تفسير {وسع كرسيه السماوات والأرض} أي: وسع علمه السماوات والأرض هكذا فسره ابن عباس رضي الله عنهما فيما ثبت وصح عنه:
مرسل: السبت نوفمبر 16, 2024 2:26 pm
تفسير {وسع كرسيه السماوات والأرض} أي: وسع علمه السماوات والأرض هكذا فسره ابن عباس رضي الله عنهما فيما ثبت وصح عنه:
وما روي عنه وعن أبي موسى من قولهما: (الكرسي موضع القدمين) باطل لا يصح وهو من خرافات وكتب كعب الأحبار وأمثاله:
قال الذهبي في "العلو" النص (273): [قال البخاري في صحيحه: وقال ابن عباس: ((كرسيه علمـه))].
أقول – حسن -:
هذا ذكره البخاري عن سعيد بن جبير، وذلك في صحيحه في كتاب التفسير (8/199). وقال الحافظ ابن حجر في شرحه هناك: [وصله سفيان الثوري في تفسيره في رواية أبي حذيفة عنه بإسناد صحيح. وأخرجه عَبْدُ بن حميد وابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير فزاد فيه ((عن ابن عباس)) وأخرجه العُقَيلي من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي وهو عند الطبراني في ((كتاب السنة)) من هذا الوجه مرفوعاً، وكذا رويناه في ((فوائد أبي الحسن علي بن عمر الحربي)) مرفوعاً والموقوف أشبه...] انتهى ما أردنا نقله.
فهذا صحيح ثابت عن ابن عباس عن ابن عباس رواه ابن جرير في "تفسيره" (3/9) وابن أبي حاتم في تفسيره (2/490)، واللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (3/405) والبيهقي في "الأسماء والصفات" (1/309) وعبد الله بن أحمد في "السنة" (1184) بإسناد صحيح. وليس فيه أبو جعفر الأحمر!! وإنما فيه جعفر بن أبي المغيرة وهو ثقة كما سنبين الآن إن شاء الله تعالى. فخاب وخسر من يضعِّف الصحيح الذي فيه التنزيه عن ابن عباس ويسرد الواهيات والإسرائيليات!! وقد فصَّلنا الأمر في هذا الأثر الثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما في رسالتنا: "إعلام الثقلين بخرافة الكرسي موضع القدمين" فليراجعها من شاء الاستزادة.
وأما جعفر بن أبي المغيرة فثقة.. قال ابن شاهين في "تاريخ أسماء الثقات" (برقم167): [ثقة، قاله أحمد].
قلت: وثَّقه أحمد بن حنبل كما في كتاب "العلل ومعرفة الرجال" (3/102/برقم4393) فقال:
[جعفر بن أبي المغيرة القمي وهو جعفر المصور ثقة].
وذكره ابن حبان في "الثقات" (6/134).
وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (8/63): [وكان مختصاً بسعيد بن جبير ودخل معه مكة في أيام ابن الزبير ورأى عبد الله بن عمر روى عنه ابنه خطاب ويعقوب القمي وأشعث بن إسحاق القمي ومندل بن علي وجماعة وكان صدوقاً].
وقال المُعَلِّقون على "التقريب" كما في "تحرير تقريب التهذيب" (برقم960):
[بل: ثقة، وثَّقَه أحمد بن حنبل فيما نقله عنه ابن شاهين في "ثقاته"، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه جمع، ولا نعلم أحدًا تكلَّم فيه سوى قول ابن منده فيما نقله مغلطاي: ليس بالقوي في سعيد بن جبير، وهو قول انفرد به].
أقول - حسن-: قول ابن منده هو في كتابه "الرد على الجهمية" برقم (7-15) ونصه عند ذكره لهذا الأثر هناك: [ولم يتابع عليه جعفر وليس هو بالقوي في سعيد بن جبير]. ولا يعوَّل على ما قاله ابن منده بل يضرب بكلام ابن منده فيه عُرْض الحائط لأن ابن منده مجسم! وجعفر وثَّقَه الكبار وابن منده لم يدركه ولا يعرفه وإنما قال ما قال ليضعف بالباطل روايته لهذا الأثر!
وقد اعتمد البخاري هذا الأثر في صحيحه في كتاب التفسير الباب (44 باب {فإن خفتم فرجالاً..}) فقال: [وقال ابن جبير: كرسيه علمه].
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/199): [قوله (وقال ابن جبير: كرسيه علمه) وصله سفيان الثوري في تفسيره في رواية أبي حذيفة عنه بإسناد صحيح. وأخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير فزاد فيه: عن ابن عباس..].
وقال الحافظ ابن جرير في تفسيره (5/401): [وأما الذي يدل على صحته ظاهر القرآن فقول ابن عباس الذي رواه جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عنه أنه قال: (هو علمه). وذلك لدلالة قوله تعالى ذكره: {ولا يؤوده حفظهما} على أن ذلك كذلك، فأخبر أنه لا يؤوده حفظ ما علم، وأحاط به مما في السموات والأرض، وكما أخبر عن ملائكته أنهم قالوا في دعائهم: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا}]. فهذا هو رأي علماء السلف والمُحَدِّثين المخالفين لمنهج المجسمة والمشبهة الذين يعتمدون الرواية التالفة من كون الكرسي موضع القدمين، تعالى ربنا وتقدَّس عن قولهم واعتقادهم علواً كبيراً.
وأما ما روي عن أبن عباس من قوله: (الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قـدره).
فأقول -حسن-:
هذا قول مستشنع تجسيمي إسرائيلي لا يصح عن ابن عباس ولا عن أبي موسى الأشعري ولو صح عنهما فهو من جملة ما نقلوه من الإسرائيليات! فقد صح عن ابن عباس ما يخالفه إذ قال: (كرسيه علمه) كما تقدَّم!
ففي إسناد هذا المستشنع خلل وهو معلّل، وهو مروي من قول مسلم البطين فحسب. أي هو قولٌ لمسلم البطين. ولا تصح روايته عن ابن عباس رضي الله عنه ولا عن تلميذه سعيد بن جبير، بل المنقول عن سعيد بن جبير في صحيح البخاري (8/199فتح) أن كرسيَّه عِلْمُه. وهو الثابت عن ابن عباس كذلك، وهو ما رجَّحه ابن جرير الطبري في تفسيره، وقد تقدَّم ذلك!
فإذا اتضح هذا أقول:
هذا الأثر المستشنع المروي عن ابن عباس رواه ابن خزيمة في كتاب "التوحيد" ص (108) والحاكم (2/282) والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2/196برقم758) والخطيب البغدادي في تاريخه (9/251) وابن الجوزي في ((العلل المتناهية)) (1/22) وقد رفعه بعض الرواة من باب القاعدة الفاسدة الباطلة (أن هذا لا يقال من قِبَلِ الرأي)!! وأقول: نعم لا يقال من قِبَل الرأي وإنما من قِبَل كعب الأحبار والكتب المُحرَّفة. وقد بين الحافظ ابن الجوزي في "العلل" أن رفعه خطأ ولذلك جزمت بأنه موضوع مرفوعاً في التعليق على ((دفع شبه التشبيه)) ص (258) في تخريج الحديث السابع والأربعين هناك.
قال ابن جرير في تفسيره (3/10): [حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، عن سفيان، عن عمار الدهني، عن مسلم البطين قال: الكرسي موضع القدمين].
وقد تم إقحام - أي زيادة - مسلم البطين في السند المروي عن ابن عباس، فقد رواه الطبراني في "الكبير" (12/39) من طريق سفيان الثوري، عن عمار الدهني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس .. وعمار الدهني لم يسمع من سعيد بن جبير كما في "تهذيب الكمال" (21/210) و"جامع التحصيل" الترجمة (550).
قال أحمد بن حنبل: (لم يسمع – الدهني- من سعيد بن جبير شيئاً). ولذلك قال الحافظ ابن جرير الطبري في تفسيره (3/11):
[وأما الذي يدل على صحته ظاهر القرآن: فقول ابن عباس الذي رواه جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه أنه قال: هو علمه..] أي: تفسير كرسيه.
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أيضاً أن هذا الأثر المستشنع (الكرسي موضع القدمين) الذي أورده الذهبي هنا عن ابن عباس رويَ أيضاً عن أبي موسى الأشعري! فروى ابن جرير في "تفسيره" (3/9-10) والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص (404) من طريق سلمة بن كهيل، عن عُمَارة بن عُمَير، عن أبي موسى الأشعري قال: (الكرسي موضع القدمين وله أطيط كأطيط الرَّحْل). وعُمَارة بن عُمَير لم يُدرك أبا موسى الأشعري ، وإنما روى عن ولده إبراهيم بن أبي موسى كما في ترجمته في "تهذيب الكمال" (21/256) و "تهذيب التهذيب" (7/369) وأولاد أبو موسى الأشعري رووا الإسرائيليات لأن أباهم أرسلهم ليتعلموا من عبد الله بن سلام الإسرائيلي! فأبو موسى صاحب هذا الأثر له علاقة بالإسرائيليات فقد كان يرسل أولاده ليتعلموا من عبد الله بن سلام الإسرائيلي، فقد روى عبد الرزاق في "المصنف" (8/144) وابن سعد في الطبقات (6/268) بسند صحيح: [عن سعيد بن أبي بردة عن أبي بردة قال: أرسلني أبي إلى عبد الله بن سلام أتعلم منه، فجئته فسألني من أنت؟ فأخبرته، فرحَّبَ بي، فقلت: إن أبي أرسلني إليك لأسألك وأتعلم منك..].
وورد في ترجمة أبي بُرْدة ابن أبي موسى الأشعري أنه يروي عن عبدالله بن سلام الإسرائيلي كما في ((تهذيب الكمال)) (33/66) وروايته عنه في البخاري (3814و7342). وفي ((سير أعلام النبلاء)) (5/6): ((روى سعيد ابن أبي بردة عن أبيه قال: بعثني أبي أبو موسى إلى عبد الله ابن سلام لأتعلَّم منه))].
فخلاصة الأمر أن أثر أبي موسى لا يثبت أيضاً وهو منكر منقطع الإسناد.
والألباني تناقض في الحكم على هذا الأثر المروي عن أبي موسى حيث صححه في "مختصر العلو" ص (124)، وقال في ضعيفته (2/307): [وإسناده صحيح إن كان عمارة بن عمير سمع من أبي موسى فإنه يروي عنه بواسطة ابنه إبراهيم بن أبي موسى الأشعري، ولكنه موقوف، ولا يصح في الأطيط حديث مرفوع كما تقدم تحت رقم (866)].
وقد تكلَّمت على ذلك كله في رسالتي السالف ذكرها (إعلام الثقلين بخرافة الكرسي موضع القدمين) والجزء الثاني من "تناقضات الألباني الواضحات" ص (289-291).
والله تعالى أعلم.
وما روي عنه وعن أبي موسى من قولهما: (الكرسي موضع القدمين) باطل لا يصح وهو من خرافات وكتب كعب الأحبار وأمثاله:
قال الذهبي في "العلو" النص (273): [قال البخاري في صحيحه: وقال ابن عباس: ((كرسيه علمـه))].
أقول – حسن -:
هذا ذكره البخاري عن سعيد بن جبير، وذلك في صحيحه في كتاب التفسير (8/199). وقال الحافظ ابن حجر في شرحه هناك: [وصله سفيان الثوري في تفسيره في رواية أبي حذيفة عنه بإسناد صحيح. وأخرجه عَبْدُ بن حميد وابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير فزاد فيه ((عن ابن عباس)) وأخرجه العُقَيلي من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي وهو عند الطبراني في ((كتاب السنة)) من هذا الوجه مرفوعاً، وكذا رويناه في ((فوائد أبي الحسن علي بن عمر الحربي)) مرفوعاً والموقوف أشبه...] انتهى ما أردنا نقله.
فهذا صحيح ثابت عن ابن عباس عن ابن عباس رواه ابن جرير في "تفسيره" (3/9) وابن أبي حاتم في تفسيره (2/490)، واللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (3/405) والبيهقي في "الأسماء والصفات" (1/309) وعبد الله بن أحمد في "السنة" (1184) بإسناد صحيح. وليس فيه أبو جعفر الأحمر!! وإنما فيه جعفر بن أبي المغيرة وهو ثقة كما سنبين الآن إن شاء الله تعالى. فخاب وخسر من يضعِّف الصحيح الذي فيه التنزيه عن ابن عباس ويسرد الواهيات والإسرائيليات!! وقد فصَّلنا الأمر في هذا الأثر الثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما في رسالتنا: "إعلام الثقلين بخرافة الكرسي موضع القدمين" فليراجعها من شاء الاستزادة.
وأما جعفر بن أبي المغيرة فثقة.. قال ابن شاهين في "تاريخ أسماء الثقات" (برقم167): [ثقة، قاله أحمد].
قلت: وثَّقه أحمد بن حنبل كما في كتاب "العلل ومعرفة الرجال" (3/102/برقم4393) فقال:
[جعفر بن أبي المغيرة القمي وهو جعفر المصور ثقة].
وذكره ابن حبان في "الثقات" (6/134).
وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (8/63): [وكان مختصاً بسعيد بن جبير ودخل معه مكة في أيام ابن الزبير ورأى عبد الله بن عمر روى عنه ابنه خطاب ويعقوب القمي وأشعث بن إسحاق القمي ومندل بن علي وجماعة وكان صدوقاً].
وقال المُعَلِّقون على "التقريب" كما في "تحرير تقريب التهذيب" (برقم960):
[بل: ثقة، وثَّقَه أحمد بن حنبل فيما نقله عنه ابن شاهين في "ثقاته"، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه جمع، ولا نعلم أحدًا تكلَّم فيه سوى قول ابن منده فيما نقله مغلطاي: ليس بالقوي في سعيد بن جبير، وهو قول انفرد به].
أقول - حسن-: قول ابن منده هو في كتابه "الرد على الجهمية" برقم (7-15) ونصه عند ذكره لهذا الأثر هناك: [ولم يتابع عليه جعفر وليس هو بالقوي في سعيد بن جبير]. ولا يعوَّل على ما قاله ابن منده بل يضرب بكلام ابن منده فيه عُرْض الحائط لأن ابن منده مجسم! وجعفر وثَّقَه الكبار وابن منده لم يدركه ولا يعرفه وإنما قال ما قال ليضعف بالباطل روايته لهذا الأثر!
وقد اعتمد البخاري هذا الأثر في صحيحه في كتاب التفسير الباب (44 باب {فإن خفتم فرجالاً..}) فقال: [وقال ابن جبير: كرسيه علمه].
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/199): [قوله (وقال ابن جبير: كرسيه علمه) وصله سفيان الثوري في تفسيره في رواية أبي حذيفة عنه بإسناد صحيح. وأخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير فزاد فيه: عن ابن عباس..].
وقال الحافظ ابن جرير في تفسيره (5/401): [وأما الذي يدل على صحته ظاهر القرآن فقول ابن عباس الذي رواه جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عنه أنه قال: (هو علمه). وذلك لدلالة قوله تعالى ذكره: {ولا يؤوده حفظهما} على أن ذلك كذلك، فأخبر أنه لا يؤوده حفظ ما علم، وأحاط به مما في السموات والأرض، وكما أخبر عن ملائكته أنهم قالوا في دعائهم: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا}]. فهذا هو رأي علماء السلف والمُحَدِّثين المخالفين لمنهج المجسمة والمشبهة الذين يعتمدون الرواية التالفة من كون الكرسي موضع القدمين، تعالى ربنا وتقدَّس عن قولهم واعتقادهم علواً كبيراً.
وأما ما روي عن أبن عباس من قوله: (الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قـدره).
فأقول -حسن-:
هذا قول مستشنع تجسيمي إسرائيلي لا يصح عن ابن عباس ولا عن أبي موسى الأشعري ولو صح عنهما فهو من جملة ما نقلوه من الإسرائيليات! فقد صح عن ابن عباس ما يخالفه إذ قال: (كرسيه علمه) كما تقدَّم!
ففي إسناد هذا المستشنع خلل وهو معلّل، وهو مروي من قول مسلم البطين فحسب. أي هو قولٌ لمسلم البطين. ولا تصح روايته عن ابن عباس رضي الله عنه ولا عن تلميذه سعيد بن جبير، بل المنقول عن سعيد بن جبير في صحيح البخاري (8/199فتح) أن كرسيَّه عِلْمُه. وهو الثابت عن ابن عباس كذلك، وهو ما رجَّحه ابن جرير الطبري في تفسيره، وقد تقدَّم ذلك!
فإذا اتضح هذا أقول:
هذا الأثر المستشنع المروي عن ابن عباس رواه ابن خزيمة في كتاب "التوحيد" ص (108) والحاكم (2/282) والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2/196برقم758) والخطيب البغدادي في تاريخه (9/251) وابن الجوزي في ((العلل المتناهية)) (1/22) وقد رفعه بعض الرواة من باب القاعدة الفاسدة الباطلة (أن هذا لا يقال من قِبَلِ الرأي)!! وأقول: نعم لا يقال من قِبَل الرأي وإنما من قِبَل كعب الأحبار والكتب المُحرَّفة. وقد بين الحافظ ابن الجوزي في "العلل" أن رفعه خطأ ولذلك جزمت بأنه موضوع مرفوعاً في التعليق على ((دفع شبه التشبيه)) ص (258) في تخريج الحديث السابع والأربعين هناك.
قال ابن جرير في تفسيره (3/10): [حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، عن سفيان، عن عمار الدهني، عن مسلم البطين قال: الكرسي موضع القدمين].
وقد تم إقحام - أي زيادة - مسلم البطين في السند المروي عن ابن عباس، فقد رواه الطبراني في "الكبير" (12/39) من طريق سفيان الثوري، عن عمار الدهني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس .. وعمار الدهني لم يسمع من سعيد بن جبير كما في "تهذيب الكمال" (21/210) و"جامع التحصيل" الترجمة (550).
قال أحمد بن حنبل: (لم يسمع – الدهني- من سعيد بن جبير شيئاً). ولذلك قال الحافظ ابن جرير الطبري في تفسيره (3/11):
[وأما الذي يدل على صحته ظاهر القرآن: فقول ابن عباس الذي رواه جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه أنه قال: هو علمه..] أي: تفسير كرسيه.
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أيضاً أن هذا الأثر المستشنع (الكرسي موضع القدمين) الذي أورده الذهبي هنا عن ابن عباس رويَ أيضاً عن أبي موسى الأشعري! فروى ابن جرير في "تفسيره" (3/9-10) والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص (404) من طريق سلمة بن كهيل، عن عُمَارة بن عُمَير، عن أبي موسى الأشعري قال: (الكرسي موضع القدمين وله أطيط كأطيط الرَّحْل). وعُمَارة بن عُمَير لم يُدرك أبا موسى الأشعري ، وإنما روى عن ولده إبراهيم بن أبي موسى كما في ترجمته في "تهذيب الكمال" (21/256) و "تهذيب التهذيب" (7/369) وأولاد أبو موسى الأشعري رووا الإسرائيليات لأن أباهم أرسلهم ليتعلموا من عبد الله بن سلام الإسرائيلي! فأبو موسى صاحب هذا الأثر له علاقة بالإسرائيليات فقد كان يرسل أولاده ليتعلموا من عبد الله بن سلام الإسرائيلي، فقد روى عبد الرزاق في "المصنف" (8/144) وابن سعد في الطبقات (6/268) بسند صحيح: [عن سعيد بن أبي بردة عن أبي بردة قال: أرسلني أبي إلى عبد الله بن سلام أتعلم منه، فجئته فسألني من أنت؟ فأخبرته، فرحَّبَ بي، فقلت: إن أبي أرسلني إليك لأسألك وأتعلم منك..].
وورد في ترجمة أبي بُرْدة ابن أبي موسى الأشعري أنه يروي عن عبدالله بن سلام الإسرائيلي كما في ((تهذيب الكمال)) (33/66) وروايته عنه في البخاري (3814و7342). وفي ((سير أعلام النبلاء)) (5/6): ((روى سعيد ابن أبي بردة عن أبيه قال: بعثني أبي أبو موسى إلى عبد الله ابن سلام لأتعلَّم منه))].
فخلاصة الأمر أن أثر أبي موسى لا يثبت أيضاً وهو منكر منقطع الإسناد.
والألباني تناقض في الحكم على هذا الأثر المروي عن أبي موسى حيث صححه في "مختصر العلو" ص (124)، وقال في ضعيفته (2/307): [وإسناده صحيح إن كان عمارة بن عمير سمع من أبي موسى فإنه يروي عنه بواسطة ابنه إبراهيم بن أبي موسى الأشعري، ولكنه موقوف، ولا يصح في الأطيط حديث مرفوع كما تقدم تحت رقم (866)].
وقد تكلَّمت على ذلك كله في رسالتي السالف ذكرها (إعلام الثقلين بخرافة الكرسي موضع القدمين) والجزء الثاني من "تناقضات الألباني الواضحات" ص (289-291).
والله تعالى أعلم.