عدم صحة ما قاله الذهبي في كتابه"العلو"، وتقريره لكلام الإمام مالك وشيخه ربيعة وتقويله أهل السنة ما لم يقولوه في معنى الاستواء، قال:
[هذا ثابت عن مالك، وتقدَّم نحوه عن ربيعة شيخ مالك وهو قول أهل السنة قاطبة أنَّ كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها وأنَّ استواءه معلوم كما أخبر في كتابه ، وأنـه كما يليق به، لا نعمق ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك نفياً ولا إثباتاً، بل نسكت ونقف كما وقف السلف، ونعلم أنه لو كان له تأويل لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون، ، ولما وسعهم إقراره وإمراره والسكوت عنه، ونعلم يقيناً مع ذلك أنَّ الله لا مثل له في صفاته ولا في استوائه، ولا في نزوله سبحانه وتعالى].
أقول في نقد هذا الكلام ونقضه:
قوله: (هذا ثابت عن مالك، وتقدَّم نحوه عن ربيعة شيخ مالك).
أقول: هذا خلط وتحكم في كلام الإمامين مالك وربيعة رحمهما الله تعالى، وهما لم يثبتا كيفاً بل نفياً الكيف عن الله تعالى، والذي نفياه هو كيفية الأجسام!! التي كان بعض الناس يقولون بها نقلاً عن كعب الأحبار ووهب بن مُنَبِّه وأمثالهما!! فلم يقولا مثلاً ما نقله الذهبي والألباني عن كعب الأحبار من التوراة!! فافهم!! فقول الذهبي هنا أن الكيفية نجهلها خطأ مردود!! لأنَّ الله لا كيف له ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع وما أراكما يا ذهبي ويا ألباني إلا صاحبي بدعة!! ثمَّ بعدما قالا بأنَّ الله على العرش وأنه قد وضع قدميه على الكرسي يقولان بكل سخافة محاولين الاستخفاف بعقول العامة (أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها) فهذا منهما خرط مبين!!
وقوله عن الاستواء : ( إنَّ كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها، وإنَّ استواءه معلوم كما أخبر في كتابه).
أقول: كيف تقول (نجهلها) ؟! ثم تقول (معلوم كما أخبر في كتابه)! مع أن قول مالك معلوم أي معلوم ذِكْرُه في كتابه لا كما يقول الذهبي!!
قوله: (وأنـه كما يليق به).
؛يعني الذهبي أنَّ الله تعالى جلس وارتفع على العرش جلوساً وارتفاعاً يليق به!! لا سيما وهو الناقل عن مجاهد أن الله تعالى يقعد سيدنا محمداً على العرش، وفي روايةٍ لمجاهد عند الخلال: يُقْعِدُهُ معه على العرش!! وذكر أنَّ له طرقاً جمَّة!! فهو يقول بكل سخافة هو وإخوانه المجسمة بأنَّ الله تعالى قاعد على العرش قعوداً يليق بجلاله!! وهكذا يكون هرف المبرسمين!!
قوله: (لا نعمق ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك نفياً ولا إثباتاً).
أقول:
بعد هذا كله لا يريد الخوض في لوازم ذلك!! أي بعد أن نَقَلَ من التوراة وجلب الواهيات والموضوعات والإسرائيليات الـمُفَصِّلَة لجلوس معبوده وقعوده وهيئته وَقَدَمَيه لا يريد الخوض!! وكأنه يستطيع أن يتلاعب بعقولنا أو يدفعنا إلى التصديق بالمتناقضات والخرافات الذهبية والألبانية!! لكن الذهبي ندم وعاد ورجع قبل أن يموت فهل سيندم ويرجع الألباني المتناقض؟!
ثم أقول : عبارته التي قال فيها: (لا نفياً ولا إثباتاً) ؛ هذا التعبير (لا نفياً ولا إثباتاً) يهدم جميع ما بناه من أقوال!! وكان يقول بذلك في مسائل أخرى كمسألة الحد!! (لا أُثْبِتُ الحدَّ ولا أنفيه) (!!) وكان قد أخذ هذا التخابط من ابن تيمية الحراني وذكر في "الميزان" في ترجمة ابن حبان أنَّ ابن حبان نفى الحد عن الله تعالى!! وقال هناك: لا أنفي الحد ولا أثبته!! ثمَّ لـمَّا كبر وأقلع وتاب من عقيدة ابن تيمية عاد في ((سير النبلاء)) في ترجمة ابن حبان فنفى عن الله تعالى الحد!! ونَزَّهَهُ عنه!
قوله: (بل نسكت ونقف كما وقف السلف).
أقول:
أنت هنا لم تسكت ولم تقف كما وقف السلف على حسب ادّعائك!! بل نقلت الإسرائيليات الشارحة للكيفية وتبنيتها!! والسلف لم يقفوا بل أولوا وفسَّروا والدليل على ذلك أن مثل تفسير ابن جرير الطبري السلفي (ت310هـ) مليء بتأويلات وتفسيرات السلف لآيات الصفات وغيرها، مما نقلنا نماذج منه في بعض تعليقاتنا ومؤلفاتنا، كتفسير ابن عباس والسلف المتقدمين الساق بالشدة، والنسيان بالترك، والجنب بالأمر والحق، والأيدي بالقوة، وتفسير سعيد بن جبير في البخاري الكرسي بالعلم، وغير ذلك
قوله: (ونعلم أنه لو كان له تأويل لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون).
أقول:
لقد نقل الذهبي في هذا الكتاب تأويلات كثيرة عن الصحابة والتابعين ثمَّ هنا يقول أنهم لم يكونوا يؤولون!! إذن كل ما نقله في هذا الكتاب باطل!! والواقع أن الصحابة والتابعين كانوا يؤولون تأويلاً حقاً والمجسمة بَدْءَاً من اليهود إلى كعب الأحبار ووهب إلى الحنابلة إلى ابن تيمية والذهبي إلى متمسلفي العصر يؤولون تأويلاً باطلاً مردوداً!! هذه هي الحقيقة!!
قوله: (ونعلم يقيناً مع ذلك أنَّ الله لا مثل له في صفاته ولا في استوائه).
أقول:
بل نعلم أن معنى الاستواء من سياق الآيات هو القهر والملك وأنَّ الفوقية فوقية ربوبية وقهر لا فوقية أجسام!! قال تعالى: {وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}الأنعام:18، فبيَّنَ الله تعالى لنا أن الفوقية بالقهر!!
قوله: (ولا في نزوله سبحانه وتعالى).
أقول:
نزوله هو نزول مَلَك بأمره تعالى - إن صحَّ الحديث في ذلك ونحن نعلم أنه مروي في الصحيحين - وقد بينَّا ذلك في موضعه من هذا الكتاب!! ثم إنَّ المعتمد عندنا في قضية النزول أنها من الإسرائيليات الداخلة على فكر هذه الأمة بواسطة كعب الأحبار كما هو مروي عنه أو وهب وأمثالهما!! راجع التعليق على النص (208) في كتاب " العلو".
عدم صحة ما قاله الذهبي في كتابه"العلو"، وتقريره لكلام الإمام مالك وشيخه ربيعة وتقويله أهل السنة ما لم يقولوه في معنى الا
-
- مشاركات: 777
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm