القول بأن الأعمال ليست شرطاً للإيمان قضية سياسية بامتياز:
مرسل: الاثنين ديسمبر 04, 2023 9:00 am
ومما يجدر التنبيه عليه هنا أن دعوى كون الشهادتين كافيتين في النجاة من الخلود في عذاب الله تعالى يوم القيامة وأن المعاصي يغفرها الله تعالى ويتجاوز عنها أدَّت إلى التهاون في الأعمال واقتراف المعاصي، وكانت توجهاً سياسياً لخلفاء الجور في عهد الدولة الأموية قبل نحو (1400 سنة) ألف وأربعمائة سنة، وورثها وقال بها من جاء بعدهم من الظَّلَمة والفسقة من العباسيين ومَنْ لم يدركوا حقيقة المسألة من العلماء، وذلك أن خلفاء بني أمية كانوا أول من ابتدأ هذا الأمر بأن فعلوا الفواحش وعقدوا مجالس الشراب والقيان وقتلوا الأبرياء من المؤمنين والمنكرين على خسيس أفعالهم المناقضة لشريعة الله تعالى وهم يدَّعون بأنهم يشهدون بالشهادتين وأنهم لم يكفروا وأن ما يفعلونه يغفره الله تعالى و....، وهذه فكرة يهودية أنكرها القرآن الكريم في قوله تعالى { وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ، بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } البقرة: 80-81! وأضافوا لذلك أن حملوا معاصيهم على القضاء والقدر!!
أما قولهم بعدم ضرر المعاصي وخاصة للخلفاء: ففي ((سير أعلام النبلاء)) (5/150-151) و ((البداية والنهاية)) (9/232): [قال ابن وهب: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد قال: لما توفي عمر بن عبد العزيز قال يزيد (ابن عبد الملك) سيروا بسيرة عمر بن عبد العزيز، فَأُتِـيَ بأربعين شيخاً شهدوا أن الخلفاء ما عليهم حساب ولا عذاب].
وقال المُنَاوي في ((فيض القدير)) (2/238) أثناء شرح حديث هناك: [وفيه بيان كذب الحديث الذي افتراه بعض المتعصبين لبني أمية، ففي آداب القضاء للكرابيسي عن الشافعي رضي الله عنه بسنده دخل الزهري على الوليد بن عبدالملك فسأله عن حديث: ((إن الله إذا استرعى عبداً للخلافة كتب له الحسنات ولم يكتب عليه السيئات)). فقال له: كَذِبٌ، ثم تلا: { يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } ص: 26، فقال الوليد: إن الناس ليغروننا].
وأما إسنادهم معاصيهم للقضاء والقدر: فقد روى ابن قتيبة أن عطاء بن يسار كان قاضياً للأمويين ويرى رأي معبد الجهني، فدخل على الحسن
البصري، وقال له: يا أبا سعيد إن هؤلاء الملوك يسفكون دماء المسلمين ويأخذون أموالهم ويقولون إنما تجري أعمالنا على قضاء الله وقدره، فقال له الحسن البصري: كذب أعداء الله(1). ونقل المقريزي في خططه (2/356) أن عطاء بن يسار ومعبد الجهني دخلا على الحسن البصري فقالا له: إن هؤلاء يسفكون الدماء ويقولون إنها تجري أعمالنا على قدر الله، فقال: كذب أعداء الله فطعن عليه بهذا.
فتأملوا في هذه السياسات الغابرة التي أتت منها الأفكار الباطلة
الهدامة!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الملل والنحل (1/113) والمذاهب الإسلامية لأبي زهرة ص (175)، قلت: وهو ثابت عن الحسن كما في ((ضعفاء العقيلي)) (3/404).
أما قولهم بعدم ضرر المعاصي وخاصة للخلفاء: ففي ((سير أعلام النبلاء)) (5/150-151) و ((البداية والنهاية)) (9/232): [قال ابن وهب: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد قال: لما توفي عمر بن عبد العزيز قال يزيد (ابن عبد الملك) سيروا بسيرة عمر بن عبد العزيز، فَأُتِـيَ بأربعين شيخاً شهدوا أن الخلفاء ما عليهم حساب ولا عذاب].
وقال المُنَاوي في ((فيض القدير)) (2/238) أثناء شرح حديث هناك: [وفيه بيان كذب الحديث الذي افتراه بعض المتعصبين لبني أمية، ففي آداب القضاء للكرابيسي عن الشافعي رضي الله عنه بسنده دخل الزهري على الوليد بن عبدالملك فسأله عن حديث: ((إن الله إذا استرعى عبداً للخلافة كتب له الحسنات ولم يكتب عليه السيئات)). فقال له: كَذِبٌ، ثم تلا: { يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } ص: 26، فقال الوليد: إن الناس ليغروننا].
وأما إسنادهم معاصيهم للقضاء والقدر: فقد روى ابن قتيبة أن عطاء بن يسار كان قاضياً للأمويين ويرى رأي معبد الجهني، فدخل على الحسن
البصري، وقال له: يا أبا سعيد إن هؤلاء الملوك يسفكون دماء المسلمين ويأخذون أموالهم ويقولون إنما تجري أعمالنا على قضاء الله وقدره، فقال له الحسن البصري: كذب أعداء الله(1). ونقل المقريزي في خططه (2/356) أن عطاء بن يسار ومعبد الجهني دخلا على الحسن البصري فقالا له: إن هؤلاء يسفكون الدماء ويقولون إنها تجري أعمالنا على قدر الله، فقال: كذب أعداء الله فطعن عليه بهذا.
فتأملوا في هذه السياسات الغابرة التي أتت منها الأفكار الباطلة
الهدامة!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الملل والنحل (1/113) والمذاهب الإسلامية لأبي زهرة ص (175)، قلت: وهو ثابت عن الحسن كما في ((ضعفاء العقيلي)) (3/404).