صفحة 1 من 1

ما روي عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في الرؤية باطل لا يصح:

مرسل: السبت نوفمبر 16, 2024 3:02 pm
بواسطة عود الخيزران
ما روي عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في الرؤية باطل لا يصح:

وأكثر ما يروى عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في العقائد لا يصح وهو من جملة الأكاذيب:

ما يرويه البيهقي والخطيب البغدادي وغيرهما وما يُتَداول في بعض الكتب من أقوالٍ عن الأئمة الكبار المنزهين البعيدين عن التجسيم والتشبيه خاضع للدراسة والتمحيص والبحث العلمي بدراسة أسانيد تلك الأقوال ومتونها والنظر الفاحص فيها مع مقارنة ذلك بحياة الإمام والظروف السياسية والاجتماعية والبيئية وغير ذلك التي كانت تحيط به وما يُعرف عنه من مواقف وآثار مؤثرة في حياته:

ومن ذلك ما روي عن الإمام الشافعي من أقوال في قضايا اعتقادية ومواقف مثل تكفيره لحفص الفرد وغير ذلك وكلها أكاذيب لا تثبت كما مر من ذلك ما يتعلق بحفص الفرد في مقالات سابقة، فلا بد من دراسة أسانيد كل تلك الأقوال! والخروج بالنتائج الواضحة الجلية! وكما قال عبد الله ابن المبارك رحمه الله تعالى: (لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء)!

وكنت قد كتبت في تعليقاتي على كتاب "العلو" للذهبي نقداً وفوائد علمية على ما أورده الذهبي من أقوال عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى وبينت أنها لا تصح وأسانيدها متهافتة واهية!

ومما لم أذكره هناك لأن الذهبي لم يذكره بعض أقوال للإمام الشافعي في الرؤية هي من باب الخرافات الممجوجة التي لا بد أن ألحقها بالتعليقات هنالك وأبين هنا مثالاً عليها لعلي فيما بعد أن أعرض جميع ما وقفت عليه في ذلك لئلا يغتر به طلبة العلم! لا سيما وقد رأيت من أصحابنا وبني جلدتنا الشافعية وكذا الأشاعرة من يوردون بعض تلك الأقوال وهم لا يعرفون ولا يدركون أنها أقوال باطلة لا تصح ولا يجوز أن تروى عن هذا الإمام الفذ المنزه لله تعالى الذي هو في صف آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! والذي درس على جماعة من العدلية مثل شيخه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الذي وصفه المحدثون بأنه (جهمي قدري رافضي كل بلاء فيه) مع أن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى كان يجله وكان عندما يروي عنه يقول: (حدثنا الثقة)!!

وها أنا ذا أعرض عليكم نموذجاً من بعض ما روي عن الإمام الشافعي مما لا يصح بل هو من جملة الخرافات (المفبركة) المصنوعة على ذلك الإمام:

قال البيهقي في "مناقب الشافعي" (1/419):
[أنبأني أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المُفَسِّر رحمه الله، إجازة، قال: سمعت أبا علي الحسن بن أحمد الخياط النَّسوِي بها يقول: سمعت أبا نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجُرْجَاني (320هـ) يقول: سمعت الربيع بن سليمان (الجيزي 256هـ والمرادي 270هـ) يقول: كنت ذات يوم عند الشافعي، رحمه الله، وجاءه كتاب من الصَّعِيد – وهو اسم موضع – يسألونه عن قول الله جل ذكره: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} فكتب فيه: لَمَّا حجب الله قوماً بالسخط دلّ على أن قوماً يرونه بالرّضا. قال الربيع: قلت له: أَوَتَدِينُ بهذا يا سيدي؟ فقال: والله لو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى ربه في المعاد لما عبده في الدنيا].

أقول: هذا من الأكاذيب على الإمام وهذا بيان عدم صحة هذا النقل عن الإمام الشافعي:

أما أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر:
فقال الذهبي في "الضعفاء" (1474): [الحسن بن محمد بن حبيب أبو القاسم المفسر، صاحب الأصم وهَّاهُ الحاكم في رقعة بخطه]. أي هو واهٍ.
وفي "طبقات المفسرين" للداوودي (1/46) و"الوافي بالوفيات" للصفدي (4/202): [قال السمعاني: كان أولاً كراميَّ المذهب ثم تحول شافعياً]. والكرَّامي هو المجسم من أتباع محمد بن كرام السجستاني.
وهذا وحده كاف في إسقاط هذه الرواية التي رويت أيضاً بالإجازة، وليست بالسماع والتحديث، مع وهاء الراوي لها! وقولهم (واهٍ) هو من أحط ألفاظ الجرح!

وأما شيخ هذا الراوي الأول في السند فهو: (أبو علي الحسن بن أحمد الخياط النَّسوِي): وهو مجهول لم نقف على ترجمة له!
وذكر السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (2/81) بدله اسمه اسماً آخر وهو: الحسن بن أحمد الفسوي، والظاهر أنه خطأ ولا يُعرف بهذا الاسم إلا أبو علي الفارسي النحوي اللغوي واسمه: (الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفسوي) وقد جاء في ترجمته في "بغية الطلب في تاريخ حلب" (2/369):
[وذكر أبو حيان التوحيدي أنه: كان يشرب ويتخالع ويفارق هدى أهل العلم].

فهذان الراويان يجعلان هذا المروي عن هذا الإمام من جملة الأكاذيب التي طالما سعى الساعون من المجسمة أن يلصقوها بالشافعي رحمه الله تعالى.

وما يرويه البيهقي أو الخطيب أو غيرهما حتى عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله – فضلاً عن الإمام الشافعي – فيه الصحيح والضعيف والموضوع ولا بد أن يفحص ويدرس!

فقد أدخل المجسمة على العشاري عقيدة للشافعي فحدث بها وكان مغفلا فرووها عنه وهي عقيدة مكذوبة وقد نص على ذلك المحققون من الحفاظ والناقدون من المحدثين! وإليكم توثيق بعض ذلك:

قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (5/301) نقلاً عن الذهبي من "الميزان" (3/656) في ترجمة العشاري:

[أدخلوا عليه -أي العشاري- أشياء فحدّث بها بسلامة باطن، منها: حديث موضوع في فضل ليلة عاشوراء، ومنها عقيدة للشافعي...]اهـ.

قلت: وهذا العشاري في سند عقيدة الشافعي التي يرويها الهكّاري الوضاع والمقدسي المجسم، وكذلك في سندها ابن كادش الوضاع أيضاً!

قال الإمام المحدث الكوثري رضي الله عنه في "تبديد الظلام المخيم من نونية ابن القيم" ص (108):
[واعتقاد الشافعي المذكور في ثَبَتْ الكوراني كذب موضوع مروي بطريق العشاري وابن كادش].

وبهذا يتم إسقاط ما احتج به المجسمه من تأييد الإمام الشافعي لآرائهم الفاسدة ولله تعالى الحمد.

ووصية الشافعي الحقيقية موجودة في كتاب :مناقب الشافعي" للحافظ البيهقي وليس فيها شيء من عقائد التوحيد هذه التي يدعو إليها هؤلاء المجسمة! انظر كتاب مناقب الإمام الشافعي للحافظ البيهقي طبعة مكتبة دار التراث /القاهرة، بتحقيق السيد أحمد صقر، الطبعة الأولى 1970م [المقدمة ص27و33و34 و(1/250) ونصها: (2/288)].

وليكن طلبة العلم الصادقون ومن أراد معرفة الحقيقة على بال من هذا، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.