توهين الحافظ البيهقي لحديث الجارية بلفظ (أين الله) وتصويبه لرواية (أتشهدين..):
مرسل: الاثنين نوفمبر 18, 2024 11:46 am
قال البيهقي في "مناقب الشافعي" (1/396):
[قلت: وأما حديث (معاوية بن الحكم) فقد خالفه (عبيد الله) في لفظ الحديث، وهو وإن كان مُرْسَلاً، فرواته أفقه. ووافقه (الشريد بن سويد الثقفي) مرسلاً، وروي عن عون بن عبد الله بن عتبة عن أبيه.
واختلف عليه في إسناده ومتنه، وهو إن صح فكأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاطبها على قدر معرفتها؛ فإنها وأمثالها قبل الإسلام كانوا يعتقدون في الأوثان أنها آلهة في الأرض، فأراد أن يعرف إيمانها، فقال لها: أين الله؟ حتى إذا أشارت إلى الأصنام عرف أنها غير مؤمنة، فلما قالت: في السماء، عرف أنها برئت من الأوثان، وأنها مؤمنة بالله الذي في السماء إله وفي الأرض إله، أو أشار وأشارت إلى ظاهر ما ورد به الكتاب].
فالبيهقي كما ترى يقول: إن صح حديث معاوية بن الحكم بلفظ (أين الله) و (في السماء) فالمراد به كذا وكذا وهو تأويل حسن، لكنه لم يصح عندنا وعنده!
أما حديث (عبيد الله) الذي أشار إليه فهو ما رواه مالك في الموطأ (1270) عبد الرزاق في المصنف (9/175) وعنه أحمد المسند (3/451) من طريق:
[.. ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَإِنْ كُنْتَ تَرَاهَا مُؤْمِنَةً أُعْتِقُهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتِقْهَا].
قال ابن كثير في "تفسيره" (1/710): [وهذا إسناد صحيح وجهالة الصحابي لا تضره].
وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (1/444) في ترجمة معاوية بن الحكم السلمي:
[كان ينزل المدينة ويسكن في بني سليم... ومعاوية بن الحكم هذا معدود في أهل المدينة].
قلت: وأهل المدينة أصلاً هم الأنصار.
وأما حديث (الشريد بن سويد) فقد رواه أحمد (4/222) والنسائي (3593) وابن حبان في صحيحه (1/418) بلفظ:
[.. قال عندي جارية سوداء أو نوبية فأعتقها؟ فقال: (ائت بها) فدعوتها فجاءت فقال لها: (مَنْ ربك؟) قالت: الله. قال: (مَنْ أنا؟) فقالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال: (اعتقها فإنها مؤمنة)].
قال المعلق على مسند أحمد وصحيح ابن حبان: إسناده حسن. وحسنه الألباني المتناقض في صحيح النسائي.
ولحديث الشريد لفظ آخر (أتشهدين) كما تقدم في المقال السابق وهو ما رواه الدارمي في سننه (2242) فقال:
[أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ الشَّرِيدِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّ عَلَى أُمِّي رَقَبَةً وَإِنَّ عِنْدِي جَارِيَةً سَوْدَاءَ نُوبِيَّةً أَفَتُجْزِئُ عَنْهَا؟ قَالَ: (ادْعُ بِهَا). فَقَالَ: (أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟) قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: (أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ)].
فالألفاظ الصحيحة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله تنص على أنه قال لها (أتشهدين أن لا إله إلا الله) أو (من ربك) وأرجحها الموافق لجميع أحوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو دعوته الناس إلى الشهادة في أحاديث كثيرة جداً.
وهذا عندنا يجعل حديث معاوية بن الحكم بلفظ (أين الله) من البواطيل المردودة.
وفي سند رواية (أين الله): (هلال بن أبي ميمونة) وهو: هلال بن علي بن أسامة، قال الحافظ المزي في ترجمته في "تهذيب الكمال" (30/344) ما نصه:
[قال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه. وقال النسائي: ليس به بأس].
قال الذهبي في "السير" (6/360): [قلت: قد علمت بالاستقراء التام أنَّ أبا حاتم الرازي إذا قال في رجل يُكْتَب حديثه أنه عنده ليس بحجة].
وفي كتاب "الجرح والتعديل" (6/109): أنَّ الشيخ هو: ضعيف الحديث.
فهلال ضعيف عند أبي حاتم فلا يجوز للعاقل بعد كل هذه أن يزعم أن أهل الحديث اتفقوا على صحة حديث (أين الله)!
وعلى كل حال فالحديث مردود عندنا والسلام.
[قلت: وأما حديث (معاوية بن الحكم) فقد خالفه (عبيد الله) في لفظ الحديث، وهو وإن كان مُرْسَلاً، فرواته أفقه. ووافقه (الشريد بن سويد الثقفي) مرسلاً، وروي عن عون بن عبد الله بن عتبة عن أبيه.
واختلف عليه في إسناده ومتنه، وهو إن صح فكأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاطبها على قدر معرفتها؛ فإنها وأمثالها قبل الإسلام كانوا يعتقدون في الأوثان أنها آلهة في الأرض، فأراد أن يعرف إيمانها، فقال لها: أين الله؟ حتى إذا أشارت إلى الأصنام عرف أنها غير مؤمنة، فلما قالت: في السماء، عرف أنها برئت من الأوثان، وأنها مؤمنة بالله الذي في السماء إله وفي الأرض إله، أو أشار وأشارت إلى ظاهر ما ورد به الكتاب].
فالبيهقي كما ترى يقول: إن صح حديث معاوية بن الحكم بلفظ (أين الله) و (في السماء) فالمراد به كذا وكذا وهو تأويل حسن، لكنه لم يصح عندنا وعنده!
أما حديث (عبيد الله) الذي أشار إليه فهو ما رواه مالك في الموطأ (1270) عبد الرزاق في المصنف (9/175) وعنه أحمد المسند (3/451) من طريق:
[.. ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَإِنْ كُنْتَ تَرَاهَا مُؤْمِنَةً أُعْتِقُهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتِقْهَا].
قال ابن كثير في "تفسيره" (1/710): [وهذا إسناد صحيح وجهالة الصحابي لا تضره].
وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (1/444) في ترجمة معاوية بن الحكم السلمي:
[كان ينزل المدينة ويسكن في بني سليم... ومعاوية بن الحكم هذا معدود في أهل المدينة].
قلت: وأهل المدينة أصلاً هم الأنصار.
وأما حديث (الشريد بن سويد) فقد رواه أحمد (4/222) والنسائي (3593) وابن حبان في صحيحه (1/418) بلفظ:
[.. قال عندي جارية سوداء أو نوبية فأعتقها؟ فقال: (ائت بها) فدعوتها فجاءت فقال لها: (مَنْ ربك؟) قالت: الله. قال: (مَنْ أنا؟) فقالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال: (اعتقها فإنها مؤمنة)].
قال المعلق على مسند أحمد وصحيح ابن حبان: إسناده حسن. وحسنه الألباني المتناقض في صحيح النسائي.
ولحديث الشريد لفظ آخر (أتشهدين) كما تقدم في المقال السابق وهو ما رواه الدارمي في سننه (2242) فقال:
[أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ الشَّرِيدِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّ عَلَى أُمِّي رَقَبَةً وَإِنَّ عِنْدِي جَارِيَةً سَوْدَاءَ نُوبِيَّةً أَفَتُجْزِئُ عَنْهَا؟ قَالَ: (ادْعُ بِهَا). فَقَالَ: (أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟) قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: (أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ)].
فالألفاظ الصحيحة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله تنص على أنه قال لها (أتشهدين أن لا إله إلا الله) أو (من ربك) وأرجحها الموافق لجميع أحوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو دعوته الناس إلى الشهادة في أحاديث كثيرة جداً.
وهذا عندنا يجعل حديث معاوية بن الحكم بلفظ (أين الله) من البواطيل المردودة.
وفي سند رواية (أين الله): (هلال بن أبي ميمونة) وهو: هلال بن علي بن أسامة، قال الحافظ المزي في ترجمته في "تهذيب الكمال" (30/344) ما نصه:
[قال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه. وقال النسائي: ليس به بأس].
قال الذهبي في "السير" (6/360): [قلت: قد علمت بالاستقراء التام أنَّ أبا حاتم الرازي إذا قال في رجل يُكْتَب حديثه أنه عنده ليس بحجة].
وفي كتاب "الجرح والتعديل" (6/109): أنَّ الشيخ هو: ضعيف الحديث.
فهلال ضعيف عند أبي حاتم فلا يجوز للعاقل بعد كل هذه أن يزعم أن أهل الحديث اتفقوا على صحة حديث (أين الله)!
وعلى كل حال فالحديث مردود عندنا والسلام.