إبطال الاستدلال ببيت ينسب إلى الأخطل ، على مسألة أن حديث النفس يسمى كلاماً :
Posted: Sat Apr 19, 2025 11:46 am
إبطال الاستدلال ببيت ينسب إلى الأخطل ، على مسألة أن حديث النفس يسمى كلاماً :
قال سماحة السيد المحدّث حسن السقاف في كتابه "شرح جوهرة التوحيد":
والذين زعموا أن الكلام يطلق على حديث النفس جعلوا عمدة استدلالهم ذلك البيت الذي نسبوه للأخطل :
إن الكلامَ لفي الفؤادِ وإنما
جُعِلَ اللِّسان على الفؤادِ دَليلا
وتمام هذا الشعر هو كالآتي :
لا يعجبنك من خطيبٍ قولـه
حتى يكــون مع الكلام أصيلا
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
جعل اللسان على الفؤاد دليلا
والجواب على هذا البيت من وجوه :
الأول : أن هذا البيت ليس من شعر الأخطل ولم نجده في ديوانه ، وقد أنكر كونه من شعر الأخطل قوم ، وإنما أَلَّفَه وصنعه أُناسٌ لينصروا مذهبهم .
ومما أعجبني أيضاً في نقد بيت الأخطل ما نقله العلامة الزبيدي في
(( شرح الإحياء )) (2/146) حيث أورده هناك ثم قال عقبه :
[ وقد أنكره العلاء المرداوي من الحنابلة في شرح تحرير الأصول ، وقال هو موضوع على الأخطل وليس هو في نسخ ديوانه، وإنما هو لابن الصمصام ولفظه ( إن البيان ) اهـ وقد استرسل بعض علماءنا من الذين لهم تقدّم ووجاهة وهو علي بن علي بن محمد بن الغزي الحنفي فقال في شرح عقيدة الطحاوي ما نصه: وأما من قال إنه معنى واحد واستدل بقول الأخطل المذكور فاستدلال فاسد ، ولو استدل مستدل بحديث في الصحيحين لقالوا هذا خبر واحد ويكون مما اتفق العلماء على تصديقه وتلقيه بالقبول والعمل به فكيف وهذا البيت قد قيل إنه مصنوع منسوب إلى الأخطل وليس هو في ديوانه ، وقيل إنما قال : إن البيان لفي الفؤاد ، وهذا أقرب إلى الصحة وعلى تقدير صحته عنه فلا يجوز الاستدلال به فإن النصارى قد ضلوا في معنى الكلام وزعموا أن عيسى عليه السلام نفس كلمة الله واتحد اللاهوت بالناسوت ، أي شيء من الإله بشيء من الناس فيستدل بقول نصراني قد ضل في معنى الكلام ويترك ما يعلم من معنى الكلام في لغة العرب ، وأيضاً فمعناه غير صحيح إذ لازمه أن الأخرس يسمى متكلماً لقيام الكلام وإن لم ينطق به ولم يسمع وهذا معنى عجيب .. ] .
الثاني : أن معنى البيت خلاف ما يدَّعون ! فمعناه كما هو ظاهر :
أنَّ أصلَ الكلام هو المعنى النابع من القلب فاذا نطق المرء بلسانه ما ليس فى قلبه فلا ثقة بما يقول ، ولا تعويل عليه ، وهذا مثل قوله تعالى عن المنافقين { يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } الفتح : 11 ، ولهذا قال الشاعر قائل هذه الأبيات ـ على ما يحكونه ـ :
لا يعجبنك من أثير لفظه
حتى يكون مع الكلام أصيلاً
إن الكلام لفى الفؤاد وانما
جعل اللسان على الفؤاد دليلا
نهاه أن يعجب بقوله اللساني حتى يعلم ما في قلبه ووجدانه مما يعتقده ، ولهذا قال : ( حتى يكون مع الكلام أصيلاً ) ، وقوله ( مع الكلام ) يدل على أن الكلام هو اللفظ الذي يظهر من المرء مع عدم العلم هل يقول صاحبه ذلك بقلبه ويعتقده أم لا ، يعني مع عدم العلم هل يقوم معنى هذا الكلام بقلب صاحبه أم لا .
فحقيقة معنى البيت على عكس قصدهم وهو استدلال بضد ما يريدون .
الثالث : أن أصحاب أمهات المعاجم اللغوية لم يوردوا هذا البيت ولم يستدلوا به .
وقد بيَّن النحاة أن الكلام هو ( اللفظ المركب المفيد بالوضع ) ، وقال ابن مالك في ألفيته
كلامنا لفظ مفيد كاستقم .. )
قال سماحة السيد المحدّث حسن السقاف في كتابه "شرح جوهرة التوحيد":
والذين زعموا أن الكلام يطلق على حديث النفس جعلوا عمدة استدلالهم ذلك البيت الذي نسبوه للأخطل :
إن الكلامَ لفي الفؤادِ وإنما
جُعِلَ اللِّسان على الفؤادِ دَليلا
وتمام هذا الشعر هو كالآتي :
لا يعجبنك من خطيبٍ قولـه
حتى يكــون مع الكلام أصيلا
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
جعل اللسان على الفؤاد دليلا
والجواب على هذا البيت من وجوه :
الأول : أن هذا البيت ليس من شعر الأخطل ولم نجده في ديوانه ، وقد أنكر كونه من شعر الأخطل قوم ، وإنما أَلَّفَه وصنعه أُناسٌ لينصروا مذهبهم .
ومما أعجبني أيضاً في نقد بيت الأخطل ما نقله العلامة الزبيدي في
(( شرح الإحياء )) (2/146) حيث أورده هناك ثم قال عقبه :
[ وقد أنكره العلاء المرداوي من الحنابلة في شرح تحرير الأصول ، وقال هو موضوع على الأخطل وليس هو في نسخ ديوانه، وإنما هو لابن الصمصام ولفظه ( إن البيان ) اهـ وقد استرسل بعض علماءنا من الذين لهم تقدّم ووجاهة وهو علي بن علي بن محمد بن الغزي الحنفي فقال في شرح عقيدة الطحاوي ما نصه: وأما من قال إنه معنى واحد واستدل بقول الأخطل المذكور فاستدلال فاسد ، ولو استدل مستدل بحديث في الصحيحين لقالوا هذا خبر واحد ويكون مما اتفق العلماء على تصديقه وتلقيه بالقبول والعمل به فكيف وهذا البيت قد قيل إنه مصنوع منسوب إلى الأخطل وليس هو في ديوانه ، وقيل إنما قال : إن البيان لفي الفؤاد ، وهذا أقرب إلى الصحة وعلى تقدير صحته عنه فلا يجوز الاستدلال به فإن النصارى قد ضلوا في معنى الكلام وزعموا أن عيسى عليه السلام نفس كلمة الله واتحد اللاهوت بالناسوت ، أي شيء من الإله بشيء من الناس فيستدل بقول نصراني قد ضل في معنى الكلام ويترك ما يعلم من معنى الكلام في لغة العرب ، وأيضاً فمعناه غير صحيح إذ لازمه أن الأخرس يسمى متكلماً لقيام الكلام وإن لم ينطق به ولم يسمع وهذا معنى عجيب .. ] .
الثاني : أن معنى البيت خلاف ما يدَّعون ! فمعناه كما هو ظاهر :
أنَّ أصلَ الكلام هو المعنى النابع من القلب فاذا نطق المرء بلسانه ما ليس فى قلبه فلا ثقة بما يقول ، ولا تعويل عليه ، وهذا مثل قوله تعالى عن المنافقين { يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } الفتح : 11 ، ولهذا قال الشاعر قائل هذه الأبيات ـ على ما يحكونه ـ :
لا يعجبنك من أثير لفظه
حتى يكون مع الكلام أصيلاً
إن الكلام لفى الفؤاد وانما
جعل اللسان على الفؤاد دليلا
نهاه أن يعجب بقوله اللساني حتى يعلم ما في قلبه ووجدانه مما يعتقده ، ولهذا قال : ( حتى يكون مع الكلام أصيلاً ) ، وقوله ( مع الكلام ) يدل على أن الكلام هو اللفظ الذي يظهر من المرء مع عدم العلم هل يقول صاحبه ذلك بقلبه ويعتقده أم لا ، يعني مع عدم العلم هل يقوم معنى هذا الكلام بقلب صاحبه أم لا .
فحقيقة معنى البيت على عكس قصدهم وهو استدلال بضد ما يريدون .
الثالث : أن أصحاب أمهات المعاجم اللغوية لم يوردوا هذا البيت ولم يستدلوا به .
وقد بيَّن النحاة أن الكلام هو ( اللفظ المركب المفيد بالوضع ) ، وقال ابن مالك في ألفيته
