Page 1 of 1

تحليل مقولة الإمام مالك (الاستواء معلوم والكيف غير معقول):

Posted: Tue May 27, 2025 10:11 am
by عود الخيزران
تحليل مقولة الإمام مالك (الاستواء معلوم والكيف غير معقول):
مقولة الإمام مالك هذه ممتازة وليست في صالح المفوضة:
قصة هذه المقالة هي كالتالي:
عاش الإمام مالك في الدولة الأموية وكذلك في أوائل الدولة العباسية، وكانت الدولة الأموية تتبنى فكر المجسمة والمشبهة وكان الإمام مالك ينهى عن التحديث بالأحاديث التي تسمى أحاديث الصفات [قال ابن القاسم : سألتُ مالكاً عمَّن حدَّث بالحديث ، الذين قالوا: (إنَّ الله خلق آدم على صورته) والحديث الذي جاء: (إنَّ الله يكشف عن ساقه) (وأنه يُدخل يده في جهنم حتى يخرج من أراد) فأنكر مالك ذلك إنكاراً شديداً، ونهى أن يحدث بها أحد، فقيل له: إنَّ ناساً من أهل العلم يتحدّثون به، فقال: من هو؟ قيل: ابن عجلان عن أبي الزناد، قال: لم يكن ابن عجلان يعرف هذه الأشياء، ولم يكن عالماً. وذكر أبا الزناد فقال: لم يزل عاملاً لهؤلاء حتى مات] انتهى . وزاد العقيلي على هـــذه العبارة في "الضعفاء" (2/251) : (وكان صاحب عمَّال يتبعهم) أي أنَّ أبا الزناد كان صاحب عامل بني أمية على المدينة وكان تابعاً لهم ويدل على ذلك ترجمته وما هو مذكور في سيرته!

وما قاله الإمام مالك رحمه الله تعالى من كلام فهو مهم جداً جداً لا بُدَّ من تحليله فنقول:

اعتبر الإمام مالك أن الذي يقول مثل هذه الأحاديث مبتدعا لذلك أنكر ذلك إنكارا شديدا لأنه منزه.
إذا فهمت هذه الحالة نقول:
دس المشبهة والمجسمة رجلا فدفعوه لأن يأتي مجلس الإمام مالك ويسأله عن الاستواء متمنين أن يقول لهم كما في أثر مجاهد (يقعده معه على العرش) وأنه يجلسه بين يديه على كرسيه، أو كما هو مروي عن عبدالله ابن سلام الإسرائيلي الذ يقول: (إذا كان يوم القيامة جيء بنبيــــكم صلى الله عليه وآله وسلم حتى يجلس بين يدي الله على كرسيه ...) ...الخ
فهذا الرجل يريد من الإمام مالك بقوله (كيف استوى) أن يقول بأن معناه قعد وجلس كما يريد الأمويون وأذنابهم فرد عليه مالك رحمه الله تعالى بقوله (الاستواء معلوم وكيف عنه مرفوع ولا يقال كيف..) يعني أصل سؤالك أيها سائل وما تريد أن تصل إليه من تفسير الاستواء بالجلوس والقعود هو كيف! والله منزه عن الكيف! لأنه ليس جسما يقعد ويجلس..... فنحن نعلم أن الله ذكر الاستواء في القرآن فالاستواء معلوم ذكره في القرآن لكن ما تقولونه في تفسيره بالقعود والجلوس هو كيف لذات الله تعالى والله عز وجل منزه عن الكيف أي أن الكيف عنه مرفوع!
وحكم مالك على الرجل بالضلال وأمر بإخراجه عنه بعد أن كان محرجا من مقالته وتفكر مليا كيف سيجيب عليها وماذا سيترتب على رده عليه!

فنحن نعتقد أن الإمام مالكا معنا في التنزيه ومقالته تلك تؤيدنا ولا تؤيد المفوضة ولا المجسمة!

وعليه فمن حاول جر مقالة الإمام مالك إلى ما يريد وقال هذه قاعدة مالك في الصفات حيث أنه أثبت الصفات كالساق والمجيء والضحك والعين والوجه مضبوطة بلا كيف فهو كاذب مفتر على الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى!

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:
[وممن كره التحديث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان، ومالك في أحاديث الصفات، وأبو يوسف في الغرائب].

وكل ذلك بأدلته وعلاقته بالأمويين تجدونه في تعليقاتي على كتاب العلو للذهبي موثقا.

والله تعالى أعلم.