Page 1 of 1

الرد على من قال إن أئمة الأشاعرة المتقدمين وقبلهم الإمام أبو حنيفة في الفقه الأكبر أثبتوا الصفات الخبرية ومنها اليدين وا

Posted: Wed May 14, 2025 11:17 pm
by عود الخيزران
الرد على من قال إن أئمة الأشاعرة المتقدمين وقبلهم الإمام أبو حنيفة في الفقه الأكبر أثبتوا الصفات الخبرية ومنها اليدين والاستواء:


قال سماحة العلّمة السيد حسن السقاف:

ما في الفقه الأكبر يخالف ما نص عليه أبو منصور الماتريدي:
جاء في كتاب "الفقه الأكبر" المنسوب للإمام أبي حنيفة ما نصه:
[وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف ولا يقال: إن يده قدرته أو نعمته، لأن فيه إبطال الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال ولكن يده صفته..].

أقول:
أولاً: هذا كذب على الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فراوي الفقه الأكبر هو (أبو مطيع البلخي) حتى قال الذهبي في ترجمته في تاريخ الإسلام (13/158طبعة تدمري):
[أبو مطيع البلْخيّ، هُوَ الحَكَم بْن عبد الله الفقيه صاحب كتاب الفقه الأكبر].

قال الحافظ ابن حجر في ترجمته في "لسان الميزان" (2/407) إنَّ أحمد بن حنبل قال: لا ينبغي أن يروى عنه شيء، وقال أبو داود: تركوا حديثه، وقال ابن عَدِي: هو بيّن الضعف عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال أبو حاتم الرازي: كان مرجئاً كَذَّاباً، وقال الحافظ في آخر ترجمته هناك:
[وقد جزم الذهبي بأنه وضع حديثاً فلينظر في ترجمة عثمان بن عبدالله الأموي].
ويكفي أنه وضع كتاب "الفقه الأكبر" على أبي حنيفة وليس هو من تصنيف أبي حنيفة ولا من قوله!!

ثانياً: وهذا الكلام الذي في الفقه الأكبر مخالف لما قرره إمام المذهب المنزه أبو منصور الماتريدي الذي لا يلتفت ولا يعوّل على هذه الترهات، فقد قال أبو منصور الماتريدي في كتابه "تأويلات أهل السنة" (2/52طبعة 6 مجلدات) و (3/551طبعة 10 مجلدات):

[{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، أي: نعمه مبسوطة: يوسع على من يشاء، ويقتر على من يشاء].

وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (4/323) و (8/705):
[فعلى ذلك ما ذكر من قبضته ويده ويمينه إنما هو الوصف له بالقوة، والسلطان، والقدرة على ذلك].

ونقول هنا: إن ضعف الأسانيد بل كونها واهية في نقل تلك العقائد عن أبي حنيفة في الفقه الأكبر مع مخالفة إمام الماتريدية الأحناف أبو منصور الماتريدي لذلك تماماً يفيد العاقل المنصف غير المتعصب عدم صحة ونسبة تلك الكتب والمؤلفات للإمام أبي حنيفة وكونها من جملة الأكاذيب الحنبلية التي انطلت على المتعصبين المساكين ونحوهم!

إسناد الفقه الأكبر لأبي حنيفة لا يثبت:
فأما الفقه الأكبر الذي من رواية حماد بن أبي حنيفة عن أبيه ففي إسناده مجاهيل وفيه: أبو مقاتل حفص بن سلم السمرقندي:
قال الأصبهاني في كتابه الضعفاء برقم (52):
[حفص بن سلم بن مقاتل السمرقندي حدَّث عن أيوب السختياني وعبيد الله بن عم ومسعر بالمناكير تركه وكيع وكذبه].
وفي الإسناد ضعفاء بل مجهولون عند أهل الجرح والتعديل.

العلامة الكشميري يقول إن الفقه الأكبر ليس للإمام أبي حنيفة ولا يثبت عنه:

قال الحافظ الفقيه إمام العصر الشيخ محمد أنور الكشميري في كتابه( فيض الباري شرح صحيح البخاري): (١/١٥٢):

[أما ما نسب إليه في الفقه الأكبر» فالمحدثون على أنه ليس من تصنيفه بل من تصنيف تلميذه أبي مطيع البلخي، وقد تكلم فيه الذهبي، وقال: إنه جهمي أقول ليس كما قال ولكنه ليس بحجة في باب الحديث لكونه غير ناقد وقد رأيت عدة نسخ للفقه الأكبر فوجدتُها كلها متغايرة. وهكذا كتاب العالم والمتعلم والوسيطين الصغير والكبير، كلها منسوبة إلى الإمام، لكن الصواب أنها ليست للإمام].

أقوال الإمام أبو منصور الماتريدي:
وقال الإمام أبو منصور الماتريدي (ت333هـ) في "تأويلات أهل السنة" (6/100):
[{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} إن كان العرش اسم الملك والسلطان على ما قال بعض أهل التأويل، فتأويله - واللَّه أعلم - كان أظهر ملكه عن الماء {على} بمعنى {عن} وذلك جائز في اللغة؛ لأن بالماء ظهور كل شيء وبدأه؛ كقوله: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}، وإن كان العرش اسم السرير والكرسي على ما قاله بعض الناس، فهو عرش الملك وسريره خلقه ليكرم به أولياءه؛ ليمتحن ملائكته بحمله والخدمة له على ما يكون لملوك الأرض سرير يستخدمون خدمهم في ذلك، وهو خلق من خلائقه أضافه إليه كما تضاف الأشياء إلى اللَّه، لكنه يضاف الأشياء إليه مرة بالإجمال مرة جملة ومرة بالإشارة والإفراد، لكن ما أضاف إليه بالإشارة فهو على تعظيم ذلك الشيء، وما أضيف إليه من الأشياء بالإجمال والإرسال فهو على ذكر عظمته وكبريائه، كقوله: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}، ونحوه فيه ذكر سلطانه وعظمته، وقوله: بيت اللَّه {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} ونحوه، وهو يخرج على ذكر تعظيم البيت والمساجد، واللَّه أعلم].

وقال الإمام الماتريدي أيضاً في تفسيره "تأويلات أهل السنة" (1/411):
[(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرشِ اسْتَوَى)، مع ما له وجهان:
أَحدهما: أَن يكون معنى العرش الْملك والاستواءُ التام الذي لا يوصف بنقصان في ملك، أَو الاستيلاءُ عليه، وألَّا سلطان لغيره، ولا تدبير لأَحد فيه.
والثاني: أَن يكون العرش أَعلى الخلق وأَرفعه وكذلك تقدرُه الأوهام؛ فيكون موصوفاً بعلوه على التعالي عن الأمكنة، وأَنه على ما كان قبل كون الأَمكنة، وهو فوق كل شيء؛ أي بالغلبة، والقدرة، والجلال عن الأَمكنة، ولا قوة إلا باللَّه].

وقال الإمام الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (4/323) و (8/705):
[فعلى ذلك ما ذكر من قبضته ويده ويمينه إنما هو الوصف له بالقوة، والسلطان، والقدرة على ذلك].

وقال الإمام الماتريدي في كتابه "تأويلات أهل السنة": (4/213) أو (8/538):
[ويحتمل {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}، أي: قوتنا؛ كقوله: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ}، وقوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، أي: بقوة ونحوه، واللَّه أعلم].

وقال الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (3/291) و (7/280):
[وقوله: (عَلَى عَيْنِي): قَالَ بَعْضُهُمْ: لتُغَذَّى على حفظي، يقال: عين اللَّه عليك: أي كن في حفظ اللَّه، وهو قول الحسن وقتادة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: لتربي على عيني، أي: على علمي، والأول أشبه].

رد الإمام الماتريدي رحمه الله تعالى لحديث يضع قدمه في النار:

قال الإمام أبو منصور الماتريدي في كتابه (تأويلات أهل السنة) (4/566) عند قوله تعالى { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} ق: 30:
[ وقال أهل التأويل ـ أي التأويل الباطل ـ: إنها تسأل الزيادة حتى يضع قدمه فيها، فتضيق بأهلها حتى لا يبقى فيها مدخل لرجل واحد، ورووا خبراً عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك. وإنه فاسد، وقول بالتشبيه، وقد قامت الدلائل العقلية على إبطال التشبيه، فكل خبر ورد مخالفاً للدلائل العقلية يجب ردّه لأنه مخالف لنص التنزيل وهو قوله عز وجل { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، ثم هذا القول على قول المشبهة على ما توهموا مخالف للكتاب لأن الله عز وجل قال {لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} هود: 119، وعندهم لا تمتلىء بهم ما لم يضع الرحمن قدمه فيها. ثم ذكر البلخي أن مدار ما ذكروا من الحديث على حماد بن سلمة، وكان خرفاً مفنداً في ذلك الوقت، لم يجز أن يؤخذ منه ].
انتهى كلام الإمام الماتريدي.
فرضي الله عنه وأرضاه.

ونحن مستعدون للتصدي للمبطلين وإلقامهم أحجار الأدلة والبراهين!
ولا نجامل في ديننا وتنزيه خالقنا ومولانا أحداً!
والحق أحق أن يتبع!