صفحة 1 من 1

حقيقة الضحك في حق الله تعالى محال

مرسل: الثلاثاء أكتوبر 21, 2025 8:02 pm
بواسطة الباحث المفكر
حقيقة الضحك في حق الله تعالى محال

من كتاب (تأسيس التقديس)

واعلم أن حقيقة الضحك على الله تعالى محال. ويدل عليه وجوه:
الأول: قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} النجم: 43، فَبَيَّن أن اللائق به أن يُضْحِكَ ويُبْكي فأما الضحك والبكاء، فلا يليقان به.
والثاني: إن الضحك تَشَنُّجٌ يحصل في جلد الوجه، مع حصول الفرح في القلب وهو على الله محال.
والثالث: لو جاز الضحك عليه لجاز عليه البكاء. وقد التزمه بعض الحمقى! وزعم: أنه بكى على أهل طوفان نوح عليه السلام، وهذا جهل شديد، فإنه تعالى هو الذي خلق ذلك الطوفان، فإن كرهه فَلِمَ خلقه؟ وإن لم يكرهه فَلِمَ بكى عليه؟
الرابع: أن الضحك إنما يتولد من التعجب، والتعجب حالة تحصل للإنسان عند الجهل بالسبب، وذلك في حق عالم الغيب والشهادة محال.

إذا ثبت هذا، فنقول: وجه التأويل فيه من وجوه:
الأول: أن المصدر كما يحسن إضافته إلى المفعول فكذلك يحسن إضافته إلى الفاعل. فقوله: ((ضحكت من ضحك الرب)) أي من الضحك الحاصل في ذاتي بسبب أن الرب خلق ذلك الضحك(هذا تأويل بعيد).
والثاني: أن يكون المراد: أنه تعالى لو كان ممن يضحك كالملوك لكان هذا القول مضحكاً له.
والثالث: أن يحمل الضحك علـى حصول الرضى والإذن. وهذا نوع مشهور من الاستعارة.

وأما حديث أبي هريرة وهو أن العبد يقول: ((لا تجعلني أشقى خلقك، فيضحك الله منه)) فيجوز أن يكون قد وقع الغلط في الإعراب، وكان الحق:
((فَيُضْحِك الله منه)) أي يُضْحِكُ الله الملائكة من ذلك القول، والذي يدل على أن ما ذكرناه محتمل: أن أبا هريرة، وأبا سعيد الخدري اختلفا في قدر عطية ذلك الرَّجُل. فقال أبو سعيد: يعطيه الله ذلك المطلوب وعشرة أمثاله. وقال أبو هريرة: يعطيه الله ذلك ومثله معه، وهذا الاختلاف بينهما في الحديث مذكور في كل كتب الأحاديث(أي للمتتبع لروايتهما في كتب الحديث، وصرح به في مسند أحمد (3/25) ولفظه: [فقال أبو سعيد ورجل آخر من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم اختلفا، فقال أحدهما: فيدخل الجنة فيعطي الدنيا ومثلها معها. وقال الآخر: يدخل الجنة فيعطي الدنيا وعشرة أمثالها]. والرجل الآخر الراوي لهذا الحديث هو أبو هريرة كما في البخاري (806).). فلما لم ينضبط هذا الموضع من الخبر فجواز عدم الضبط في ذلك الإعراب أولى، وبالله التوفيق.