أقول: هذه المقولة ليست على إطلاقها! فالمجتهد من أهل العلم في مسألة إذا ناقضه ورد عليه غيره فيها لا يلزمه ولا لمقلديه الرجوع عنها إذا لم يتبين له صحة قول مخالفه فيها، ولكن لغيره من أهل العلم أن ينقض أو يرد عليه فتواه أو ما ذهب إليه إذا تبين لأي من أهل العلم خطأ ذلك الرأي أو ما ذهب إليه ذلك المجتهد أو العالم، وقد رد أهل العلم على بعضهم من الصحابة إلى يومنا هذا، ومنه رد ابن مسعود على حذيفة رضي الله عنهما في الاعتكاف في غير المساجد الثلاث، ورد الشافعي على مالك وتصنيفه كتاب الرد على مالك، ورد ابن اللباد (ت333) على الشافعي، وغير ذلك مما هو كثير جدا ومعلوم ومشهور.
ومن أقوال الأئمة والعلماء في ذلك:
قول الإمام الغزالي في "المستصفى" ص (367):
[وَإِنَّمَا حُكْمُ الْحَاكِمِ هُوَ الَّذِي يُنْقَضُ وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخَالِفَ نَصًّا وَلَا دَلِيلًا قَاطِعًا فَإِنْ أَخْطَأَ النَّصَّ نَقَضْنَا حُكْمَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا تَنَبَّهْنَا لِأَمْرٍ مَعْقُولٍ فِي تَحْقِيقِ مَنَاطِ الْحُكْمِ أَوْ تَنْقِيحِهِ بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ تَنَبَّهَ لَهُ لَعَلِمَ قَطْعًا بُطْلَانَ حُكْمِهِ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ..].
وقال القرافي في "الفروق" (2/109):
[(تَنْبِيهٌ): كُلُّ شَيْءٍ أَفْتَى فِيهِ الْمُجْتَهِدُ فَخَرَجَتْ فُتْيَاهُ فِيهِ عَلَى خِلَافِ الْإِجْمَاعِ أَوْ الْقَوَاعِدِ أَوْ النَّصِّ أَوْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ السَّالِمِ عَنْ الْمُعَارِضِ الرَّاجِحِ لَا يَجُوزُ لِمُقَلِّدِهِ أَنْ يَنْقُلَهُ لِلنَّاسِ وَلَا يُفْتِي بِهِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَوْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ لَنَقَضْنَاهُ وَمَا لَا نُقِرُّهُ شَرْعًا بَعْدَ تَقَرُّرِهِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْلَى أَنْ لَا نُقِرَّهُ شَرْعًا إذَا لَمْ يَتَأَكَّدْ وَهَذَا لَمْ يَتَأَكَّدْ فَلَا نُقِرُّهُ شَرْعًا وَالْفُتْيَا بِغَيْرِ شَرْعٍ حَرَامٌ فَالْفُتْيَا بِهَذَا الْحُكْمِ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ الْمُجْتَهِدُ غَيْرَ عَاصٍ بِهِ بَلْ مُثَابًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بَذَلَ جَهْدَهُ عَلَى حَسَبِ مَا أُمِرَ بِهِ ... فَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْعَصْرِ تَفَقُّدُ مَذَاهِبِهِمْ فَكُلُّ مَا وَجَدُوهُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْفُتْيَا بِهِ وَلَا يَعْرَى مَذْهَبٌ مِنْ الْمَذَاهِبِ عَنْهُ لَكِنَّهُ قَدْ يَقِلُّ وَقَدْ يَكْثُرُ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَعْلَمَ هَذَا فِي مَذْهَبِهِ إلَّا مَنْ عَرَفَ الْقَوَاعِدَ وَالْقِيَاسَ الْجَلِيَّ وَالنَّصَّ الصَّرِيحَ وَعَدَمَ الْمُعَارِضِ لِذَلِكَ وَذَلِكَ يَعْتَمِدُ تَحْصِيلَ أُصُولِ الْفِقْهِ وَالتَّبَحُّرَ].
وقال الفخر الرازي في "المحصول" (6/65):
[واعلم أن قضاء القاضي لا ينتقض بشرط أن لا يخالف دليلا قاطعا فان خالفه نقضناه].
هذه بعض نصوص أهل العلم في ذلك، اقتصرت عليها في هذه العجالة، ولعلنا نسهب في الموضوع بأطول من هذا في كرة أخرى، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
بيان مدى صحة قول بعضهم بأن (الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد):
القواعد الأصولية الفقهية
العودة إلى ”القواعد الأصولية الفقهية“
الانتقال إلى
- القرآن الكريم وتفسيره
- ↲ تفسير آية أو آيات كريمة
- ↲ أبحاث في التفسير وعلوم القرآن الكريم
- الحديث النبوي الشريف وعلومه
- ↲ قواعد المصطلح وعلوم الحديث
- ↲ تخريج أحاديث وبيان مدى صحتها
- ↲ شرح الحديث
- ↲ التراجم والرجال: الصحابة والعلماء وغيرهم
- ↲ أحاديث العقائد
- العقائد والتوحيد والإيمان
- ↲ القواعد والأصول العقائدية
- ↲ مسائل وقضايا التوحيد والإيمان
- ↲ أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم
- ↲ قضايا ومسائل لغوية تتعلق بالعقائد
- ↲ الفرق والمذاهب وما يتعلق بها
- ↲ عرض عقائد المجسمة والمشبهة والرد عليها
- التاريخ والسيرة والتراجم
- ↲ السيرة النبوية
- ↲ قضايا تاريخية
- ↲ سير أعلام مرتبطة بالتاريخ والأحداث السياسية الغابرة
- ↲ معاوية والأمويون والعباسيون
- الفكر والمنهج والردود
- ↲ توجيهات وتصحيح لأفكار طلبة العلم والمنصفين من المشايخ
- ↲ الردود على المخالفين
- ↲ مناهضة الفكر التكفيري والرد على منهجهم وأفكارهم
- ↲ أسئلة وأجوبة عامة
- الفقه وأصوله
- ↲ القواعد الأصولية الفقهية
- ↲ مسائل فقهية عامة
- ↲ المذهب الحنفي
- ↲ المذهب المالكي
- ↲ المذهب الشافعي
- ↲ المذهب الحنبلي
- علوم اللغة العربية
- ↲ النحو والصرف
- ↲ مسائل لغوية ومعاني كلمات وعبارات
- الكتب الإلكترونية
- ↲ كتب العلامة المحدث الكوثري
- ↲ كتب السادة المحدثين الغماريين
- ↲ كتب السيد المحدث حسن السقاف
- ↲ كتب مجموعة من العلماء
- المرئيات
- ↲ العقيدة والتوحيد: شرح متن العقيدة والتوحيد