صفحة 1 من 1

نقد بعض الأدلة التي يحتج بها من يجوز النقل من فكر أهل الكتاب وغيرهم:

مرسل: الاثنين نوفمبر 18, 2024 1:05 pm
بواسطة عود الخيزران
نقد بعض الأدلة التي يحتج بها من يجوز النقل من فكر أهل الكتاب وغيرهم:

حديث عبدالله بن عمرو بن العاص قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (بلِّغوا عنّي ولو آية وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومَنْ كذب عليَّ متعمداً فليتبوَّأ مقعده من النار) رواه البخاري (3461).

أقـول: هذا اللفظ لا يصح!! لأنَّ لفظ رواية مسلم (3004) من حديث أبي سعيد الخدري مخالف لذلك ونصه: (حدِّثوا عنّي ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمداً..) وليس فيه جملة: (حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج).

فالذي أراه وأعتمده أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يقول هذه المقالة! وخاصةً بعدما وصف الله تعالى اليهود في كتابه بأنهم اقترفوا الكذب والتحريف والوضع في الكتب التي أُنزلت على أنبيائهم، وإنما هذه اللفظـة (حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حـرج) من اجتهادات عبدالله بن عمرو لا سيما وهو من أكابر مَنْ كان يحدّث من تلك الكتب القديمة كما جاء في كلام الحافظ ابن حجر المتقدّم من كتاب "النكت" صيَّرها الرواة بعد ذلك من المرفوعات.

مـع أنَّ راويه عن ابن عمرو هو أبو كبشة السلولي لم نجد من وثقه إلا العجلي ويعقوب بن سفيان، وهو شامي غير معروف الاسم، وقال الحافظ في "الفتح" (6/498): [ليس له في البخاري إلا هذين الحديثين].
ثمَّ من تتبع طرق الحديث من رواية أبي سعيد وأبي هريرة مع ضعف السند عن أبي هريرة يتبيَّن لنا التلاعب في متنه، والله تعالى أعلم. ومما أعجبني مما يتعلَّق بهذه القضية لمستعرض متون هذا الحديث من رواياته: ما رواه الدارمي (319) عن ابن عون قال: كان الشعبي والنخعي والحسن يُحَدِّثون بالحديث مرَّة هكذا ومرَّة هكذا فذكرت ذلك لمحمد بن سيرين فقال: أما إنهم لو حدَّثوا به كما سمعوه كان خيراً لهم.

وعلى فرض أنَّ هناك من لا يريد الاقتناع بما أبديناه واعتمدناه فللحديث تأويل وهـو:
حدّثوا عن أخبار بني إسرائيل الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة، أما النقل عن أحبارهم وكتبهم وعمَّن ينقل عنها واتخاذهم شيوخاً ومراجع فليس في النص ما يجوِّزه لدخول الكذب والتحريف عليه بنص الكتاب والسنة.
والله أعلم