حكم السواك للصائم وابتلاع النخامة أي البلغم:

المذهب الشافعي
أضف رد جديد
cisayman3
مشاركات: 300
اشترك في: السبت نوفمبر 11, 2023 8:00 pm

حكم السواك للصائم وابتلاع النخامة أي البلغم:

مشاركة بواسطة cisayman3 »

مسائل في الصوم... السواك وابتلاع البلغم
(مسألة): وأما السواك فمستحب للصائم والظاهر أنه يعفى ما بقي فيه من الريق إن أخرجه من فمه ثم أعاده وأدخله، لكن لو انفصلت من السواك قطعة فابتلعها عمداً فإنه يفطر، والصحيح عندنا أنه يستحب طيلة النهار.
وفرشاة الأسنان بمعناه وحكمها حكم السواك حيث تستحب إن لم يكن عليها مادة بلا خلاف، أما إذا وضع معجون أسنان في فمه فهذا محل الخلاف والذي نقول به أنه يجوز ولا يفطر بوضع المعجون بشرط أن يحترز من دخول شيء منه إلى الحلق كالمبالغة في المضمضة.
ومن المناسب أن ينبَّه عليه هنا أن بعض الناس تصدر من فمهم رائحة كريهة جداً فهؤلاء يجب عليهم أن يباشروا أسباب إزالة الرائحة من أفواههم وأهم ذلك استعمال (خيط الأسنان الطبي) واستعمال فرشاة الأسنان مع
المعجون، وإذا كان بالأسنان نخر أو ثقوب فينبغي أن يراجع طبيب الأسنان لتنظيفها وحشوها، فإن بقايا الطعام المجتمع في نخور الطواحين والأسنان يسبب هذه الروائح الكريهة، نسأله العافية.
وقد حث النبي صلى الله عليه وآله وسلم على السواك في أحاديث كثيرة فمن ذلك حديث سيدنا علي وأبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة))(1) وعن أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أكثرت عليكم في السواك))(2). ((وكان صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام من الليل يَشُوصُ فاهُ))(3). وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((السواك مطهرة للفم مرضاة للرب))(4).
قد تبين من هذا الحديث الأخير أن تطهير الفم وتنظيفه وطيب رائحته مرضاة للرب سبحانه وتعالى، وفي ذلك حَثٌّ بالغٌ على سلوك سُبُل تنظيف الفم، واعلم أن استعمال الخيط الطبي في إخراج الفضلات من بين الأسنان هو من أعظم أسباب إزالة الرائحة الكريهة من الفم فليحافظ على استعماله المسلم ما استطاع، وليهتم بنظافة فمه وطيب رائحته، لا سيما وقد جاء في حديثٍ:
((.. نَقُّوا براجمكم(5) وَنَظِّفوا لِثَاتِكُم من الطعام، واستاكوا، ولا تدخلوا عليَّ قُحْرَاً(6) بُخْرَاً))(7).
وأما حديث: ((والذي نفسي بيده لَخُلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح
المسك))(😎. فقال الحافظ ابن حجر في شرحه في ((الفتح)) (4/105):
((اختلف في كون الخلوف أطيب عند الله من ريح المسك مع أنه سبحانه مُنَزَّهٌ عن استطابة الروائح إذ ذاك من صفات الحوادث(9) ومع أنه يعلم الشيء على ما هو عليه، على أوجهٍ: قال المازري: هو مجاز لأنه جرت العادة بتقريب الروائح الطيبة منا فاستعير ذلك للصوم لتقريبه من الله، فالمعنى أنه أطيب عند الله من ريح المسك عندكم، أي يقرب إليه أكثر من تقريب المسك إليكم، وإلى ذلك أشار ابن عبد البر، وقيل: المراد أن ذلك في حق الملائكة...)).
قلت: والإنسان إذا انقطع عن الطعام مدة طويلة فإنه تظهر لفمه رائحة فإذا كان محافظاً على السواك وعلى تنظيف فمه فإن تلك الرائحة تكون خفيفة وهي المرادة هنا، وأما أولئك الذين لهم رائحة فم قذرة جداً دون أن يصوموا والصيام يزيدها نتانة وبخراً فهؤلاء مخالفون لسنة الحبيب الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ومعرضون عنها.
(مسألة) وأما النخامة سواء خرجت من صدره أو من أنفه ومجاري التنفس فإنه إن ابتلعها الصائم لا يفطر لأنه كالريق من نفس جسم الإنسان ولم يأت من الخارج، ولم ينبِّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أنه يفطر بابتلاعها مع عموم الابتلاء بها. قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: لا بأس أن يزدرد الصائم
نخامته(10). وحكى الإمام النووي عن صاحب العدة والبيان من الشافعية أن الصائم لا يفطر بابتلاع النخامة لأن جنسها معفو عنه(11).
ــــــــــــــــــــــ
الحواشي السفلية:
(1) رواه بألفاظ متقاربة من حديث سيدنا علي الطبراني في الأوسط (2/57). ومن حديث أبي هريرة البخاري (887) ومسلم (252) بألفاظ متقاربة.
(2) رواه البخاري (888).
(3) رواه البخاري (889) من حديث سيدنا حذيفة.
(4) علَّقه البخاري في صحيحه في كتاب الصيام، وقد رواه مُسنداً الدارمي (681) والنسائي (5) وابن ماجه (289).
(5) هي عقد ظهور الأصابع.
(6) معنى قحراً: أي: مصفرَّة أسنانكم من شدة الخلوف، والبخر بفتحتين نتن رائحة الفم.
(7) حديث ضعيف رواه الحكيم الترمذي (1/185) عن عبد الله بن بسر المازني، قال المناوي في ((فيض القدير)) (4/518): ((قال الحافظ ابن حجر فيه راوٍ مجهول...)).
(8)اه البخاري (1894) ومسلم (2/807).
(9) هكذا في ((شرح سنن النسائي)) للسيوطي (4/161) وفي الفتح بدل لفظ
(الحوادث): (الحيوان).
(10) نقله العلامة الحسن بن يوسف الحلي في ((تذكرة الفقهاء)) (6/23)، وعزاه المعلق عليه للكافي (4/115) والتهذيب (4/ 323/995).
(11) المجموع (6/319) وحكم النووي بشذوذ هذا القول والصحيح عندنا أنه ليس بشاذ بل هو الصحيح.
أضف رد جديد

العودة إلى ”المذهب الشافعي“