نقض دعوى فهم الكتاب والسنة بفهم السلف التي يدعيها السلفيون:
مرسل: الأحد ديسمبر 24, 2023 9:07 am
يدعي السلفيون أنهم يفهمون الكتاب والسنة (بفهم السلف)، وأنه يجب فهم القرآن الكريم والسنة المطهرة (بفهم السلف)!
وهذا في ظاهره دعوى إلى التقليد وعدم استعمال العقول لأن السلف يفهمون ولهم عقول ـ بزعمهم ـ ونحن لا نفهم وليس لنا عقول!
وهذا قد ينطلي على من لا عقل له!
لأن السلف اختلفوا وكانت أفهامهم متباينة في كثير من المسائل الشرعية!
حتى ان ابن جرير الطبري وهو من السلف نقل في تفسيره اختلاف السلف في تفسير كثير من آيات القرآن الكريم!
فبأي فهم سلف سيأخذون ؟!
بفهم سفيان الثوري أم بفهم سفيان بن عيينة.
أم بفهم هذا أو ذاك من السلف ؟
فهم يقولون (بفهم السلف) وكأن السلف متفقون!
وهم يقصدون بالسلف ابن تيمية والألباني وابن باز!
مع أن هؤلاء الثلاثة اختلفوا أيضاً!
فابن باز يرى أن وضع اليد على اليد بعد الركوع في الصلاة سنة والألباني يقول إن هذا العمل بدعة منكرة!
فدعوى (فهم السلف) خدعة! وبدعة!
إذن هؤلاء يدعون بأنه يجب فهم الكتاب والسنة بفهم السلف وهم بذلك يعتبرون فهم السلف من الأدلة الشرعية الواجب اتِّباعها وقولهم هذا يتضمّن مغالطتين:
الأولى: أن السلف غير متفقين في فهم المسائل فليس لهم مذهب موحّد معروف حتى يصح أن يقال مذهب السلف أو فهم السلف أو يجب فهم الأمور بفهم السلف، وستمر بعد قليل إن شاء الله تعالى أمثلة في اختلاف السلف في مسائل عقائدية وغير عقائدية في فصل خاص وبالله تعالى التوفيق.
وهؤلاء الذين يَدْعون الناس إلى فهم السلف نراهم ينافرون فهم الأئمة الأربعة للمسائل الشرعية وَيَحُثُّون إما على تقليدهم في فهمهم للأمور أو على فهم أناس بعد القرون الثلاثة المسماة بقرون السلف!!
والمغالطة الثانية: أنه ليس في الكتاب والسنة دليل يفيد أنه يجب تعطيل العقول التي وَهَبَنَا الله سبحانه وتعالى إياها وفهم الكتاب والسنة بفهم غيرنا ما دام أن المرء وصل درجة الفهم والاجتهاد!!
وأعني هنا عقول العلماء وليس عقول العامة!
بل نقول لهؤلاء: إن النصوص الشرعية تخاطبنا مباشرة لنفهم أوامر الله تعالى ونواهيه دون تحريف أو لَيٍّ لها، فقول الله تعالى في آيات كثيرة مثلاً { يا أيها الذين آمنوا } عام يشمل السلف والخلف والمتقدّم والمتأخّر إلى قيام الساعة.
بل يقطع الشغب في هذه المسألة قوله تعالى { ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم } هو صريح بأن علم أو فهم أهل الاستنباط وهم المجتهدون في كل عصر ومِصْر مُعْتَبَرٌ، ولم يُخَصَّ ذلك
بالسلف، حيث لم يَقُلْ بأن أهل الاستنباط من السلف هم الذين يَعْلَمُون الأحكام ويفهمونها دون غيرهم من الخلف، وفي هذا دليل واضح على هدم الاستدلال بفهم السلف وجعله أحد الأدلة الشرعية، بل الصواب أن يقال: إن فهم المجتهدين سواء كانوا من الخلف أو من السلف معتبر شرعاً بالنسبة للعامي الذي لم يتأهل لفهم الأحكام من الكتاب والسنة مباشرة، وإجماع هؤلاء المجتهدين في أي عصر من العصور سواء في زمن السلف أم الخلف هو المعتبر شرعاً وهو من الأدلة الشرعية، وما سوى ذلك هَذَيان!!
ثم إن الله تعالى يقول في كتابه العزيز: { فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول } النساء: 59 ولم يقل ردّوه إلى فهم السلف له!!
ويؤيد هذا ما جاء في ((صحيح البخاري)) (1/204) وغيره عن أبي جحيفة قال: قلت لعليّ (رضوان الله عليه) هل عندكم كتاب ؟ قال: ((لا إلا كتاب الله أو فَهْمٌ أُعْطِيْهِ رجل مسلم...)).
قلـت: ولم يقيد ذلك بالسلف فلم يقل إلا فهم السلف للكتاب والسنة!! بل قال: ((فَهْمٌ أُعْطِيه رجل مسلم)) وهذا يعم المسلمين في كل عصر ومصر ولا يختص بالسلف!! فمن تأهّل للفهم كان له ذلك وليس لأحد أن يلزمه بفهم السلف!! ونعتقد أن القائلين بوجوب اتباع فهم السلف متخابطون متناقضون في هذه المسألة!!
فقد جاء في الحديث الصحيح ((مَثَلُ أُمَّتي مَثَلُ المَطَر، لا يُدْرَى أوَّلُهُ خيرٌ أم آخِرُهُ))(1) فهذا كما ترى فيه تصريح بأن للخَلَفِ فضلاً أيضاً كما للسلف!!
وقال الحافظ ابن الجوزي في ((دفع شبه التشبيه)) ص (111): ((وقد سئل الإمام أحمد عن مسألة فأفتى فيها فقيل له: هذا لا يقول به ابن المبارك، فقال: ابن المبارك لم ينزل من السماء))!!
قلت: أي أن فهم السلف ليس بحجة يلزمنا العمل بها بنظره (2)!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي السفلية:
(1) رواه أحمد (3/130) والترمذي (5/152 برقم 2869) وقال: ((حسن غريب من هذا الوجه))، قال السيد الحافظ أحمد الغماري في ((فتح الوهاب)) (2/335): ((وقال الحافظ في الفتح: هذا حديث حسن، له طرق قد يرتقي بها إلى الصحة)) انظرالفتح (7/6) وهناك الجمع مع باقي الأحاديث في هذا الموضوع.
(2) ومن الغريب العجيب أن نجد هؤلاء الذين يتظاهرون بالدعوة إلى مذهب السلف وإلى فهم السلف يتخابطون ويتناقضون في هذه القضية جداً، ومن ذلك أننا نقرأ على أغلفةِ كُتُبِ كثيرٍ منهم وخاصة الشيخ الألباني المتناقض!! أن من أُسس دعوتهم ((فهم الكتاب والسنة بفهم السلف)) وبعضهم يقول ((على النهج الذي كان عليه السلف)) ثم نجد أحدهم وهو من مريدي!! وتلاميذ!! الشيخ المتناقض!! يناقض ذلك فيقول في رسالة له أسماها ((الإنصاف في أحكام الاعتكاف)) ص (35 طبع المكتبة الإسلامية عمان ـ الأردن الطبعة الأولى سنة 1407 هـ): ما نصه: ((زد على ذلك أننا لسنا متعبدين بفهم أحد كائناً من كان سواء أكان ابن مسعود (الصحابي) أم غيره إنما نحن تعبدنا بنص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الثابت عنه))!!
فياللعجب!! وياللتناقض!!
__________(تعليقات مفيدة)_______________
جَزَاكُمُ اللهُ خَيْراً شَيْخَنَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الشَّيْخِ الحُوَيْنِي السَّلَفِي عَنْ [عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ] عِنَدَمَا تَرَحَّمَ عَلى نَصْرَانِيٍّ عَطَسَ عِنْدَهُ، قَالَ:
[وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ [عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ] لَا يَجُوزُ...]
فَمَا إِنْ يُخَالِفْ أَحَدٌ مَا قَرَّرَهُ (آبَاءُ) الشَّرِيعَةِ السَّلَفِيَّةِ المُعَاصِرَةِ حَتَّى يَرُدُّوهُ وَلَوْ كَانَ مِنْ فِعْلِ السَّلَفِ.
وهذا في ظاهره دعوى إلى التقليد وعدم استعمال العقول لأن السلف يفهمون ولهم عقول ـ بزعمهم ـ ونحن لا نفهم وليس لنا عقول!
وهذا قد ينطلي على من لا عقل له!
لأن السلف اختلفوا وكانت أفهامهم متباينة في كثير من المسائل الشرعية!
حتى ان ابن جرير الطبري وهو من السلف نقل في تفسيره اختلاف السلف في تفسير كثير من آيات القرآن الكريم!
فبأي فهم سلف سيأخذون ؟!
بفهم سفيان الثوري أم بفهم سفيان بن عيينة.
أم بفهم هذا أو ذاك من السلف ؟
فهم يقولون (بفهم السلف) وكأن السلف متفقون!
وهم يقصدون بالسلف ابن تيمية والألباني وابن باز!
مع أن هؤلاء الثلاثة اختلفوا أيضاً!
فابن باز يرى أن وضع اليد على اليد بعد الركوع في الصلاة سنة والألباني يقول إن هذا العمل بدعة منكرة!
فدعوى (فهم السلف) خدعة! وبدعة!
إذن هؤلاء يدعون بأنه يجب فهم الكتاب والسنة بفهم السلف وهم بذلك يعتبرون فهم السلف من الأدلة الشرعية الواجب اتِّباعها وقولهم هذا يتضمّن مغالطتين:
الأولى: أن السلف غير متفقين في فهم المسائل فليس لهم مذهب موحّد معروف حتى يصح أن يقال مذهب السلف أو فهم السلف أو يجب فهم الأمور بفهم السلف، وستمر بعد قليل إن شاء الله تعالى أمثلة في اختلاف السلف في مسائل عقائدية وغير عقائدية في فصل خاص وبالله تعالى التوفيق.
وهؤلاء الذين يَدْعون الناس إلى فهم السلف نراهم ينافرون فهم الأئمة الأربعة للمسائل الشرعية وَيَحُثُّون إما على تقليدهم في فهمهم للأمور أو على فهم أناس بعد القرون الثلاثة المسماة بقرون السلف!!
والمغالطة الثانية: أنه ليس في الكتاب والسنة دليل يفيد أنه يجب تعطيل العقول التي وَهَبَنَا الله سبحانه وتعالى إياها وفهم الكتاب والسنة بفهم غيرنا ما دام أن المرء وصل درجة الفهم والاجتهاد!!
وأعني هنا عقول العلماء وليس عقول العامة!
بل نقول لهؤلاء: إن النصوص الشرعية تخاطبنا مباشرة لنفهم أوامر الله تعالى ونواهيه دون تحريف أو لَيٍّ لها، فقول الله تعالى في آيات كثيرة مثلاً { يا أيها الذين آمنوا } عام يشمل السلف والخلف والمتقدّم والمتأخّر إلى قيام الساعة.
بل يقطع الشغب في هذه المسألة قوله تعالى { ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم } هو صريح بأن علم أو فهم أهل الاستنباط وهم المجتهدون في كل عصر ومِصْر مُعْتَبَرٌ، ولم يُخَصَّ ذلك
بالسلف، حيث لم يَقُلْ بأن أهل الاستنباط من السلف هم الذين يَعْلَمُون الأحكام ويفهمونها دون غيرهم من الخلف، وفي هذا دليل واضح على هدم الاستدلال بفهم السلف وجعله أحد الأدلة الشرعية، بل الصواب أن يقال: إن فهم المجتهدين سواء كانوا من الخلف أو من السلف معتبر شرعاً بالنسبة للعامي الذي لم يتأهل لفهم الأحكام من الكتاب والسنة مباشرة، وإجماع هؤلاء المجتهدين في أي عصر من العصور سواء في زمن السلف أم الخلف هو المعتبر شرعاً وهو من الأدلة الشرعية، وما سوى ذلك هَذَيان!!
ثم إن الله تعالى يقول في كتابه العزيز: { فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول } النساء: 59 ولم يقل ردّوه إلى فهم السلف له!!
ويؤيد هذا ما جاء في ((صحيح البخاري)) (1/204) وغيره عن أبي جحيفة قال: قلت لعليّ (رضوان الله عليه) هل عندكم كتاب ؟ قال: ((لا إلا كتاب الله أو فَهْمٌ أُعْطِيْهِ رجل مسلم...)).
قلـت: ولم يقيد ذلك بالسلف فلم يقل إلا فهم السلف للكتاب والسنة!! بل قال: ((فَهْمٌ أُعْطِيه رجل مسلم)) وهذا يعم المسلمين في كل عصر ومصر ولا يختص بالسلف!! فمن تأهّل للفهم كان له ذلك وليس لأحد أن يلزمه بفهم السلف!! ونعتقد أن القائلين بوجوب اتباع فهم السلف متخابطون متناقضون في هذه المسألة!!
فقد جاء في الحديث الصحيح ((مَثَلُ أُمَّتي مَثَلُ المَطَر، لا يُدْرَى أوَّلُهُ خيرٌ أم آخِرُهُ))(1) فهذا كما ترى فيه تصريح بأن للخَلَفِ فضلاً أيضاً كما للسلف!!
وقال الحافظ ابن الجوزي في ((دفع شبه التشبيه)) ص (111): ((وقد سئل الإمام أحمد عن مسألة فأفتى فيها فقيل له: هذا لا يقول به ابن المبارك، فقال: ابن المبارك لم ينزل من السماء))!!
قلت: أي أن فهم السلف ليس بحجة يلزمنا العمل بها بنظره (2)!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي السفلية:
(1) رواه أحمد (3/130) والترمذي (5/152 برقم 2869) وقال: ((حسن غريب من هذا الوجه))، قال السيد الحافظ أحمد الغماري في ((فتح الوهاب)) (2/335): ((وقال الحافظ في الفتح: هذا حديث حسن، له طرق قد يرتقي بها إلى الصحة)) انظرالفتح (7/6) وهناك الجمع مع باقي الأحاديث في هذا الموضوع.
(2) ومن الغريب العجيب أن نجد هؤلاء الذين يتظاهرون بالدعوة إلى مذهب السلف وإلى فهم السلف يتخابطون ويتناقضون في هذه القضية جداً، ومن ذلك أننا نقرأ على أغلفةِ كُتُبِ كثيرٍ منهم وخاصة الشيخ الألباني المتناقض!! أن من أُسس دعوتهم ((فهم الكتاب والسنة بفهم السلف)) وبعضهم يقول ((على النهج الذي كان عليه السلف)) ثم نجد أحدهم وهو من مريدي!! وتلاميذ!! الشيخ المتناقض!! يناقض ذلك فيقول في رسالة له أسماها ((الإنصاف في أحكام الاعتكاف)) ص (35 طبع المكتبة الإسلامية عمان ـ الأردن الطبعة الأولى سنة 1407 هـ): ما نصه: ((زد على ذلك أننا لسنا متعبدين بفهم أحد كائناً من كان سواء أكان ابن مسعود (الصحابي) أم غيره إنما نحن تعبدنا بنص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الثابت عنه))!!
فياللعجب!! وياللتناقض!!
__________(تعليقات مفيدة)_______________
جَزَاكُمُ اللهُ خَيْراً شَيْخَنَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الشَّيْخِ الحُوَيْنِي السَّلَفِي عَنْ [عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ] عِنَدَمَا تَرَحَّمَ عَلى نَصْرَانِيٍّ عَطَسَ عِنْدَهُ، قَالَ:
[وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ [عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ] لَا يَجُوزُ...]
فَمَا إِنْ يُخَالِفْ أَحَدٌ مَا قَرَّرَهُ (آبَاءُ) الشَّرِيعَةِ السَّلَفِيَّةِ المُعَاصِرَةِ حَتَّى يَرُدُّوهُ وَلَوْ كَانَ مِنْ فِعْلِ السَّلَفِ.