صفحة 1 من 1

شراح السنوسية يردون على السنوسي في مسائل منها رميه المعتزلة بالشرك في مسألة أفعال العباد والجبر والاختيار:

مرسل: الأحد فبراير 18, 2024 8:33 am
بواسطة cisayman3
إنما نورد هذه المعلومات العلمية المتداولة ليترك طلبة العلم التعصب ولنرد على الملاحدة ونثبت أن وجود بعض الأقوال الباطلة في كتب بعض المشايخ لا يعني أننا نعتقد بما فيها، ولنعترف بأن بعض العلماء من مشايخنا وقعت لهم أخطاء وربما تكون أخطاء فادحة!
ونستفيد من هذا فائدة عقائدية في مسألة انتشار الأوبئة والأمراض أن نأخذ بالأسباب ولا نتحجج بمسألة القدر بل نقتدي بالكتاب والسنة الصحيحة الآمرين بالتوقي ومجانبة سبل العدوى. والله تعالى يقول {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} ولا نرده لا لزيد وعمرو ولا للسنوسي!
أقول:
الصحيح أن الله تعالى أعطى العبد قدرة وإرادة وشاء أن يكون العبد مختاراً يفعل ما يريد والسنوسي ومن قلده يقول بأنه (لا فعل في الوجود لغيره تعالى) وأن (العبد مجبور في صورة مختار) وأن الأسباب لا تؤثر بما شاء سبحانه أن يودعه فيها من التأثير أو الخصائص!
والصواب أن الله تعالى خلق الإنسان وشاء أن يجعله مختارا قادرا على ما يريد أن يفعله وزوده بالقدرة والطاقة والعقل والإرادة، وقال تعالى في الأسباب: {أنزل من السماء ماء فأخرج به} ولم يقل (أخرج معه لا به) كما يقول السنوسي في الأسباب!
وعلى ذلك الأساس رمى السنوسي المعتزلة في شرحه على أم البراهين ص (218) المطبوع مع حاشية الدسوقي بالشرك وأنهم مجوس هذه الأمة لأنهم يثبتون أن قدرة العبد الحادثة التي خلقها الله تعالى له هي المؤثرة في فعل العبد!!
قال الدسوقي في "حاشيته على أم البراهين" ص (166):
[وليس المراد أنهم مشركون حقيقة لما علمت أن الإشراك حقيقة إثبات الشريك في استحقاق العبودية أو في وجوب الوجود والمعتزلة لا يقولون بشيء من ذلك، وقد بالغ علماء ما وراء النهر في ذمهم حيث قالوا: المجوس أسعد حالاً من المعتزلة لأنهم أثبتوا شريكاً واحداً والمعتزلة أثبتوا شركاء لا تحصى، والمصنف -أي السنوسي- تابع لهم في المبالغة وإلا فهم ليسوا مشركين حقيقة كما علمت].
وقال الهدهدي أيضاً في "حاشيته على أم البراهين" ص (58) مكملاً موضوع الدسوقي راداً على السنوسي:
[ثم إنه لا يؤخذ من كلام المصنف أنهم مشركون إذ لم يصرحوا بالشركة حتى يدرجوا في المشركين لأنهم وإن قالوا إن العبد خالق لأفعاله إلا أنهم يُسَلِّمُون أنه مع داعيته أي قدرته مخلوقان لله تعالى.... فلا يكون العبد إلهاً ولا شريكاً حقيقة ولهذا لم يلزمهم الكفر الصراح اللازم للثنوية وغيرهم فالصحيح عدم كفرهم وعدم إشراكهم....]!!
فهذا قول الأشاعرة الذين جاءوا بعد السنوسي وأنكروا عليه ما قال من رمي مخالفيه بالشرك الذي هو الكفر والإلحاد!
وكان نص السنوسي هناك في شرح أم البراهين ص (218) هو:
[وبطلان مذهب القدرية مجوس هذه الأمة القائلين بتأثير تلك القدرة الحادثة في الأفعال على حسب إرادة العبد، ولا شك أنهم مبتدعة أشركوا مع الله تعالى غيره..].
وقد أنكر إمام الحرمين إمام أهل التنزيه ومؤسس مذهب الأشاعرة المنزهين -وهو قبل السنوسي بدهر- ادعاء السنوسي وغيره بأن قدرة العبد الحادثة ليست هي المؤثرة في فعل العبد فقال في الرسالة النظامية ص(32) وما بعدها بتحقيق الإمام العلامة الكوثري رحمهم الله تعالى:
[ومن زعم أنه لا أثر للقدرة الحادثة في مقدورها كما لا أثر للعلم في معلومه، فوجه مطالبته العبد بأفعاله عنده كوجه مطالبته أن يثبت في نفسه ألواناً وإدراكات، وهذا خروج عن حد الاعتدال إلى التزام الباطل والمحال، وفيه إبطال الشرائع، ورد ما جاء به النبيون عليهم الصلاة والسلام، فإذن لزم المصير إلى أن القدرة الحادثة تؤثر في مقدورها،........ ولا سبيل إلى المصير إلى وقوع فعل العبد بقدرته الحادثة والقدرة القديمة، فإن الفعل الواحد يستحيل حدوثه بقادرين، إذ الواحد لا ينقسم، فإن وقع بقدرة الله تعالى استقلَّ بها وسقط أثر القدرة الحادثة، ويستحيل أن يقع بعضه بقدرة الله تعالى فإن الفعل الواحد لا بعض له].
وقال إمام الحرمين هناك أيضا:
[(الركن الأول) في قدرة العبد وتأثيرها في مقدورها فنقول: قد تكرر عند كل حاظٍ بعقله مترق عن مراتب التقليد في قواعد التوحيد أن الرب تعالى مطالِب عباده بأعمالهم في حياتهم، وداعيهم إليها ومثيبهم ومعاقبهم عليها في مآلهم، وتبيَّن بالنصوص التي لا تتعرض للتأويلات، أنه أقدرهم على الوفاء بما طالبهم به، ومكنهم من التوصل إلى امتثال الأمر، والانكفاف عن مواقع الزجر، ولو ذَهَبْتُ أتلو الآي المتضمنة لهذه المعاني لطال المرام، ولا حاجة لذلك مع قطع اللبيب المنصف به، ومن نظر في كليات الشرائع وما فيها من الاستحثاث على المكرمات..... ثم استراب في أن أفعال العباد واقعة على حسب إيثارهم واختيارهم واقتدارهم فهو مصاب في عقله أو مستمر على تقليده مصمم على جهله، ففي المصير إلى أنه لا أثر لقدرة العبد في فعله قطع طلبات الشرائع والتكذيب بما جاء به المرسلون].
فهذا بين واضح من إمام الحرمين وقد وافقه عليه الإمام الغزالي والسبكي وغيرهما في ذلك مما يبطل ما قاله السنوسي والمتعصبون له!!
وكل أحد يؤخذ منه ويرد عليه!!
والله تعالى أعلم
وسنبين في المقال القادم إن شاء الله تعالى بطلان حديث "القدرية مجوس أمتي" والله الموفق.
...... يتبع