بطلان ما يروى عن ابن المبارك أن الغبار الذي في فرس معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز (1):

معاوية والأمويون والعباسيون
Post Reply
cisayman3
Posts: 300
Joined: Sat Nov 11, 2023 8:00 pm

بطلان ما يروى عن ابن المبارك أن الغبار الذي في فرس معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز (1):

Post by cisayman3 »

بيان بطلان ما يروى عن ابن المبارك في تفضيل معاوية على عمر بن عبد العزيز بأن التراب الذي في أنف فرس معاوية خير من عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى.
قال قائل ساذج:
(يذمون معاوية أمام عمر بن عبد العزيز فقال: إن غبار نعل فرس معاوية خير من عبد العزيز وآل عمر بن عبد العزيز).
أقول: هذا كلام باطل لم يصح ولم يثبت عن قائله [والعبارة في كتب الرواية هي: (تراب دخل في أنف معاوية.. خير أو أفضل من عمر بن عبد العزيز) فحوره القصاص والوعاظ إلى أنف فرس معاوية وبعضهم إلى نعل فرسه من بابة (التخبيصات في الوضع والزيادات)!!
ولو صح هذا القول فهو مردود على قائله للوجوه التالية:
أولاً: عدم صحة إسناده عن عبد الله بن المبارك! فهو غير ثابت عنه، وليس له إسناد يصح، وأكثر من نقله بلا إسناد، وسيأتي الآن الكلام في إسناده.
ولو ثبت هذا عن المبارك ـ مع أنه موضوع لا يثبت ـ فهو طعن في ابن المبارك، للتالي:
ثانياً: كيف يكون تراب في أنف رجل أو أنف فرس عليه مختلط بمخاط الفرس أفضل من رجل مسلم وحاكم عادل وعالم وعابد من التابعين والسلف الصالح مثل عمر بن عبد العزيز ؟! وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح بأن المؤمن أعظم حرمة عند الله من الكعبة المشرفة.
فمن قال بأن الغبار الذي في أنف الفرس المختلط عادة بالمخاط أفضل من المؤمن الصالح فقد طعن في نفسه! وكان كلامه من جملة الهراء الذي يرمى ولا يلتفت إليه.
وكذلك إن كان التراب في نعل الفرس الذي يكون مختلطاً بروثها وبولها كما هي العادة!
فبمثل هذه الأدلة الفاشلة تثبت الفضائل عند النواصب!
ومن هنا يتبين لنا كيف يركض المتمسلفون والنواصب بالنصوص دون وعي ودون دراية وفهم!
ثالثاً: هذا القول المروي ـ كذباً ـ عن ابن المبارك يعارض الأدلة الثابتة المروية عن سيد الخلق والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم التي سقناها مراراً وتكراراً الناصة على ذم معاوية. فلا عبرة بهذا القول الذي يعارض الأحاديث الصحيحة!
النظر في إسانيد هذه الرواية غير الثابتة:
1- قال الآجري في الشريعة (5/166/1887): حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار البلخي قال: حدثنا علي بن عبد الصمد قال: حدثني عبد الوهاب الوراق قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رجلا، بمرو قال لابن المبارك: معاوية خير أو عمر بن عبد العزيز ؟. قال: فقال ابن المبارك: تراب دخل في أنف معاوية رحمه الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أو أفضل من عمر بن عبد العزيز.
أقول: ابن شهريار قال الحافظ في لسان الميزان (5/137) نقلاً عن الخطيب في تاريخ بغداد (2/232): كذبه عبد الله بن ناجية، وقال الدارقطني: لا بأس به.
والراوي عن ابن المبارك "ابن عمرو" مجهول.
2- وفي تاريخ ابن عساكر (59/207):
[قال وحدثني السعيدي نا أحمد بن سهل أبو غسان نا القاسم بن محمد من ولد أبي بكر الصديق قال سمعت سعيد بن يعقوب الطالقاني يقول سمعت ابن المبارك يقول تراب في أنف معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز.
أقول: إسناده ظلمات، وأبو عمرو السعيدي مجهول.
وأحمد بن سهل مجهول حاله..
والقاسم بن محمد لا يدرى من هو
فهذا إسناد تالف مردود.
3- وعند ابن عساكر في التاريخ (59/207) أيضاً: [أخبرنا أبو بكر اللفتواني أنا أحمد بن عبد الغفار بن أشتة بقراءتي عليه أنا محمد بن محمد بن سليمان أنا عبد الله بن محمد بن جعفر نا أحمد بن محمد البزاز نا إبراهيم بن عيسى نا أحمد الدوري نا محمد بن يحيى بن سعيد قال سئل ابن المبارك عن معاوية فقيل له ما تقول فيه قال ما أقول في رجل قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سمع الله لمن حمده فقال معاوية من خلفه ربنا ولك الحمد فقيل له ما تقول في معاوية هو عندك أفضل أم عمر بن عبد العزيز فقال لتراب في منخري معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أو أفضل من عمر بن عبد العزيز].
وهذا أيضاً إسناد تالف وفيه مجاهيل وكذلك فيه مَن رمي بالكذب! ومن ذلك:
1- محمد بن محمد بن سليمان هو الباغندي مرمي بالكذب، في ((لسان الميزان)) للحافظ ابن حجر (5/360) قال الذهبي: [كان مدلسا وفيه شيء. قال ابن عدي: أرجو أنه كان لا يتعمد الكذب. وقال الإسماعيلي: لا اتهمه ولكنه خبيث التدليس ومصحف أيضا. وقال الخطيب: رأيت كافة شيوخنا يحتجون بحديثه ويخرجونه في الصحيح... وقال السلمي: سألت الدارقطني عن محمد بن محمد الباغندي ؟ فقال: مخلِّط مدلس يكتب عن بعض اصحابه ثم يسقط بينه وبين شيخه ثلاثة وهو كثير الخطأ رحمه الله تعالى].
2- وعبد الله بن محمد بن جعفر توفي (315هـ) في لسان الميزان (3/345): رماه الحاكم والدارقطني وغيرهما بالكذب.
فالقصة تالفة من ناحية الإسناد، وباطلة من ناحية المتن.
والحمد لله رب العالمين.
Post Reply

Return to “معاوية والأمويون والعباسيون”