بطلان حديث ابن مسعود الذي جاء فيه في تفسير المقام المحمود:(... قال: يجلسني على العرش..):
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[حديث أبو أحمد عبيد الله بن العباس الشطوي، نا أبو العباس محمد بن سفيان الحنائي حبشون، نا محمد بن عبد الرحيم والحسن بن حماد قالا، نا أحمد بن يونس، عن سلمة الأحمر، عن أشعث بن طليق، عن عبدالله بن مسعود قال:
بينا أنا عنـد النبي صلى الله عليه وعلى آاله وسلم أقرأ عليه حتى بلغت: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} الإسراء: 79. قال: ((يجلسني على العرش)) ، هذا حديث منكر لا يُفرح به، وسلمة هذا متروك الحديث، وأشعث لم يلحق ابن مسعود].
أقول في بيان بطلان هذا الحديث:
موضوع منكر، لم أقف على من أخرجه بهذا الإسناد وبهذا اللفظ. نسأل الله تعالى السلامة، وفي إسناده (سلمة بن صالح الأحمر) قال النسائي في "الضعفاء" (برقم243): [متروك الحديث]. وفي "لسان الميزان" (3/69): [روى عباس عن يحيى: ليس بثقة. وعن ابن مَعِين أيضاً: ليس بشيء.. وقال أبو داود: متروك الحديث.. وقال أحمد: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: واهي الحديث لا يُكْتَب حديثه]. وفيه كلام كثير ورماه بعضهم بالكذب. (وأشعث بن طليق) روايته عن ابن مسعود منقطعة! ففي "لسان الميزان" (1/455): [أشعث بن طليق عن مرة الطيب لا يصح حديثه، قاله الأزدي. ثم إنه ساق له حديث مُرَّة عن ابن مسعود.. ثم رأيت ذلك في الجزء الثاني من حديث أحمد بن شبيب الحبطي فقال: ثنا أبي، عن عبد الرحمن بن شيبة، ثنا سعيد بن عنبسة، ثنا سلمة بن نبيط، عن عبد الملك بن عبد الرحمن، عن أشعث بن طليق، أنه سمع الحسن العربي يحدّث عن مرة عن ابن مسعود]. فبينه وبين ابن مسعود رضي الله عنه رجلان. وهو حديث باطل منكر.
وقد اعترف بسقوط هذا الحديث الذهبي كما ترى هنا وفيما سيأتي أيضاً وكذا الألباني المتناقض!! في سلسلته الضعيفة (2/255/865) حيث حكم عليه بقوله: ((باطل)). وقال المتناقض!! أيضاً هناك: [ومن العجائب التي يقف العقل تجاهها حائراً أن يفتي بعض العلماء من المتقدّمين بأثر مجاهد هذا كما ذكره الذهبي (ص 100-101و117-118) عن غير واحد منهم، بل غلا بعض المحدثين فقال: لو أنَّ حالفاً حلف بالطلاق ثلاثاً أن الله يقعد محمداً F على العرش واستفتاني لقلت: صدقتَ وبررت!].
وأعلِّق على هذا الكلام فأقول: لا داعي للتعجب والحيرة أيها الألباني من هذا!! لأنَّ الحق لا يُعْرَف بالرجال!! وإنما اعرف الحق تعرف أهله!! ولـمَّا كنتم قد اتخذتم تقليد السلف منهجاً تعرفون به الحق من الباطل تحيرتم وتعجبتم واضطربت عقولكم عند تصادم هذا المنهج المتهاوي بنفسه مع بعض الحقائق الثابتة في القرآن والعقل!! فعقلك الآن حائر في مثل هذه المسائل أو المواقف لأنّه كان من الواجب عليك أن لا تتشبَّث بأقوال بعض الرجال التي تسمّونها مذهب السلف!! فعقلك الآن في هذا الموقع أثبت أنَّ أقوال (السلف!!) و (المحدثين!!) المنقولة في ذلك عند الخلال مثلاً في كتاب السنة من ص (209-260) وعقائدهم في هذه القضية مردودة باطلة ليست بشيء!!
إذن فالمعيار والضابط هو العقل والقرآن اللذان يقرران بأن الله تعالى مُنَزَّه عن الحلول في المكان لا مذهب السلف والمحدثين!! باعتراف الألباني!! فتأملوا!!
وليس للألباني أن يقول بل هي مسألةُ صحَّ الإسناد أو لم يصح!! فكم من حديث صحَّ فيه الإسناد ولم يقل به سلفكم أو لم تقولوا به أنتم فحكمتم عليه بالشذوذ!! والشاذ هو من جملة روايات الثقات!! وقد ردَّت السيدة عائشة أشياء وأنكرتها مع صحة السند وبينت أنها خطأ!! وما عرفت بطلانها إلا بالعقل حيث تدبرت قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار} فأدركت بعقلها أنَّ ما يقوله سلفكم باطل يقـف الشعر عند ذكره!!
ثمَّ لو سلمنا جدلاً بأن القضية هي (صح السند أو لم يصح) فهذا لا يؤثِّر على ما قلناه وهو قضية الألباني المتناقض وشيعته وأهل مذهبه الأساسية من أنَّ سلفهم قد يقولون شيئاً ويُكَفِّرُون مخالفهم فيه ويرمونه بالتجهم مع كون الحديث لم يصح فيه أو صحَّ الحديث بخلافه!!
فعلى جميع الوجوه نخرج بقضية وهي أنَّ مذهب السلف أو قول السلف (أعني سلفهم) ليس بحجة من الحجج الشرعية البتة!! ولكنهم يحاورون ويداورون بالباطل!!
فمسرح السلف الذين يعنونهم ويريدونهم وينقلون إجماعهم قد غُيِّب منه كثير من أئمة السنة المنزهين وأئمة أهل البيت القدماء المنزهين الذين يخالفونهم في قضاياهم التجسيمية تلك وكذلك المعتزلة يخالفونهم أيضاً!! ويمثل مذهب قدماء أهل البيت والمعتزلة وكذا كثير من أهل السنة الذين شاءت سياسات الدول التي كانت في تلك الحقب المعادية لأهل البيت ومذهبهم ومنهجهم أن تطمس أفكارهم وتخفيها ولا تشتهر أو تنتشر في بلاد من يسمون أنفسهم أهل السنة وهم أبعد الناس عنها بسبب الضغوطات السياسية!! فلا تغفلوا عن هـذا!! فإذا أرادوا أن يعرفوا مذهب السلف أو مذاهب السلف فعليهم أن يرجعوا لكتب أهل البيت المخطوطة والمطبوعة ولما وصل أتباعهم في هذا الزمن من أفكار وكذا المعتزلة ويقارنوا تلك الأفكار مع أفكار من يسمونهم بأهل الحديث والسلف ليعرفوا أنَّ ما يقولونه من أنَّ هذا مذهب السلف هو عبارة عن قول عشرة أو عشرين أو ثلاثين رجلاً أو نحو ذلك ممن نزع إلى التجسيم والتشبيه وغلبت صبغته عليه وأنَّ أقوالهم هذه لا تعني الحق ولا الإجماع ولا تكون علامة أو ضابطاً عليهما!! وخاصة مع وجود المخالف الذي معه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم الثابت في صحيح مسلم والترمذي ((تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض))!! فلا تغفل عن هذا التنبيه أبداً!!
وكلام الألباني المتناقض!! هذا يثبت لنا أمراً آخراً أيضاً وهو أنَّ قول جماعة ممن يسمونهم بالسلف والمحدثين وتجميع أقوالهـم واعتبـار تلك الأقوال الساقطة الباطلة جيوشاً إسلامية تغزو المعطلة والجهمية ـ على حسب تعبيرهم ـ ما هي إلا هُرَاء لا يصمد أمام التحقيق العلمي ونصوص القرآن والعقل الصريـح! وما هي إلا تلبيسات ومخادعات إعلامية لا تصمد أمام البحث والسبر والتمحيص!
بطلان حديث ابن مسعود الذي جاء فيه في تفسير المقام المحمود:(... قال: يجلسني على العرش..):
-
- Posts: 908
- Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm