رد سماحة العلّامة المحدث حسن السقاف على من دافع بالباطل عن أبي الحسن الأشعري:
Posted: Wed May 14, 2025 11:14 pm
رد سماحة العلّامة المحدث حسن السقاف على من دافع بالباطل عن أبي الحسن الأشعري:
كتب أحد المدافعين بالباطل عن أبي الحسن الأشعري يرد على العبد الفقير الموازنة التي ذكرتها بين الإمام أبي منصور الماتريدي والأشعري فأخطأ السبيل في رده علي فأحببت أن أعرض كلامه وأبين زيفه وأنه ليس بشيء!
والعجب أن بعض المعلقين يكابرون ويدافعون بالباطل ويلجأوون إلى تبريرات وتسويغات متكلفة ممجوجة باللف والدوران! مع وضوح الأمر وخطأ كل من قال بإثبات الوجه واليدين الثنتين والعينين الثنتين والأصابع والنزول ونحو هذه الألفاظ لله تعالى كائناً من كان القائل بذلك سواء الأشعري أو غيره!
وهم معرضون عن أساليب اللغة وما يقصده العرب من هذه الجمل التي جاءت فيها هذه الألفاظ! وقد بين الله تعالى أن هذه النصوص إنما جاءت بلسان عربي مبين!
حتى قال الحافظ أبو حيان في تفسيره البحر المحيط ( 4/316 طبعة دار الفكر):
[وقال قوم منهم القاضي أبوبكر بن الطيب : هذه كلها صفات زائدة على الذات ثابتة لله تعالى من غير تشبيه ولا تحديد ، وقال قوم منهم الشعبي وابن المسبب والثوري نؤمن بها ونقرُّ كما نصت ولا نُعَيّن تفسيرها ولا يسبق النظر فيه . وهذان القولان حديث مَنْ لم يمعن النظر في لسان العرب]. فتأمل!!
وحُق لهذا القول الصريح الجريء من الحافظ أبي حيان أن يكتب بالذهب !!
ونرى أن التعصب لزيد وعمرو من الناس الذين يصيبون ويخطئون فيثبتون مثل اليدين والعينين والأصابع والكفين والساق والقدم لله تعالى أكثر من التعصب لله تعالى الواحد القهار الذي ليس كمثله شيء ولم يكن له كفواً أحد! فالقوم يدافعون عن بعض الأشخاص أكثر مما يدافعون وينزهون الله سبحانه وتعالى!
ولنذكر ما قاله ذاك المدافع بالباطل ثم نعرج على بيان خطئه وعم صوابه:
قال هداه الله تعالى:
[عبدالوهاب قداري
حسن بن علي السقاف
أخي الكريم، راجع نقولاتك عن الإمام أبي الحسن الأشعري، فإن فيها اضطرابًا بيِّنًا، ومخالفات لما قرّره في كتبه المعتمدة، وأدعوك إلى التثبت والتجرّد، فإن العلم أمانة، وقد قال تعالى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾.
#أولًا: "هل قال الأشعري إن لله يدين "حقيقيتين على ظاهرهما"؟
#الجواب: لم يقل ذلك مطلقًا.
بل صرّح في الإبانة بنفي التجسيم والتأويل، فقال:
"معنى قوله تعالى: ﴿بيدي﴾ إثبات يدين #ليستا_جارحتين، ولا قدرتين، ولا نعمتين. لا يوصفان إلا بأن يقال: إنهما يدان ليستا كالأيدي،
خارجتان عن سائر الوجوه الثلاثة.
"
(الإبانة عن أصول الديانة، ص 134، ط دار المعارف)
فبيَّن أن "اليدان" ليستا جارحتين (ردًّا على المجسّمة)، ولا قدرتين ولا نعمتين (ردًّا على المؤوّلين)، وأثبت اللفظ مع تفويض المعنى ونفي الكيف، وهذا هو مذهب الإثبات والتفويص.
#ثانيًا: ما موقفه من قول المجسّمة؟
قال الإمام في مقالات الإسلاميين:
"وقالت #المجسمة: له يدان ورجلان ووجه وعينان وجنب،
يذهبون إلى الجوارح والأعضاء.
"
(مقالات الإسلاميين، 1/173، ط زرزور)
فهل ترى أنه يوافقهم؟ بل هو يذكر قولهم ويُبيِّن ضلاله.
ثم ذكر قول أهل الحديث الذين لا يثبتون الجوارح:
"فنقول: وجه #بلا_كيف ويدان وعينان #بلا_كيف."
أي إثبات اللفظ مع نفي الكيفيّة، دون الدخول في معنى مخصوص، وهذا عين التفويض لا الإثبات على الظاهر كما توهمت.
#ثالثًا: ماذا عن صفة "الجنب"؟
نعم، نُقل عن الأشعري إثبات "الجنب" على جهة الاتّباع للنص، لكن دون أن يُفسِّره بالجارحة، بل الجارحة من قول المجسّمة كما صرّح:
"يذهبون إلى الجوارح والأعضاء."
والأشعري تبرأ من هذا القول وبيَّن ضلالهم.
#النتيجة_العلمية:
الإمام الأشعري لا يُثبِت اليدين على الظاهر ولا يقول إنهما حقيقتان جارحتان.
صرّح بنفي الجارحة، ونفي التأويل، وإثبات اللفظ مع تفويض المعنى وتنزيه المولى عز وجل.
ما نسبته إليه من قول "يدان حقيقيتان على ظاهرهما" لا أصل له في كتبه، بل مخالفٌ لها.
فأوصيك – نُصحًا لا خصومة – أن تراجع نقولاتك، وأن تتجرّد في فهم كلام الأئمة، وألا تُلزمهم بما لم يلتزموه، فإن دين الله أعظم من أن يُنقل بالظنون أو بالتحامل.
وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَلاَ حولَ ولاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللّه].
هذا كلام المعترض الناقل وأقول في بيان خطئهخ فيما قال مختصراً وبالله التوفيق:
قوله:
[#أولًا: "هل قال الأشعري إن لله يدين "حقيقيتين على ظاهرهما"؟
#الجواب: لم يقل ذلك مطلقًا.
بل صرّح في الإبانة بنفي التجسيم والتأويل].
فجوابه:
أن كلامه هذا غير صحيح!
فقد قال الأشعري في الإبانة ص (200) من الطبعة التي بتحقيقنا طبع دار الإمام النووي:
[كذلك قوله تعالى : { لما خلقت بيدي } على ظاهره أو حقيقته من إثبات اليدين، ولا يجوز أن يعدل به عن ظاهر اليدين إلى ما ادعاه خصومنا إلا بحجة].
وكذلك قال الأشعري في نفس الصحيفة:
[بل واجب أن يكون قوله تعالى : { لما خلقت بيدي } إثبات يدين لله تعالى في الحقيقة غير نعمتين].
فظهر بذلك أن الأشعري يقول اليدان وغيرهما على الظاهر والحقيقة!
وبطل كلام المعترض واعتراضه عليَّ!
وظهر فساد ردك لما أقول!
قال السبكي - رداً على من يقول بالظاهر الذي يقول به الأشعري في النص الذي نقلته لك قبل قليل من الإبانة! - في "الطبقات" (5/192):
[إنما المصيبة الكبرى والداهية الدهياء الإصرار على الظاهر والاعتقاد أنه المراد].
وقال ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (13/432) عند شرح الحديث رقم (7444):
[فمن أجرى الكلام على ظاهره أفضى به الأمر إلى التجسيم ومن لم يتضح له وعلم أن الله مُنَزَّهٌ عن الذي يقتضيه ظاهرها إما أن يُكَذِّب نَقَلَتها وإما أن يُؤَوِّلها].
وقد شهد ابن حزم بأن إثبات اليدين والعينين الذي يقول به الأشعري يعتبر من التجسيم والتشبيه!
قال الأشعري في "المقالات" (1/345): [وأن له عينين بلا كيف كما قال {تجري بأعيننا}].
فعلَّق على هذا ابن حزم فقال في "الفصل في الملل والنحل" (2/127):
[وقال الأشعري إن المراد بقول الله تعالى أيدينا إنما معناه اليدان وإن ذكر الأعين إنما معناه عينان وهذا باطل مُدْخِلٌ في قول المجسمة]!!
وأزيدك من الشعر بيتاً! في تصريح الأشعري بالجهة وأن الله تعالى عما يقول يسكن في السماء!:
قال أبو الحسن الأشعري ص (178) في "الإبانة":
[وأجمعت الأمة على أن الله سبحانه رفع عيسى صلى الله عليه وسلم إلى السماء، ومن دعاء أهل الإسلام جميعاً إذا هم رغبوا إلى الله تعالى في الأمر النازل بهم يقولون جميعاً: يا ساكن السماء ومن خلفهن جميعاً: لا والذي احتجب بسبع سموات].
وقوله (يا ساكن السماء) و (والذي احتجب بسبع سماوات) تجسيم صريح!
ويكفي هذا لبيان أن كلام المعترض غير صحيح واعتراضه علي ليس في محله!
أما قوله:
[ثانيًا: ما موقفه من قول المجسّمة؟
قال الإمام في مقالات الإسلاميين:
"وقالت #المجسمة: له يدان ورجلان ووجه وعينان وجنب،
يذهبون إلى الجوارح والأعضاء.
"
(مقالات الإسلاميين، 1/173، ط زرزور)
فهل ترى أنه يوافقهم؟ بل هو يذكر قولهم ويُبيِّن ضلاله.
ثم ذكر قول أهل الحديث الذين لا يثبتون الجوارح:
"فنقول: وجه #بلا_كيف ويدان وعينان #بلا_كيف."
أي إثبات اللفظ مع نفي الكيفيّة، دون الدخول في معنى مخصوص، وهذا عين التفويض لا الإثبات على الظاهر كما توهمت].
أقول مجيباً:
الذي يُثبت يدين ثنتين لله تعالى ويثبت الأصابع والوجه والعينين لا يبرأ من التجسيم ولا يخرج منه! ولو قال كابن تيمية بلا تشبيه ولا تمثيل ولا...!
لأن اليد في لغة العرب إما أن تحمل على الظاهر والحقيقة ويراد بها الجارحة وإما أن تحمل على المجاز ويراد بها القدرة أو النعمة أو القوة حسب السياق الذي وردت فيه!
أما تمييع القضية بزعم أنها صفة لله تعالى على الحقيقة وعلى ظاهرها وليست القدرة ولا القوة ولا النعمة ولا الجارحة ولا كذا ولا كذا فهو من الألغاز والأحاجي والذهاب إلى أن بعض آيات القرآن بالكلمات الواضحة لا معنى لها!
وهو جنوح إلى التجسيم بطريقة فنية وثعلبية!
فهم يقولون: آمنوا بصفة الوجه والاستواء وكونه في السماء وباليدين والكفين والجنب والساق والرجل والقدم والضحك والعجب و.... ثم كل ذلك بلا تشبيه ولا تمثيل!
وما ذلك إلا تلاعب بعقول الناس وجرهم بسلاسة إلى التجسيم!
ولذلك قلنا بأن التفويض مذهب مارق وباطل وأن السلف الأولين لا يقولون به وإنما هو من اختراعات مجسمة الحنابلة وغيرهم!
لا تسوقوا لنا ألفاظ السلف في التفويض فقد درسناها ودرسنا أسانيدها وعرفنا أنها غير صحيحة عنهم وأنه قد روي عن أكثرهم بأسانيد ثابتة أنهم كانوا يؤولون وعلى رأسهم الصحابة رضي الله عنهم!
والذي قاله الأشعري ص (217) طبعة رتيري:
[فقالت المجسمة: له يدان ورجلان ووجه وعينان وجنب يذهبون إلى الجوارح والأعضاء.
وقال أصحاب الحديث: لسنا نقول في ذلك إلا ما قاله الله عز وجل أو جاءت به الرواية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقول: وجه بلا كيف ويدان وعينان بلا كيف].
أصحاب الحديث هم من انخدع بهم الأشعري من أهل القرن الثالث كابن أبي شيبة صاحب كتاب العرش المتوفى سنة (297هـ) وعثمان بن سعيد الدارمي صاحب الرد على بشر المريسي والرد على الجهمية، وابن أبي عاصم صاحب كتاب السنة، وعبد الله بن أحمد صاحب كتاب السنة، والخلال صاحب كتاب السنة القائل بالإقعاد وأمثال هؤلاء من أهل الحديث المجسمة!
وليس سيدنا ابن عباس وقتادة ومنصور وسفيان الثوري وأمثالهم من الأئمة المنزهين الذين أولوها بالقوة!
فاتق الله وكفاك دفاعاً عن الأباطيل!
ولتكن غيرتك لله تعالى لا إلى الأشعري الذي يثبت ما يثبته أهل الحديث المجسمة!
فالتعصب لله تعالى خير من المتعصب لمن أخطأ وضل السبيل وأثبت لله تعالى ما لا يجوز عليه!
ويكفيك مراوغات!
وتبريرات وتسويغات باطلة!
الله تعالى أحق أن نغار على حرماته بدل أن نغار على عبيد أخطأوا فيما قالوا!
لماذا لا تعترف بالخطأ!
لماذا لا تسلك سبيل الصواب وتترك طريق الحيرة والتخبط والفشل؟!
ونحن ماضون في بيان الحقيقة ولا نعوّل على تثبيط المثبطين!
ولا على ردود القاصرين!
ولا على دعاوى وترهات المعاندين!
ولا على المكابرين والطاعنين من المستفزين الحاسدين!
ولا على مروجين الشائعات الكاذبة الذين يتهموننا من المشاغبين!
بل ندعو لهم بالهداية وأن يكونوا من جملة المتبصرين المهتدين!
والله تعالى يقول الحق وهو يهدي السبيل!
كتب أحد المدافعين بالباطل عن أبي الحسن الأشعري يرد على العبد الفقير الموازنة التي ذكرتها بين الإمام أبي منصور الماتريدي والأشعري فأخطأ السبيل في رده علي فأحببت أن أعرض كلامه وأبين زيفه وأنه ليس بشيء!
والعجب أن بعض المعلقين يكابرون ويدافعون بالباطل ويلجأوون إلى تبريرات وتسويغات متكلفة ممجوجة باللف والدوران! مع وضوح الأمر وخطأ كل من قال بإثبات الوجه واليدين الثنتين والعينين الثنتين والأصابع والنزول ونحو هذه الألفاظ لله تعالى كائناً من كان القائل بذلك سواء الأشعري أو غيره!
وهم معرضون عن أساليب اللغة وما يقصده العرب من هذه الجمل التي جاءت فيها هذه الألفاظ! وقد بين الله تعالى أن هذه النصوص إنما جاءت بلسان عربي مبين!
حتى قال الحافظ أبو حيان في تفسيره البحر المحيط ( 4/316 طبعة دار الفكر):
[وقال قوم منهم القاضي أبوبكر بن الطيب : هذه كلها صفات زائدة على الذات ثابتة لله تعالى من غير تشبيه ولا تحديد ، وقال قوم منهم الشعبي وابن المسبب والثوري نؤمن بها ونقرُّ كما نصت ولا نُعَيّن تفسيرها ولا يسبق النظر فيه . وهذان القولان حديث مَنْ لم يمعن النظر في لسان العرب]. فتأمل!!
وحُق لهذا القول الصريح الجريء من الحافظ أبي حيان أن يكتب بالذهب !!
ونرى أن التعصب لزيد وعمرو من الناس الذين يصيبون ويخطئون فيثبتون مثل اليدين والعينين والأصابع والكفين والساق والقدم لله تعالى أكثر من التعصب لله تعالى الواحد القهار الذي ليس كمثله شيء ولم يكن له كفواً أحد! فالقوم يدافعون عن بعض الأشخاص أكثر مما يدافعون وينزهون الله سبحانه وتعالى!
ولنذكر ما قاله ذاك المدافع بالباطل ثم نعرج على بيان خطئه وعم صوابه:
قال هداه الله تعالى:
[عبدالوهاب قداري
حسن بن علي السقاف
أخي الكريم، راجع نقولاتك عن الإمام أبي الحسن الأشعري، فإن فيها اضطرابًا بيِّنًا، ومخالفات لما قرّره في كتبه المعتمدة، وأدعوك إلى التثبت والتجرّد، فإن العلم أمانة، وقد قال تعالى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾.
#أولًا: "هل قال الأشعري إن لله يدين "حقيقيتين على ظاهرهما"؟
#الجواب: لم يقل ذلك مطلقًا.
بل صرّح في الإبانة بنفي التجسيم والتأويل، فقال:
"معنى قوله تعالى: ﴿بيدي﴾ إثبات يدين #ليستا_جارحتين، ولا قدرتين، ولا نعمتين. لا يوصفان إلا بأن يقال: إنهما يدان ليستا كالأيدي،
(الإبانة عن أصول الديانة، ص 134، ط دار المعارف)
فبيَّن أن "اليدان" ليستا جارحتين (ردًّا على المجسّمة)، ولا قدرتين ولا نعمتين (ردًّا على المؤوّلين)، وأثبت اللفظ مع تفويض المعنى ونفي الكيف، وهذا هو مذهب الإثبات والتفويص.
#ثانيًا: ما موقفه من قول المجسّمة؟
قال الإمام في مقالات الإسلاميين:
"وقالت #المجسمة: له يدان ورجلان ووجه وعينان وجنب،
(مقالات الإسلاميين، 1/173، ط زرزور)
فهل ترى أنه يوافقهم؟ بل هو يذكر قولهم ويُبيِّن ضلاله.
ثم ذكر قول أهل الحديث الذين لا يثبتون الجوارح:
"فنقول: وجه #بلا_كيف ويدان وعينان #بلا_كيف."
أي إثبات اللفظ مع نفي الكيفيّة، دون الدخول في معنى مخصوص، وهذا عين التفويض لا الإثبات على الظاهر كما توهمت.
#ثالثًا: ماذا عن صفة "الجنب"؟
نعم، نُقل عن الأشعري إثبات "الجنب" على جهة الاتّباع للنص، لكن دون أن يُفسِّره بالجارحة، بل الجارحة من قول المجسّمة كما صرّح:
"يذهبون إلى الجوارح والأعضاء."
والأشعري تبرأ من هذا القول وبيَّن ضلالهم.
#النتيجة_العلمية:
الإمام الأشعري لا يُثبِت اليدين على الظاهر ولا يقول إنهما حقيقتان جارحتان.
صرّح بنفي الجارحة، ونفي التأويل، وإثبات اللفظ مع تفويض المعنى وتنزيه المولى عز وجل.
ما نسبته إليه من قول "يدان حقيقيتان على ظاهرهما" لا أصل له في كتبه، بل مخالفٌ لها.
فأوصيك – نُصحًا لا خصومة – أن تراجع نقولاتك، وأن تتجرّد في فهم كلام الأئمة، وألا تُلزمهم بما لم يلتزموه، فإن دين الله أعظم من أن يُنقل بالظنون أو بالتحامل.
وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَلاَ حولَ ولاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللّه].
هذا كلام المعترض الناقل وأقول في بيان خطئهخ فيما قال مختصراً وبالله التوفيق:
قوله:
[#أولًا: "هل قال الأشعري إن لله يدين "حقيقيتين على ظاهرهما"؟
#الجواب: لم يقل ذلك مطلقًا.
بل صرّح في الإبانة بنفي التجسيم والتأويل].
فجوابه:
أن كلامه هذا غير صحيح!
فقد قال الأشعري في الإبانة ص (200) من الطبعة التي بتحقيقنا طبع دار الإمام النووي:
[كذلك قوله تعالى : { لما خلقت بيدي } على ظاهره أو حقيقته من إثبات اليدين، ولا يجوز أن يعدل به عن ظاهر اليدين إلى ما ادعاه خصومنا إلا بحجة].
وكذلك قال الأشعري في نفس الصحيفة:
[بل واجب أن يكون قوله تعالى : { لما خلقت بيدي } إثبات يدين لله تعالى في الحقيقة غير نعمتين].
فظهر بذلك أن الأشعري يقول اليدان وغيرهما على الظاهر والحقيقة!
وبطل كلام المعترض واعتراضه عليَّ!
وظهر فساد ردك لما أقول!
قال السبكي - رداً على من يقول بالظاهر الذي يقول به الأشعري في النص الذي نقلته لك قبل قليل من الإبانة! - في "الطبقات" (5/192):
[إنما المصيبة الكبرى والداهية الدهياء الإصرار على الظاهر والاعتقاد أنه المراد].
وقال ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (13/432) عند شرح الحديث رقم (7444):
[فمن أجرى الكلام على ظاهره أفضى به الأمر إلى التجسيم ومن لم يتضح له وعلم أن الله مُنَزَّهٌ عن الذي يقتضيه ظاهرها إما أن يُكَذِّب نَقَلَتها وإما أن يُؤَوِّلها].
وقد شهد ابن حزم بأن إثبات اليدين والعينين الذي يقول به الأشعري يعتبر من التجسيم والتشبيه!
قال الأشعري في "المقالات" (1/345): [وأن له عينين بلا كيف كما قال {تجري بأعيننا}].
فعلَّق على هذا ابن حزم فقال في "الفصل في الملل والنحل" (2/127):
[وقال الأشعري إن المراد بقول الله تعالى أيدينا إنما معناه اليدان وإن ذكر الأعين إنما معناه عينان وهذا باطل مُدْخِلٌ في قول المجسمة]!!
وأزيدك من الشعر بيتاً! في تصريح الأشعري بالجهة وأن الله تعالى عما يقول يسكن في السماء!:
قال أبو الحسن الأشعري ص (178) في "الإبانة":
[وأجمعت الأمة على أن الله سبحانه رفع عيسى صلى الله عليه وسلم إلى السماء، ومن دعاء أهل الإسلام جميعاً إذا هم رغبوا إلى الله تعالى في الأمر النازل بهم يقولون جميعاً: يا ساكن السماء ومن خلفهن جميعاً: لا والذي احتجب بسبع سموات].
وقوله (يا ساكن السماء) و (والذي احتجب بسبع سماوات) تجسيم صريح!
ويكفي هذا لبيان أن كلام المعترض غير صحيح واعتراضه علي ليس في محله!
أما قوله:
[ثانيًا: ما موقفه من قول المجسّمة؟
قال الإمام في مقالات الإسلاميين:
"وقالت #المجسمة: له يدان ورجلان ووجه وعينان وجنب،
(مقالات الإسلاميين، 1/173، ط زرزور)
فهل ترى أنه يوافقهم؟ بل هو يذكر قولهم ويُبيِّن ضلاله.
ثم ذكر قول أهل الحديث الذين لا يثبتون الجوارح:
"فنقول: وجه #بلا_كيف ويدان وعينان #بلا_كيف."
أي إثبات اللفظ مع نفي الكيفيّة، دون الدخول في معنى مخصوص، وهذا عين التفويض لا الإثبات على الظاهر كما توهمت].
أقول مجيباً:
الذي يُثبت يدين ثنتين لله تعالى ويثبت الأصابع والوجه والعينين لا يبرأ من التجسيم ولا يخرج منه! ولو قال كابن تيمية بلا تشبيه ولا تمثيل ولا...!
لأن اليد في لغة العرب إما أن تحمل على الظاهر والحقيقة ويراد بها الجارحة وإما أن تحمل على المجاز ويراد بها القدرة أو النعمة أو القوة حسب السياق الذي وردت فيه!
أما تمييع القضية بزعم أنها صفة لله تعالى على الحقيقة وعلى ظاهرها وليست القدرة ولا القوة ولا النعمة ولا الجارحة ولا كذا ولا كذا فهو من الألغاز والأحاجي والذهاب إلى أن بعض آيات القرآن بالكلمات الواضحة لا معنى لها!
وهو جنوح إلى التجسيم بطريقة فنية وثعلبية!
فهم يقولون: آمنوا بصفة الوجه والاستواء وكونه في السماء وباليدين والكفين والجنب والساق والرجل والقدم والضحك والعجب و.... ثم كل ذلك بلا تشبيه ولا تمثيل!
وما ذلك إلا تلاعب بعقول الناس وجرهم بسلاسة إلى التجسيم!
ولذلك قلنا بأن التفويض مذهب مارق وباطل وأن السلف الأولين لا يقولون به وإنما هو من اختراعات مجسمة الحنابلة وغيرهم!
لا تسوقوا لنا ألفاظ السلف في التفويض فقد درسناها ودرسنا أسانيدها وعرفنا أنها غير صحيحة عنهم وأنه قد روي عن أكثرهم بأسانيد ثابتة أنهم كانوا يؤولون وعلى رأسهم الصحابة رضي الله عنهم!
والذي قاله الأشعري ص (217) طبعة رتيري:
[فقالت المجسمة: له يدان ورجلان ووجه وعينان وجنب يذهبون إلى الجوارح والأعضاء.
وقال أصحاب الحديث: لسنا نقول في ذلك إلا ما قاله الله عز وجل أو جاءت به الرواية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقول: وجه بلا كيف ويدان وعينان بلا كيف].
أصحاب الحديث هم من انخدع بهم الأشعري من أهل القرن الثالث كابن أبي شيبة صاحب كتاب العرش المتوفى سنة (297هـ) وعثمان بن سعيد الدارمي صاحب الرد على بشر المريسي والرد على الجهمية، وابن أبي عاصم صاحب كتاب السنة، وعبد الله بن أحمد صاحب كتاب السنة، والخلال صاحب كتاب السنة القائل بالإقعاد وأمثال هؤلاء من أهل الحديث المجسمة!
وليس سيدنا ابن عباس وقتادة ومنصور وسفيان الثوري وأمثالهم من الأئمة المنزهين الذين أولوها بالقوة!
فاتق الله وكفاك دفاعاً عن الأباطيل!
ولتكن غيرتك لله تعالى لا إلى الأشعري الذي يثبت ما يثبته أهل الحديث المجسمة!
فالتعصب لله تعالى خير من المتعصب لمن أخطأ وضل السبيل وأثبت لله تعالى ما لا يجوز عليه!
ويكفيك مراوغات!
وتبريرات وتسويغات باطلة!
الله تعالى أحق أن نغار على حرماته بدل أن نغار على عبيد أخطأوا فيما قالوا!
لماذا لا تعترف بالخطأ!
لماذا لا تسلك سبيل الصواب وتترك طريق الحيرة والتخبط والفشل؟!
ونحن ماضون في بيان الحقيقة ولا نعوّل على تثبيط المثبطين!
ولا على ردود القاصرين!
ولا على دعاوى وترهات المعاندين!
ولا على المكابرين والطاعنين من المستفزين الحاسدين!
ولا على مروجين الشائعات الكاذبة الذين يتهموننا من المشاغبين!
بل ندعو لهم بالهداية وأن يكونوا من جملة المتبصرين المهتدين!
والله تعالى يقول الحق وهو يهدي السبيل!