تكملة موضوع الأعمال شرط الإيمان وقضية الكبائر (الحلقة2):

مسائل وقضايا التوحيد والإيمان
أضف رد جديد
cisayman3
مشاركات: 300
اشترك في: السبت نوفمبر 11, 2023 8:00 pm

تكملة موضوع الأعمال شرط الإيمان وقضية الكبائر (الحلقة2):

مشاركة بواسطة cisayman3 »

ونقل النووي هناك عن ابن الصلاح أنه قال في حديث أركان الإسلام:
[هذا بيان لأصل الإيمان وهو التصديق الباطن، وبيان أصل الإسلام وهو الاستسلام والانقياد الظاهر وحكم الإسلام في الظاهر ثبت بالشهادتين، وإنما أضاف إليهما الصلاة والزكاة والحج والصوم لكونها أظهر شعائر الإسلام وأعظمها، وبقيامه بها يتم استسلامه وتركه لها يشعر بانحلال قيد انقياده أو اختلاله، ثم إن اسم الإيمان يتناول ما فسَّر به الإسلام في هذا الحديث وسائر الطاعات لكونها ثمرات للتصديق الباطن الذي هو أصل الإيمان ومقويات ومتممات وحافظات له، ولهذا فَسَّر صلى الله عليه وآله وسلم الإيمان في حديث وفد عبد القيس بالشهادتين والصلاة والزكاة وصوم رمضان وإعطاء الخمس من المغنم، ولهذا لا يقع اسم المؤمن المطلق على من ارتكب كبيرة أو بدَّل فريضة لأن اسم الشيء مطلقاً يقع على الكامل منه ولا يستعمل في الناقص ظاهراً إلا بقيد ولذلك جاز إطلاق نفيه عنه في قوله صلى الله عليه وآله وسلم لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن،.. وهذا تحقيق وافر بالتوفيق بين متفرقات نصوص الكتاب والسنة الواردة فى الإيمان والإسلام التى طالما غلط فيها الخائضون وما حققناه من ذلك موافق لجماهير العلماء من أهل الحديث وغيرهم هذ آخر كلام الشيخ أبى عمرو ابن الصلاح].
وقال الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (1/46) شارحاً قول البخاري
(الإيمان قول وفعل) ما نصه: ((فأما القول فالمراد به النطق بالشهادتين، وأما العمل فالمراد به ما هو أعم من عمل القلب والجوارح، ليدخل الاعتقاد والعبادات، ومراد من أدخل ذلك في تعريف الإيمان ومن نفاه إنما هو بالنظر إلى ما عند الله تعالى، فالسلف قالوا هو اعتقاد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالأركان، وأرادوا بذلك أن الأعمال شرط في كماله(1)...، والفارق بينهم ـ أي المعتزلة ـ وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطاً في صحته، والسلف جعلوها شرطاً في كماله، وهذا كله كما قلنا بالنظر إلى ما عند الله تعالى، أما بالنظر إلى ما عندنا فالإيمان هو الإقرار فقط، فمن أقرَّ أجريت عليه الأحكام في الدنيا ولم يُحْكَمْ عليه بكفر إلا إن اقترن به فعل يدل على كفره كالسجود للصنم)).
وقد اعترف السعد التفتازاني(2) بأن القول الناص على أن تارك الأعمال ليس بخارج عن الإيمان وأنه داخل الجنة فيه إشكال ظاهر، فقال:
((وقد لا يجعل تارك العمل خارجاً عن الإيمان، بل يقطع بدخوله
الجنة، وعدم خلوده في النار، وهو مذهب أكثر السلف(3)، وجميع أئمة الحديث وكثير من المتكلمين، والمحكي عن مالك والشافعي والأوزاعي وعليه إشكال ظاهر، وهو أنه كيف لا ينتفي الشيء أعني الإيمان مع انتفاء ركنه أعني الأعمال ؟ وكيف يدخل الجنة من لم يتصف بما جعل اسماً للإيمان ؟....)).
وأجاب على ذلك مع اعترافه بأنه مشكل ظاهر بما ليس مقنعاً بل بما لا يعتبر جواباً!!
وفائدة معرفة حكم تارك الأعمال أو صاحب الكبيرة أو الفاسق أن نعرف أولاً طريق النجاة عند الله تعالى، ثم مَنْ نواليه ومن لا نواليه ومن هو المؤمن العدل الذي يستحق الحب والطاعة من غيره وغير ذلك من الأحكام المذكورة في محلها من كتب الفقه ولعلنا نجمعها جميعاً هنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي السفلية:
(1) قوله (بأن السلف عدّوه شرط كمال) مردود! وتحكم بلا دليل! وذلك لثبوت تكفير أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهما لتارك الصلاة المقر بالتوحيد وبالتالي خلوده في النار، وكذا قول بعض الصحابة والتابعين بخلود قاتل النفس المؤمنة عمداً في
النار،.... الخ.
(2) المتوفى سنة 793هـ في كتابه ((شرح المقاصد)) (5/178).
(3) انتبه هو على رأيه مذهب أكثر السلف وليس جميع السلف. فبالتالي الأمر ليس مجمعاً عليه عند أهل السنة، مع أن أكثر السلف والمحدثين كما ينقل غيره يقولون بأن (الإيمان قول وعمل) ومنهم أحمد بن حنبل الذي كفَّر تارك الصلاة مع تصديقه بقلبه ونطقه بالشهادتين، وقال الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (1/47): [.. وروى بسنده الصحيح عن البخاري قال: لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحداً منهم يختلف في أن الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، وأطنب ابن أبي حاتم واللالكائي في نقل ذلك بالأسانيد عن جمع كثير من الصحابة والتابعين وكل من يدور عليه الإجماع من الصحابة والتابعين، وحكاه فضيل بن عياض ووكيع عن أهل السنة والجماعة].
أضف رد جديد

العودة إلى ”مسائل وقضايا التوحيد والإيمان“