بيان بطلان ماأورده الذهبي عن مسعر بن كدام وأنه من جملة العلماء الذين يروون أحاديث الصفات من غير تفسير ةلا تأويل!

أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم
Post Reply
عود الخيزران
Posts: 908
Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm

بيان بطلان ماأورده الذهبي عن مسعر بن كدام وأنه من جملة العلماء الذين يروون أحاديث الصفات من غير تفسير ةلا تأويل!

Post by عود الخيزران »

بيان بطلان ماأورده الذهبي عن مسعر بن كدام وأنه من جملة العلماء الذين يروون أحاديث الصفات من غير تفسير ةلا تأويل!

قال الذهبي في كتابه "العلو" النص رقم (359):
[مسعر بن كدام أحد الأئمة ( 155 أو 153):
359- أخبرنا يحيى بن أبي منصور في كتابه، أنا عبد القادر بن عبدالله، أنا مسعود ابن الحسن، أنا عبد الوهاب بن منده، أنا أبي، أنا أحمد بن محمـد بن زياد، نا عباس الدوري، سمعت يحيى بن معين يقول: شهدت زكريا بن عدي سأل وكيعاً فقال: يا أبا سفيان هذه الأحاديث مثل حديث الكرسي موضع القدمين ونحو هـذا فقال: (كان إسماعيل بن أبي خالد والثوري ومسعر يروون هذه الأحاديث لا يفسرون منها شيئاً )].


أقول في بيان بطلان هذا الكلام من رأسه إلى ذيله:

أحمد بن محمد بن زياد؛ هو ابن الأعرابي، قال الحافظ ابن حجر في ((لسان الميزان)) (1/337): ((له أوهام)) وذكر الحافظ هناك أنَّ الدارقطني روى عنه حديثاً في غرائب مالك ثمَّ قال الدارقطني عقب روايته له: ((هذا وهم قبيح ولا يصح عن سمي عن أنس شيء، والوهم فيه من شيخنا والله أعلم)).

والعلة عندي أيضاً في إسناد هذا القول عباس الدوري كما سيأتي في التعليق على صحة الأثر المنقول ؛ حيث إنه لا يثبت هذا وهو من جملة الأكاذيب لضعف الإسناد ولأن هؤلاء المذكورين ثبت عنهم التأويل في الصفات كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وهذا رواه عباس الدوري - وهو مجروح لا يقبل خبره إذا تفرَّد وسنبين حاله - في "تاريخ ابن معين" (3/520) الذي من روايته، أما في رواية الدارمي لتاريخ ابن معين فليس فيها هذا البتة، ورواه البيهقي في "الأسماء والصفات" ص (355) من طريق عباس الدوري أيضاً. وقوله فيه: (حديث الكرسي) هو أثر إسرائيلي باطل كما تقدَّم وهو من أبطل الباطل، وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً!!

ولنا رسالة خاصة في بيان بطلانه وكونه من الموضوعات! حتى أن الألباني المتناقض قال عن حديث الكرسي هذا في "ضعيفته" (2/306/906) بأنه: (ضعيف)، وكان الواجب عليه أن يحكم عليه بأنه باطل موضوع.
أما (العباس الدوري الحنبلي) وما أدراك ما عباس الدوري (185-271هـ): فقال الخطيب البغدادي في تاريخه (12/144): [أخبرنا التنوخي حدثنا أحمد بن عبد الله الدوري قال: قال لي أبو عبد الله بن مخلد العطار: كنا ندخل إلى عباس الدوري نكتب عنه الحديث فنرى قنينة النبيذ مملوءة تحت سريره. وقال – أحمد بن عبدالله - الدوري: سمعت أبا بكر بن كامل القاضي يقول: قال لي أبو جعفر الطبري: رأيت عباس بن محمد الدوري منتبذاً والحيطان تضربه].
وفي "الجرح والتعديل" (6/216) أن أبا حاتم قال: (صدوق). وهذا لا يعني التوثيق عند أبي حاتم لأن الصدوق في أغلب الأحوال عنده لا يُحْتَجّ بحديثه! فيكون مثل هذا مردود الرواية عندنا! ومن العجيب الغريب ما قاله الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (3/134): [قال اللالكائي: سئل عباس الدوري عن حكاية عن أحمد بن حنبل في خلف بن هشام فقال: لم أسمعها ولكن حدثني أصحابنا إنهم ذكروه عند أحمد فقيل: إنه يشرب. فقال: قد انتهى إلينا علم هذا ولكنه والله عندنا الثقة الأمين]. إذاً قد يكون من يشرب عندهم ثقةً أميناً وخاصة أن راوي هذا نفس عباس الدوري(!!) وأما زكريا بن عدي الذي سأل ابن معين فقد كان أبوه يهودياً فأسلم، وكان زكريا من المعتنين بالتوراة، قال المزي في "تهذيب الكمال" (9/367) في ترجمته: [قال إبراهيم بن عبدالله بن الجنيد: قال أبو داود النحوي ليحيى بن معين وأنا أسمع: سمعتُ أبا نُعَيم وذُكِرَ له حديث فقال: مَن روى هذا؟ فقالوا زكريا بن عدي، فقال أبو نُعَيم: ما لَه وللحديث ذاك بالتوراة أعلم، فقال يحيى بن معين : كان زكريا بن عدي لا بأس به، وكان أبوه يهودياً فأسلم]. ثم إن هؤلاء الذين ذكر وكيع قولهم في هذا الأثر قد ثبت التأويل عنهم أو نقلوه عن شيوخهم وهم سفيان الثوري ومسعر وإسماعيل بن أبي خالد وهذا يؤكِّد كذب رواية التفويض عنهم!
وإليكم ذلك:

1- أما سفيان الثوري: فروى ابن جرير في تفسيره (13/27/8) بسند صحيح عن سفيان الثوري أنه أوَّل قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ}، قال: (بقوَّة). وروى ابن أبي حاتم في تفسيره (11/382) بسند صحيح عن سفيان الثوري أنه أوَّل قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ}، قال: (كل شيء هالك إلا ما ابتغي به وجهه من الأعمال الصالحة).

2- وأما رواية وكيع عن سفيان الثوري عن شيوخهم في التأويل: فقال الحافظ ابن جرير في تفسيره (14/29/192): [..قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، قال: تنتظر الثواب من ربها]. وإسناده صحيح ، وهو مروي هناك بأسانيد عديدة . وروى ابن جرير في تفسيره (2/536) قال: [حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن النضر بن عربي، عن مجاهد: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، قال: قبلة الله]، ورجاله ثقات أثبات.
ومنه يتبين أن وكيعاً وغيره من هؤلاء العلماء الذين نقلوا عنهم السكوت والإمرار أولوا أو نقلوا التأويل ورووه عن شيوخهم ولم ينكروه عليهم.

3- وأما إسماعيل بن أبي خالد: فقال ابن جرير في تفسيره (14/29/193): [حدثني أبو الخطاب الحساني، قال: ثنا مالك، عن سفيان، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح في قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، قال: تنتظر الثواب]. وإسناده صحيح، وكل هذا عند أصحاب (أمروها كما جاءت) والمشبهة من أقوال الجهمية.

4- وأما مسعر بن كدام: فروى ابن جرير في تفسيره (20/99) قال: [حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن مسعر وسفيان، عن قيس بن مسلم، عن إبراهيم، قال: {لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ}، قال: لدين الله]، وهذه التأويلات الواردة في هذه النقول تحكم على ما رواه عباس الدوري عن هؤلاء بأنه من باب الشاذ المنكر المردود، بل الباطل الذي لا يمثّل السلف ولا أفكارهم ولا عقيدتهم، إذ لا يصح أن يقال بعد مثل هذا بأنهم يمرون هذه الأحاديث ولا يفسرونها! وبذلك حكمنا على هذا الذي أورده الذهبي بالبطلان.
Post Reply

Return to “أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم”