صفحة 1 من 1

بعض تأويلات الإمام أبو منصور الماتريدي السلفي الحنفي المبجل المنزه الفاضل وارث علم العقائد من الإمام أبي حنيفة

مرسل: السبت نوفمبر 16, 2024 2:32 pm
بواسطة عود الخيزران
بعض تأويلات الإمام أبو منصور الماتريدي السلفي الحنفي المبجل المنزه الفاضل وارث علم العقائد من الإمام أبي حنيفة ومن ينسب المذهب العقاىدي الحنفي إليه .. المخالف لمنهج وفكر أبي الحسن الأشعري المائل إلى الحنابلة:

بسم الله الرحمن الرحيم


تأويل {جنب الله} :
قال الماتريدي في تفسيره "تأويلات أهل السنة" (4/317) و (8/697) :
[ثم قوله: {عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}. قَالَ بَعْضُهُمْ: في ذات اللَّه. وقَالَ بَعْضُهُمْ: ما فرطت وضيعت من أمر اللَّه، وأمثال ذلك].

وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (4/322) و (8/705) :
[وكذلك ما أضاف إلى نفسه من الأحرف لا يفهم منه ما لو أضيف ذلك إلى الخلق؛ من نحو الاستواء، والمجيء، والإتيان، ونحو ذلك، ولا يقدر منه ما يقدر من الخلق على ما لم يفهم من مجيء الحق وإتيانه ما فهم من مجيء الخلق ولا إتيانهم؛ فعلى ذلك لا يفهم قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ما يفهم من قبضة الخلق وطيهم ويمينهم؛ بل يفهم من ذلك كله ما يفهم من قوله عَزَّ وَجَلَّ : {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، كل ما ذكر من القبضة والطي واليمين في ذلك {كن} دون أن كان منه كاف أو نون أو شيء من ذلك، لكنه ذكر {كن}؛ لأنه أخف كلام على الألسن، وأوجز حرف يفهم منه المعنى ويعرف فيما بين الخلق، واللَّه أعلم.
وأصله أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خاطبهم بما تعارفوا فيما بينهم حقيقة، وإن كان ما تعارفوا فيما بينهم منفي عن اللَّه تعالى نحو ما ذكر {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، وقوله عَزَّ وَجَلَّ : {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}، وقوله: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ}، لما باليد يقدم ويؤخر في الشاهد، وإن لم يكن ما ذكر عمل اليد، وذكر بين يدي ما ذكر، وإن لم يكن بين يديه؛ لما في الشاهد كذلك يتقدم؛ فعلى ذلك ما أضاف إلى نفسه من أحرف كانت تلك منفية عنه؛ لما في الشاهد بذلك يكون، واللَّه أعلم] .

تأويل {ونفخ في الصور}:
وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (4/323) و (8/705) :
[وقوله عَزَّ وَجَلَّ : {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ...} اختلف في قوله: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} أهو على حقيقة النفخ أم لا؟
قَالَ بَعْضُهُمْ: ليس هنالك نفخ ولا شيء، وإنما ذكر النفخ عبارة عن خفة الأمر على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ كقوله: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ}، {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: ليس نفخًا، إنما هو عبارة عن قدر نفخة: أنه يحيي ويميت على قدر النفخة؛ لأن أسرع شيء في الدنيا هي النفخة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو على حقيقة النفخة من غير أن كانت النفخة سببًا للإحياء والإماتة، ولكن على جعل النفخة علمًا وآية للإحياء أو الإماتة، امتحن بذلك الملك الذي كان موكلا به، على ما امتحن ملك الموت بقبض الأرواح في أوقات جعلت له؛ فعلى ذلك ما ذكر من النفخة، واللَّه أعلم.
ثم اختلف في الصور أيضًا:
قَالَ بَعْضُهُمْ: هو صور الخلق فيها ينفخ، وإلى ذلك ذهب جميع أهل الكلام.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: ليس هو صور الخلق، ولكن إنما هو قَرْن؛ لأنه قال: الصور، ولم يقل: صُور بالتثقيل، وإنما ذكره بالتخفيف، وهو القَرْن، وذكر صور الخلق بالتثقيل صُوَر؛ حيث قال: {فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}، فلسنا ندري أيهما يقال جميعًا أم لا الصُّور والصُّوَر، واللَّه أعلم] .

تأويل قوله تعالى : {وأشرقت الأرض بنور ربها} :
وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (4/324) (8/705) :
[وقوله عَزَّ وَجَلَّ : {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} يحتمل {بِنُورِ}: الذي أنشأه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لها وجعله فيها، ليس أن يكون لذاته نور أو شيء يضيء، ويكون قوله عَزَّ وَجَلَّ : {بِنُورِ رَبِّهَا} كقوله عَزَّ وَجَلَّ : {بِنِعْمَتِ رَبِّكَ}: بإحسان ربك، وآلاء ربك، لا يفهم منه سوى النعمة والنشأة والآلاء المجعولة؛ فعلى ذلك قوله عَزَّ وَجَلَّ : {بِنُورِ رَبِّهَا} لا يفهم منه نور الذات ولا شيء من ذلك.
ثم قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ} أي: أضاءت، جائز أن يكون اللَّه عز وجل ينشئ أرض الآخرة أرضًا مضيئة مشرقة؛ لما أخبر أنه يبدل أرضًا غير هذه؛ حيث قال عَزَّ وَجَلَّ : {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ... } الآية، كانت هذه مظلمة، وتلك مضيئة، على ما ذكرنا، واللَّه أعلم.
أو أن يكون إشراقها: ارتفاع سواترها، وظهور الحق لهم، وزوال الاشتباه والالتباس، وكانت أمورهم في الدنيا مشبهة ملتبسة، ويقرون يومئذ جميعًا بالتوحيد له والألوهية والربوبية].

وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (4/392) و (9/102) :
[وقوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}. العلوّ والعظمة في الشاهد يكون من وجوه ثلاثة:
أحدها: العلو عبارة عن القهر والغلبة؛ يقال: فلان عالٍ؛ أي: غالب وقاهر.
والعظمة عبارة عن القدر، والمنزلة، ونفاذ الأمر.
والثاني: يكون العلو عبارة عن الكبرياء، والسؤدد، وكذلك العظمة.
والثالث: العلو يكون عبارة عن الارتفاع في المكان، والعظمة: عظمة في البدن والنفس، وهذا مما لا يكون فيه كثرة منقبة وقَدْر، ولا شيء من ذلك، ولا يزيد ذلك في صاحبه رفعة ولا مرتبة، واللَّه يتعالى عن الوصف بهذا، فإنما رجع الوصف له بالعلوّ والعظمة إلى الوجهين الأوّلين، والسلطان، والقدرة، ونفاذ الأمر والمشيئة والكبرياء، والغلبة. فأمَّا ما رجع إلى الارتفاع في الأمكنة، والعظمة في البدن فهو صفة المخلوق، وهم الموصوفون بذلك، تعالى اللَّه عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا].

تأويل اليد :
قال الإمام الماتريدي في كتابه "تأويلات أهل السنة": (4/213) أو (8/538) :
[ويحتمل {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}، أي: قوتنا؛ كقوله: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ}، وقوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، أي: بقوة ونحوه، واللَّه أعلم] .
وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (4/323) و (8/705) :
[فعلى ذلك ما ذكر من قبضته ويده ويمينه إنما هو الوصف له بالقوة، والسلطان، والقدرة على ذلك] .
قال الإمام الماتريدي في كتابه "تأويلات أهل السنة" (2/247) و (4/464) :
[وفي قوله: {بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} دلالة ألا تفهم من اليدين الجارحتين على ما يفهم من الخلق، كما لم يفهم أحد بذكر اليد في المطر الجارحة؛ لأنه لا جارحة له؛ فعلى ذلك لا يفهم من ذكر اليد له الجارحة من قوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} وكذلك قوله: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ}، لم يفهم من قوله: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} الجارحة للقرآن، فعلى ذلك لا يفهم مما ذكر، من يديه الجارحة، ومن فهم ذلك فإنما يفهم لفساد في اعتقاده. وكذلك ما ذكر من الاستواء على العرش، والاستواء إلى السماء، لا يفهم منه ما يفهم من استواء الخلق؛ لأنه بريء عن جميع مشابه الخلق، ومعانيهم، وهو ما وصف حيث قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}] .

رد حديث (يضع قدمه في النار) :
وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (4/566) و (9/361) :
[والثاني: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} أي: فيَّ سعة عظيمة، فهل من زيادة خلق أمتلئ بها؟ لأن اللَّه تعالى وعد أن يملأ جهنم، كما قال: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}، فتسأل المزيد من ربها لتمتلئ، واللَّه أعلم بذلك.
وقال بعض أهل التأويل بأنها تسأل الزيادة حتى يضع الرحمن قدمه فيها فتضيق بأهلها حتى لا يبقى فيها مدخل رجل واحد، وروي خبر عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في ذلك، وأنه فاسد، وقول بالتشبيه، وقد قامت الدلائل العقلية على إبطال التشبيه، فكل خبر ورد مخالفًا للدلائل العقلية يجب رده، ومخالف لنص التنزيل، وهو قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ثم هذا القول على قول الشبهة على ما توهموا مخالف للكتاب؛ لأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قال: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}، وعندهم لا تمتلئ بهم ما لم يضع الرحمن قدمه فيها.
ثم ذكر البلخي أن مدار ما ذكروا من الحديث على حماد بن سلمة، وكان خرفًا مفندًا في ذلك الوقت لم يجز أن يؤخذ منه، مع ما روي في خبر أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنه قال: ((يأتي اللَّه تعالى ببشر فيضع في النار حتى تمتلئ)) فهذا يحتمل، لا ما رووا، واللَّه الموفق].

تأويل العين والأعين :
وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (4/600) و (9/414) :
[وقوله عَزَّ وَجَلَّ : {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}.
أي: بمنظر وعلم منا، فإن كان الأمر بالصبر على القيام بتبليغ الرسالة إلى من ذكرنا؛ فيخرج قوله: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} مخرج وعد النصر والمعونة؛ كقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}.
وإن كان الأمر بالصبر على ترك مكافأتهم، أو على القيام بالأمور التي فيما بينه وبين ربه تعالى؛ فيصير كأنه قال: على علم منا بما يكون منهم من التكذيب والاستهزاء والأذى، كلفناك، لا عن جهل منا بذلك، واللَّه أعلم].
وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (3/291) و (7/280) :
[وقوله: (عَلَى عَيْنِي): قَالَ بَعْضُهُمْ: لتُغَذَّى على حفظي، يقال: عين اللَّه عليك: أي كن في حفظ اللَّه، وهو قول الحسن وقتادة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: لتربي على عيني، أي: على علمي، والأول أشبه].

تأويل المجيىء {وجاء ربك} والاستواء والنزول :
وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (3/187) و (7/101) :
[ثم قوله: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} لم يفهم أهل الخطاب بمجيء الحق: الانتقال من مكان إلى مكان، ولا بذهاب الباطل على ما يفهم من مجيء فلان وذهاب فلان، بل فهموا من مجيء الحق ظهوره وعلوه، وفهموا من زهوق الباطل وذهابه: فناه واضمحلاله وتلاشيه، وعلى ذلك لم يفهموا من مجيء الأعراض ما فهموا من مجيء الأجسام والأجساد؛ فعلى ذلك لا يجب أن يفهموا من قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ}: الانتقال من مكان إلى مكان؛ وكذلك لا يفهم من قوله: {ثُمَ اسْتَوَى عَلَى العرشِ} استواء الخلق، ولا من نزوله: نزول الخلق؛ على ما لم يفهم مما أضيف إلى الأعراض من الأفعال ما فهموا من الأجساد والأجسام، بل فهموا من اللَّه غير الذي فهموا من الآخر؛ فعلى ذلك لا يفهم مما أضيف إلى اللَّه تعالى ما يفهم مما أضيف إلى الخلق، بل يتعالى عن أن يشبه الخلق أو يشبهه الخلق في معنى من المعاني، أو في وجه من الوجوه، بل هو كما وصف نفسه؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، وقوله: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ}، وتعالى اللَّه عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا] .

تأويل النفس :
وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (3/292) ، (7/280) :
[وقوله عَزَّ وَجَلَّ : {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} أي: اخترتك، واصطفيتك لرسالتي ونبوتي، فذكر نفسه؛ لأنه بأمره يقوم بأداء ذلك] .
وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (3/294) و (7/285) :
[{وَاصْطَنَعْتُكَ} أي: استخلصتك لنفسي، فإذا لم يفهم من قوله: {لِنَفْسِي}: ذاته فكيف يفهم {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} ما لم يفهم من الخلق، ولا يتصور هذا وأمثاله إلا في وهم من اعتقد التشبيه ولم يعرف ربه، وإلا لو عرف ربَّه حق معرفته، لكان لا يتصور في وهمه تشبيه الخلق به، ولا تشبيهه بخلقه، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.] .
وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (2/93) و (3/653) :
[{إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}.
يتكلم في النفس على وجهين:
أحدهما: يراد ما يضمر.
والثاني: على إرادة الذات؛ فإن كان اللَّه يتعالى عن أن يوصف بالذات كما يوصف الخلق؛ دل أنه إنما يراد بذلك غيره، وهو أن يقال: تعلم ما عندي ولا أعلم ما عندك، أو يقول: تعلم ما كان مني ولا أطلع على غيبك.
{إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}. أي: إنك أنت علام ما غاب عن الخلق] .

تأويل النور {الله نور السموات والأرض}:
قال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (3/462) و (7/563) :
[وقوله عَزَّ وَجَلَّ : {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} قَالَ بَعْضُهُمْ: اللَّه هادي السماوات والأرض] .
وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (3/463) و (7/563) :
[وقال أهل الكلام: قوله: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي: أنار اللَّه لأهل السماوات والأرض، مثل نوره الذي به أنار ما ذكر مثل المشكاة التي ذكر إلى آخره.
وجائز أن يكون قوله: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي: باللَّه نور أهل السماوات وأهل الأرض؛ ألا ترى أنه قال: {مَثَلُ نُورِهِ} كذا، ولم يقل: مثله، ولو كان النور هو اللَّه على ما قاله المشبهة وفهموه، لقال: "اللَّه نور السماوات والأرض مثله كذا"، ولم يقل: {مَثَلُ نُورِهِ}، فدل قوله: {مَثَلُ نُورِهِ} كذا أنه لم يرد بالنور نفسه، ولكن ما ذكرنا أنه به نور أهل السماوات وأهل الأرض؛ ألا ترى أنه قال في آخره: {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} أنه لم يرد بالنور ما فهموا، {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} دل أنه ليس على ما فهمه المشبهة : أنه نور كسائر الأنوار التي عاينوها ويشاهدوها، على هذا يخرج تأويل ابن عَبَّاسٍ حيث قال: اللَّه هادي أهل السماوات والأرض].

تأويل الوجه :
وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (3/620) و (8/206) :
[وقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ...} قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: {كُلُّ شَيْءٍ} يرجى منفعته وشفاعته من دون اللَّه باطل، إلا ما ابتغي منه وعمل له.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كل شيء هالك وزائل إلا هو؛ فإنه حي لا يموت دائم لا يزول.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كل أمر وَجِهَةٍ يتوجه إليها ويعمل به هالك إلا الجهة والوجه الذي أمر هو بالتوجه إليه والعمل به، وهو قريب بالأول، واللَّه أعلم] .

وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (2/52) و (3/551) :
[وتأويل قوله: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} على هذا التأويل، أي: أيديهم هي الممسكة عن الإنفاق، وهم الموصوفون بالبخل والشح.
{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، أي: نعمه مبسوطة: يوسع على من يشاء، ويقتر على من يشاء.
وفي حرف ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بل يداه يبسطان.
قال الفراء: يقال: وجه مبسوط، ووجه بسط.
ثم لا يحتمل أن يفهم من إضافة اليد إلى اللَّه ما يفهم من الخلق؛ لما وجد إضافة اليد إلى من لا يحتمل أن يكون له اليد، من ذلك قوله تعالى : {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ}: لا يفهم من القرآن اليد كما يفهم من الخلق؛ فعلى ذلك لا يجوز أن يفهم من إضافة اليد إلى اللَّه تعالى كما يفهم من الخلق؛ ألا ترى أنه قال: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ}، {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}، لم يفهم منه اليد نفسها؛ وكذلك قوله: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}، لكن أضيف ذلك إلى اليد؛ لما باليد يقدم ويعطي ويكسب؛ ألا ترى أنه قال تعالى: {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، ومعلوم أنه لم يفهم من اليد: اليد نفسها، ولكن أضيف ذلك إليها؛ لما ذكرنا، واللَّه أعلم].

وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (2/122) و (4/91) :
[وقوله عَزَّ وَجَلَّ : {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ... } يذكر في بعض القصة أن رجالاً من أصحاب رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كانوا يسبقون إلى مجلس رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فيجلسون قريبًا منه، فيجيء أشراف القوم وساداتهم، وقد أخذ أُولَئِكَ المجلس فيجلس هَؤُلَاءِ ناحية، فقالوا: نحن نجيء فنجلس ناحية، فذكروا ذلك لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فقالوا: إنا سادات قومك وأشرافهم، فلو أدنيتنا منك في المجلس، فهمّ أن يفعل ذلك، فأنزل اللَّه هذه الآية يعاتب نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بقوله: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ...} الآية.
وإلى هذا يذهب عامة أهل التأويل، لكنه بعيد؛ إذ ينسبون رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إلى أوحش فعل وأفحشه ما لو كان فيه إسقاط نبوته ورسالته؛ إذ لا يحتمل أن يكون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يقرب أعداءه ويدني مجلسهم منه، ويبعد الأولياء، هذا لا يفعله سفيه فضلا أن يفعله رسول اللَّه المصطفى على جميع بريته، أو يخطر بباله شيء من ذلك، وكان فيه ما يجد الكفرة فيه مطعنا يقولون: يدعو الناس إلى التوحيد والإيمان به والاتباع له، فإذا فعلوا ذلك وأجابوه طردهم وأبعد مجلسهم منه، هذا لعمري مدفوع في عقل كل عاقل، ولكن إن كان فجائز أن يكون منهم طلب ذلك طلبوا منه أن يدني مجلسهم ويبعد أُولَئِكَ؛ هذا يحتمل، وأما أن يهم أن يفعل ذلك أو خطر بباله شيء من ذلك فلا يحتمل.
وجائز أن يكون هذا من اللَّه ابتداء تأديبًا وتعليمًا؛ يعلم رسوله صحبة أصحابه ومعاملته معهم؛ كقوله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} ونهاه أن يمد عينه إلى ما متَّع أُولَئِكَ؛ كقوله: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ...} الآية، ويخبره عن عظيم قدرهم عند اللَّه.
وقد ذكرنا أن العصمة لا تمنع النهي والحظر، بل العصمة تزيد في النهي والزجر، وأخبر أن ليس عليه من حسابهم من شيء، وما من حسابك عليهم من شيء، فإنما عليك البلاغ وعليهم الإجابة؛ وهو كقوله: {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ}].
في هذا رد حديث مروي في صحيح مسلم (2413) (4/1878) في كتاب فضائل الصحابة باب فضل سعد بن أبي وقاص .

تأويل الإتيان :
وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (2/197) (4/327) :
[وقوله عَزَّ وَجَلَّ : {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ}.
على إضمار الأمر؛ كأنه قال: أو يأتي أمر ربك؛ على ما ذكر في سورة النحل: {أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ}.
ثم الأمر فيه عذاب اللَّه؛ كقوله تعالى: {فَلَمَّا جَآءَ أَمرُنَا} يعني: عذابنا؛ فعلى ذلك في هذا: أمر اللَّه عذاب اللَّه، والأصل فيما أضيف إلى اللَّه في موضع الوعيد لا يراد به الذات، ولكن يراد به نقمته وعذابه وعقوبته؛ كقوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}، لا يريد به ذاته، ولكن يريد به نقمته، وعذابه؛ كقوله: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ}، لا يريد به لقاء ذاته؛ وكذلك قوله: {وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ}، وغيرها من الآيات، لا يراد به ذاته، ولكن يراد به عذابه ونقمته.
أو نقول: إن كل شيء يراد به تعظيمه، يضاف إلى اللَّه تعالى فيراد به تعظيم ذلك الشيء، أو تعظيم عذابه ونقمته].

تأويل الاستواء :
(2/241-242) و (4/452) :
[وقال الحسن: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} أي: استوى عليه أمره، وصنعه، أي: لم يختلف عليه صنع العرش، وأمره وإن جل أمر غيره وصنعه، كقوله: {مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} على استواء الأمر في التدبير والصنع.
وقال الحسن: معناه: استولى على العرش، كما يقال، استوى فلان على بغداد، بمعنى: استولى.
وقال قوم: معناه: استوى عليه، وهو فوق كل شيء في القدرة والعظمة..].

وكلام هذا الإمام (الماتريدي) بديع جدا وغاية في الحسن وبيان تفاصيل مذهب التنزيه والتأويل.

وهذا كله يتوافق مع اتجاهنا في التأويل وعدم الذهاب إلى مذهب التفويض الباطل الفاسد المفترى على السلف ، فإن السلف كانوا يؤولون كما قدمنا ، ويتضح من هذا أيضا أن كل ما يخالف هذا المنهج عند الحنفية كبعض أقوال البياضي وملا على القاري فهي رد لا عبرة بها .