صفحة 1 من 1

بطلان حديث (إن الله يضع قدمه في النار) المروي في الصحيحين(1)

مرسل: الاثنين نوفمبر 20, 2023 10:37 am
بواسطة cisayman3
بطلان حديث (إن الله يضع قدمه في النار) المروي في الصحيحين
وإشارة صاحبي الصحيحين إلى تعليله
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
((تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم، قال الله تبارك وتعالى للجنة أنتِ رحمتي أرحم بكِ مَنْ أشاء من عبادي، وقال للنار إنما أنتِ عذابي أُعَذِّب بكِ من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منهما ملؤها، فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول قط قط فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحداً، وأما الجنة فإن الله عز وجل ينشىء لها خلقاً)) رواه البخاري (4850).
وله لفظ آخر عند البخاري (7449) وهو:
((اختصمت الجنة والنار إلى ربهما فقالت الجنة يا رب ما لها لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطهم، وقالت النار يعني أوثرت بالمتكبرين، فقال الله تعالى للجنة أنت رحمتي، وقال للنار أنت عذابي أصيب بك من أشاء، ولكل واحدة منكما ملؤها، قال فأما الجنة فإن الله لا يظلم من خلقه أحداً، وإنه ينشئ للنار من يشاء فيلقون فيها فتقول { هَلْ مِنْ مَزِيدٍ } ق: 30، ثلاثاً حتى يضع فيها قدمه فتمتلىء ويرد بعضها إلى بعض وتقول قَطٍ قَطٍ قط)).
يفيد النص الأول أن جهنم لا تمتلىء حتى يضع الله ـ تعالى عما يصفون ـ فيها رِجْلَه دون ذِكْرِ أن يخلق لها خلقاً جديداً لأن الله تعالى لا يظلم من خلقه أحداً!
أما النص الثاني فيقول بأن جهنم ينشىء الله لها خلقاً جديداً ويلقيهم فيها دون أن يسبق منهم كفر وعصيان، ولا تمتلىء حتى يضع فيها قدمه!
وربما انبنت نظرية تعذيب المطيع وإثابة العاصي وأن كلاً منهما مُلْكُه سبحانه يفعل فيهما ما يشاء على مثل هذه الأحاديث المردودة، وقد نبَّه البخاري ـ فيما أعتقد وكما يظهر ـ على أن هذا الحديث من أقوال أبي هريرة! وبالتالي هو من جملة الإسرائيليات عندنا! حيث نص البخاري أن بعض رواته كان لا يرفعه! وهذا نصه في صحيحه (برقم4849):
(حدثنا محمد بن موسى القطان حدثنا أبو سفيان الحميري سعيد بن يحيى بن مهدي حدثنا عوف عن محمد عن أبي هريرة رفعه وأكثر ما كان يوقفه أبو سفيان).
وهذه بعض العلل التي يشير لها البخاري للأحاديث التي يرويها في صحيحه().
كما عللها أيضاً مسلم في صحيحه (2847) حيث قال: [وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((احتجت الجنة والنار فذكر نحو حديث أبي هريرة إلى قوله ولكليكما علي ملؤها)) ولم يذكر ما بعده من الزيادة].
والزيادة هي قوله في الحديث: [فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول قط قط فهنالك تمتلىء ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحداً، وأما الجنة فإن الله عز وجل ينشىء لها خلقاً].
وفي هذا فوائد علمية وحديثية عظيمة: منها أن هناك أحاديث رواها البخاري ومسلم في صحيحيهما مسندة وعللاها، ومنها أن مسلماً علل حديث القدم أو الرِّجْل في الصحيح.
ومما يؤكد وجود المعلل المردود في صحيحيهما ما قاله الحاكم أول مستدركه على الصحيحين (1/2-3):
[سألني جماعة.. أن أجمع كتاباً يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج بمثلها إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علة له فإنهما رحمهما الله لم يَدَّعِيا ذلك لأنفسهما].
ومن هنا يمكن أن يَعْيَ بعض مَنْ لم يطَّلع على هذه الأمور حقيقة الأمر في الأحاديث التي تخالف العقل أو القرآن وغير ذلك.