تفنيد مرتكزات فكر العنف والتطرف (4):
مرسل: الأحد أكتوبر 29, 2023 9:04 am
تخريج حديث آخر يستدل به التكفيريون القتلة:
4- حديث أغار على بني المصطلق وهم غارُّون فقتل وسبى :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : عَنْ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيَّ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ .
وَحَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَكَانَ فِي ذَاكَ الْجَيْشِ .
رواه البخاري (2541) ومسلم (1730) .
الجواب : إن بني المصطلق كانوا قد أعدُّوا جيشاً وجمَّعوا جموعاً ليقاتلوا المسلمين ويغزوهم فعلم بذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأرسل جيشاً لهم وهم على حين غفلة (غارّون) لا يدرون أن جيش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد وصل إليهم ، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يبتدئهم القتال وإنما هم الذين بدأوا ، قال الصالحي في سيرته "سبل الهدى والرشاد" (4/356):
[ وذكر جلُّ أهل المغازي أنه حصل بين الفريقين قتال، وذكر جماعة منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر أن يدعوهم إلى توحيد الله تعالى ] .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (11/465) :
[وَذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق عَنْ مَشَايِخه عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَةَ وَغَيْره أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَغَهُ أَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِق يَجْمَعُونَ لَهُ وَقَائِدهمْ الْحَارِث بْن أَبِي ضِرَار فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ حَتَّى لَقِيَهُمْ عَلَى مَاء مِنْ مِيَاههمْ يُقَال لَهُ الْمُرَيْسِيع قَرِيبًا مِنْ السَّاحِل ، فَزَاحَفَ النَّاس وَاقْتَتَلُوا ، فَهَزَمَهُمْ اللَّه ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ ، وَنَفَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ . كَذَا ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق بِأَسَانِيد مُرْسَلَة ، وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيح كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَاب الْعِتْق مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ أَغَارَ عَلَيْهِمْ عَلَى حِين غَفْلَة مِنْهُمْ فَأَوْقَع بِهِمْ وَلَفْظه : (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِق وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامهمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاء ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتهمْ وَسَبَى ذَرَارِيّهمْ) الْحَدِيث ، فَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون حِين الإِيقَاع بِهِمْ ثَبَتُوا قَلِيلاً ، فَلَمَّا كَثُرَ فِيهِمْ الْقَتْل اِنْهَزَمُوا بِأَنْ يَكُون لَمَّا دَهَمَهُمْ وَهُمْ عَلَى الْمَاء ثَبَتُوا وَتَصَافُّوا وَوَقَعَ الْقِتَال بَيْن الطَّائِفَتَيْنِ ثُمَّ بَعْد ذَلِكَ وَقَعَتْ الْغَلَبَة عَلَيْهِمْ ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ اِبْن سَعْد نَحْو مَا ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق ، وَأَنَّ الْحَارِث كَانَ جَمَعَ جُمُوعًا وَأَرْسَلَ عَيْنًا تَأْتِيه بِخَبَرِ الْمُسْلِمِينَ فَظَفِرُوا بِهِ فَقَتَلُوهُ ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ هَلِعَ وَتَفَرَّقَ الْجَمْع وَانْتَهَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَاء وَهُوَ الْمُرَيْسِيعُ فَصَفّ أَصْحَابَهُ لِلْقِتَالِ وَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ ثُمَّ حَمَلُوا عَلَيْهِمْ حَمَلَة وَاحِدَة فَمَا أَفْلَتَ مِنْهُمْ إِنْسَان بَلْ قُتِلَ مِنْهُمْ عَشَرَة وَأُسِرَ الْبَاقُونَ رجالاً وَنِسَاءً].
فالنتيجة أن بني المصطلق كانوا في حالة حرب مع المسلمين . قال تعالى : { فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا .. } سورة سيدنا محمد : 4 . والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} البقرة : 190 .
والله تعالى أعلم.
_______________________
4- حديث أغار على بني المصطلق وهم غارُّون فقتل وسبى :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : عَنْ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيَّ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ .
وَحَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَكَانَ فِي ذَاكَ الْجَيْشِ .
رواه البخاري (2541) ومسلم (1730) .
الجواب : إن بني المصطلق كانوا قد أعدُّوا جيشاً وجمَّعوا جموعاً ليقاتلوا المسلمين ويغزوهم فعلم بذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأرسل جيشاً لهم وهم على حين غفلة (غارّون) لا يدرون أن جيش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد وصل إليهم ، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يبتدئهم القتال وإنما هم الذين بدأوا ، قال الصالحي في سيرته "سبل الهدى والرشاد" (4/356):
[ وذكر جلُّ أهل المغازي أنه حصل بين الفريقين قتال، وذكر جماعة منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر أن يدعوهم إلى توحيد الله تعالى ] .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (11/465) :
[وَذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق عَنْ مَشَايِخه عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَةَ وَغَيْره أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَغَهُ أَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِق يَجْمَعُونَ لَهُ وَقَائِدهمْ الْحَارِث بْن أَبِي ضِرَار فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ حَتَّى لَقِيَهُمْ عَلَى مَاء مِنْ مِيَاههمْ يُقَال لَهُ الْمُرَيْسِيع قَرِيبًا مِنْ السَّاحِل ، فَزَاحَفَ النَّاس وَاقْتَتَلُوا ، فَهَزَمَهُمْ اللَّه ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ ، وَنَفَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ . كَذَا ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق بِأَسَانِيد مُرْسَلَة ، وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيح كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَاب الْعِتْق مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ أَغَارَ عَلَيْهِمْ عَلَى حِين غَفْلَة مِنْهُمْ فَأَوْقَع بِهِمْ وَلَفْظه : (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِق وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامهمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاء ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتهمْ وَسَبَى ذَرَارِيّهمْ) الْحَدِيث ، فَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون حِين الإِيقَاع بِهِمْ ثَبَتُوا قَلِيلاً ، فَلَمَّا كَثُرَ فِيهِمْ الْقَتْل اِنْهَزَمُوا بِأَنْ يَكُون لَمَّا دَهَمَهُمْ وَهُمْ عَلَى الْمَاء ثَبَتُوا وَتَصَافُّوا وَوَقَعَ الْقِتَال بَيْن الطَّائِفَتَيْنِ ثُمَّ بَعْد ذَلِكَ وَقَعَتْ الْغَلَبَة عَلَيْهِمْ ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ اِبْن سَعْد نَحْو مَا ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق ، وَأَنَّ الْحَارِث كَانَ جَمَعَ جُمُوعًا وَأَرْسَلَ عَيْنًا تَأْتِيه بِخَبَرِ الْمُسْلِمِينَ فَظَفِرُوا بِهِ فَقَتَلُوهُ ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ هَلِعَ وَتَفَرَّقَ الْجَمْع وَانْتَهَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَاء وَهُوَ الْمُرَيْسِيعُ فَصَفّ أَصْحَابَهُ لِلْقِتَالِ وَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ ثُمَّ حَمَلُوا عَلَيْهِمْ حَمَلَة وَاحِدَة فَمَا أَفْلَتَ مِنْهُمْ إِنْسَان بَلْ قُتِلَ مِنْهُمْ عَشَرَة وَأُسِرَ الْبَاقُونَ رجالاً وَنِسَاءً].
فالنتيجة أن بني المصطلق كانوا في حالة حرب مع المسلمين . قال تعالى : { فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا .. } سورة سيدنا محمد : 4 . والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} البقرة : 190 .
والله تعالى أعلم.
_______________________