Page 1 of 1

مسائل في العقيدة ، نقلاً عن صفحة العقيدة الحقة:

Posted: Sat Apr 12, 2025 10:16 am
by عود الخيزران
مسائل في العقيدة ، نقلاً عن صفحة العقيدة الحقة:

إن الناظر اليوم في معظم كتب العقيدة المعاصرة، وخاصة الأكاديمية منها ليجد أن مؤلفي هذه الكتب و(الدوسيات) قد قسّموا التوحيد إلى ثلاثة أقسام (ربوبية/ألوهية/أسماء وصفات) سيراً على خطى ابن تيمية في إحداث هذا التقسيم الذي لم تعرفه الأمة قبل ذلك إلى سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وضرباً بما عليه أمة الإسلام قبل ابن تيمية وبعده عرض الحائط !

والبعض يتنزل ويقول أنهم يعتمدون هذا التقسيم لغاية توضيح التوحيد للطلاب لا أكثر، ويكأن طلاب كليات الشريعة أطفال يراد لهم أن يتعلموا أصول الدين من خلال الأغاليط ذات اللوازم الكارثية بحجة تسهيل المسائل عليهم، فيخرج الواحد منهم بكوارث في أصول الدين، والغاية الساذجة (تبسيط المعلومة) لا تبرر الوسيلة الخبيثة (تقسيم التوحيد)، وفيما يلي نقاط نقاشية حول القول بالتقسيم الثالوثي المزعوم:

١. من اللوازم الكارثية للقول بهذا التقسيم إدخال بعض المشركين والكافرين ككفار قريش في أحد أقسام التوحيد (توحيد الربوبية)، بالمقابل إخراج كل من خالف صاحب التقسيم في الأسماء والصفات أو التوسل وغيره من دائرة أهل السنة ودائرة الإسلام في أحيان كثيرة، وما هذا إلا عين الضلال المبين.

….

٢. إن من يقول بأن كفار قريش موحدين لله توحيد ربوبية فإنه قد افترى على الله كذباً ووقع في تكذيب القرآن الكريم، فإن قيل أن توحيدهم مذكور على لسانهم في الآية (٣) من سورة الزمر في قوله تعالى {ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}، فإنه ينبغي أن يعلم طالب العلم والحقيقة أن سادتنا الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام- كانوا أصحاب حجة وبرهان وجدال حسن {وجادلهم بالتي هي أحسن}، {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه}، {قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا}، فالأنبياء كانوا في مناظرات ونقاش وإلزام دائم للمشركين من أقوامهم، وحين كان بعض المشركين يفلس في الحجة فإنه كان يدعي ادعاءً واهياً بأنه يعبد الأصنام كواسطة تقربه إلى الله، والله سبحانه يكذّب هذا الادعاء في ذات الآية في سورة الزمر فيختم الآية -التي يصحح بها القوم بعض توحيد كفار قريش- بقوله تعالى {إن الله لا يهدي من هو كاذب كفّار}، (كاذب) بمعنى أنهم كاذبون في دعواهم بأنهم يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله، و(كفّار) صيغة مبالغة لتدل على نفي أي توحيد في قلوب هؤلاء !

….

٣. ثم إن هناك عدداً من النصوص القرآنية التي تنسف هذه الهرطقات، منها:

{ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون} الزخرف ٨٧
والإفك: هو أشد الكذب.

{واتخذوا من دون الله آلهة} مريم ٨١ / يس ٧٤
قال (من دون الله) ولم يقل (مع الله).

{وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن}
الفرقان ٦٠
فهم لم يكونوا يعرفونه ولا يوحدونه أبداً !

{كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن} الرعد ٣٠
إذن كفار قريش لم يكونوا موحدين توحيد ربوبية البتة، بل هم كاذبون بدعواهم بنص القرآن الكريم.

….

٤. يحق لنا التساؤل بعد النظر في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا كان هذا التقسيم لا ذكر له في القرآن وصحيح السنة فما الهدف من ابتكاره؟ هل يكون من جملة ذلك تكفير المتوسلين بالأنبياء والصالحين ؟!
فنجد أنهم يعنون (بتوحيد الألوهية):
أن يعبد الله وحده ولا يشرك معه في العبادة.
فيعتبرون المتوسل والمستغيث أو من خاطب ميتاً بأنه مشرك قد عبد غير الله لحديث (الدعاء هو العبادة) -بصرف النظر عن كلام المحدثين فيه- فيشرّكون ويكفّرون بهذا التقسيم كبار العلماء وعدداً كبيراً من المسلمين عبر الأزمان المتطاولة من تاريخ الأمة !



٥. ثم إن ابن تيمية يفرّق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، مع أن (الرب) هو (الإله) في لغة العرب، قال الزبيدي في تاج العروس:
"الرب هو الله عز وجل وهو رب كل شيء أي مالكه"
وقال صاحب مقاييس اللغة:
"الإله هو الله تعالى"
فلم هذا التفريق العبثي بين (الرب) و (الإله) ؟!


٦. إن المتأمل في توحيد الأسماء والصفات وما يعنونه به ليعلم بأن المقصود منه أن يكون المرء على عقيدة التجسيم والتشبيه -والعياذ بالله- فنجد أن ابن تيمية قال في كتابه العقيدة الواسطية:
"توحيد الأسماء والصفات هو الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه، وبما وصف به رسوله محمد من غير تكييف ولا تمثيل"

فمن ينزه الله عن (النسيان) {فاليوم ننساهم} ويعتبر النسيان هنا بمعنى (نتركهم في العذاب) فهو منكر ومعطل لما ورد في كتاب الله في حق الله، وكذلك من ينزه الله عن (الظل) "سبعة يظلهم الله في ظله" ويعتبر الظل بمعنى الكنف والعناية فهو منكر ومعطل لما ورد في السنة الشريفة، وهذا الحال مع سائر النصوص على فهم القوم !



٧. ثم بماذا يمتاز ابن تيمية على سائر الأمة ليُعتبر تقسيمه ويُرفض أي تقسيم للتوحيد من بعده ؟!
بل قال صالح الفوزان حين سئل في أحد دروسه عن حكم من ينكر تقسيم ابن تيمية للتوحيد، فقال:
"هذا كلام ملحد والعياذ بالله، لا يوجد مسلم يقول بهذا الكلام" !!
كلام الفوزان بالصوت والصورة:
https://youtu.be/UIIJXTlUOyo?si=heThob13xFiH4zQV

ومع فتح باب تقسيم التوحيد جاء المودودي وابتكر قسماً رابعاً سمّاه (توحيد الحاكمية) وتابعه عليه الألباني وإن حاول البعض نفي ذلك عنه !

ومع فتح هذا الباب على مصراعيه قد يأتي زمان على المسلمين -لا قدر الله- فيجدون في بعض كتب التوحيد المستقبلية والأكاديمية ١٠ أقسام للتوحيد بدعوى التبسيط لطلاب العلم الشرعي !

نعوذ بالله من الزيغ والضلال بعد تبيان نور الحق والهدى.

والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.