كلام الحافظ ابن الجوزي (ت597هـ) في المجسمة والمشبهة:
قال الحافظ الجهبذ ابن الجوزي الحنبلي في "تلبيس إبليس" ص (79):
[ومن الواقفين مَعَ الحس أقوام قالوا هو عَلَى العرش بذاته عَلَى وجه المماسة، فَإِذَا نزل انتقل وتحرك، وجعلوا لذاته نهاية، وهؤلاء قد أوجبوا عَلَيْهِ المساحة والمقدار، واستدلوا عَلَى أنه عَلَى العرش بذاته بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: "ينزل اللَّه إِلَى سماء الدنيا" قالوا ولا ينزل إلا من هو فوق، وهؤلاء حملوا نزوله عَلَى الأمر الحسي الذي يوصف به الأجسام وهؤلاء المشبهة الذين حملوا الصفات عَلَى مقتضى الحس، وَقَدْ ذكرنا جمهور كلامهم فِي كتابنا المسمى (بمنهاج الوصول إِلَى علم الأصول) وربما تخيل بعض المشبهة فِي رؤية الحق يوم القيامة لما يراه فِي الأشخاص فيمثله شخصا ي... ويسمع فِي الحديث أنه يدني عبده المؤمن إليه فيخايل القرب الذاتي كَمَا يجالس الجنس وهذا كله جهل بالموصوف، ومن الناس من يَقُول لله وجه هو صفة زائدة عَلَى صفة ذاته لقوله عز وجل: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}. وله يد وله أصبع لقول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: "يضع السموات عَلَى أصبع". وله قدم إِلَى غير ذلك مما تضمنته الأخبار، وهذا كله إنما استخرجوه من مفهوم الحس، وإنما الصواب قراءة الآيات والأحاديث من غير تفسير ولا كلام فيها، وما يؤمن هؤلاء أن يكون المراد بالوجه الذات لا أنه صفة زائدة وعلى هَذَا فسر الآية المحققون، فقالوا: ويبقى ربك، وقالوا فِي قوله {يُرِيدُونَ وجهه}: يريدونه، وما يؤمنهم أن يكون أراد بقوله قلوب العباد بين إصبعين أن الأصبع لما كانت هي المقبلة للشيء وأن مَا بين الإصبعين يتصرف فيه صاحبها كيف شاء ذكر ذلك لا أن ثم صفة زائدة].
فابن الجوزي يؤول وينقل ذلك عن المحققين ويسكتهم بقوله (من غير تفسير)! مع أنه لا يقول بذلك!
وقال ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" ص (104):
[قلت: فانظروا إِلَى هاتين الفضيحتين فضيحة الجهل وفضيحة الإقدام عَلَى الفتوى بمثل هَذَا التخليط. واعلم أن عموم المحدثين حملوا ظاهر مَا تعلق من صفات الباري سبحانه عَلَى مقتضى الحس فشبهوا لأنهم لم يخالطوا الفقهاء فيعرفوا حمل المتشابه عَلَى مقتضى المحكم، وَقَدْ رأينا فِي زماننا من يجمع الكتب منهم ويكثر السماع ولا يفهم مَا حصل، ومنهم مَنْ لا يحفظ القرآن ولا يعرف أركان الصلاة،...].
وقال ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" ص (104):
[وتارة يلبس إبليس عَلَى العوام عند سماع صفات اللَّه عز وجل فيحملونها عَلَى مقتضى الحس، فيعتقدون التشبيه، وتارة يلبس عليهم من جهة العصبية للمذاهب فترى العامي يلاعن ويقاتل فِي أمر لا يعرف حقيقته].
لله درك يا ابن الجوزي!
كلام الحافظ ابن الجوزي (ت597هـ) في المجسمة والمشبهة:
مسائل وقضايا التوحيد والإيمان
-
- مشاركات: 777
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm
العودة إلى ”مسائل وقضايا التوحيد والإيمان“
الانتقال إلى
- القرآن الكريم وتفسيره
- ↲ تفسير آية أو آيات كريمة
- ↲ أبحاث في التفسير وعلوم القرآن الكريم
- الحديث النبوي الشريف وعلومه
- ↲ قواعد المصطلح وعلوم الحديث
- ↲ تخريج أحاديث وبيان مدى صحتها
- ↲ شرح الحديث
- ↲ التراجم والرجال: الصحابة والعلماء وغيرهم
- ↲ أحاديث العقائد
- العقائد والتوحيد والإيمان
- ↲ القواعد والأصول العقائدية
- ↲ مسائل وقضايا التوحيد والإيمان
- ↲ أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم
- ↲ قضايا ومسائل لغوية تتعلق بالعقائد
- ↲ الفرق والمذاهب وما يتعلق بها
- ↲ عرض عقائد المجسمة والمشبهة والرد عليها
- التاريخ والسيرة والتراجم
- ↲ السيرة النبوية
- ↲ قضايا تاريخية
- ↲ سير أعلام مرتبطة بالتاريخ والأحداث السياسية الغابرة
- ↲ معاوية والأمويون والعباسيون
- الفكر والمنهج والردود
- ↲ توجيهات وتصحيح لأفكار طلبة العلم والمنصفين من المشايخ
- ↲ الردود على المخالفين
- ↲ مناهضة الفكر التكفيري والرد على منهجهم وأفكارهم
- ↲ أسئلة وأجوبة عامة
- الفقه وأصوله
- ↲ القواعد الأصولية الفقهية
- ↲ مسائل فقهية عامة
- ↲ المذهب الحنفي
- ↲ المذهب المالكي
- ↲ المذهب الشافعي
- ↲ المذهب الحنبلي
- علوم اللغة العربية
- ↲ النحو والصرف
- ↲ مسائل لغوية ومعاني كلمات وعبارات
- الكتب الإلكترونية
- ↲ كتب العلامة المحدث الكوثري
- ↲ كتب السادة المحدثين الغماريين
- ↲ كتب السيد المحدث حسن السقاف
- ↲ كتب مجموعة من العلماء
- المرئيات
- ↲ العقيدة والتوحيد: شرح متن العقيدة والتوحيد