قال البيضاوي (ت685هـ) في "طوالع الأنوار من مطالع الأنظار" (ص190 من طبعة المكتبة الأزهرية للتراث ودار الجيل) بعد أن ذكر الصفات المعتمدة لديه وهي: (الوجود والمخالفة للحوادث والقدرة والإرادة والحياة والعلم والسمع والبصر والبقاء..) ما نصه:
[المبحث الرابع في صفات أخرى أثبتها الشيخ (الأشعري) وهي: الاستواء واليد والعين والوجه، بالظواهر الواردة بذكرها، وأولها الباقون وقالوا المراد بالاستواء الاستيلاء، وباليد القدرة، وبالوجه الوجود، وبالعين البصر، والأولى اتباع السلف في الإيمان بها، والرد إلى الله تعالى].
وملاحظاتي على هذا الكلام هي:
أولاً: أنه ثبت بأن الأشعري يقول بالظواهر الواردة وأنه يثبت لليد والعين والوجه وغيرها! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وهو ما أثبتناه عليه في مقدمتنا وتعليقاتنا على كتاب "الإبانة".
وأكّد هذا عن الأشعري أيضاً أن ابن فورك (ت406هـ) أثبت هذا عنه في كتابه "مجرد مقالات الأشعري" ص (40):
[فأما صفات الله تبارك وتعالى.... فأما ما يثبت من طريق الخبر فلا ينكر أن يرد الخبر بإثبات صفات له تعتقد خبراً وتطلق ألفاظها سمعاً وتحقق معانيها على حسب ما يليق بالموصوف بها، كاليدين، والوجه، والجنب، والعين، لأنها فينا جوارح وأدوات، وفي وصفه نعوت وصفات..]!
ثانياً: أن الباقين من العلماء خالفوه وذهبوا إلى التأويل وبيان المعنى الصحيح لغة وشرعاً.
أقول: وهذا هو الواجب والصواب، لقوله تعالى {تلك آيات الكتاب المبين، إنا أنزلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون} وقوله: {والذين إذا ذكّروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعميانا}.
ثالثاً: أن العصبية والدفاع بالباطل عن الأشخاص ليسا جادة الحق والصواب، وغيرتنا ينبغي أن تكون لله تعالى قبل أن تكون للأشعري أو لأي مخلوق من عباد الله.
رابعاً: أن البيضاوي أخطأ في نسبة التفويض إلى السلف لأن السلف وعلى رأسهم الصحابة والتابعون وأتباع التابعين كانوا يؤولون وقد امتلأ تفسير الطبري بنقل تأويلاتهم في الصفات وغيرها.
خامساً: قول البيضاوي (والأولى اتباع السلف في الإيمان بها، والرد إلى الله تعالى) ربما يكون مذهباً ثالثاً غير ما ذهب إليه الأشعري، وكذلك غير ما ذهب إليه الباقون من تأويلها، ويحتمل أنه قصد ما ذهب إليه الأشعري.
سادساً: لم يزد البيضاوي على أربعة أسطر في الكلام على هذه المسائل المهمة التي نشرها الحنابلة وأتباعهم وصنفوا فيها المصنفات مع وجودهم في عصره، وإنما أتعب نفسه في صفحات طويلة من كتابه بالرد على المعتزلة في الرؤية وفي خلق الأفعال وغير ذلك، مع أن كثيراً مما ذهبوا إليه حق، وعلى قول البعض لا وجود للمعتزلة في عصر البيضاوي وإنما الموجودون هم مثبتو الصفات وظواهر النصوص من الحنابلة والمجسمة.
سابعاً: وملاحظتي الأخيرة أن كتاب "الطوالع" ليس بذاك، فقارئه ودارسه لا يستطيع أن يحمل فكراً ناضجاً أو شمولياً في العقائد، ولا يستطيع أن يتصدى لفكر الوهابية المجسمة.
___________(تعليقات مفيدة)__________
جزاكم الله خيرا سماحة السيد حسن السقاف
الحقيقة أن من يقرأ كتاب الإبانة للاشعري يجده كتاب موافق للمجسمة فيما يقولون ومن يحاول أن يدافع عن الأشعري ويقول أن ما قصده من كلامه خلاف المجسمة فهذا بعيد جدا ومغالطة واضحة
لأنه من يقرأ كتب الأشعري دون تعصب يجدها توافق بشكل كبير أهل التجسيم وكنت أتمنى أن أرى كتاب للاشعري لا يوجد به مثل هذه العبارات.
فعلى المدافع عن الأشعري أن يدلنا على كتب له ليس فيها عبارات تدل على التجسيم أو أنه رجع عما فيها وخاصة أن الإمام الغزالي وأمام الحرمين كثيرا ما يقولا في مسائل خلافا للاشعري.
وأعجب كل العجب من طلاب العلم الذين يعلمون انه لا يجوز التقليد في العقائد كيف يغلقون عقولهم عن الحق ويكون همهم الوحيد هو الدفاع عن الأشخاص لا عن دين الله و دفع الشبه عنه تعالى سبحانه مما قد تخطر على البال.