الرد العلمي الحديثي الموثق على من ضعف رواية عبد الله بن بريدة في شرب معاوية للمحرَّم واعترض على ذلك- بقلم حسن السقاف -

مناهضة الفكر التكفيري والرد على منهجهم وأفكارهم
أضف رد جديد
cisayman3
مشاركات: 300
اشترك في: السبت نوفمبر 11, 2023 8:00 pm

الرد العلمي الحديثي الموثق على من ضعف رواية عبد الله بن بريدة في شرب معاوية للمحرَّم واعترض على ذلك- بقلم حسن السقاف -

مشاركة بواسطة cisayman3 »

نقل لي أحدهم عن الوهابي المتمسلف "أبو عمر" الذي هو (الشيخ محمد زياد عمر تكلة) – وهو من جملة المجاهيل الذين لم نسمع عنهم من قبل -: أن القصة التي رواها أحمد بن حنبل في المسند بسنده الصحيح عن عبد الله بن بريدة في شرب معاوية الشراب الذي حرمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليست صحيحة.
هكذا زعم (الشيخ تكلة)!!
وتعليله لهذه الرواية يدلنا على الجهل والتعصب! ولكشف هذه المحاولة الفاشلة من (التكلة) في تضعيف هذه الرواية نقول:
لا بد لمن أن أراد أن يصحح ويضعف ويعترض أن يكون واسع النظر مطلعاً متمكناً من قواعد هذا الفن، عنده بُعْدُ نظر للأمور يستطيع أن يدرك ما يحتف ويتعلق بالرواية دراية ورواية، فاهماً لقول الحفاظ والمحدثين وأهل الأثر، وليس سطحياً يقتصر على نقل الحكم في الرجل من التقريب أو نحوه وإنما متبحراً في هذه الصناعة، وسنبين لكم نموذجاً من ذلك في هذا الجواب الحديثي وبالله تعالى التوفيق:
أولاً:
زعم (هذا المضعِّف) أن إسناد رواية عبد الله بن بريدة في شرب معاوية الخمر (أو الشراب المحرم) التي رواها أحمد بن حنبل ضعيف لا يصح من جوانب:
1- قال: (فلو فحصنا حال حسين بن واقد لعلمنا أن الإمام ابن حجر العسقلاني قال عنه: ثقة له أوهام).
والجواب على هذا: أن هذا الحكم على هذا الراوي منقول من تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر، وهذا القول ليس فيه ما يضعف الرجل في هذه الرواية لأمور:
أ- أن ابن حجر نص على أنه ثقة، ولا يكاد يخلو ثقة من أوهام.
ب- أن الأوهام والمنكرات وقعت من جهة روايته عن أبي المنيب وعن أيوب، أما روايته عن ابن بريدة فليست من المنكرات ولا هي من الأوهام. كما تجد ذلك في ترجمته في (تهذيب الكمال للمزي) (6/494) و (تهذيب التهذيب) للحافظ ابن حجر (2/321).
ج- وفي الكتابين المذكورين للحافظ المزي وللحافظ ابن حجر:
قال ابن معين: ثقة.
وقال ابن المبارك: ومن لنا مثل الحسين.
وقال الأثرم عن أحمد: ليس به بأس وأثنى عليه.
وقال الذهبي في الكاشف (1115): قال ابن المبارك: مَنْ مثله ووثقه ابن معين وغيره.
وقال في سير أعلام النبلاء (7/104): "حسين بن واقد الإمام الكبير قاضي مرو وشيخها أبو عبد الله القرشي".
وهو ثقة من رجال صحيح مسلم.
وبعد هذا كله يريد أن يضعف رواية هذا الإمام الثقة عن عبد الله بن بريدة وهو من رجال مسلم، وأحاديثع عنه في صحيح مسلم!
وما نقله هذا المضعف من حواشي تهذيب المزي حيث قال:
[وقال الحافظ المِزِّيُّ: (قال عبد الله قال أبي (أحمد بن حنبل): عبد الله بن بريدة الذي روى عنه حسين بن واقد, ما أنكَرَهَا). وقال المزيُّ بعدها: (وأبو المنيب أيضا يقول: كأنها من قبل هؤلاء)]. يزهق هذا ثناء أحمد عنه في رواية الأثرم وتوثيق كبار الحفاظ له ومنهم ابن المبارك وابن معين، مع ورواية مسلم له في الصحيح، تجعل ما نقلوه من حواشي تهذيب المزي أدراج الرياح.
[فائدة]: وزيادة في العلم نقول: إن هذا المنقول عن أحمد بن حنبل اضطرب الرواة في حكايته عنه ـ مع أنه لا قيمة له ـ فرواه الميموني عن أحمد بلفظ:
قال الميموني: سألته - يعني أحمد بن حنبل - عن ابني بريدة؟ فقال: (سليمان أحلا في القلب، وكأنه أصحهما حديثاً، وعبد الله له أشياء كأنا ننكرها من حُسْنها، وهو جائز الحديث).
وهذا يؤكد أن ما نقل عنه في الطعن بالحسين بن واقد مردود.
ويزيد هذا تأكيداً ما قاله الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري ص (390) عن راو هناك: (قلت احتج به الأئمة كلهم، وأحمد وغيره يطلقون المناكير على الأفراد المطلقة).
يعني عندما يقول أحمد له مناكير أو نحو هذا لا يقصدون التضعيف وإنما يقصدون أن له أفراد.
2- ثم قال (المضعف): (ولو فحصنا حال زيد بن الحُباب لعلمنا أن الإمام أحمد بن حنبل يقول عنه: "كان صدوقاً، ولكن كان كثير الخطأ". وقال عنه الذهبي: "لم يكن به بأس, وقد يَهِم").
والجواب على هذا: أنهم دلس فحاول إخفاء الحقائق! فكلامه خطأ للتالي:
أ- أنه تحايد قول ابن حجر في التقريب هذه المرة لأنه ليس في صالحه وهو يزهق تدليساته! فالحافظ ابن حجر قال في التقريب (2124): (وهو صدوق يخطىء في حديث الثوري).
وهذا مما لم يروه زيد بن الحباب عن الثوري، فهو لا غبار عليه.
ب- وقد وثقه جماعة من الأئمة:
قال ابن معين: ثقة.
وقال علي بن المديني: ثقة.
وقال العجلي: ثقة.
وقال عبيد الله القواريري: كان ذكياً حافظاً عالماً لما يسمع.
وقال ابن خلفون: وثقه أبو جعفر السبتي وأحمد بن صالح وزاد: وكان معروفاً بالحديث صدوقاً.
وقال ابن ماكولا والدارقطني وعثمان بن شيبة: ثقة.
وفصل القول فيه ابن عدي في الكامل (3/209) فقال: له حديث كثير وهو من أثبات مشائخ الكوفة ممن لا يشك في صدقه، والذي قاله بن معين عن أحاديثه عن الثوري إنما له أحاديث عن الثوري يستغرب بذلك الإسناد وبعضها ينفرد برفعه، والباقي عن الثوري وغير الثوري مستقيمة كلها.
ثم أقول: هو من رجال مسلم في الصحيح.
ثم قد ذكر ابن عساكر في تاريخه (27/127) إسناداً آخر للقصة ليس فيه زيد بن الحباب.
فبعد هذا يفهم العقلاء أن ما قاله (المضعف) وحاول أن يدلس به على المنخدعين به غير صحيح، وأن حديث ابن بريدة في شرب معاوية المحرم صحيح ثابت لا غبار عليه.
ثانياً:
وقول (المضعف): (والحافظ ابن حجر الهيثمي يستنكر هذه الزيادة في كتابه مجمع الزوائد).
أقول: يعنون بالزيادة عبارة (ما شربته منذ حرمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).
وهو لا يعرف أن مجمع الزوائد للحافظ نور الدين الهيثمي، فيقول لابن حجر الهيثمي، ولا يوجد من اسمه الحافظ ابن حجر الهيثمي بالمثلثة، فتأملوا كيف يتفلسف المتطاولون على مخالفيهم.
وأما ابن حجر الهيتمي بالتاء المثناة فهو الفقيه الشافعي وليس صاحب مجمع الزوائد.
وللجواب على ترك الحافظ نور الهيثمي لهذه الجملة نقول:
أولاً: تَرْكُ الحافظ نور الدين الهيثمي (الذي ظنه المضعف ابن حجر الهيثمي) في مجمع الزوائد لجملة (مَا شَرِبْتُهُ مُنْذُ حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لا يدل على تضعيف الهيثمي لها بل يدل على أنه استفظعها على معاوية فترك ذكرها وهي صحيحة لأمور:
أ- لا قيمة لترك الهيثمي لها وهو من أهل القرن الثامن الهجري وبعيد عن عصر الرواية الحقيقي، والتمسك بتركه هو تمسك فاشل بخيط عنكبوت، وذلك لأنه الهيثمي صحح الحديث وقال: (رجاله رجال الصحيح) ولم ينص على أن هذه الجملة منكرة أو أن الإسناد ضعيف كما يحاول أن يموه (هؤلاء) ولا قال إنها مردودة، وإنما ترك ذكرها، لأمر خاص به. وعادة الحفاظ كما هو معلوم أنهم إذا وجدوا شيئاً منكراً أو غير ثابت ينصون عليه بالرد والنكارة والهيثمي لم يستجر أن يفعل هذا.
ب- أن الحافظ ابن حجر العسقلاني وهو قرين الحافظ نور الدين الهيثمي ومعاصره لم يترك هذه الزيادة بل ذكرها في كتابه (أطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي) برقم (1248).
ج- وكذلك الحافظ الذهبي كذلك لم يترك هذه الجملة ولا استنكرها في (سير أعلام النبلاء) (9/54)، ولا في (تاريخ الإسلام) (7/394).
د- قال العلامة أحمد البنا في التعليق على مسند أحمد المسمى (الفتح الرباني) (17/115): [(قلت) الذى تركه هو قوله (ثم قال ما شربتة منذ حرمة رسول الله صلى الله علية وسلم) ولا أدرى ما المسوّغ لترك هذة الجملة مع انها ثابتة فى الحديث].
فالهيثمي لم يقل بأن هذه الجملة ضعيفة ولا منكرة وإنما ترك ذكرها لاستشناعها عنده! وادعاء أنه ضعفها وحكم بنكارتها من جملة الأكاذيب على الهيثمي، ولو ضعفها لرددنا عليه ذلك بالأدلة التي نذكرها.
ثالثاً:
وقول من قال بأننا لم نذكر تمام الحديث الذي فيه ذكر اللبن وهذا تدليس وخيانة. فجوابه من أوجه:
أ- أن هذا ليس تدليساً كما زعمتم وذلك لأن شرب معاوية للخمر كان في تلك الجلسة، والكلام عن شرب اللبن كان قبل ذلك. وإيراد الهيثمي لها في باب شرب اللبن لا ينفي شرب الخمر لأن هناك ذِكراً للبن في القصة حاول معاوية أن يموِّه به.
ب- أن أئمة المحدثين والحفاظ ومنهم البخاري كثيراً ما يذكرون موضع الشاهد من الحديث في الأبواب وغيرها ولا يذكرون الحديث بتمامه.
ج- أن الحافظ ابن حجر نقل هذا الحديث بالذات في كتابه (اتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة) (2/597) ولم يذكر فيه (اللبن) ولم تكن هذه خيانة ولا تدليساً من الحافظ ابن حجر! وهذا نص ابن حجر هناك:
[حديث (حم): دخلت أنا وأبي على معاوية، فأجلسنا على الفرش، ثم أتينا بالطعام فأكلنا، ثم أتينا بالشراب، فشرب معاوية، ثم قال: كنت أجمل شباب قريش... فذكر قصة.
قال أحمد: ثنا زيد بن الحباب، حدثني حسين بن واقد، حدثني عبد الله بن بريدة، به].
فكيف إذا انضاف لذلك أن معاوية كان يتاجر بالخمر أيضاً، وكذلك صديقه سمرة كان يتاجر بها، وابنه يزيد كان يفعل المنكر ويشرب المسكر كما يقول الذهبي، وخادمهم ممتثل أمرهم وحشي كان مغرماً بشربها كما في ترجمته في التهذيب! فلا يستبعد ولا يستغرب من معاوية ما ذكرناه.
ثم إن اللبن لا يطلق عليه (الشراب) وإن كان مما يشرب، وتدل على ذلك معاجم اللغة:
قال ابن سيده في كتاب "المحكم" (9/170): (والنَّأْطَلُ: مُكيالُ الشَّرابِ واللَّبَنِ).
ومنه يتبين أن الشراب غير اللبن.
وقال الخليل بن أحمد في كتاب العين (5/309): (والسُّكْر ثلاثة: سُكْرُ الشّراب وسُكْرُ المال وسُكْرُ السُّلْطان).
بقيت رواية ابن أبي شيبة للقصة وهي رواية لا تنفي ما تقرر في رواية أحمد، لأن رواية أحمد زيادة ثقة وهي مقبولة عند الحفاظ،
وهناك عوامل أخرى عند ابن أبي شيبة جعلته يروي هذا ببعض تصرّف خوفاً من المتوكل الذي أمره برواية الأحاديث في الرؤية والصفات كما هو مشهور ومعلوم. فابن أبي شيبة استقدمه المتوكل العباسي ليحدث في سامراء بما يروق للمتوكل وكان المتوكل ناصبياً عدواً للعترة، هدم قبر سيدنا الحسين عليه السلام سيد شباب أهل الجنة ومنع الناس من انتيابه، لذا قال الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (12/35): [وفي سنة ستٍ وثلاثين ـ أي سنة 236هـ ـ هدم المتوكل قبر الحسين رضي الله عنه، فقال البساميُّ أبياتاً منها:
أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا في قتلــه فتتبعـــوه رميمــــــاً
وكان المتوكل فيه نصب وانحراف، فهدم هذا المكان وما حوله من الدور، وأمر أن يُزْرَعَ ومنع الناس من انتيابه].
فالظاهر أن ابن أبي شيبة أخفى تلك الجملة من الحديث وعمَّى عليها، وهذا أمر يفعله المحدثون ومنهم البخاري في صحيحه، في قضايا معاوية وغيرها.
ولنعرض لكم أمثلة في تغيير أو حذف ألفاظٍ في الأحاديث خوفاً وخشية من أعداء الحقيقة لتعلموا إلى أين تتجه الأمور:
1- روى مسلم (1582) عن ابن عباس قال: (بلغ عمر أن سمرة باع خمراً فقال: قاتل الله سمرة..).
أبهمه البخاري فرواه في صحيحه (2223) بلفظ: (بلغ عمر بن الخطاب أن فلاناً باع خمراً فقال قاتل الله فلاناً.....).
لاحظ: يقول (فلاناً) ولا يذكر الاسم، خوفاً من المنكرين، كما فعل الهيثمي.
2- وروى الإمام مسلم في الصحيح (2409) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد قال:
اسْتُعْمِل على المدينة رجل من آل مروان، قال: فدعا سهلَ بن سعد فأمره أن يشتم علياً! قال: فأبى سهل، فقال له: أما إذ أبيت فقل لعن الله أبا التراب، فقال سهل: ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي التراب وإن كان ليفرح إذا دعي بها.
فقال له: أخبرنا عن قصته لم سمي أبا تراب: قال جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيت فاطمة فلم يجد علياً في البيت..... الحديث.
قلت: روى البخاري (3703) الحديث بطريقة ملتوية مبهمة (كرواية ابن أبي شيبة للبن) وهذا نص روايته من طريق عبدالعزيز بن أبي حازم عن أبيه:
أن رجلاً جاء إلى سهل بن سعد فقال: هذا فلان لأمير المدينة يدعو علياً عند المنبر، قال: فيقول ماذا ؟! قال: يقول له أبو تراب. فضحك ؛ قال: والله ما سماه إلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ وما كان له اسم أحب إليه منه.... الحديث.
فقارن الآن بين اللفظين!!
فقد تم حذف الأمر بالسب واللعن كما ترى من رواية البخاري وكان الواجب تأدية الحديث على وجهه دون حذف أو تغيير!!
وعليك أن تحكم بعد ذلك!
والبخاري لقي ما لقيه من قوله (لفظي بالقرآن مخلوق) حتى تركوا أحاديثه ومات مشرداً كما يجد ذلك من يقرأ ترجمته في كتب الرجال والتراجم، فكيف لو صرح لهم بأشياء أخرى ؟
3- روى النسائي في السنن الكبرى (6/458برقم 11491) من طريق أمية بن خالد، عن شعبة، عن محمد بن زياد قال: لما بايع معاوية لابنه قال مروان: سنة أبي بكر وعمر، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: سنة هرقل وقيصر.
فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه { والذي قال لوالديه أف لكما.. } الآية، فبلغ ذلك عائشة فقالت: كذب ؛ والله ما هو به ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن مروان ومروان في صلبه، فمروان فضض من لعنة الله.
ورواه عدة منهم: الحاكم في المستدرك (4/481).
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح (8/577) أن في بعض روايات هذا الحديث أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: ((جئتم بها هرقلية تبايعون لأبنائكم)).
أقول روى البخاري هذا الحديث في صحيحه (4827) وحذف منه قول ابن أبي بكر الصديق (بل سنة هرقل وقيصر) وهذا لفظه:
[عن يوسف بن ماهك قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية ؛ فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه.
فقال له عبدالرحمن بن أبي بكر شيئاً.
فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه { والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني }.
فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن إلا أن الله أنزل عذري].
قارن بين الألفاظ ولاحظ قوله في الرواية (فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً)!! فما هو هذا الشيء الذي قاله ابن الصديق وأخفاه البخاري ؟!
4- حذف لأحمد في المسند أو لبعض الناسخين للمسند والراوين له من الحنابلة:
حديث: ((كان أبغض الأحياء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنو أمية وبنو حنيفة وثقيف)).
رواه أبو يعلى في مسنده (13/342) والروياني (751) وابن قانع في معجم الصحابة (930) والترمذي (3943) والحاكم في المستدرك (4/480-481) من طريق أحمد بن حنبل،
وهو في مسند أحمد (4/420) بحذف بني أمية!!
وبذلك تعلم أن للعامل السياسي في الدول الغابرة ولتحريض المحرضين أثراً في إخفاء أمور في متون الأحاديث أو الإشارة إليها إشارة خفية خوفاً من النكال والوبال!
والأغرار لا يعرفوا هذا ولم يسمعوا به وإنما يخبطون خبط عشواء ويركبون متن عمياء. فيقولون هو اضطراب. يا ويحهم ما أجهلهم.
5- ومن أمثلة الإبهام والتغيير في المتون:
ما رواه البخاري قضية إنكار ابن مسعود كون المعوذتين من القرآن بلفظ مبهم مع أن الحديث معروف لكنه رواه بلفظ لا يفهم سامعه منه شيئاً ولا يستفيد من لفظه، وهذا إسناده ولفظه:
قال البخاري (4976): [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن عاصم وعبدة عن زر بن حبيش قال: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين فقال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قيل لي، فقلت: فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم].
كرره بهذه الألفاظ مرتين في تفسير المعوذات! وهو من جملة الموضوعات والأباطيل عن ابن مسعود رضي الله عنه، كما جزم بذلك ابن حزم والنووي والفخر الرازي.
فهل ترون في هذا اللفظ فائدة ؟ أو شيئاً يفهم ؟
ومع ذلك أقول هنا: إن البخاري معذور في ذلك وقد استطاع أن يمرر لنا ما ذكرناه من الأحاديث ولو أنه تصرّف فيها أو نقله عمن تصرف فيها لأجل الوضع السياسي الغاشم الذي كان في زمانه، ولأجل عقلية بعض العلماء الذين كانوا يؤلبون عليه العامة والجهلاء! فهو لأجل تصريحه بقوله (لفظي بالقرآن مخلوق) كما هو ثابت عنه في كتاب (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم لقي ما لقي من التنفير عنه والتأليب عليه وترك حديثه وشردوه، فجزاه الله خيراً على نقله لنا في صحيحه هذه الأحاديث التي تبين لنا ثبوت تلك الضلالات عن بني أمية وإن أبهمها وتصرف فيها لكنه أشار لنا بأنها ثابتة عنهم، ونحن نخرجها من هنا وهناك لنعرف حقيقة المسألة.
هدانا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وجعلنا من الذين تنكشف لهم الحقائق ولا تنطلي عليهم الألاعيب ولا التحريفات والغشاوات.
وبذلك اتضحت صحة حديث عبد الله بن بريدة في قضية شرب معاوية.
والحمد لله رب العالمين.


______________(تعليقات مفيدة)_________
يا خالد: لا نود أن نستعمل معك الشدة والصاع بالصاع، لكن نود أن نبين لك خطأ وجهة نظرك:
أولاً: لماذا خاصة معاوية ؟ يعني لو قلت: سيدنا أبو بكر أو سيدنا عمر أو سيدنا علي أو سيدنا الحسين سيد شباب أهل الجنة رضي الله عنهم وأرضاهم أو غيرهم من الفضلاء والسابقين كان الأمر مقبولاً!
أما معاوية: خرج على إمام زمانه وقتل الأبرار وفعل الأفاعيل (وما خلى) وشرب وتاجر بالخمر وعلم ابنه يزيد قلة الحيا والإجرام واستباحة مدينة رسول الله وسفك بالأنصار.... الخ، منشان هيك صار عندك وعند ابن تيمية وشيعته خير ملوك الأرض، لأن الطيور على أشكالها تقع.
مثل ما قرأت عمن نصر معاوية اقرأ عمن بين حقيقته.
وهناك عدة نظريات ينبغي أن تقام من ذهنك أو بالأحرى تصحح في ذهنك حتى تفهم هذه القضايا وتترك التعصب و (تبطل تشم بالغلط).
ثانياً: ما نقلته عن ابن المبارك لا يثبت عنه، فليس له إسناد يصح، وأكثر من نقله بلا إسناد، (ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء). ولو ثبت هذا عن المبارك ـ ولم يثبت كما تقدم ـ فهو طعن في ابن المبارك، للتالي:
ثالثاً: كيف يكون تراب في أنف فرس عليه مخاط الفرس أفضل من رجل مسلم وحاكم عادل وعالم وعابد من التابعين والسلف الصالح ؟ وقد قال رسول الله بأن المؤمن أعظم حرمة عند الله من الكعبة المشرفة. وصححه شيخك المتناقض في صحيح الترمذي.
فمن قال بأن الغبار الذي في أنف الفرس المختلط عادة بالمخاط أفضل من المؤمن الصالح فقد طعن في نفسه وكلامه من جملة الهراء الذي يرمى ولا يلتفت إليه.
فبمثل هذه الأدلة الفاشلة تتثبت المسائل لديك يا دكتور خالد!
ومن هنا يتبين لنا كيف يركض المتمسلفون بالنصوص دون وعي ودون دراية وفهم!
فأنت في واد يا خالد والحق في واد آخر.
ولسه شايفين حالكم فوق الخلق ؟!
ولا حول ولا قوة إلا بالله،
الله يهديك لمنهج المعتزلة والجهمية عاجلا غير آجل!
_________________________________
أضف رد جديد

العودة إلى ”مناهضة الفكر التكفيري والرد على منهجهم وأفكارهم“