله تعالى يقول في كتابه (مشارق أنوار العقول) (1/322) وهو من الكتب القيمة المهمة في علم التوحيد والكلام عند السادة الإباضية ما نصه:
(لو كان ـ سبحانه في مكان فإما في بعض الأحياز أو في جميعها وكلاهما باطل).
والمعتزلة أيضاً ينزهون الله عن المكان كما بينا ذلك نقلا من كتبهم وأقوال أئمتهم.
فتبين أن ما يهذي به هذا الألباني المتناقض محض افتراء!!
كما تبين سقوط من اعترض علينا في الزهري.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي:
(1) قلت وهذا رأي للسادة المالكية من أهل السنة الذين يقولون بالسدل ولا يرون القبض في الصلاة وكذا غيرهم وهذا غير مختص بالإباضية حتى يشنع به عليهم!! ويصفهم هذا المتناقض!! بالانحراف عن السنة!! فمن كان يرى ضعف حديث أو أحاديث في مسألة ما ؛ لا يقال إنه منحرف عن السنة!! والحقيقة أن فرق الإسلام المعتد بها وهم الزيدية والإباضية والمعتزلة والشيعة وأهل السنة لا يصح أن يقال في فرقة منهم إنهم منحرفون عن السنة البتة!! إلا في نظر المتناقضين القاصر!!
(2) وهل نيل الأوطار كتاب معصوم!! لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؟!! أيها الألمعني ؟! ثم إذا كان الأمر متواتراً كما تزعم فكيف تترك العمل به طائفة من المسلمين من أهل السنة وهم جمهور المالكية ؟!! أم أنهم ينظرك أيضاً أعداء السنة ومنحرفون عنها ؟!!
والسنة بنظرك القاصر ليست بسنة في نظر غيرك لو كنت تعقل!!
قال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) (2/224): ((وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال، وصار إليه أكثر أصحابه...)) وما هذى به الشوكاني في كتبه تكفل بالرد عليه الإمام العلامة السماوي في (الغمطمطم الزخار في اكتساح السيل الجرار) (5/45) ولعلنا نتفرّغ للموضوع فنبسطه في موضع آخر إن شاء الله تعالى!!
(3) كم من حديث أخرج في الصحيحين فضعفته أيها المتناقض وقد دللنا على بعض ذلك في مقدمة الجزء الأول من التناقضات وغيره!
(4) وأنت أيها المتناقض!! عندما طعنت في أئمة الحديث والعلم (مثل الإمام أبي حنيفة وسعيد بن زيد وعائذ ابن حبيب وعمرو بن مالك النكري ومحمد بن عجلان وأبي العوام القطان وغيرهم) وضعَّفت أحاديث سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم التي تخالف وتعاكس هواك ومذهبك كما بينت بعض ذلك في الجزء الثاني من التناقضات وغيره هل كنت عندها خبيثاً في النقد والنقل ؟! أم أن الأمر حلال عليك عيب وحرام على غيرك ؟! مع أن الشيخ السيابي لم يقع فيما وقعت فيه وربما كان اجتهاده ومذهبه يرى تضعيف الزهري!! فإذا كان ذلك بعلم ومعرفة ودليل فلا ضير عليه لأن التصحيح والتضعيف أمري اجتهادي اعتباري كما هو معلوم!!
(5) كم من حديث ضعفته في الصحيح سواء في البخاري أو في مسلم بتضعيف راوٍ أو رميه بالتدليس!! ولا أدل على ذلك من تضعيفك أحاديث في مسلم يعنعنه ابي الزبير مع أنه صرح بالسماع في أماكن أخرى!! فارجع إلى كتاب العلامة محمود سعيد ممدوح (تنبيه المسلم إلى تعدي الألباني على صحيح مسلم) لتتذكر ذلك أيها الألمعي الفطن!!
(6) كلمة في النادر لا فائدة لها لثبوت التدليس على الزهري كما سيأتي تفصيله في الأعلى بعد قليل إن شاء الله تعالى!!
(7) كم من كلمة لم تكن في صالح هذا المتناقض!! فحذفها الألباني المتناقض!! تضليلاً لقرائه وإليكم مثالين على ذلك ذكرتهما في الجزء الأول من هذه التناقضات ص (24 ـ 27) في فصل سميته: (نبذة من نقله لكلام السادة العلماء وتحريفه لهذه النقول أو بتره منها عبارات ليست في صالحه):
الأول: عائذ بن حبيب ؛ قال في موضع يريد تضعيف حديثه فيه لأنه معارض لهواه!! وذلك في إرواء غليله (2/243): [قال ابن عدي: (روى أحاديث أنكرت عليه).. قلت: ولعلَّ هذا منها..] اهـ!! مع أن ابن عدي قال في الحقيقة كما في الكامل (5/1993): (روى عن هشام بن عروة أحاديث أنكرت عليه وسائر أحاديثه مستقيمة). وهذا الحديث الذي ضعَّفه والذين نحن بصدده لم يروه عائذ عن هشام بن عروة!! فلم يكن هذا بنظر هذا الألباني المتناقض!! يسمى (خبيث النقد والنقل ووقع في خيانة علمية)!!
والمثال الثاني: محمد بن عمارة ؛ قال المتناقض!! في موضع أراد تضعيف حديثه فيه وذلك في رسالة له في تحريم الذهب على النساء ص (207) من كتاب (حياة الألباني وآثاره...) قال عنه أبو حاتم: (ليس بذاك القوي)!! مع أن أبا حاتم قال عنه في الحقيقية: (صالح الحديث ليس بذاك القوي) أي أن حديثه حسن في مثل هذه الأبواب!!
فتأملوا!! فهل يسمى هذا خباثة في النقد والنقل أم لا ؟!!! وهل هذه خيانة علمية أم لا ؟!!! ومن كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة!!!
(😎 والنصف الآخر مدلس عن أقوام من الصحابة وغيرهم!! ومنهم المذكورون في الكلام الذي نقلناه آنفاً من (تهذيب التهذيب)!! لذلك أورده الحافظ ابن حجر في الطبقة الثالثة من المدلسين كما سيأتي إن شاء الله تعالى!!
(9) ولو أرادنا أن نتتبع مدرجاته فربما نخرج منها جزءاً لا بأس به!!
(10) وهذا نوع من أنواع الوضع في الحديث فاستيقظ وتنبه!!
(11) انظر: (تسهيل المدرج إلى المدرج) وهو من تأليف شيخنا العلامة المحدث السيد عبد العزيز ابن الصديق حفظه الله تعالى ورعاه، رتب فيه كتاب الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى (المدرج إلى المدرج) وكان الحافظ السيوطي قد لخص فيه كتاب (تقريب المنهج بترتيب المدرج) للحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى وجزاهم عنا خير الجزاء.
أضف رد جديد

العودة إلى ”التراجم والرجال: الصحابة والعلماء وغيرهم“