وصف الإمام الغزالي رحمه الله تعالى للقاصرين عن إدراك التنزيه:
مرسل: الثلاثاء نوفمبر 21, 2023 11:08 am
قال الإمام الغزالي في (الإحياء) واصفاً القاصرين عن إدراك تنزيه الله تعالى، منزهاً المولى سبحانه اليد والعين وبقية الأعضاء التي يصفه سبحانه بها المجسمة:
[فالنظر إلى ذات الله تعالى يورث الحيرة والدهش واضطراب العقل، فالصواب إذن أنْ لا يُتَعَرَّض لمجاري الفكر في حقيقة ذات الله سبحانه وصفاته، فإن أكثر العقول لا تحتمله، بل القدر اليسير الذي صرّح به بعض العلماء هو: أنّ الله مُقَدَّسٌ عن المكان، ومُنَزّه عن الأقطار والجهات، وأنّه ليس داخل العالم ولا خارجه، ولا هو متصل بالعالم ولا هو منفصل عنه، قد حَيَّر عقول أقوام حتى أنكروه إذ لم يطيقوا سماعه ومعرفته، بل ضعفت طائفة عن احتمال أقل من هذا إذ قيل لهم إنه يتعاظم ويتعالى عن أن يكون له رأس ورِجْل ويد وعين وعضو، وأن يكون جسماً مُشخَّصَاً له مقدار وحجم. فأنكروا هذا وظنوا أنّ ذلك قدح في عظمة الله وجلاله، حتى قال بعض الحمقى من العوام: إنّ هذا وصف بطيخ هندي لا وصف الإله! لظن المسكين أنّ الجلالة والعظمة في هذه الأعضاء. وهذا لأنّ الإنسان لا يعرف إلا نفسه فلا يستعظم إلا نفسه، فكل مالا يساويه في صفاته فلا يفهم العظمة فيه! نعم غايته أنْ يُقدِّر الإنسان نفسه جميل الصورة جالساً على سريره وبين يديه غلمان يمتثلون أمره، فلا جرم غايته أنْ يقدر ذلك في حق الله ـ تعالى وتقدس ـ حتى يفهم العظمة.
بل لو كان للذباب عقل وقيل له ليس لخالقك جناحان ولا يد ولا رجل ولا له طيران لأنكر ذلك، وقال: كيف يكون خالقي أنقص مني ؟ أفيكون مقصوص الجناح أو يكون زَمِناً (أي عاجزاً مريضا) لا يقدر على الطيران ؟ أو يكون لي آلة وقدرة لا يكون له مثلها وهو خالقي ومصوِّري ؟ وعقول أكثر الخلق قريب من هذا العقل، وإنَّ الإنسان لجهول ظلوم كفار، ولذلك أوحى الله تعالى إلى بعض أنبيائه: لا تخبر عبادي بصفاتي فينكروني ولكن أخبرهم عني بما يفهمون].
ما أروع هذا الكلام!!
[فالنظر إلى ذات الله تعالى يورث الحيرة والدهش واضطراب العقل، فالصواب إذن أنْ لا يُتَعَرَّض لمجاري الفكر في حقيقة ذات الله سبحانه وصفاته، فإن أكثر العقول لا تحتمله، بل القدر اليسير الذي صرّح به بعض العلماء هو: أنّ الله مُقَدَّسٌ عن المكان، ومُنَزّه عن الأقطار والجهات، وأنّه ليس داخل العالم ولا خارجه، ولا هو متصل بالعالم ولا هو منفصل عنه، قد حَيَّر عقول أقوام حتى أنكروه إذ لم يطيقوا سماعه ومعرفته، بل ضعفت طائفة عن احتمال أقل من هذا إذ قيل لهم إنه يتعاظم ويتعالى عن أن يكون له رأس ورِجْل ويد وعين وعضو، وأن يكون جسماً مُشخَّصَاً له مقدار وحجم. فأنكروا هذا وظنوا أنّ ذلك قدح في عظمة الله وجلاله، حتى قال بعض الحمقى من العوام: إنّ هذا وصف بطيخ هندي لا وصف الإله! لظن المسكين أنّ الجلالة والعظمة في هذه الأعضاء. وهذا لأنّ الإنسان لا يعرف إلا نفسه فلا يستعظم إلا نفسه، فكل مالا يساويه في صفاته فلا يفهم العظمة فيه! نعم غايته أنْ يُقدِّر الإنسان نفسه جميل الصورة جالساً على سريره وبين يديه غلمان يمتثلون أمره، فلا جرم غايته أنْ يقدر ذلك في حق الله ـ تعالى وتقدس ـ حتى يفهم العظمة.
بل لو كان للذباب عقل وقيل له ليس لخالقك جناحان ولا يد ولا رجل ولا له طيران لأنكر ذلك، وقال: كيف يكون خالقي أنقص مني ؟ أفيكون مقصوص الجناح أو يكون زَمِناً (أي عاجزاً مريضا) لا يقدر على الطيران ؟ أو يكون لي آلة وقدرة لا يكون له مثلها وهو خالقي ومصوِّري ؟ وعقول أكثر الخلق قريب من هذا العقل، وإنَّ الإنسان لجهول ظلوم كفار، ولذلك أوحى الله تعالى إلى بعض أنبيائه: لا تخبر عبادي بصفاتي فينكروني ولكن أخبرهم عني بما يفهمون].
ما أروع هذا الكلام!!