صفحة 1 من 1

تعليل الترمذي والدارقطني وأبو مسعود الدمشقي وابن عدي والذهبي ونقدهم للحديث المروي خطأ عن سيدنا صهيب رضي الله عنه

مرسل: الأحد فبراير 18, 2024 9:02 am
بواسطة cisayman3
تعليل الترمذي والدارقطني وأبو مسعود الدمشقي وابن عدي والذهبي ونقدهم للحديث المروي خطأ عن سيدنا صهيب رضي الله عنه المروي في صحيح مسلم في قوله تعالى {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}:



قال مسلم في صحيحة (181):
[حدثنا عبيد الله بن ميسرة قال حدثني عبد الرحمن بن مهدي حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(إذا دخل أهل الجنة الجنة قال يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئا أزيدكم فيقولون ألم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد وزاد ثم تلا هذه الآية {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}].
أقول: هذا الحديث هو قول لابن أبي ليلى نقله عن بعض المجاهيل وليس حديثاً مرفوعاً ولا رواه عن سيدنا صهيب كما بيَّن ذلك الدَّارَقُطني والترمذي وغيرهما كما سيأتي إن شاء الله.
ذكر الترمذي في السنن (3030) علة هذا الحديث فقال: ((حديث حماد ابن سلمة هكذا رواه غير واحد عن حماد بن سلمة مرفوعاً، وروى سليمان بن المغيرة هذا الحديث عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قوله ولم يذكر فيه عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم)).
ونص على هذا أيضاً الحافظ الدَّارَقُطني في كتابه "والتتبع" ص (210) فبين أنه موقوف فقال:
(وأخرج مسلم حديث حماد عن ثابت عن ابن أبي ليلى عن صهيب: {للذين أحسنوا الحسنى} مرفوعاً. ورواه حماد بن زيد عن ثابت عن أبي ليلى قوله).
والإسناد غريب في الطبقات الأربع الأولى.
وأورد هذا الحديث الذهبي في "الميزان" (1/593) في ترجمة حماد بن سلمة على أنه من منكراته ؛ وقد تبع الذهبي في ذلك ابن عدي في ((الكامل)) (2/676) حيث قال ابن عدي هناك:
[وأبو عبد الله بن الثلجي كذاب وكان يضع الحديث ويدسه في كتب أصحاب الحديث بأحاديث كفريات فهذه الأحاديث من تدسيسه...].
ثم ذكر أوَّل حديث منها حديث حماد هذا الذي في صحيح مسلم!
فإن في ذلك لعبرة لمن ألقى السمع وهو شهيد.
وقال ابن عدي قبل ذلك: (قال عبد الرحمن بن مهدي: كان حماد بن سلمة لا يُعْرَف بهذه الأحاديث حتى خرج خرجة إلى عبادان فجاء وهو يرويها...).
وقال الإمام النووي في ((شرح صحيح مسلم)) (3/17):
(هذا الحديث هكذا رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم من رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن ابن أبي ليلى عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال أبو عيسى الترمذي وأبو مسعود الدمشقي وغيرهما: لم يروه هكذا مرفوعاً عن ثابت غير حماد بن سلمة، ورواه سليمان ابن المغيرة وحماد بن زيد وحماد بن واقد عن ثابت عن ابن أبي ليلى من قوله ليس فيه ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا ذكر صهيب).
ثمَّ ذكر النووي هناك أن الرفع والوصل زيادة ثقة وهي مقبولة!! وهذا خطأ لا يتابع عليه لأنَّ هذا من باب الشاذ المردود لا سيما وحماد فيه كلام كثير.
ومما قيل في تضعيف حماد بن سلمة: ما قلته في تعليقي على كتاب "العلو" للذهبي في تخريج الحديث رقم (49) حيث قلت: إنَّ الذهبي أورد في "سير النبلاء" (9/253) والحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (7/303) في ترجمة علي بن عاصم أنَّ أحمد بن حنبل قال:
(كان حماد بن سلمة يخطئ وأومأ أحمد بيده خطأً كثيراً ولم نَرَ بالرواية عنه بأساً).
وقال الحافظ السيوطي في "الحاوي للفتاوي" (2/226) في رسالة الأبوين الكريمين:
(فإنَّ حماداً تُكُلِّم في حفظه ووقع في أحاديثه مناكير، ذكروا أنَّ ربيبه دسها في كتبه، وكان حماد لا يحفظ فحدَّث بها فوهم فيها)!!
ولذا قال الإمام الكوثري رحمه الله تعالى في مقدمة كتاب "الأسماء والصفات" للإمام البيهقي:
(فدونك مرويات حماد بن سلمة في الصفات تجدها تحوي على كثير من الأخبار التالفة يتناقلها الرواة طبقة عن طبقة مع أنه قد تزوَّج نحو مائة امرأة من غير أن يولد له ولد منهن، وقد فعل هذا التزواج والتناكح في الرجل فعله بحيث أصبح في غير حديث ثابت البناني لا يميز بين مروياته الأصلية وبين ما دسَّه في كتبه أمثال ربيبه ابن أبي العوجاء وربيبه الآخر زيد المدعو بابن حماد بعد أن كان جليل القدر بين الرواة قوياً في اللغة، فَضَلَّ بمروياته الباطلة كثير من بسطاء الرواة، ويجد المطالع الكريم نماذج شتى من أخباره الواهية في باب التوحيد من كتب الموضوعات المبسوطة وفي كتب الرجال وإن حاول أُناس الدفاع عنه بدون جدوى! وشرع الله أحق بالدفاع عنه من الدفاع عن شخص ولا سيما عند تراكب التهم القاطعة لكل عذر).
قلت: في "تهذيب الكمال" (7/264) أنه تزوَّج سبعين امرأة. وأما روايته عن ثابت ففيها أيضاً ما ينكر وما هو مطعون به ومستنكر ؛ وانظر مثالاً عليه الحديث السادس والعشرون في "دفع شبه التشبيه" للحافظ ابن الجوزي ص (211ـ215) بتحقيق العبد الفقير لله تعالى.
أما الثلجي فهو ثقة على التحقيق كما بينت ذلك في عدة مواضع من كتبي وهو من أئمة الحنفية توفي سنة (266) هجرية، اسمه محمد بن شجاع، وصفه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" بأحد الأعلام وأنه برع في العلم وليس له ذنب عند المحدثين إلا أنه ينكر عليهم أحاديث الصفات المنكرة! وقد تكلمت عليه في التعليق على رسالة "القول الأسد في بيان حال حديث رأيت ربي في صورة شاب أمرد" وأنه موضوع لشيخنا السيد المحدث عبد العزيز ابن الصديق الغماري الحسني رحمه الله تعالى فلينظرها من شاء، ووثقه العلامة المحدث الكوثري في التعليق على "السيف الصقيل" ص (98) فانظره.
والله تعالى أعلم.