من مظاهر التعصب على حساب العقيدة والدين:
مرسل: الاثنين نوفمبر 18, 2024 1:09 pm
من مظاهر التعصب على حساب العقيدة والدين:
قد يدافع بعض المشايخ أو طلبة العلم عن شخص أو كتاب أو عالم ولا يدرون ماذا يترتب عن دفاعهم عنه من الباطل الذي قد يضر جماعات من الناس ويؤيد ما هو ضد أصول مذهبهم وهم لا يدرون!
لأن التعصب يعمي عقل صاحبه ويبعده عن إدراك الحقائق!
وقد بلغ الأمر ببعض صغار المشايخ الأشاعرة الشافعية المتعصبين أنه يقول عندما قيل له إن في كتاب "الإبانة" للأشعري عبارات شنيعة مردودة تفيد التشبيه والتجسيم منها قوله: (ومن دعاء أهل الإسلام جميعاً إذا هم رغبوا إلى الله تعالى في الأمر النازل بهم يقولون جميعاً: يا ساكن السماء..) (!!) قال ذلك الشيخ المتعصب: (وما الضير في ذلك؟!) أي أن هذا كلام غير مرفوض!!
فمن الغفلة والقبح بمكان أن يطووا التجسيم ويخفيه المتعصبة ويلبسوه ثوب القبول بحجة التفويض عندما يقول به أحبابهم وأصحابهم ويرفعوا عقيرتهم بتقبيحه وذمه عندما يقوله أعداؤهم!
وأقول: لقد أدَّى تعصب ذلك الشيخ إلى أن يخرج عن العقيدة الحقة التي يعتقدها أئمته الأشاعرة والشافعية فقط ليثبت عصمة الأشعري وأنه لا يخطىء انخداعاً بقول بعض مدعي العلم بأن كل ما في "الإبانة" من عبارات التجسيم يمكن تأويلها وإخراجها على محمل التنزيه في سلوك مذهب التفويض!
وهذا تهور بالغ سنوضح فساده!
وقبل ذلك نقول ينبغي أن تكون حميتنا وغيرتنا لله تعالى وتنزيهه سبحانه عن الحلول والسكنى في السماء أو في بعض خلقه!
وإنني أعرض لكم جانباً من نصوص أئمة مذهبه الشافعية الأشاعرة فيمن يقول (يا ساكن السماء):
قال الإمام النووي في الروضة (3/450):
[ولو قال لا إله إلا ساكن السماء لم يكن مؤمناً وكذا لو قال لا إله إلا الله ساكن السماء لأن السكون محال على الله تعالى].
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب شرح روض الطالب (4/124):
[لا ساكن السماوات أي لا يكفي قوله لا رحمن أو لا بارئ أو لا إله إلا ساكن السماء أو إلا الله ساكن السماء كما صرح به الأصل لأن السكون محال على الله تعالى..].
بل إن عقيدة أن الرب سبحانه (ساكن السماء) هي عقيدة النصارى!
فقد روى ابن العديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب" (2/394) عن:
[أحمد بن عبد الله العامري قال: سالت راهباً على عمود فقلت له: يا راهب ما أقعدك على هذا العمود، في فقر على عمود صخر لا أنيس لك؟ قال: فقال لي: يا عرب، بل الله ساكــــــــــــن السماء هو يعلم موضع المذنبين من خلقه].
وهي عقيدة اليهود أيضاً كما هو معلوم!
وهل سمعتم أيها الناس أن من دعاء أهل الإسلام جميعاً أنهم يقولون في دعائهم:
(يا ساكن السماء)؟!
وما حكم من عاند وأصر على هذه العبارة لينقذ الأشعري مما قاله في "الإبانة" ولو على حساب عقيدته وعقيدة الطائفة التي ينتمي لها؟!
نحن نريد أن نبني منهجاً منقحاً مغربلاً واضحاً نقياً وأن نصحح ما بإيدينا من الكتب والمناهج التي لم تكتسب العصمة وفيها الصواب والخطأ!
لا أن نبقى غارقين في ما حوته من أخطاء أو أحاديث ضعيفة وموضوعة وحكايات وقصص ومنامات وخرافات!
فعندما يقول العضد الإيجي مثلاً أن كلام الله بحروف وأصوات قديمة ويعترف علماء الأشاعرة من بعده بأن هذا القول سرى للعضد من الحشوية يجب أن نعترف بذلك وأن لا نقتدي به في ذلك!
ولا نكابر بالباطل ونؤول كلامه باللف والدوران!
ومن أراد أن يخدم مذهبه وفكره نقاه من الخطأ وليس له أن يصر على ما فيه من الخطأ أو الباطل أو ..... الخ!!
وبذلك يحقق النهضة لمذهبه وعقيدته!
وأهل السنة المنزهون (أو الأشاعرة المنزهون) خالفوا الأشعري والباقلاني ولم يلتزموا بقولهما في الصفات! وما انتهجوه من المسلك الموافق لمجسمة الحنابلة!!
ولم يتداولوا كتب الأشعري ولم يقرأوها ولم يدرسوها بل أعرضوا عنها!
قال السبكي في "الطبقات" (5/192) في ترجمة إمام الحرمين:
[والإمام لا يتقيد لا بالأشعري ولا بالشافعي، لا سيما في البرهان، وإنما يتكلم على حسب تأدية نظره واجتهاده، وربما خالف الأشعري وأتى بعبارة عالية على عادة فصاحته، تأدية نظره واجتهاده، فلا تحتمل المغاربة أن يقال مثلها في حق الأشعري، وقد حكينا كثيراً من ذلك في شرحنا على مختصر ابن الحاجب].
وقال الحافظ ابن عساكر أيضاً في "تبيين كذب المفتري" ص (140) نقلاً عن قاضي العسكر:
[وصنف أصحاب الشافعي كتباً كثيرة على وفق ما ذهب إليه الأشعري إلا أن بعض أصحابنا من أهل السنة والجماعة خَطّأ أبا الحسن الأشعري في بعض المسائل].
وقال الحافظ ابن الجوزي في تاريخه "المنتظم" (4/172):
[الأشعري المتكلم.. تشاغل بالكلام، وكان على مذهب المعتزلة زماناً طويلاً، ثم عَنَّ له مخالفتهم، وأظهر مقالة خبطت عقائد الناس وأوجبت الفتن المضلة..].
وقال الحافظ ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" ص (118): [وكان أبو الحسن الأشعري على مذهب الجبائي ثم انفرد عنه إلى مثبتي الصفات. ثم أخذ بعض مثبتي الصفات في اعتقاد التشبيه وإثبات الانتقال في النزول... ].
وقال الإمام البزدوي الحنفي الماتريدي (ت 493هـ) في كتابه "أصول الدين" ص (53): [قال أبو الحسن الأشعري: الطاعات والمعاصي والمباحات كلها برضا الله ومحبته... وخالف أبو الحسن الأشعري أهل السنة والجماعة في هذه المسألة].
ثم ذكر ص (252) مسائل عديدة خالف فيها أبو الحسن الأشعري – حسب تعبيره – عامة أهل السنة والجماعة.
وقال الفخر الرازي رحمه الله تعالى في كتابه "الإشارة" ص (268) وفي طبعة أخرى ص (245 وما بعدها) (مُنْكِراً) على الأشعري والباقلاني إثباتهما (اليد) صفة مع علمه بأنهما ينفيان عنها معنى الجارحة:
[فإن قيل: فبم تنكرون على شيخكم أبي الحسن والقاضي حيث أثبتا اليدين صفتين لا تدركان إلا سمعاً زائدتين على الذات وما عداهما من الصفات؟...].
وذكر كلامهما واحتجاجهما ثم قال:
[قلنا: الأصح حمل اليدين على القدرة، وقولهما: (إن فيه إبطال فائدة التخصيص) فنقول: التشريف يتحقق بتخصيص الله تعالى آدم بالذكر، كما شرّف عباده المخلَصين بإضافتهم إلى نفسه، وإن كانت الكفرة أيضاً عباد الله تعالى، .... فبطل ما ذكروه.
فثبت أنه لا دليل على صفة وراء ما ذكرناه، وما لا دليل عليه وجب نفيه..].
وقال الفخر الرازي في كتابه "أصول الدين" ص (68):
[المسألة التاسعة عشرة: أنه تعالى باق لذاته خلافاً للأشعري].
وفي ذلك الكتاب مسائل أخرى خالف فيها الفخرُ الرازيُّ الأشعريَّ.
وقد أسهبنا في بيان ذلك في مقدمة تحقيقنا على كتاب الرازي "تأسيس التقديس" فليراجعه من أراد أن يعي ذلك!
والحاصل أن التعصب للباطل مردود على صاحبه! ولا ينفعه!
وأن المناكفة والمنافحة عن الباطل تجعل صاحبها من الأخسرين!
وقد وضع أئمة أهل السنة من الأشاعرة وغيرهم قواعد وضوابط في فهم الصفات ومن ذلك:
وقال الإمام الغزالي (450-505هـ) في "المستصفى" (2/132):
[اعْلَمْ أَنَّ الْمُهِمَّ الأوَّلَ مَعْرِفَةُ مَحَلِّ التَّعَارُضِ، فَنَقُولُ كُلُّ مَا دَلَّ الْعَقْلُ فِيهِ عَلَى أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَلَيْسَ لِلتَّعَارُضِ فِيهِ مَجَالٌ إذْ الأدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ يَسْتَحِيلُ نَسْخُهَا، وَتَكَاذُبُهَا، فَإِنْ وَرَدَ دَلِيلٌ سَمْعِيٌّ عَلَى خِلافِ الْعَقْلِ فَإِمَّا أَنْ لا يَكُونَ مُتَوَاتِرًا فَيُعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَوَاتِرًا، فَيَكُونَ مُؤَوَّلاً، وَلا يَكُونَ مُتَعَارِضًا..].
وهذا الكلام منه رحمه الله تعالى يقضي على كلام بعض المتفلسفين عندما يقولون لنا لماذا تردون أحاديث الآحاد التي ظاهرها التجسيم وأما الآيات فتؤولونها؟!
وهو لا يفهم هذه القواعد التي وضعها أئمته وأهل نحلته!
لذلك قال شيخ المحدثين في عصره الحافظ الخطيب البغدادي (392-463هـ) في كتابه "الفقيه والمتفقه" (1/132):
[باب القول فيما يُرَدُّ به خبر الواحد: .... وإذا روى الثقة المأمون خبراً متصل الإسناد رُدَّ بأُمور: أحدها: أن يخالف موجبات العقول فيعلم بطلانه، لأنّ الشرع إنّما يَرِدُ بمجوِّزات العقول وأمّا بخلاف العقول فلا. والثاني: أن يخالف نصَّ الكتاب أو السُنة المتواترة فيعلم أنّه لا أصل له أو منسوخ. والثالث: يخالف الإجماع فَيُسْتَدَلُّ على أنه منسوخ أو لا أصل له...].
وقال الآمدي (551-631هـ) في "الإحكام في أصول الأحكام" (3/172):
[وكذلك أيضاً لو تعارضت آية ودليل عقلي فإن الدليل العقلي يكون حاكماً عليها].
وهذا المعنى قرره كثير من العلماء والأئمة بأوسع من هذا كالإمام الغزالي في "المستصفى" (2/132)، والحافظ أبو حيان في تفسيره "البحر المحيط" (1/316)، والخطيب البغدادي الشافعي والزركشي وغيرهم.
وقال العضد الإيجي (680-756هـ) في كتابه "المواقف" (1/207):
[..لا بد من العلم بعدم المعارض العقلي الدال على نقيض ما دل عليه الدليل النقلي إذ لو وجد ذلك المعارض لقدم على الدليل النقلي قطعاً بأن يؤول الدليل النقلي عن معناه إلى معنى آخر مثاله قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} فإنه يدل على الجلوس وقد عارضه الدليل العقلي الدال على استحالة الجلوس في حقه تعالى فيؤول الاستواء بالاستيلاء أو يجعل الجلوس على العرش كناية عن الملك وإنما قدم المعارض العقلي على الدليل النقلي إذ لا يمكن العمل بهما بأن يحكم بثبوت مقتضى كل منهما لاستلزامه اجتماع النقيضين..].
والله تعالى يقول الحق وهو يهدي السبيل.
قد يدافع بعض المشايخ أو طلبة العلم عن شخص أو كتاب أو عالم ولا يدرون ماذا يترتب عن دفاعهم عنه من الباطل الذي قد يضر جماعات من الناس ويؤيد ما هو ضد أصول مذهبهم وهم لا يدرون!
لأن التعصب يعمي عقل صاحبه ويبعده عن إدراك الحقائق!
وقد بلغ الأمر ببعض صغار المشايخ الأشاعرة الشافعية المتعصبين أنه يقول عندما قيل له إن في كتاب "الإبانة" للأشعري عبارات شنيعة مردودة تفيد التشبيه والتجسيم منها قوله: (ومن دعاء أهل الإسلام جميعاً إذا هم رغبوا إلى الله تعالى في الأمر النازل بهم يقولون جميعاً: يا ساكن السماء..) (!!) قال ذلك الشيخ المتعصب: (وما الضير في ذلك؟!) أي أن هذا كلام غير مرفوض!!
فمن الغفلة والقبح بمكان أن يطووا التجسيم ويخفيه المتعصبة ويلبسوه ثوب القبول بحجة التفويض عندما يقول به أحبابهم وأصحابهم ويرفعوا عقيرتهم بتقبيحه وذمه عندما يقوله أعداؤهم!
وأقول: لقد أدَّى تعصب ذلك الشيخ إلى أن يخرج عن العقيدة الحقة التي يعتقدها أئمته الأشاعرة والشافعية فقط ليثبت عصمة الأشعري وأنه لا يخطىء انخداعاً بقول بعض مدعي العلم بأن كل ما في "الإبانة" من عبارات التجسيم يمكن تأويلها وإخراجها على محمل التنزيه في سلوك مذهب التفويض!
وهذا تهور بالغ سنوضح فساده!
وقبل ذلك نقول ينبغي أن تكون حميتنا وغيرتنا لله تعالى وتنزيهه سبحانه عن الحلول والسكنى في السماء أو في بعض خلقه!
وإنني أعرض لكم جانباً من نصوص أئمة مذهبه الشافعية الأشاعرة فيمن يقول (يا ساكن السماء):
قال الإمام النووي في الروضة (3/450):
[ولو قال لا إله إلا ساكن السماء لم يكن مؤمناً وكذا لو قال لا إله إلا الله ساكن السماء لأن السكون محال على الله تعالى].
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب شرح روض الطالب (4/124):
[لا ساكن السماوات أي لا يكفي قوله لا رحمن أو لا بارئ أو لا إله إلا ساكن السماء أو إلا الله ساكن السماء كما صرح به الأصل لأن السكون محال على الله تعالى..].
بل إن عقيدة أن الرب سبحانه (ساكن السماء) هي عقيدة النصارى!
فقد روى ابن العديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب" (2/394) عن:
[أحمد بن عبد الله العامري قال: سالت راهباً على عمود فقلت له: يا راهب ما أقعدك على هذا العمود، في فقر على عمود صخر لا أنيس لك؟ قال: فقال لي: يا عرب، بل الله ساكــــــــــــن السماء هو يعلم موضع المذنبين من خلقه].
وهي عقيدة اليهود أيضاً كما هو معلوم!
وهل سمعتم أيها الناس أن من دعاء أهل الإسلام جميعاً أنهم يقولون في دعائهم:
(يا ساكن السماء)؟!
وما حكم من عاند وأصر على هذه العبارة لينقذ الأشعري مما قاله في "الإبانة" ولو على حساب عقيدته وعقيدة الطائفة التي ينتمي لها؟!
نحن نريد أن نبني منهجاً منقحاً مغربلاً واضحاً نقياً وأن نصحح ما بإيدينا من الكتب والمناهج التي لم تكتسب العصمة وفيها الصواب والخطأ!
لا أن نبقى غارقين في ما حوته من أخطاء أو أحاديث ضعيفة وموضوعة وحكايات وقصص ومنامات وخرافات!
فعندما يقول العضد الإيجي مثلاً أن كلام الله بحروف وأصوات قديمة ويعترف علماء الأشاعرة من بعده بأن هذا القول سرى للعضد من الحشوية يجب أن نعترف بذلك وأن لا نقتدي به في ذلك!
ولا نكابر بالباطل ونؤول كلامه باللف والدوران!
ومن أراد أن يخدم مذهبه وفكره نقاه من الخطأ وليس له أن يصر على ما فيه من الخطأ أو الباطل أو ..... الخ!!
وبذلك يحقق النهضة لمذهبه وعقيدته!
وأهل السنة المنزهون (أو الأشاعرة المنزهون) خالفوا الأشعري والباقلاني ولم يلتزموا بقولهما في الصفات! وما انتهجوه من المسلك الموافق لمجسمة الحنابلة!!
ولم يتداولوا كتب الأشعري ولم يقرأوها ولم يدرسوها بل أعرضوا عنها!
قال السبكي في "الطبقات" (5/192) في ترجمة إمام الحرمين:
[والإمام لا يتقيد لا بالأشعري ولا بالشافعي، لا سيما في البرهان، وإنما يتكلم على حسب تأدية نظره واجتهاده، وربما خالف الأشعري وأتى بعبارة عالية على عادة فصاحته، تأدية نظره واجتهاده، فلا تحتمل المغاربة أن يقال مثلها في حق الأشعري، وقد حكينا كثيراً من ذلك في شرحنا على مختصر ابن الحاجب].
وقال الحافظ ابن عساكر أيضاً في "تبيين كذب المفتري" ص (140) نقلاً عن قاضي العسكر:
[وصنف أصحاب الشافعي كتباً كثيرة على وفق ما ذهب إليه الأشعري إلا أن بعض أصحابنا من أهل السنة والجماعة خَطّأ أبا الحسن الأشعري في بعض المسائل].
وقال الحافظ ابن الجوزي في تاريخه "المنتظم" (4/172):
[الأشعري المتكلم.. تشاغل بالكلام، وكان على مذهب المعتزلة زماناً طويلاً، ثم عَنَّ له مخالفتهم، وأظهر مقالة خبطت عقائد الناس وأوجبت الفتن المضلة..].
وقال الحافظ ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" ص (118): [وكان أبو الحسن الأشعري على مذهب الجبائي ثم انفرد عنه إلى مثبتي الصفات. ثم أخذ بعض مثبتي الصفات في اعتقاد التشبيه وإثبات الانتقال في النزول... ].
وقال الإمام البزدوي الحنفي الماتريدي (ت 493هـ) في كتابه "أصول الدين" ص (53): [قال أبو الحسن الأشعري: الطاعات والمعاصي والمباحات كلها برضا الله ومحبته... وخالف أبو الحسن الأشعري أهل السنة والجماعة في هذه المسألة].
ثم ذكر ص (252) مسائل عديدة خالف فيها أبو الحسن الأشعري – حسب تعبيره – عامة أهل السنة والجماعة.
وقال الفخر الرازي رحمه الله تعالى في كتابه "الإشارة" ص (268) وفي طبعة أخرى ص (245 وما بعدها) (مُنْكِراً) على الأشعري والباقلاني إثباتهما (اليد) صفة مع علمه بأنهما ينفيان عنها معنى الجارحة:
[فإن قيل: فبم تنكرون على شيخكم أبي الحسن والقاضي حيث أثبتا اليدين صفتين لا تدركان إلا سمعاً زائدتين على الذات وما عداهما من الصفات؟...].
وذكر كلامهما واحتجاجهما ثم قال:
[قلنا: الأصح حمل اليدين على القدرة، وقولهما: (إن فيه إبطال فائدة التخصيص) فنقول: التشريف يتحقق بتخصيص الله تعالى آدم بالذكر، كما شرّف عباده المخلَصين بإضافتهم إلى نفسه، وإن كانت الكفرة أيضاً عباد الله تعالى، .... فبطل ما ذكروه.
فثبت أنه لا دليل على صفة وراء ما ذكرناه، وما لا دليل عليه وجب نفيه..].
وقال الفخر الرازي في كتابه "أصول الدين" ص (68):
[المسألة التاسعة عشرة: أنه تعالى باق لذاته خلافاً للأشعري].
وفي ذلك الكتاب مسائل أخرى خالف فيها الفخرُ الرازيُّ الأشعريَّ.
وقد أسهبنا في بيان ذلك في مقدمة تحقيقنا على كتاب الرازي "تأسيس التقديس" فليراجعه من أراد أن يعي ذلك!
والحاصل أن التعصب للباطل مردود على صاحبه! ولا ينفعه!
وأن المناكفة والمنافحة عن الباطل تجعل صاحبها من الأخسرين!
وقد وضع أئمة أهل السنة من الأشاعرة وغيرهم قواعد وضوابط في فهم الصفات ومن ذلك:
وقال الإمام الغزالي (450-505هـ) في "المستصفى" (2/132):
[اعْلَمْ أَنَّ الْمُهِمَّ الأوَّلَ مَعْرِفَةُ مَحَلِّ التَّعَارُضِ، فَنَقُولُ كُلُّ مَا دَلَّ الْعَقْلُ فِيهِ عَلَى أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَلَيْسَ لِلتَّعَارُضِ فِيهِ مَجَالٌ إذْ الأدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ يَسْتَحِيلُ نَسْخُهَا، وَتَكَاذُبُهَا، فَإِنْ وَرَدَ دَلِيلٌ سَمْعِيٌّ عَلَى خِلافِ الْعَقْلِ فَإِمَّا أَنْ لا يَكُونَ مُتَوَاتِرًا فَيُعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَوَاتِرًا، فَيَكُونَ مُؤَوَّلاً، وَلا يَكُونَ مُتَعَارِضًا..].
وهذا الكلام منه رحمه الله تعالى يقضي على كلام بعض المتفلسفين عندما يقولون لنا لماذا تردون أحاديث الآحاد التي ظاهرها التجسيم وأما الآيات فتؤولونها؟!
وهو لا يفهم هذه القواعد التي وضعها أئمته وأهل نحلته!
لذلك قال شيخ المحدثين في عصره الحافظ الخطيب البغدادي (392-463هـ) في كتابه "الفقيه والمتفقه" (1/132):
[باب القول فيما يُرَدُّ به خبر الواحد: .... وإذا روى الثقة المأمون خبراً متصل الإسناد رُدَّ بأُمور: أحدها: أن يخالف موجبات العقول فيعلم بطلانه، لأنّ الشرع إنّما يَرِدُ بمجوِّزات العقول وأمّا بخلاف العقول فلا. والثاني: أن يخالف نصَّ الكتاب أو السُنة المتواترة فيعلم أنّه لا أصل له أو منسوخ. والثالث: يخالف الإجماع فَيُسْتَدَلُّ على أنه منسوخ أو لا أصل له...].
وقال الآمدي (551-631هـ) في "الإحكام في أصول الأحكام" (3/172):
[وكذلك أيضاً لو تعارضت آية ودليل عقلي فإن الدليل العقلي يكون حاكماً عليها].
وهذا المعنى قرره كثير من العلماء والأئمة بأوسع من هذا كالإمام الغزالي في "المستصفى" (2/132)، والحافظ أبو حيان في تفسيره "البحر المحيط" (1/316)، والخطيب البغدادي الشافعي والزركشي وغيرهم.
وقال العضد الإيجي (680-756هـ) في كتابه "المواقف" (1/207):
[..لا بد من العلم بعدم المعارض العقلي الدال على نقيض ما دل عليه الدليل النقلي إذ لو وجد ذلك المعارض لقدم على الدليل النقلي قطعاً بأن يؤول الدليل النقلي عن معناه إلى معنى آخر مثاله قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} فإنه يدل على الجلوس وقد عارضه الدليل العقلي الدال على استحالة الجلوس في حقه تعالى فيؤول الاستواء بالاستيلاء أو يجعل الجلوس على العرش كناية عن الملك وإنما قدم المعارض العقلي على الدليل النقلي إذ لا يمكن العمل بهما بأن يحكم بثبوت مقتضى كل منهما لاستلزامه اجتماع النقيضين..].
والله تعالى يقول الحق وهو يهدي السبيل.