بطلان عقيدة القصاب والتي عرفت بالوثيقة القادرية:

عرض عقائد المجسمة والمشبهة والرد عليها
Post Reply
عود الخيزران
Posts: 902
Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm

بطلان عقيدة القصاب والتي عرفت بالوثيقة القادرية:

Post by عود الخيزران »

بطلان عقيدة القصاب والتي عرفت بالوثيقة القادرية:

قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(535):
[ أبو أحمد القصاب ( 360 تقريباً):
535- قال العلامة أبو أحمد الكُرْجي في عقيدته التي ألَّفها فكتبها الخليفة القادر بالله وجمع الناس عليها وأمر، وذلك في صدر المائة الخامسة وفي آخر أيام الإمام أبي حامد الإسفراييني شيخ الشافعية ببغداد، وأمر باستتابة مَنْ خرج عنها من معتزلي ورافضي وخارجي، فمما قال فيها:
((كان ربنا عزَّ وجلَّ وحده لا شيء معـه ولا مكان يحويه، فخلق كل شيء بقدرته، وخلق العرش لا لحاجة إليه، فاستوى عليه استواء استقرار كيف شاء وأراد، لا استقرار راحة كما يستريح الخلق)).
قلت: ليته حذف قوله (استواء استقرار) وما بعده؛ فإنَّ ذلك لا فائدة فيه بوجه، والباري منزَّه عن الراحة والتعب.
إلى أن قال: ((ولا يوصف إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به نبيه، فهي صفة حقيقة لا صفة مجاز)). قلت: وكان أيضاً يسعه السكوت عن ((صفة حقيقة))، فإننا إذا أثبتنا نعوت الباري وقلنا: تمرّ كما جاءت فقد آمنا بأنها صفات، فإذا قلنا بعد ذلك (صفة حقيقة) وليست بمجاز كان هذا كلاماً ركيكاً نبطياً مُغَلِّثاً للنفوس فليهدر، مع أنَّ هذه العبارة وردت عن جماعة ومقصودهم بها: أنَّ هذه الصفات تُمّرُّ ولا نتعرَّض لها بتحريف ولا تأويل، كما نتعرَّض لمجاز الكلام، والله أعلم.
وقد أغنى الله تعالى عن العبارات المبتدعة، فإنَّ النصوص في الصفات واضحة، ولو كانت الصفات تُرَدُّ إلى المجاز لبطل أن تكون صفات لله، وإنما الصفة تابعة للموصوف، فهو موجود حقيقة لا مجازاً وصفاته ليست مجازاً، فإذا كان لا مثل له ولا نظير، لزم أن تكون لا مثل لها، وإنّما شُهِرَ الإمام أبو أحمد بالقصاب، لكثرة مَنْ قتل في الغزو من الكفار، وكان من أئمة الحديث في حدود الأربعمائة].

أقول في بيان بطلان هذه العقيدة:

لا بدَّ أنَّ نبيِّنَ هنا حقيقة أمر هذه العقيدة التي جمع القادر بالله الناس عليها وأمرهم باعتقادها وعرفت فيما بعد بالوثيقة القادرية!! وملخص الأمر أنَّ المجسمة والحنابلة تعاضدوا مع القادر بالله حتى امتحن العلماء والفقهاء من الحنفية والمعتزلة والأشاعرة!! والعقيدة التي تبنَّاها هي عقيدة القصَّاب بعينهـا!! وهي عقيدة باطلة فاسدة إذا عُرِضَتْ على أدلة الشرع! حتى أن الذهبي المستدل بكلامه يقول: (ليته حذف قوله "استواء استقرار" وما بعده) كما سيأتي من كلام الذهبي بعد أسطر(!!).
وأما جلية الأمر فيما جرى في عهد القادر بالله وواليه ابن سُبُكْتكين: فقال ابن الجوزي في "المنتظم" (15/125): [وفى هذه السنة (408هـ) استتاب القادر المبتدعة،أخبرنا سعد الله بن على البزاز، أخبرنا أبو بكر الطُّرَيْثِيثِيُّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الطَّبَرِيُّ (وهذا هو اللالكائي المجسم) قال: وفي سنة ثمان وأربعمائة استتاب القادر باللَّه أمير المؤمنين فقهاء المعتزلة الحنفية، فأظهروا الرجوع، وتبرءوا من الاعتزال، ثم نهاهم عن الكلام والتدريس والمناظرة في الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام، وأخذ خطوطهم بذلك، وأنهم متى خالفوه حَلَّ بهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به أمثالهم، وامتثل يمين الدولة وأمين الملة أبو القاسم محمود أَمْرَ أَميرِ المؤمنين، واستن بسننه في أعماله التي استخلفه عليها من خراسان وغيرها في قتل المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة، وصلبهم وحبسهم ونفاهم، وأمر بلعنهم على منابر المسلمين، وإيعاد كل طائفة من أهل البدع وطردهم عن ديارهم، وصار ذلك سُنَّة في الإسلام].
وممن طردهم السلطان ابنُ سبكتكين الكرَّاميُّ المجسمُ: الإمام ابن فُوْرَك إمام الأشاعرة المنزهين! قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (12/30) عن محمود بن سبكتكين: [وكان حنفياً ثم صار شافعياً على يد أبي بكر القفال الصغير على ما ذكره إمام الحرمين وغيره، وكان على مذهب الكرَّامية في الاعتقاد وكان من جملة من يجالسه منهم محمد بن الهيصم، وقد جرى بينه وبين أبى بكر بن فُوْرَك مناظرات بين يدى السلطان محمود في مسألة العرش ذكرها ابن الهيضم في مصنف له، فمال السلطان محمود إلى قول ابن الهيصم ونقم على ابن فُوْرَك كلامه وأمر بطرده وإخراجه لموافقته لرأي الجهمية]. فالسلطان ابن سبكتكين مائل مع المجسمة الحنابلة والكرامية ضد المنزهين من أهل السنة كالإمام ابن فُوْرَك الأشعري المنزه! وهم يصفون المخالفين كما تقدَّم بأنهم: (المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة)، مع أنه في الحقيقة هو المجسم الكرَّامي المحارب والطارد والمؤذي لأهل السنة المنزهين والحنفية خاصة وبالمعية بقية المنزهين من أهل الإسلام كالمعتزلة! وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (6/496): [محمد بن الهيصم. أبو عبد الله شيخ الكرّامية، وعالمهم في وقته بخُراسان. وهو الذي ناظر الإمام أبا بكر بن فُوْرَك، بحضرة السلطان محمود بن سُبُكتكين. وليس للكرامية مثله في معرفة الكلام والنظر، فهو في زمانه رأس طائفته وأخبرهم وأخبثهم].
وابن سبكتكين مُشَبِّه من أتباع القادر بالله العباسي، وقد أخطأ التاج السبكي حيث قال عن محمود بن سبكتكين في "طبقات الشافعية الكبرى" (5/315): [كان هذا السلطان إماماً عادلاً شجاعاً مفرطاً فقيهاً فهماً سمحاً جواداً سعيداً مؤيداً]، والواقع والحق ليس كما قال السبكي! قال ابن العماد في "شذرات الذهب" (3/225) في ترجمة ابنه: [سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة فيها سار الملك المسعود بن محمود بن سبكتكين فدخل أصبهان بالسيف وقتل عالماً لا يحصون وفعل ما لا تفعله الكَفَرَة].
وقد ذكر ابن حزم في موضعين من "الفصل في الملل" أن ابن سبكتكين قتل ابن فُوْرَك بالسم بدعوى أن ابن فُوْرَك كان يقول بأن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يعد رسولاً اليوم بعد وفاته وهذه كذبة ظاهرة على الأشعرية وعلى ابن فُوْرَك رحمه الله تعالى! والمجسمة ونحوهم إذا حسدوا عالماً من كبار العلماء من المنزهين رموه بالعظائم! فقد نقل الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" نقلا عن الذهبي أنهم طعنوا في الإمام الحافظ ابن حِبَّان فقال: [قال أبو إسماعيل الأنصاري (المجسم): سمعت عبد الصمد بن محمد بن محمد يقول: سمعت أبي يقول: أنكروا على بن حِبَّان قوله: النبوة العلم والعمل، وحكموا عليه بالزندقة، وهجروه، وكتب فيه الى الخليفة فأمر بقتله. وسمعت غيره يقول: لذلك أُخْرِجَ إلى سمرقند..]. ومختصر الكلام أن ابن فُوْرَك منزه مؤول لا يقول بعقيدة العلو الحسي والقعود والجلوس وهو مؤول لا يقول بظواهر النصوص. والله الموفق.

[ وتنبّه ] لهؤلاء الذين يورد الذهبي أقوالهم ويقول عقبها: (ليته لم يقل بذاته) (ليتـه حذف الاستقرار) ليته... ليته.... لم يقدروا على تحقيق مآرب الذهبي بصورة جيدة أو بشكل مقبول!! فهو (تعبان وغلبان) من كلماتهم الفاسدة الباطلة المتعلقة (بذات الله تعالى)!! وهو يعترف ويصرح ما بين موضع وموضع في هذا الكتاب بأنه لا فائدة في كلماتهم تلك (ويا ليتهم لم يقولوها)!! وهذه اعترافات بفشل أهداف الكتاب!! لا سيما وقد تراجع عنه بعد تأليفه!! ثمَّ أتينا اليوم عليه فهدمناه له هدماً تاماً!! فتركناه قاعاً صفصفاً!!
فكيف يجعله علامة وهو يقول في التوحيد عبارات مبتدعة ويأتي بكلام لا بد أن يهدر لأنه يُغَلِّثُ النفوس أي يقتلها ويسممها في التوحيد والعقيدة! فكيف بعد ذلك يكون علامة وإماماً؟! ولو حكى مثل هذه الكلمات النازلة ابن عربي الحاتمي أو الصوفية أو الأشعرية لرفع عقيرته في إنكارها! ولقال خير لك من تكون خلف أذناب البقر خير من هذا الكلام المبتدع! على أن الحافظ ابن الجوزي نقل هذه العقيدة في "المنتظم" (15/280) وليس فيه لفظ (استواء استقرار) وإنما جاء فيها: [كان ربنا وحده لا شيء معه ولا مكان يحويه فخلق كل شيء بقدرته وخلق العرش لا لحاجته إليه فاستوى عليه كيف شاء وأراد لا استقرار راحة كما يستريح الخلق وهو مدبر السموات والأرضين ومدبر ما فيهما..]. فلا أدري كيف زيدت هذه اللفظة ومن زادها؟! وذكر الذهبي في "تاريخ الإسلام" (8/171): [فيقال: إنما قيل له القصاب لكثرة ما أهراق من دماء الكفّار].
وهذا يدل على أن جهاده هذا الذي يقولون عنه مروي بصيغة التمريض (قيل) و(يقال)! ثم لم أجد أحداً وثَّقه، فهو شبه مجهول صنعوا له ترجمة من لا شيء! أعني الذهبي في "تاريخ الإسلام" وفي "السير" وفي "تذكرة الحفاظ" وابن عبد الهادي الحنبلي (ت764هـ) في "طبقات علماء الحديث" 3/132)! والصفدي في "الوافي بالوفيات" (4/85)، والصفدي من تلامذة المزي والذهبي وابن كثير وجميعهم رفقة ابن تيمية وقد اتفقوا على صناعة تراجم لبعض المجاهيل أو عوام طلبة العلم وأن يصفوا الواحد منهم بـ (الإمام، الحافظ، العلامة، محدث بلده...الخ) وأن يوثقوه إن استطاعوا! وهم مجاهيل الحال! وهذا القصاب لم يستطع أحد منهم أن يوثقه! ولا أدري كيف عرفوا أنه من الحفاظ أو كيف كان إماماً؟! ولا عبرة بكتابه "طبقاتِ الحفاظ" للسيوطي رحمه الله تعالى الذي يلخص فيه كتاب الذهبي "تذكرةَ الحفاظ" ولا يعلق ويمحِّص ولا يبدي رأيه في الأمور!!

وقوله :"مُغَلِّثاً للنفوس" ؛ أي قاتلاً مُسَمِّمَاً للنفوس!!
Post Reply

Return to “عرض عقائد المجسمة والمشبهة والرد عليها”