بيان فساد مذهب المجسمة في استدلالهم بكلام الترمذي:

[عود الخيزران]

بيان فساد مذهب المجسمة في استدلالهم بكلام الترمذي:

قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(482):
[ أبو عيسى الترمذي(209 ـ 279):
482- ذكر الحافظ أبو عيسى في جامعه لـمَّا روى حديث أبي هريرة وهو خبر منكر: ((لو أنكم دلَّيتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله)) فقال: قال أهل العلم أراد لهبط على علم الله وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه].

أقول في بيان فساد هذا الاستدلال:

أولاً:
جميع ما حكاه عن الترمذي ليس فيه التشبيه والتجسيم الذي ننكره!!

ثانياً:
حديث الحبل هو حديث موضوع تقدَّم تخريجه في التعليق على النص رقم (128) في كتاب " العلو" ، وتقدَّم أن الذهبي قال عن هذا الحديث بأنه منكر، وقال ابن كثير: (في إسناده نظر وفي متنه غرابة ونكارة).

ثالثاً:
الذي قاله الترمذي في "سننه" (3298): [وفسَّر بعض أهلم العلم هذا الحديث فقالوا: إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه، وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف في كتابه]. فأنت ترى أن الترمذي هنا ينقل تأويل بعض أهل العلم! فليس هذا قوله إنما هو قول بعض أهل العلم! والترمذي ينقل تفاسير لبعض أهل العلم في سننه بعضها مقبول وبعضها مردود! ثم هو يبين أن بعض أهل العلم يُفَسِّرون في موضوع الصفات مع أنه ينقل عن بعض أهل العلم أن هذه الأحاديث في موضوع الصفات لا تُفَسَّر! ومن ذلك قوله في سننه (2557): [وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ أَنْ تُرْوَى هَذِهِ الْأَشْيَاءُ كَمَا جَاءَتْ وَيُؤْمَنُ بِهَا وَلَا تُفَسَّرُ وَلَا تُتَوَهَّمُ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ وَهَذَا أَمْرُ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِي اخْتَارُوهُ وَذَهَبُوا إِلَيْهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَيُعَرِّفُهُمْ نَفْسَهُ يَعْنِي يَتَجَلَّى لَهُمْ](!!) لاحظ أيضاً أنه يقول: (ولا تُفَسَّر) ثم هو في نفس السياق يُفَسِّرُ فيقول: (وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَيُعَرِّفُهُمْ نَفْسَهُ يَعْنِي يَتَجَلَّى لَهُمْ)! وقد اعتبر ابن تيمية الحَرَّاني أن ما نقله الترمذي في تأويل وتفسير حديث (لو دليتم بحبل لهبط على الله) بأنه من تأويلات الجهمية فقال في "مجموع الفتاوى" (6/573): [فانَّ الترمذى لما رواه قال: وفسَّره بعض أهل الحديث بأنه هبط على علم الله ... وكذلك تأويله بالعلم تأويل ظاهر الفساد من جنس تأويلات الجهمية]! فاعتبر ابنُ تيمية الترمذيَّ ههنا من جملة الجهمية! ثم إن الترمذي نقل تفسيرات في سننه عن بعض السلف! فمثلاً ذكر الترمذي (3109) عند روايته للحديث التالف عن أبي رَزِين العُقَيلي (كان ربنا في عماء) تفسيرَه عن يزيد بن هارون (118-206هـ) فقال: ((قال يزيد بن هارون: العماء أي ليس معه شيء)). فهذا تفسير وتأويل لقضايا الصفات وهو يقول في موضع آخر (ولا تفسَّر)!!