رواه البخاري (2767)، ومسلم (89).
وفي بعض روايات البخاري (6870): ((واليمين الغَمُوس))، وفي رواية أيضاً عند البخاري (6920) أن أعرابياً قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وما اليمين الغموس ؟ قال: ((الذي يقتطع مال امرئ مسلم هو فيها كاذب)). وفي رواية أخرى عند البخاري (6871) ومسلم (88): ((وقول الزور)) بَدَل: ((اليمين الغموس))، وهو تفسير لليمين الغموس وقد بيَّن الحديث بأن المراد بذلك اقتطاع مال امرىء مسلم بيمين يكذب فيها.
قال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) (10/412) أثناء شرحه للفظ
(قول الزور) على أنه نوع عظيم من أنواع الكذب: [لو حملناه على الإطلاق لزم أن تكون الكذبة الواحدة مطلقاً كبيرة، وليس كذلك، وإذا كان بعض الكذب منصوصاً على عظمه كقوله تعالى: { وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً } النساء: 112، وفي الجملة فمراتب الكذب متفاوتة بحسب تفاوت مفاسده].
وروى أبو داود (2874) والنسائي في الكبرى (3/424) وغيرهما عقب هذا الحديث عن عبيد بن عمير عن أبيه أنه حدثه ـ وكانت له صحبة ـ أن رجلاً سأله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله: ما الكبائر ؟ فقال:
((هُنَّ تِسْعٌ)). فذكر معناه زاد: ((وعقوق الوالدين المسلمين واستحلال البيت الحرام قِبْلَتكُمْ أحياءً وأمواتاً)).
ورواه البيهقي في السنن الكبرى (3/408) ولفظه: عن عُبَيدِ بنِ عُمَيرٍ عن أبيه أنه حدَّثه ـ وكانت له صحبة ـ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في حِجَّة الوداع: ((ألا إن أولياء الله المصلون من يقم الصلوات الخمس التي كتبن عليه ويصوم رمضان يحتسب صومه يرى أنه عليه حق ويعطي زكاة ماله يحتسبها ويجتنب الكبائر التي نهى الله عنها)). ثم إن رجلاً سأله فقال: يا رسول الله ما الكبائر ؟ فقال: ((هُنَّ تِسْعٌ، الشرك إشراك بالله، وقَتْلُ نَفْسٍ مؤمنٍ بغير حق، وفرار يوم الزحف، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، وقذف المحصنة، وعقوق الوالدين المسلمين، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياءً وأمواتاً)). ثم قال: ((لا يموت رجل لم يعمل هؤلاء الكبائر ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة إلا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في دار أبوابها مصاريع من ذهب)). سقط من كتابي أو من كتاب شيخي ((السحر)).
وروى البخاري في ((الأدب المفرد)) (حديث رقم
قال ابن حجر الهيتمي في ((الزواجر))(1/9) ضابطاً أصح تعريف للكبيرة عن الجلال البُلْقيني وابن الصلاح: [الكبيرة كل ذنب عظم عظماً يصح معه أن يطلق عليه اسم الكبيرة ويوصف بكونه عظيماً على الإطلاق، ولها أمارات
منها: إيجاب الحد، ومنها: الإيعاد عليه بالعذاب بالنار ونحوها في الكتاب أو السنة، ومنها: وصف فاعلها بالفسق، ومنها: اللعن. انتهى].
وقال ابن حجر المكي قبل ذلك نقلاً عن ابن عبد السلام: [وإذا أردت الفرق بين الصغيرة والكبيرة فاعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها، فإن نقصت عن أقل الكبائر فهي صغيرة وإلا فكبيرة.... فمن أمسك امرأة مُحْصَنَة لمن يزني بها أو أمسك مسلماً لمن يقتله فلا شك أن مفسدته أعظم من مفسدة أكل مال اليتيم، وكذلك لو دلَّ الكفار على عورة المسلمين مع علمه بأنهم يستأصلونهم بدلالته وَيَسْبُون حريمهم وأطفالهم ويغنمون أموالهم فإن نسبة هذه المفاسد أعظم من التولي يوم الزحف بغير عذر، وكذا لو كذب على إنسان وهو يعلم أنه يقتل بسبب كذبه. وأطال ـ ابن عبد السلام ـ في ذلك إلى أن قال: وقد ضبط بعض العلماء الكبائر بأن كل ذنب قُرِنَ به وعيد، أو حَدٌّ، أو لعن، فهو من الكبائر، فتغيير منار الأرض أي طرقها كبيرة لاقتران اللعن به، فعلى هذا كل ذنب يعلم أن مفسدته كمفسدة ما قرن به الوعيد أو اللعن أو الحد أو كان أكبر من مفسدته فهو كبيرة. انتهى]