تفنيد مرتكزات فكر العنف والتطرف (2): مناقشة أحاديث يحتج بها التكفيريون القتلة الغلاظ أهل الفظاظة:
مرسل: الأحد أكتوبر 29, 2023 9:01 am
قدمنا في المقال السابق الجواب عن حديث (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله..) ونكمل الكلام على حديث آخر وهو:
2- حديث: (جئتكم بالذبح):
عن عبدالله بن عمرو بن العاص وفيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في مكة قبل الهجرة لرهط من كفار قريش ممن كانوا يؤذونه: (تسمعون يا معشر قريش أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح جئتكم بالذَّبْح).
رواه أحمد بن حنبل (2/218) ، وابن حبان في صحيحه (14/525) ، والبزار (6/456) ، والبيهقي في دلائل النبوة (2/276) ، وفي إسناده محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد صرح بالتحديث في رواية أحمد والبيهقي وفي السيرة له . وظاهر إسناده حسن .
إن صح هذا فإنه خطاب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعتاة وطغاة من كفار قريش آذوه وهم عقبة بن أبي معيط وأبو جهل، كانوا شديدي الأذى عليه صلى الله عليه وآله وسلم في مكة، وقد كشف الله تعالى له صلى الله عليه وآله وسلم ما سيؤول إليه حالهما فتنبأ بأنهما سيذبحان في غزوة بدر وقد تحقق ذلك، أما باقي أهل مكة فإنه صلى الله عليه وآله وسلم عفا عنهم وقال لهم عند فتح مكة: (أقول لكم كما قال أخي يوسف {لا تثريب عليكم اليوم} اذهبوا فأنتم الطلقاء)(1).
وروى القصة أبو نُعَيم في "دلائل النبوة" (1/181) وفيها أن الخطاب لعقبة بن أبي معيط وأبي جهل عندما: (كان صلى الله عليه وآله وسلم يصلي عند المقام فقام إليه عقبة بن أبي مُعَيط فجعل رداءه في عنقه ثم جذبه حتى وجب لركبته ساقطاً وتصايح الناس فظنوا أنه مقتول فأقبل أبو بكر يشتد حتى أخذ بضبعي ـ أي بعضدي ـ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ورائه ويقول: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ..). وعقبة بن أبي معيط قتل في بدر صبراً كما في "الوافي بالوفيات" للصفدي (20/59)، وأبو جهل كذلك كما في "الكامل في التاريخ" (1/594) لابن الأثير.
على أن هذه اللفظة تفرَّد بها ابن إسحاق، والحديث مروي في صحيح البخاري (3678و3856و4815) من طرق الثقات الأثبات وليس فيه هذه اللفظة، وإنما لفظه عند البخاري بعد أن ساقه بسنده:
عن عروة بن الزبير قال سألت عبد الله بن عمرو عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يصلي، فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقا شديداً، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه فقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم.
وبهذا يتضح لنا أن الإسلام وما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليس ذبح الناس وإنما هو الرحمة للناس وإرشاد الخلق إلى الهدى وطاعة الرحمن سبحانه، وأن ما جاء في هذا الحديث لو صح هو مخصوص لفئة معينة كافرة مؤذية ظهرت واتضحت في خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمن تتبع الحديث وفهمه.
قال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}
والله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي السفلية:
• رواه البيهقي في السنن الكبرى (9/118)، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات (2/56)، وهذه قضية لا يمكن إنكارها فقد سمى الصحابة ومن بعدهم فئة من الناس بالطلقاء بناء على هذه الكلمة التي قالها صلى الله عليه وآله وسلم واستفاضت في كتب السير.
2- حديث: (جئتكم بالذبح):
عن عبدالله بن عمرو بن العاص وفيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في مكة قبل الهجرة لرهط من كفار قريش ممن كانوا يؤذونه: (تسمعون يا معشر قريش أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح جئتكم بالذَّبْح).
رواه أحمد بن حنبل (2/218) ، وابن حبان في صحيحه (14/525) ، والبزار (6/456) ، والبيهقي في دلائل النبوة (2/276) ، وفي إسناده محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد صرح بالتحديث في رواية أحمد والبيهقي وفي السيرة له . وظاهر إسناده حسن .
إن صح هذا فإنه خطاب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعتاة وطغاة من كفار قريش آذوه وهم عقبة بن أبي معيط وأبو جهل، كانوا شديدي الأذى عليه صلى الله عليه وآله وسلم في مكة، وقد كشف الله تعالى له صلى الله عليه وآله وسلم ما سيؤول إليه حالهما فتنبأ بأنهما سيذبحان في غزوة بدر وقد تحقق ذلك، أما باقي أهل مكة فإنه صلى الله عليه وآله وسلم عفا عنهم وقال لهم عند فتح مكة: (أقول لكم كما قال أخي يوسف {لا تثريب عليكم اليوم} اذهبوا فأنتم الطلقاء)(1).
وروى القصة أبو نُعَيم في "دلائل النبوة" (1/181) وفيها أن الخطاب لعقبة بن أبي معيط وأبي جهل عندما: (كان صلى الله عليه وآله وسلم يصلي عند المقام فقام إليه عقبة بن أبي مُعَيط فجعل رداءه في عنقه ثم جذبه حتى وجب لركبته ساقطاً وتصايح الناس فظنوا أنه مقتول فأقبل أبو بكر يشتد حتى أخذ بضبعي ـ أي بعضدي ـ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ورائه ويقول: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ..). وعقبة بن أبي معيط قتل في بدر صبراً كما في "الوافي بالوفيات" للصفدي (20/59)، وأبو جهل كذلك كما في "الكامل في التاريخ" (1/594) لابن الأثير.
على أن هذه اللفظة تفرَّد بها ابن إسحاق، والحديث مروي في صحيح البخاري (3678و3856و4815) من طرق الثقات الأثبات وليس فيه هذه اللفظة، وإنما لفظه عند البخاري بعد أن ساقه بسنده:
عن عروة بن الزبير قال سألت عبد الله بن عمرو عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يصلي، فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقا شديداً، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه فقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم.
وبهذا يتضح لنا أن الإسلام وما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليس ذبح الناس وإنما هو الرحمة للناس وإرشاد الخلق إلى الهدى وطاعة الرحمن سبحانه، وأن ما جاء في هذا الحديث لو صح هو مخصوص لفئة معينة كافرة مؤذية ظهرت واتضحت في خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمن تتبع الحديث وفهمه.
قال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}
والله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي السفلية:
• رواه البيهقي في السنن الكبرى (9/118)، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات (2/56)، وهذه قضية لا يمكن إنكارها فقد سمى الصحابة ومن بعدهم فئة من الناس بالطلقاء بناء على هذه الكلمة التي قالها صلى الله عليه وآله وسلم واستفاضت في كتب السير.