صفحة 1 من 1

إثبات المفوضة لصفة العين وتخبطهم في ذلك:

مرسل: الاثنين نوفمبر 18, 2024 11:59 am
بواسطة عود الخيزران
إثبات المفوضة لصفة العين وتخبطهم في ذلك:

قال الأشعري في "المقالات" (1/345): [وأن له عينين بلا كيف كما قال: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}].
وقال الباقلاني في "الإنصاف"ص (24): [والعينين اللتين أفصح بإثباتهما من صفاته في القرآن وتواترت بذلك أخبار الرسول عليه السلام، فقال عز وجل: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}، و{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}..].
وقد ردَّ عليه الإمام الكوثري في الحاشية هناك فقال: [وتثنية العين لم ترد في الكتاب، وحديث الدجال ليس فيه إلا نفي النقص عن الله سبحانه لا إثبات العينين له، مع كونه خبر آحاد، فيتعين الاقتصار على ما ورد في الكتاب وهو ما في الآيتين، وإلا يكون في الأمر فتح باب التشبيه(ز)].
ولهذا قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في "دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه" ص (114): [وقد ذهب القاضي أبويعلى (المجسّم) إلى أن العين صفة زائدة على الذات وقد سبقه أبوبكر بن خزيمة فقال في الآية: (لربنا عينان ينظر بهما)!! قلــت: وهذا ابتداع لا دليل لهم عليه وإنما أثبتوا عينين من دليل الخطاب في قوله عليه الصلاة والسلام: (وإن الله ليس بأعور). وإنما أراد نفي النقص عنه تعالى، ومتى ثبت أنه لا يتجزأ لم يكن لما يُتَخَيَّل من الصفات وجه] انتهى كلام الحافظ ابن الجوزي.
فهل يقول الأشاعرة بإثبات عينين من هذه الآية لله تعالى وهل هذا هو التفويض ؟!
يقول الحافظ ابن حجر في شرح الباب الذي فيه ذكر قوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} في كتاب التوحيد (13/390) من صحيح البخاري موضحاً لنا الأمر أكثر:
[وقال البيهقي: منهم من قال العين صفة ذات كما تقدَّم في الوجه، ومنهم من قال: المراد بالعين الرؤية... ومال إلى ترجيح الأول لأنه مذهب السلف].
وليس هذا مذهب السلف إنما يدَّعون هذا ويتخيلونه! أو أنهم يتخيلون أن كل ما يقوله الأشعري فهو مذهب السلف!
وروى ابن جرير في تفسيره (13/27/94) في تأويل {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} قال:
[وذُكر عن سفيان في تأويل ذلك، ما حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مِهْران، عن سفيان، في قوله {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} يقول: (بأمرنا)]. وإسناده حسن.
فالسلف يؤولون {تجري بأعيننا} أي بأمرنا.
وهؤلاء المتحيرون يدعون أن مذهب السلف هو الإمرار وعدم التأويل!

خذ مثالا على ذلك اضطراب البغوي في مسألة القول بالظاهر في مسائل الصفات:
وقال البيهقي في "الأسماء والصفات" ص (453) عن حديث النزول:
[قال أبو سليمان الخطَّابي: هذا الحديث وما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان مذهبُ السلف فيها الإيمانَ بها، وإجراءَها على ظاهرها ونفيَ الكيفية عنها].
قال البيهقي في "الأسماء والصفات" ص (419) عن حديث الأطيط:
[وقد جعله أبو سليمان الخطَّابي (ت 388هـ) ثابتاً واشتغل بتأويله، فقال: هذا الكلام إذا أُجْرِيَ على ظاهره كان فيه نوع من الكيفية، والكيفية عن الله تعالى وعن صفاته منفية].

ولا تنسوا تناقض الخطيب الشربيني حيث يثبت في أول تفسيره أن إجماع السلف منعقد على عدم الزيادة على قراءة آيات الصفات أي على تفويض معانيها وعدم تفسيرها بينما نجده في نفس الكتاب بعد ذلك ينقل تأويلات الصحابة والتابعين في تفسيرها! وقد مضى توثيق ذلك وذكره في مقالات سابقة.

فالحق والصواب ما قررناه في كتبنا ومحاضراتنا من نبذ التفويض – الذي هو الطريق إلى التجسيم – والأخذ ببيان تأويلها وهو فهم النصوص وبيان معانيها الموافقة للغة العرب والتنزيه الذي هو الأصل المحكم في كتاب الله تعالى.

وبالله تعالى التوفيق