بعض آثار معاوية السلبية في علم التوحيد والعقائد (عقيدة الجبر)
مرسل: الاثنين ديسمبر 04, 2023 9:01 am
سألني عدد من الإخوة الفضلاء من عدة بلدان من أمس إلى اليوم ـ بسبب ما تكلمت به عن البسملة وترك الأمويين لها مكايدة منهم لآل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولخصومهم السياسيين ـ لأبين لهم بعض آثار معاوية والأمويين وتدخلاتهم السياسية السلبية في علوم الإسلام.
وقد رأيت أن أنقل بحثا مقتضبا لبعض العلماء في ذلك فأقول:
الأمويون وتفسير القضاء بالجبر:
1- قال أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل (2/125): إن معاوية أوَّل من زعم أن الله يريد أفعال العباد كلها.
2- لقد سعى معاوية بن أبي سفيان ـ بعدما سمَّ سيدنا الحسن عليه السلام ورأى الجو السياسي مناسباً ـ إلى نصب ولده يزيد خليفة من بعده، فلما اعترض عليه عبد الله بن عمر قال له: (إني أُحَذّرك أن تشق عصا المسلمين وتسعى في تفريق ملئهم وأن تسفك دماءهم، وإن أمر يزيد قد كان قضاء من القضاء وليس للعباد خيرة من أمرهم)(1).
وأجاب بهذا الكلام أيضاً عائشة أم المؤمنين عندما نازعته في هذا الاستخلاف فقال لها: (إن أمر يزيد قضاء من القضاء وليس للعباد الخيرة من أمرهم)(2).
فإنك ترى أن معاوية يتوسل في تحقيق أهدافه بأيدولوجية دينية مُسَلَّمة بين الناس من المعترضين وغيرهم وهي تفسير عمله بالتقدير والقضاء الإلهي.
وفي هذا الصدد يقول أحد الكتاب المصريين المعاصرين:
[إن معاوية لم يكن يدعم ملكه بالقوة فحسب ولكن بأيدولوجية تمس العقيدة في الصميم، ولقد كان يعلن في الناس أن الخلافة بينه وبين علي (عليه السلام) قد احتكما فيها إلى الله فقضى الله له على عليٍّ (عليه السلام) وكذلك حين أراد أن يطلب البيعة لابنه يزيد من أهل الحجاز، أعلن اختيار يزيد للخلافة كان قضاءً من القضاء ليس للعباد خيرة في أمرهم، وهكذا كاد أن يستقر في أذهان المسلمين أن كل ما يأمر به الخليفة حتى ولو كانت طاعة الله في خلافه فهو قضاء من الله قد قُدِّرَ على العباد](3).
3- ومن مظاهر هذه الفكرة المخطئة (مساوقة التقدير للجبر) تبرير عمر بن سعد بن أبي الوقاص قاتل الإمام الطاهر الحسين بن علي سلام الله عليه مبرراً(4) جنايته بأنها تقدير إلهي، وعندما اعترض عليه عبد الله بن مطيع العدوي بقوله: اخترت همدان والري على قتل ابن عمك. قال عمر بن سعد: كانت أموراً قضيت من السماء وقد أعذرت إلى ابن عمي قبل الوقعة فأبى إلا ما أبى(5).
وعلى هذا الأصل قامت الدولة الأموية ونشأت وارتقت فكان الخلفاء من هذا البيت يهددون من يخالفهم فيه، ويعاقبون بما هو مسجل مضبوط في التاريخ.
4- إن الحسن البصري كان من الشخصيات البارزة في عصره وكان يشغل منصة الوعظ والخطابة والإرشاد. ومع ذلك كله لم يكن معتقداً بالتقدير المُصَوّب عند الأمويين فلما خوَّفه بعض أصدقائه من السلطان وعد أن لا يعود، روى ابن سعد في طبقاته عن أيوب قال: نازلت الحسن في القدر غير مرة حتى خوَّفته من السلطان فقال: لا أعود بعد اليوم(6).
5- إن محمد بن إسحاق صاحب السيرة النبوية المعروفة التي قام بتلخيصها ابن هشام، أتهم بالمخالفة في التقدير وضُرِبَ عدة سياط تأديباً.
قال ابن حجر في التهذيب: إن محمد بن إسحاق اتُّهِمَ بالقدر، وقال الزبير عن الدراوردي: وجلد ابن إسحاق يعني في القدر(7).
6- وروى ابن قتيبة أن عطاء بن يسار كان قاضياً للأمويين ويرى رأي معبد الجهني، فدخل على الحسن البصري، وقال له: يا أبا سعيد إن هؤلاء الملوك يسفكون دماء المسلمين ويأخذون أموالهم ويقولون إنما تجري أعمالنا على قضاء الله وقدره، فقال له الحسن البصري: كذب أعداء الله(.
ونقل المقريزي أن عطاء بن يسار ومعبد الجهني دخلا على الحسن البصري فقالا له: إن هؤلاء يسفكون الدماء ويقولون إنها تجري أعمالنا على قدر الله، فقال: كذب أعداء الله فطعن عليه بهذا(9).
7- ويقول ابن المرتضى: ((ثم حَدَثَ رأي المُجَبِّرة من معاوية وملوك بني مروان فَعَظُمَتْ به الفتنة))(10)
انتهى ما أردت نقله لكم.
___________
الحواشي السفلية:
(1) الإمامة والسياسة لابن قتيبة (1/171).
(2) الإمامة والسياسة لابن قتيبة (1/167).
(3) نظرية الإمامة عند الإمامية للدكتور أحمد محمود ص (334).
(4) الصواب أن يقال مسوغاً.
(5) طبقات ابن سعد (5/148).
(6) طبقات ابن سعد (7/167).
(7) تهذيب التهذيب (9/38 و 46).
(8)لملل والنحل (1/113) والمذاهب الإسلامية لأبي زهرة ص (175)، قلت: وهو ثابت عن الحسن كما في ((ضعفاء العقيلي)) (3/404).
(9) الخطط المقريزية (2/356).
(10) طبقات المعتزلة ص (6) لأحمد بن يحيى بن المرتضى المعتزلي.
وقد رأيت أن أنقل بحثا مقتضبا لبعض العلماء في ذلك فأقول:
الأمويون وتفسير القضاء بالجبر:
1- قال أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل (2/125): إن معاوية أوَّل من زعم أن الله يريد أفعال العباد كلها.
2- لقد سعى معاوية بن أبي سفيان ـ بعدما سمَّ سيدنا الحسن عليه السلام ورأى الجو السياسي مناسباً ـ إلى نصب ولده يزيد خليفة من بعده، فلما اعترض عليه عبد الله بن عمر قال له: (إني أُحَذّرك أن تشق عصا المسلمين وتسعى في تفريق ملئهم وأن تسفك دماءهم، وإن أمر يزيد قد كان قضاء من القضاء وليس للعباد خيرة من أمرهم)(1).
وأجاب بهذا الكلام أيضاً عائشة أم المؤمنين عندما نازعته في هذا الاستخلاف فقال لها: (إن أمر يزيد قضاء من القضاء وليس للعباد الخيرة من أمرهم)(2).
فإنك ترى أن معاوية يتوسل في تحقيق أهدافه بأيدولوجية دينية مُسَلَّمة بين الناس من المعترضين وغيرهم وهي تفسير عمله بالتقدير والقضاء الإلهي.
وفي هذا الصدد يقول أحد الكتاب المصريين المعاصرين:
[إن معاوية لم يكن يدعم ملكه بالقوة فحسب ولكن بأيدولوجية تمس العقيدة في الصميم، ولقد كان يعلن في الناس أن الخلافة بينه وبين علي (عليه السلام) قد احتكما فيها إلى الله فقضى الله له على عليٍّ (عليه السلام) وكذلك حين أراد أن يطلب البيعة لابنه يزيد من أهل الحجاز، أعلن اختيار يزيد للخلافة كان قضاءً من القضاء ليس للعباد خيرة في أمرهم، وهكذا كاد أن يستقر في أذهان المسلمين أن كل ما يأمر به الخليفة حتى ولو كانت طاعة الله في خلافه فهو قضاء من الله قد قُدِّرَ على العباد](3).
3- ومن مظاهر هذه الفكرة المخطئة (مساوقة التقدير للجبر) تبرير عمر بن سعد بن أبي الوقاص قاتل الإمام الطاهر الحسين بن علي سلام الله عليه مبرراً(4) جنايته بأنها تقدير إلهي، وعندما اعترض عليه عبد الله بن مطيع العدوي بقوله: اخترت همدان والري على قتل ابن عمك. قال عمر بن سعد: كانت أموراً قضيت من السماء وقد أعذرت إلى ابن عمي قبل الوقعة فأبى إلا ما أبى(5).
وعلى هذا الأصل قامت الدولة الأموية ونشأت وارتقت فكان الخلفاء من هذا البيت يهددون من يخالفهم فيه، ويعاقبون بما هو مسجل مضبوط في التاريخ.
4- إن الحسن البصري كان من الشخصيات البارزة في عصره وكان يشغل منصة الوعظ والخطابة والإرشاد. ومع ذلك كله لم يكن معتقداً بالتقدير المُصَوّب عند الأمويين فلما خوَّفه بعض أصدقائه من السلطان وعد أن لا يعود، روى ابن سعد في طبقاته عن أيوب قال: نازلت الحسن في القدر غير مرة حتى خوَّفته من السلطان فقال: لا أعود بعد اليوم(6).
5- إن محمد بن إسحاق صاحب السيرة النبوية المعروفة التي قام بتلخيصها ابن هشام، أتهم بالمخالفة في التقدير وضُرِبَ عدة سياط تأديباً.
قال ابن حجر في التهذيب: إن محمد بن إسحاق اتُّهِمَ بالقدر، وقال الزبير عن الدراوردي: وجلد ابن إسحاق يعني في القدر(7).
6- وروى ابن قتيبة أن عطاء بن يسار كان قاضياً للأمويين ويرى رأي معبد الجهني، فدخل على الحسن البصري، وقال له: يا أبا سعيد إن هؤلاء الملوك يسفكون دماء المسلمين ويأخذون أموالهم ويقولون إنما تجري أعمالنا على قضاء الله وقدره، فقال له الحسن البصري: كذب أعداء الله(.
ونقل المقريزي أن عطاء بن يسار ومعبد الجهني دخلا على الحسن البصري فقالا له: إن هؤلاء يسفكون الدماء ويقولون إنها تجري أعمالنا على قدر الله، فقال: كذب أعداء الله فطعن عليه بهذا(9).
7- ويقول ابن المرتضى: ((ثم حَدَثَ رأي المُجَبِّرة من معاوية وملوك بني مروان فَعَظُمَتْ به الفتنة))(10)
انتهى ما أردت نقله لكم.
___________
الحواشي السفلية:
(1) الإمامة والسياسة لابن قتيبة (1/171).
(2) الإمامة والسياسة لابن قتيبة (1/167).
(3) نظرية الإمامة عند الإمامية للدكتور أحمد محمود ص (334).
(4) الصواب أن يقال مسوغاً.
(5) طبقات ابن سعد (5/148).
(6) طبقات ابن سعد (7/167).
(7) تهذيب التهذيب (9/38 و 46).
(8)لملل والنحل (1/113) والمذاهب الإسلامية لأبي زهرة ص (175)، قلت: وهو ثابت عن الحسن كما في ((ضعفاء العقيلي)) (3/404).
(9) الخطط المقريزية (2/356).
(10) طبقات المعتزلة ص (6) لأحمد بن يحيى بن المرتضى المعتزلي.