صفحة 1 من 1

تخريج حديث: (أنت ومالك لأبيك):

مرسل: الاثنين نوفمبر 18, 2024 11:53 am
بواسطة عود الخيزران
تخريج حديث: (أنت ومالك لأبيك):

روى البيهقي في كتابه: "السنن الكبرى" (7/480): بإسناده عن: [الربيع بن سليمان، أنا الشافعي، أنا ابن عيينة، عن محمد بن المنكدر، أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
يا رسول الله إن لي مالاً وعيالاً وإن لأبي مالاً وعيالاً يريد أن يأخذ مالي فيطعمه عياله! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
((أنت ومالك لأبيك))]
قال البيهقي عقبه: [هذا منقطع وقد روي موصولاً من أوجه أخر ولا يثبت مثلها].

ورواه ابن حبان في صحيحه (2/142) و (10/74) وقال عقبه:
[قال أبو حاتم: معناه أنه صلى الله عليه وآله وسلم زجر عن معاملته أباه بما يعامل به الأجنبيين وأمر ببره والرفق به في القول والفعل معاً إلى أن يصل إليه ماله فقال له: (أنت ومالك لأبيك) لا أن مال الابن يملكه الأب في حياته من غير طيب نفس من الابن به].
والعجيب أن محقق ابن حبان صححه في الموضع الأول وضعفه في الموضع الثاني والإسناد هو هو.

وقال البيهقي في معرفة السنن الآثار (1/57):
[قال الشافعي: ومحمد بن المنكدر غاية في الثقة، والفضل في الدين والورع، ولكنا لا ندري عمن قبل هذا الحديث. قال الشيخ أحمد (البيهقي): وقد رواه بعض الناس موصولاً بذكر جابر فيه وهو خطأ. وقوله: إن لأبي مالاً، ليس في رواية من وصل هذا الحديث من طريق آخر عن عائشة، ولا في أكثر الروايات عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. والله أعلم].

وقد أورد الحديث ابن أبي حاتم في كتاب "علل الحديث" (1/466و469و472).
وهو معارض لنص القرآن، ومن ذلك:
أن الله تعالى جعل للأب من ميراث ابنه سهماً أو جزءاً معلوماً، فلو كان مال الابن للأب فإن الأب يضع يده على مال ابنه المتوفى ويقول هو لي وليس لأحد أن يرثه، قال تعالى: {..وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ..} النساء:11.
فدل هذا على أن الأب لا يملك مال ابنه لا يملك المال.

قال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} النساء:4، وهو عام للزوج والولي ولكل أحد، فقد جعل الله تعالى المرأة مالكة لصداقها أي مهرها فليس لأحد أن يتصرَّف فيه لأنه حقهنَّ الشرعي بنص كتاب الله تعالى، إلا إذا وهبت منه شيئاً لمن تريد كزوجها أو أبيها أو غيرهم!

وعلى فرض ثبوت الحديث أوله الإمام الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/158) فقال:
[فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَا كَسَبَهُ الِابْنُ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لِأَبِيهِ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: مَا كَسَبَ الِابْنُ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً دُونَ أَبِيهِ. وَقَالُوا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم هَذَا لَيْسَ عَلَى التَّمْلِيكِ مِنْهُ لِلْأَبِ كَسْبُ الِابْنِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلِابْنِ أَنْ يُخَالِفَ الْأَبَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَنْ تَجْعَلَ أَمْرَهُ فِيهِ نَافِذًا كَأَمْرِهِ فِيمَا يَمْلِكُ. أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» فَلَمْ يَكُنِ الِابْنُ مَمْلُوكًا لِأَبِيهِ بِإِضَافَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم إِيَّاهُ فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ مَالِكًا لِمَالِهِ بِإِضَافَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ].
والله تعالى أعلم.