محمد بن إدريس الشافعي؛ داعية أئمة أهل البيت عليهم السلام:
Posted: Sat May 17, 2025 5:22 pm
محمد بن إدريس الشافعي؛ داعية أئمة أهل البيت عليهم السلام:
من المعلوم أنَّ محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله (ت٢٠٤ھ) كان من دعاة وأصحاب وأتباع وتلامذة الإمام يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. وهذا معروف مأثور مشهور، وهو الذي استُقدِم الشافعي بغداد لأجله وجر عليه محنته مع الرشيد.
إلّا أنَّ الذي خفي على أكثر الناس أنَّه كان بعد ذلك من خَوَاصِّ أصحاب نجم آل الرسول الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الشبه بن الإمام الحسن الرضا المثنى بن الإمام الحسن السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام (ت٢٤٦ھ).
ولعلَّ وجه خفاء ذلك على أكثر الناس أنَّ هذا الخبر الآتي قد يكون سقط من بعض نسخ كتاب (أمالي أبي طالب) التي وقع طبع الكتاب عليها. ولأنه موجود في ثنايا كتاب كبير كـ (العواصم والقواصم) للسيد ابن الوزير، وكثير من الناس لا يقرءون، وإن قرأوا فيقرأون المختصرات، وإن قرأوا المطوَّلات فيقرأون ما يوافق أهوائهم ورغباتهم وميولهم، ويعرضون عمّا سوى ذلك!
وإليكم نَصّ هذا الخبر النفيس:
روى السيد الإمام الناطق بالحق أبو طالب يحيى بن الحسين الهاروني الحسني -عليه السلام- في أوائل أماليه ما لفظه:
«أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني، قال: حدثني عبدالله بن أحمد بن سلام، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن منصور [المرادي]، قال: «كنت عند القاسم بن إبراهيم بالقريتين، فجرى ذكر الشافعي، فأثنى عليه خيراً، فقلنا له: رأيته؟ فقال: ((كان صديقي والمختصّ بي، وما رأيت في[١] إخواننا الفقهاء أشد تحقيقاً[٢] بالعدل منه)).» انتهى [العواصم والقواصم]
[١] في بعض نسخ العواصم: (من).
[٢] في بعض نسخ العواصم: (تحققاً).
أمَّا أنَّ الشافعي قد كان قبل ذلك من أصحاب وأتباع ودعاة وتلامذة الإمام يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام؛ فهذا -كما قلنا- معروف، مشهور؛ بل ومتواتر، ومع ذلك وللفائدة فسنذكر هنا بعض مَن نَصَّ على ذلك:
- قال الإمام المرتضى لدين الله محمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الشبه بن الإمام الحسن الرضا المثنى بن الإمام الحسن السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام (ت٣١٠ھ) :
((لقد خرج أكثرهم [أي العلماء] مع أولاد نبيّهم عليه السلام، مع محمد [النَّفْس الزَّكِيَّة] وإبراهيم ابني عبدالله بن الحسن بن الحسن رضي الله عنهما، ولم تزل الفقهاء والعلماء دعاة، ولقد كان الشافعي داعية ليحيى بن عبدالله [بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب] رضي الله عنه، وما زال العلماء يدعون إلى أهل بيت نبيهم صلى الله عليه وعلى آله، ويحضّون النّاس إلى نصرتهم، ويأمرونهم بمعاونتهم...)) [الرسائل السبع (مخطوط)].
- وقال الشيخ العلامة الحافظ أحمد بن سهل الرازي رحمه الله (المتوفى في الربع الأول من القرن الرابع الهجري) :
«وقد حدثني سعيد بن بهلول من أبناء فارس بصنعاء، قال: قدم يحيى بن عبد الله صنعاء، فاختفى عند رجل منا -يعني من الأبناء- يقال له: زكريا بن يحيى بن عمر بن سابور، فمكث عندهم بصنعاء ثمانية أشهر مكتوما، فكتبوا عنه علماً كثيرا، وكان الشافعي محمد بن إدريس من أصحابه» [أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله وأخيه إدريس بن عبدالله].
- وذكر السيد الإمام أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني عليه السلام (ت٣٥٦ھ تقريباً) : أَنَّ العُلَمَاءَ الَّذِينَ بَايَعُوا يَحْيَى بن عَبْدِ الله بن الْحَسَنِ بن الْحَسَنِ عليهم السلام هُمْ: «عَبْدُ رَبِّهِ بن عَلْقَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بن إدْرِيسَ الشَّافِعِي، وَمُحَمَّدُ بن عَامِرٍ، وَمُخَوَّلُ بن إبْرَاهِيمَ، وَالْحَسَنُ بن الْحُسَيْنِ العُرَنِي، وَإبْرَاهِيمُ بن إِسْحَاقَ، وَسُلَيْمَانُ بن جَرِيرٍ، وَعَبْدُ العزيز بن يَحْيَى الكِنَانِي، وَبِشْرُ بن الْمُعْتَمِرُ، وَفَلِيتُ بن إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بن أبي نُعَيْمٍ، وَيُونُسُ بن إبْرَاهِيمَ، وَيُونُسُ البَجْلِي، وَسَعِيدُ بن خُثَيْمٍ» [المصابيح، أمالي أبي طالب].
- وقال الشيخ العلامة المتكلم الفقيه الأصولي أبو القاسم البستي رحمه الله (ت٤٢٠ھ تقريباً) -بعد ذكره النفس الزكية وأخيه إبراهيم- :
«ثم يحيى بن عبدالله أخوهما، العالم الهارب إلى الديلم، المقتول ظلماً في دين الله؛ كان الشافعي داعيته، واستُقدِم بغداد لأجله» [كتاب المراتب في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب]
قلتُ: إلا أن في المطبوعة جاء «واعيته» مكان «داعيته»، ولعلها تصحيف من الطابع؛ على أنَّ لها وجه.
- وقال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام (ت٦١٤ھ) - أثناء ذكر من صحَّ عنه القول بالعدل والتوحيد من الفقهاء، وقال: «ولسنا نذكر إلّا من لا يخالف في أمره إلّا المباهتون» - :
«ومنهم الشافعي: محمد بن إدريس؛ الذي يضرب به المثل، العالم الذي ضرب في كل علم بنصيب وافر، وذَهَبَ مذهب الزيدية في العدل والتوحيد، وهو أحد الدعاة ليحيى بن عبدالله عليه السلام وقُيّد وحُبس لأجل ذلك، وأُفْرِجَ عنه بلطف الله سبحانه» [كتاب الشافي].
- وقد ذكر ابن الجوزي وغيره: «أنَّ الأئمة المتبوعين في المذاهب بايع كل واحد منهم لإمام من أئمة أهل البيت، بايع أبو حنيفة لإبراهيم بن عبدالله بن الحسن، وبايع مالك لأخيه محمد، وبايع الشافعي لأخيهما يحيى» [الرياض المستطابة].
انتهى.
ويرحم الله الشافعي إذ يقول:
«ولمَّا رأيتُ النَّاس قد ذَهَبَت بهم
مذاهبهم في أبحر الغيّ والجهل
ركبتُ على اسم الله في سفن النجا
وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل
وأمسكتُ حبل الله وهو ولاؤهم
كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل
إذا افترقَت في الدين سبعون فرقة
ونيف كما قد جاء في محكم النقل
ولم يك ناج منهم غير فرقة
فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل
أفي الفرق الهلّاك آل محمد؟!
أم الفرقة اللاتي نجت منهم قل لي
فإن قُلتَ في الناجين فالقول واحد
وإن قُلتَ في الهلّاك حفتَ عن العدل
إذا كان مولى القوم منهم فإنني
رضيتُ بهم لا زال في ظلّهم ظلّي
فخلّ عليّاً لي إماماً ونسله
وأنتَ من الباقين في أوسع الحل».
وصلَّى الله وسلَّم على سيِّدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
نقلاً عن صفحة الأستاذ يوسف عبدالإله المؤيدي.
من المعلوم أنَّ محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله (ت٢٠٤ھ) كان من دعاة وأصحاب وأتباع وتلامذة الإمام يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. وهذا معروف مأثور مشهور، وهو الذي استُقدِم الشافعي بغداد لأجله وجر عليه محنته مع الرشيد.
إلّا أنَّ الذي خفي على أكثر الناس أنَّه كان بعد ذلك من خَوَاصِّ أصحاب نجم آل الرسول الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الشبه بن الإمام الحسن الرضا المثنى بن الإمام الحسن السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام (ت٢٤٦ھ).
ولعلَّ وجه خفاء ذلك على أكثر الناس أنَّ هذا الخبر الآتي قد يكون سقط من بعض نسخ كتاب (أمالي أبي طالب) التي وقع طبع الكتاب عليها. ولأنه موجود في ثنايا كتاب كبير كـ (العواصم والقواصم) للسيد ابن الوزير، وكثير من الناس لا يقرءون، وإن قرأوا فيقرأون المختصرات، وإن قرأوا المطوَّلات فيقرأون ما يوافق أهوائهم ورغباتهم وميولهم، ويعرضون عمّا سوى ذلك!
وإليكم نَصّ هذا الخبر النفيس:
روى السيد الإمام الناطق بالحق أبو طالب يحيى بن الحسين الهاروني الحسني -عليه السلام- في أوائل أماليه ما لفظه:
«أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني، قال: حدثني عبدالله بن أحمد بن سلام، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن منصور [المرادي]، قال: «كنت عند القاسم بن إبراهيم بالقريتين، فجرى ذكر الشافعي، فأثنى عليه خيراً، فقلنا له: رأيته؟ فقال: ((كان صديقي والمختصّ بي، وما رأيت في[١] إخواننا الفقهاء أشد تحقيقاً[٢] بالعدل منه)).» انتهى [العواصم والقواصم]
[١] في بعض نسخ العواصم: (من).
[٢] في بعض نسخ العواصم: (تحققاً).
أمَّا أنَّ الشافعي قد كان قبل ذلك من أصحاب وأتباع ودعاة وتلامذة الإمام يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام؛ فهذا -كما قلنا- معروف، مشهور؛ بل ومتواتر، ومع ذلك وللفائدة فسنذكر هنا بعض مَن نَصَّ على ذلك:
- قال الإمام المرتضى لدين الله محمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الشبه بن الإمام الحسن الرضا المثنى بن الإمام الحسن السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام (ت٣١٠ھ) :
((لقد خرج أكثرهم [أي العلماء] مع أولاد نبيّهم عليه السلام، مع محمد [النَّفْس الزَّكِيَّة] وإبراهيم ابني عبدالله بن الحسن بن الحسن رضي الله عنهما، ولم تزل الفقهاء والعلماء دعاة، ولقد كان الشافعي داعية ليحيى بن عبدالله [بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب] رضي الله عنه، وما زال العلماء يدعون إلى أهل بيت نبيهم صلى الله عليه وعلى آله، ويحضّون النّاس إلى نصرتهم، ويأمرونهم بمعاونتهم...)) [الرسائل السبع (مخطوط)].
- وقال الشيخ العلامة الحافظ أحمد بن سهل الرازي رحمه الله (المتوفى في الربع الأول من القرن الرابع الهجري) :
«وقد حدثني سعيد بن بهلول من أبناء فارس بصنعاء، قال: قدم يحيى بن عبد الله صنعاء، فاختفى عند رجل منا -يعني من الأبناء- يقال له: زكريا بن يحيى بن عمر بن سابور، فمكث عندهم بصنعاء ثمانية أشهر مكتوما، فكتبوا عنه علماً كثيرا، وكان الشافعي محمد بن إدريس من أصحابه» [أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله وأخيه إدريس بن عبدالله].
- وذكر السيد الإمام أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني عليه السلام (ت٣٥٦ھ تقريباً) : أَنَّ العُلَمَاءَ الَّذِينَ بَايَعُوا يَحْيَى بن عَبْدِ الله بن الْحَسَنِ بن الْحَسَنِ عليهم السلام هُمْ: «عَبْدُ رَبِّهِ بن عَلْقَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بن إدْرِيسَ الشَّافِعِي، وَمُحَمَّدُ بن عَامِرٍ، وَمُخَوَّلُ بن إبْرَاهِيمَ، وَالْحَسَنُ بن الْحُسَيْنِ العُرَنِي، وَإبْرَاهِيمُ بن إِسْحَاقَ، وَسُلَيْمَانُ بن جَرِيرٍ، وَعَبْدُ العزيز بن يَحْيَى الكِنَانِي، وَبِشْرُ بن الْمُعْتَمِرُ، وَفَلِيتُ بن إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بن أبي نُعَيْمٍ، وَيُونُسُ بن إبْرَاهِيمَ، وَيُونُسُ البَجْلِي، وَسَعِيدُ بن خُثَيْمٍ» [المصابيح، أمالي أبي طالب].
- وقال الشيخ العلامة المتكلم الفقيه الأصولي أبو القاسم البستي رحمه الله (ت٤٢٠ھ تقريباً) -بعد ذكره النفس الزكية وأخيه إبراهيم- :
«ثم يحيى بن عبدالله أخوهما، العالم الهارب إلى الديلم، المقتول ظلماً في دين الله؛ كان الشافعي داعيته، واستُقدِم بغداد لأجله» [كتاب المراتب في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب]
قلتُ: إلا أن في المطبوعة جاء «واعيته» مكان «داعيته»، ولعلها تصحيف من الطابع؛ على أنَّ لها وجه.
- وقال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام (ت٦١٤ھ) - أثناء ذكر من صحَّ عنه القول بالعدل والتوحيد من الفقهاء، وقال: «ولسنا نذكر إلّا من لا يخالف في أمره إلّا المباهتون» - :
«ومنهم الشافعي: محمد بن إدريس؛ الذي يضرب به المثل، العالم الذي ضرب في كل علم بنصيب وافر، وذَهَبَ مذهب الزيدية في العدل والتوحيد، وهو أحد الدعاة ليحيى بن عبدالله عليه السلام وقُيّد وحُبس لأجل ذلك، وأُفْرِجَ عنه بلطف الله سبحانه» [كتاب الشافي].
- وقد ذكر ابن الجوزي وغيره: «أنَّ الأئمة المتبوعين في المذاهب بايع كل واحد منهم لإمام من أئمة أهل البيت، بايع أبو حنيفة لإبراهيم بن عبدالله بن الحسن، وبايع مالك لأخيه محمد، وبايع الشافعي لأخيهما يحيى» [الرياض المستطابة].
انتهى.
ويرحم الله الشافعي إذ يقول:
«ولمَّا رأيتُ النَّاس قد ذَهَبَت بهم
مذاهبهم في أبحر الغيّ والجهل
ركبتُ على اسم الله في سفن النجا
وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل
وأمسكتُ حبل الله وهو ولاؤهم
كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل
إذا افترقَت في الدين سبعون فرقة
ونيف كما قد جاء في محكم النقل
ولم يك ناج منهم غير فرقة
فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل
أفي الفرق الهلّاك آل محمد؟!
أم الفرقة اللاتي نجت منهم قل لي
فإن قُلتَ في الناجين فالقول واحد
وإن قُلتَ في الهلّاك حفتَ عن العدل
إذا كان مولى القوم منهم فإنني
رضيتُ بهم لا زال في ظلّهم ظلّي
فخلّ عليّاً لي إماماً ونسله
وأنتَ من الباقين في أوسع الحل».
وصلَّى الله وسلَّم على سيِّدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
نقلاً عن صفحة الأستاذ يوسف عبدالإله المؤيدي.