بيان معنى صفة العلم في حق الله تبارك وتعالى:
Posted: Wed Feb 26, 2025 10:51 am
بيان معنى صفة العلم في حق الله تبارك وتعالى:
قال سماحة السيد حسن السقاف:
اعلم أن العلم من صفات الله تعالى الواجبة في حقه وقد وصف الله عزّ وجل نفسه بالعلم في كتابه العزيز وكذلك وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}النساء: 32، وقال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}يونس: 61.
وقال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}الأنعام: 59.
وقال تعالى حكاية عن سيدنا عيسى إنه يقول لله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ}المائدة: 116.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه علّم أصحابه دعاء الاستخارة وفيه ((اللهم إنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علاّم الغيوب)) رواه البخاري (3/48) وغيره.
فمعنى العالِم: هو الموصوف بالعلم الأزلي الأبدي الذي لا يتغيّر ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
قال الإمام الجنيد رحمه الله تعالى: ((عَلِمَ الحقُّ ما كان وما يكون وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون)).
قلت: وهو كلام محقق راسخ في فهم الكتاب والسنة.
ودليل الجملة الثالثة وهي قوله ((وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون)) قوله تعالى {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}الأنعام: 28.
وقال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في ((الإحياء)) (1/90):
[وأنه عالم بجميع المعلومات، محيط بما يجري من تُخُومِ الأرضين إلى أعلى السموات، وأنه عالم لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، بل يعلم دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، ويدرك حركة الذَّرِّ في جو الهواء، ويعلم السر وأخفى، ويطّلع على هواجس الضمائر، وحركات الخواطر، وخفيات السرائر بعلم قديم أزلي لم يزل موصوفاً به في أزل الآزال، لا بعلم متجدد حاصل في ذاته بالحلول والانتقال] انتهى.
ومعنى (أن الله تعالى يعلم السر وأخفى) أي أنه سبحانه يعلم السر وهو ما في القلب من الخواطر والهواجس، وأما الأخفى فهو الخاطر القلبي قبل وروده على القلب وقبل أن يفكر صاحبه فيه؟!
(فائــــدة): قال الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (9/84):
((واختلف العلماء في الكلام المباح، هل يكتبه الملكان أم لا يكتبان إلا المستحب الذي فيه أجر، والمذموم الذي فيه تبعه؟ والصحيح كتابة الجميع لعموم النص في قوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}ق:18، ثم ليس إلى الملكين اطِّلاعٌ على النيات والإخلاص بل يكتبان النطق، وأما السرائر الباعثة للنطق فالله يتولاَّها)).
[تنبيه مهم]: يجب أن نعتقد بأن الملائكة والأنبياء لا يعلمون الغيب، وإنما الذي يعلم الغيب هو الله وحده، وقد يُطْلِعُ اللهُ تبارك وتعالى الأنبياءَ والملائكةَ على بعض الغيب، أي قد يطلعهم على بعض الأمور التي حصلت في الماضي ولم يشهدوها أو تحصل أو ستحصل في المستقبل، كما أطلع سيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم على أخبار آخر الزمان وأمارات الساعة التي فيها مثلاً ((تطاول الحفاة الرعاة رعاء الشاة في البنيان)) والفتن وغير ذلك، قال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}الجن:26-27، وقال تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ}النمل: 65، وقال تعالى: {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}سبأ: 14.
ومنه نعلم خطأ من يزعم بأن سيدنا رسول صلى الله عليه وآله وسلم يعلم
الغيب، وأيضاً كفر من يزعم بأنه كان يعلم القرآن قبل نزوله عليه، لأنه في قوله هذا يُكَذِّبُ قول الله تعالى: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ}الشورى:52، وقوله تعالى: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}النساء: 113، وقوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى} الضحى: 7، أي لا تعرف هذه الشريعة فهداك إليها وعلّمك إياها.
قال سماحة السيد حسن السقاف:
اعلم أن العلم من صفات الله تعالى الواجبة في حقه وقد وصف الله عزّ وجل نفسه بالعلم في كتابه العزيز وكذلك وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}النساء: 32، وقال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}يونس: 61.
وقال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}الأنعام: 59.
وقال تعالى حكاية عن سيدنا عيسى إنه يقول لله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ}المائدة: 116.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه علّم أصحابه دعاء الاستخارة وفيه ((اللهم إنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علاّم الغيوب)) رواه البخاري (3/48) وغيره.
فمعنى العالِم: هو الموصوف بالعلم الأزلي الأبدي الذي لا يتغيّر ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
قال الإمام الجنيد رحمه الله تعالى: ((عَلِمَ الحقُّ ما كان وما يكون وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون)).
قلت: وهو كلام محقق راسخ في فهم الكتاب والسنة.
ودليل الجملة الثالثة وهي قوله ((وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون)) قوله تعالى {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}الأنعام: 28.
وقال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في ((الإحياء)) (1/90):
[وأنه عالم بجميع المعلومات، محيط بما يجري من تُخُومِ الأرضين إلى أعلى السموات، وأنه عالم لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، بل يعلم دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، ويدرك حركة الذَّرِّ في جو الهواء، ويعلم السر وأخفى، ويطّلع على هواجس الضمائر، وحركات الخواطر، وخفيات السرائر بعلم قديم أزلي لم يزل موصوفاً به في أزل الآزال، لا بعلم متجدد حاصل في ذاته بالحلول والانتقال] انتهى.
ومعنى (أن الله تعالى يعلم السر وأخفى) أي أنه سبحانه يعلم السر وهو ما في القلب من الخواطر والهواجس، وأما الأخفى فهو الخاطر القلبي قبل وروده على القلب وقبل أن يفكر صاحبه فيه؟!
(فائــــدة): قال الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (9/84):
((واختلف العلماء في الكلام المباح، هل يكتبه الملكان أم لا يكتبان إلا المستحب الذي فيه أجر، والمذموم الذي فيه تبعه؟ والصحيح كتابة الجميع لعموم النص في قوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}ق:18، ثم ليس إلى الملكين اطِّلاعٌ على النيات والإخلاص بل يكتبان النطق، وأما السرائر الباعثة للنطق فالله يتولاَّها)).
[تنبيه مهم]: يجب أن نعتقد بأن الملائكة والأنبياء لا يعلمون الغيب، وإنما الذي يعلم الغيب هو الله وحده، وقد يُطْلِعُ اللهُ تبارك وتعالى الأنبياءَ والملائكةَ على بعض الغيب، أي قد يطلعهم على بعض الأمور التي حصلت في الماضي ولم يشهدوها أو تحصل أو ستحصل في المستقبل، كما أطلع سيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم على أخبار آخر الزمان وأمارات الساعة التي فيها مثلاً ((تطاول الحفاة الرعاة رعاء الشاة في البنيان)) والفتن وغير ذلك، قال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}الجن:26-27، وقال تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ}النمل: 65، وقال تعالى: {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}سبأ: 14.
ومنه نعلم خطأ من يزعم بأن سيدنا رسول صلى الله عليه وآله وسلم يعلم
الغيب، وأيضاً كفر من يزعم بأنه كان يعلم القرآن قبل نزوله عليه، لأنه في قوله هذا يُكَذِّبُ قول الله تعالى: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ}الشورى:52، وقوله تعالى: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}النساء: 113، وقوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى} الضحى: 7، أي لا تعرف هذه الشريعة فهداك إليها وعلّمك إياها.