مناقشة بعض أفكار الشيخ هيتو سدده الله تعالى التي لا نوافقه عليها:
Posted: Tue Feb 11, 2025 1:32 pm
مناقشة بعض أفكار الشيخ هيتو سدده الله تعالى التي لا نوافقه عليها:
قال سماحة السيد حسن السقاف في مناقشته لبعض أفكار الشيخ محمد حسن هيتو:
بيان أن التحسين والتقبيح العقلي لم يقل به المعتزلة فقط وإنما شاركهم فيه السادة الماتريدية الأحناف من أهل السنة والجماعة وغيرهم بل قال به سادتنا الأشاعرة من حيث لا يشعرون:
هناك من يحاول أن ينقل أقوال بعض الفرق والمذاهب بصورة غير دقيقة سواء من السابقين أو من المعاصرين من العلماء ومن ذلك:
أن الشيخ محمد حسن هيتو الكردي أصلاً الدمشقي منشأ الشافعي مذهباً الألماني إقامة يقول في كتابه "الوجيز في أصول التشريع الإسلامي" ص (91) من الطبعة الثالثة:
[ومصدر التحسين والتقبيح هو الشرع عند الأشاعرة أهل السنة خلافاً للمعتزلة الذين حكموا العقل..](!!)
وأقول: هذا الرجل الفاضل وأمثاله (مصدقين حالهم)!!
قبل أن أكمل نقل بقية كلامه الذي أريد أن أعترض عليه أقول:
الأشاعرة حكَّموا العقل في ذات الله وصفاته يعلم ذلك القاصي والداني وقد عابهم بذلك الحنابلة ومن يدّعي تبني عقائد السلف!
ثم قال الشيخ هيتو بعد أسطر في الصفحة التالية بعدما تكلم كلاماً يجعل طالب العلم – حسب تصوري – تائهاً في القضية حاقداً على المعتزلة ما نصه:
[والخلاصة: أن الحاكم حقيقة هو الشرع بالإجماع وإنما الخلاف في أن العقل هل هو كاف في معرفة الحكم أم لا ...].
وأقول: هذا كلام ينقض بعضه بعضاً!!
والإ كيف أجمعوا؟
وهل هو يدخل المعتزلة في الإجماع؟!
مهما قرأنا الكلام الذي قبل هذا أو بعده مثل قوله بعده:
[فعندنا العقل لا يكفي ولا يدرك ولا حكم إلا للشرع، وعندهم العقل يدرك الحكم من خلال المصالح والمفاسد].
أقول: إن مما يهدم هذا من قوله (فعندنا.. لا حكم إلا للشرع):
أن اجتهاد المجتهدين في الأحكام الفقهية التي لا نص فيها وتفسير الآيات وتصحيح الأحاديث وتضعيفها والحكم على الرجال وأحوالهم من تضعيف أو توثيق وبناء الأحكام على ضوء ذلك واستنباط القواعد الأصولية والفقهية التي وقع فيها الخلاف كل ذلك (تحكيم للعقل) بلا مثنوية! وإن اخترعوا لذلك أجوبة للتملص والتهرب من هذه الحقيقة الثابتة!
وقول السنوسي الأشعري ومن يوافقه في أنه (لا فعل لأحد في الوجود إلا لله) و(أن الإنسان مجبور في صورة مختار) مع تصريح الآيات القرآنية بأن الناس يعملون ويفعلون ويصنعون {وافعلوا الخير} {وما تفعلوا من خير يعلمه الله} {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} فيه تقديم العقل على النقل والشرع!!
فلماذا قدموا استنباط العقل في أنه (لا فعل في الوجود لغير الله تعالى) على النصوص الشرعية التي هي بالمئات والتي تنص وتثبت أن للعبد فعلاً وأن العبد يفعل والله تعالى يأمره فيها بفعل الخيرات؟!
ولا أريد الإسهاب في هذه النقطة بأكثر من ذلك فعندي في ذلك كلام كثير وكثير!
لكنني أعرّج على كلام الشيخ الذي نقلته من كتابه فأقول:
أما تصويره أو إيهامه بأن: (التحسين والتقبيح العقلي) هو مما انفرد به المعتزلة عن أهل السنة وبالتالي هو من شنائع أقوالهم دون أن يذكر بأن السادة الأحناف الماتريدية من أهل السنة والجماعة يقولون به فقصور لا أدري ما هو سببه!!
ومما يبطل قول الشيخ هيتو هنا بنظري:
قول السيد الزبيدي الحنفي الماتريدي السني في "شرح الإحياء" (2/192-193):
[وحاصل ما في المسايرة وشرحه ما نصه: لا نزاع في استقلال العقل بإدراك الحسن والقبح بمعنى صفة الكمال والنقص كالعلم والجهل والعدل والظلم وَرَدَ شرع أم لا وكذا بمعنى ملاءمة الغرض وعدمها كقتل زيد بالنسبة إلى أعدائه وأوليائه وفاقاً منا ومن المعتزلة....... وقالت الأشاعرة قاطبة ليس للعقل نفسه حسن وقبح ذاتيان ولا لصفة توجبهما.... وقالت الحنفية قاطبة بثبوت الحسن والقبح للعقل على الوجه الذي قالته المعتزلة....].
وقال العلامة الزبيدي في "شرح الإحياء" (2/195) أيضاً:
[ تنبيه : قال ابن الهمام : اعلم أن محل الاتفاق في الحسن والقبح العقليين إدراك العقل قبح الفعل بمعنى صفة النقص وحسنه بمعنى صفة الكمال، وكثيراً ما يذهل أكابر الأشاعرة عن محل النزاع في مسألتي التحسين والتقبيح العقليين لكثرة ما يشعرون النفس أن لا تحكم للعقل بحسن ولا قبح فذهب لذلك عن خاطرهم محل الاتفاق حتى تحيَّر كثير منهم في الحكم باستحالة الكذب عليه تعالى لأنه نقص؛ حتى قال بعضهم ونعوذ بالله ممن قال: لا تتم استحالة النقص عليه تعالى إلا على رأي المعتزلة القائلين بالقبح العقلي...]!
وهذا النص من الحافظ الزبيدي يجعلني أفهم أن الشيخ لم يصب فيما قاله هناك في كتابه!
أما المعتزلة فأفصح عن معتقدهم في ذلك القاضي عبد الجبار المعتزلي الشافعي أو تلميذه السيد مانكديم في كتاب "شرح الأصول الخمسة" حيث قال هناك ص (563):
[قال مشايخنا: إن البعثة متى حسنت وجبت، على معنى أنها متى لم تجب قبحت لا محالة، وأنها كالثواب في هذا الباب.... والأفعال ما من شيء منها إلا ويجوز أن يقع على وجهٍ فيحسن، وعلى خلاف ذلك الوجه فيقبح، وأما أن نحكم على فعل من الأفعال بالقبح والحسن بمجرَّده، فلا. إذا أُثْبِتَ هذان الأصلان بطل قول من قال: إن هؤلاء الرسل إن أتوا بما في العقل ففي العقل كفاية عنهم، وإن أتوا بخلافه فيجب أن يكون قولهم مردوداً عليهم غير مقبول منهم، لأن ما تأتي به الرسل والحال ما قلناه لا يكون إلا تفصيل ما تقرر جملته في العقل، فقد ذكرنا أن وجوب المصلحة وقبح المفسدة متقرران في العقل، إلا أنا لما لم يمكنا أن نعلم عقلاً أن هذا الفعل مصلحة وذلك مفسدة، بعث الله تعالى إلينا الرسل ليعرِّفونا ذلك من حال هذه الأفعال، فيكونوا قد جاؤوا بتقرير ما قد ركَّبه الله تعالى في عقولنا، وتفصيل ما قد تقرر فيها، وصار الحال في ذلك كالحال في الأطباء إذا قالوا إن هذا البقل ينفع وذلك يضر، وكنا قد علمنا قبل ذلك أن دفع الضرر عن النفس واجب، وجَرَّ النفع إلى النفس حسن، فكما لا يكون والحال ما قلناه قد أتوا بشيء مخالف للعقل فكذلك حال هؤلاء الرسل..].
فتأمل عبارة (شرح الأصول الخمسة) المبينة لمعنى هذه القضية:
[إلا أنا لما لم يمكنّا أن نعلم عقلاً أن هذا الفعل مصلحة وذلك مفسدة، بعث الله تعالى إلينا الرسل ليعرِّفونا ذلك من حال هذه الأفعال].
أي الله تعالى أي الشرع الذي بين لنا ذلك!
إلى هنا نقف في التعليق على هذه المسألة التي أوردها الشيخ هيتو حول التحسين والتقبيح.
إلا أنني أستغرب من نقله الإجماعات التي لا محل لها من الإعراب!!
فقبل أيام رأيت له مقطع (فيديو) على النت يقول فيه (إن اليد الثابتة لله تعالى في القرآن من أنكرها يكون كافراً بإجماع المسلمين)!!
وهذا تعبير لا يقر عليه:
أولاً: ليس هناك من المسلمين من ينكر آية في كتاب الله تعالى ذكر فيها لفظ اليد أو غيره من الألفاظ.
ثانياً: المسلمون اختلفوا هل هذه الآية تدل على إثبات يد لله تعالى أم هو معنى مجازي آخر، مثل اليدين المضافتان للقرآن الكريم في قوله تعالى: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} أو للعذاب في قوله تعالى: {بين يدي عذاب شديد}!!
وقوله بإجماع المسلمين كارثة كبرى!
فنحن وأكثر الأشاعرة والماتريدية والمعتزلة والإباضية والزيدية والإمامية وغيرهم لا يثبتون يدين ولا يد ولا أيدي لله تعالى مع علمهم أن اليد إضيفت كلفظ لله تعالى في القرآن كما أضيف الجنب والمكر والاستهزاء والنسيان!
قال الإمام أبو منصور الماتريدي في كتابه "تأويلات أهل السنة" (8/705):
[فعلى ذلك ما ذكر من قبضته ويده ويمينه إنما هو الوصف له بالقوة، والسلطان، والقدرة على ذلك].
وقال الإمام الماتريدي أيضاً في ذلك الكتاب (8/538):
[ويحتمل {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}، أي: قوتنا؛ كقوله: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ}، وقوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، أي: بقوة ونحوه، واللَّه أعلم].
وقال الإمام الماتريدي رضي الله عنه في "تأويلات أهل السنة" (7/280):
[وقوله: (عَلَى عَيْنِي): قَالَ بَعْضُهُمْ: لتُغَذَّى على حفظي، يقال: عين اللَّه عليك: أي كن في حفظ اللَّه، وهو قول الحسن وقتادة. وقَالَ بَعْضُهُمْ: لتربي على عيني، أي: على علمي، والأول أشبه].
فكيف صار ما دعاه الشيخ هيتو بإجماع المسلمين؟!
وهل يقال بأن النسيان المذكور في كتاب الله تعالى مضافاً له تعالى من أنكره كفر بإجماع المسلمين؟!
ما هكذا يا سعد تورد الإبل ....
والله تعالى أعلم
قال سماحة السيد حسن السقاف في مناقشته لبعض أفكار الشيخ محمد حسن هيتو:
بيان أن التحسين والتقبيح العقلي لم يقل به المعتزلة فقط وإنما شاركهم فيه السادة الماتريدية الأحناف من أهل السنة والجماعة وغيرهم بل قال به سادتنا الأشاعرة من حيث لا يشعرون:
هناك من يحاول أن ينقل أقوال بعض الفرق والمذاهب بصورة غير دقيقة سواء من السابقين أو من المعاصرين من العلماء ومن ذلك:
أن الشيخ محمد حسن هيتو الكردي أصلاً الدمشقي منشأ الشافعي مذهباً الألماني إقامة يقول في كتابه "الوجيز في أصول التشريع الإسلامي" ص (91) من الطبعة الثالثة:
[ومصدر التحسين والتقبيح هو الشرع عند الأشاعرة أهل السنة خلافاً للمعتزلة الذين حكموا العقل..](!!)
وأقول: هذا الرجل الفاضل وأمثاله (مصدقين حالهم)!!
قبل أن أكمل نقل بقية كلامه الذي أريد أن أعترض عليه أقول:
الأشاعرة حكَّموا العقل في ذات الله وصفاته يعلم ذلك القاصي والداني وقد عابهم بذلك الحنابلة ومن يدّعي تبني عقائد السلف!
ثم قال الشيخ هيتو بعد أسطر في الصفحة التالية بعدما تكلم كلاماً يجعل طالب العلم – حسب تصوري – تائهاً في القضية حاقداً على المعتزلة ما نصه:
[والخلاصة: أن الحاكم حقيقة هو الشرع بالإجماع وإنما الخلاف في أن العقل هل هو كاف في معرفة الحكم أم لا ...].
وأقول: هذا كلام ينقض بعضه بعضاً!!
والإ كيف أجمعوا؟
وهل هو يدخل المعتزلة في الإجماع؟!
مهما قرأنا الكلام الذي قبل هذا أو بعده مثل قوله بعده:
[فعندنا العقل لا يكفي ولا يدرك ولا حكم إلا للشرع، وعندهم العقل يدرك الحكم من خلال المصالح والمفاسد].
أقول: إن مما يهدم هذا من قوله (فعندنا.. لا حكم إلا للشرع):
أن اجتهاد المجتهدين في الأحكام الفقهية التي لا نص فيها وتفسير الآيات وتصحيح الأحاديث وتضعيفها والحكم على الرجال وأحوالهم من تضعيف أو توثيق وبناء الأحكام على ضوء ذلك واستنباط القواعد الأصولية والفقهية التي وقع فيها الخلاف كل ذلك (تحكيم للعقل) بلا مثنوية! وإن اخترعوا لذلك أجوبة للتملص والتهرب من هذه الحقيقة الثابتة!
وقول السنوسي الأشعري ومن يوافقه في أنه (لا فعل لأحد في الوجود إلا لله) و(أن الإنسان مجبور في صورة مختار) مع تصريح الآيات القرآنية بأن الناس يعملون ويفعلون ويصنعون {وافعلوا الخير} {وما تفعلوا من خير يعلمه الله} {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} فيه تقديم العقل على النقل والشرع!!
فلماذا قدموا استنباط العقل في أنه (لا فعل في الوجود لغير الله تعالى) على النصوص الشرعية التي هي بالمئات والتي تنص وتثبت أن للعبد فعلاً وأن العبد يفعل والله تعالى يأمره فيها بفعل الخيرات؟!
ولا أريد الإسهاب في هذه النقطة بأكثر من ذلك فعندي في ذلك كلام كثير وكثير!
لكنني أعرّج على كلام الشيخ الذي نقلته من كتابه فأقول:
أما تصويره أو إيهامه بأن: (التحسين والتقبيح العقلي) هو مما انفرد به المعتزلة عن أهل السنة وبالتالي هو من شنائع أقوالهم دون أن يذكر بأن السادة الأحناف الماتريدية من أهل السنة والجماعة يقولون به فقصور لا أدري ما هو سببه!!
ومما يبطل قول الشيخ هيتو هنا بنظري:
قول السيد الزبيدي الحنفي الماتريدي السني في "شرح الإحياء" (2/192-193):
[وحاصل ما في المسايرة وشرحه ما نصه: لا نزاع في استقلال العقل بإدراك الحسن والقبح بمعنى صفة الكمال والنقص كالعلم والجهل والعدل والظلم وَرَدَ شرع أم لا وكذا بمعنى ملاءمة الغرض وعدمها كقتل زيد بالنسبة إلى أعدائه وأوليائه وفاقاً منا ومن المعتزلة....... وقالت الأشاعرة قاطبة ليس للعقل نفسه حسن وقبح ذاتيان ولا لصفة توجبهما.... وقالت الحنفية قاطبة بثبوت الحسن والقبح للعقل على الوجه الذي قالته المعتزلة....].
وقال العلامة الزبيدي في "شرح الإحياء" (2/195) أيضاً:
[ تنبيه : قال ابن الهمام : اعلم أن محل الاتفاق في الحسن والقبح العقليين إدراك العقل قبح الفعل بمعنى صفة النقص وحسنه بمعنى صفة الكمال، وكثيراً ما يذهل أكابر الأشاعرة عن محل النزاع في مسألتي التحسين والتقبيح العقليين لكثرة ما يشعرون النفس أن لا تحكم للعقل بحسن ولا قبح فذهب لذلك عن خاطرهم محل الاتفاق حتى تحيَّر كثير منهم في الحكم باستحالة الكذب عليه تعالى لأنه نقص؛ حتى قال بعضهم ونعوذ بالله ممن قال: لا تتم استحالة النقص عليه تعالى إلا على رأي المعتزلة القائلين بالقبح العقلي...]!
وهذا النص من الحافظ الزبيدي يجعلني أفهم أن الشيخ لم يصب فيما قاله هناك في كتابه!
أما المعتزلة فأفصح عن معتقدهم في ذلك القاضي عبد الجبار المعتزلي الشافعي أو تلميذه السيد مانكديم في كتاب "شرح الأصول الخمسة" حيث قال هناك ص (563):
[قال مشايخنا: إن البعثة متى حسنت وجبت، على معنى أنها متى لم تجب قبحت لا محالة، وأنها كالثواب في هذا الباب.... والأفعال ما من شيء منها إلا ويجوز أن يقع على وجهٍ فيحسن، وعلى خلاف ذلك الوجه فيقبح، وأما أن نحكم على فعل من الأفعال بالقبح والحسن بمجرَّده، فلا. إذا أُثْبِتَ هذان الأصلان بطل قول من قال: إن هؤلاء الرسل إن أتوا بما في العقل ففي العقل كفاية عنهم، وإن أتوا بخلافه فيجب أن يكون قولهم مردوداً عليهم غير مقبول منهم، لأن ما تأتي به الرسل والحال ما قلناه لا يكون إلا تفصيل ما تقرر جملته في العقل، فقد ذكرنا أن وجوب المصلحة وقبح المفسدة متقرران في العقل، إلا أنا لما لم يمكنا أن نعلم عقلاً أن هذا الفعل مصلحة وذلك مفسدة، بعث الله تعالى إلينا الرسل ليعرِّفونا ذلك من حال هذه الأفعال، فيكونوا قد جاؤوا بتقرير ما قد ركَّبه الله تعالى في عقولنا، وتفصيل ما قد تقرر فيها، وصار الحال في ذلك كالحال في الأطباء إذا قالوا إن هذا البقل ينفع وذلك يضر، وكنا قد علمنا قبل ذلك أن دفع الضرر عن النفس واجب، وجَرَّ النفع إلى النفس حسن، فكما لا يكون والحال ما قلناه قد أتوا بشيء مخالف للعقل فكذلك حال هؤلاء الرسل..].
فتأمل عبارة (شرح الأصول الخمسة) المبينة لمعنى هذه القضية:
[إلا أنا لما لم يمكنّا أن نعلم عقلاً أن هذا الفعل مصلحة وذلك مفسدة، بعث الله تعالى إلينا الرسل ليعرِّفونا ذلك من حال هذه الأفعال].
أي الله تعالى أي الشرع الذي بين لنا ذلك!
إلى هنا نقف في التعليق على هذه المسألة التي أوردها الشيخ هيتو حول التحسين والتقبيح.
إلا أنني أستغرب من نقله الإجماعات التي لا محل لها من الإعراب!!
فقبل أيام رأيت له مقطع (فيديو) على النت يقول فيه (إن اليد الثابتة لله تعالى في القرآن من أنكرها يكون كافراً بإجماع المسلمين)!!
وهذا تعبير لا يقر عليه:
أولاً: ليس هناك من المسلمين من ينكر آية في كتاب الله تعالى ذكر فيها لفظ اليد أو غيره من الألفاظ.
ثانياً: المسلمون اختلفوا هل هذه الآية تدل على إثبات يد لله تعالى أم هو معنى مجازي آخر، مثل اليدين المضافتان للقرآن الكريم في قوله تعالى: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} أو للعذاب في قوله تعالى: {بين يدي عذاب شديد}!!
وقوله بإجماع المسلمين كارثة كبرى!
فنحن وأكثر الأشاعرة والماتريدية والمعتزلة والإباضية والزيدية والإمامية وغيرهم لا يثبتون يدين ولا يد ولا أيدي لله تعالى مع علمهم أن اليد إضيفت كلفظ لله تعالى في القرآن كما أضيف الجنب والمكر والاستهزاء والنسيان!
قال الإمام أبو منصور الماتريدي في كتابه "تأويلات أهل السنة" (8/705):
[فعلى ذلك ما ذكر من قبضته ويده ويمينه إنما هو الوصف له بالقوة، والسلطان، والقدرة على ذلك].
وقال الإمام الماتريدي أيضاً في ذلك الكتاب (8/538):
[ويحتمل {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}، أي: قوتنا؛ كقوله: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ}، وقوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، أي: بقوة ونحوه، واللَّه أعلم].
وقال الإمام الماتريدي رضي الله عنه في "تأويلات أهل السنة" (7/280):
[وقوله: (عَلَى عَيْنِي): قَالَ بَعْضُهُمْ: لتُغَذَّى على حفظي، يقال: عين اللَّه عليك: أي كن في حفظ اللَّه، وهو قول الحسن وقتادة. وقَالَ بَعْضُهُمْ: لتربي على عيني، أي: على علمي، والأول أشبه].
فكيف صار ما دعاه الشيخ هيتو بإجماع المسلمين؟!
وهل يقال بأن النسيان المذكور في كتاب الله تعالى مضافاً له تعالى من أنكره كفر بإجماع المسلمين؟!
ما هكذا يا سعد تورد الإبل ....
والله تعالى أعلم