صفحة 1 من 1

بيان بطلان حديث (إن عمك الشيخ الضال قد مات) فقال: (اذهب فواره):

مرسل: الجمعة مارس 08, 2024 10:09 am
بواسطة cisayman3
بيان عدم ثبوت حديث أن سيدنا علياً عليه السلام لما مات أبو طالب قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن عمك الشيخ الضال قد مات فقال له: (اذهب فواره).
روى أحمد (1/103و129)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/304)، وأبو يعلى (1/335)، والطبراني في الأوسط (6/251)، وسعيد بن منصور في تفسيره (3/379) كلهم عن:
[السدي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال:
لما توفي أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: إن عمك الشيخ قد مات، قال: (اذهب فواره ولا تحدث من أمره شيئاً حتى تأتيني). فواريته ثم أتيته، فقال: ((اذهب فاغتسل ولا تحدث شيئاً حتى تأتيني)). فاغتسلت ثم أتيته، فدعا لي بدعوات ما يسرني بهن حمر النعم وسودها. وقال ابن بكار في حديثه: قال السدى: وكان علي رضي الله عنه إذا غسل ميتاً اغتسل].
وليس في هذه الرواية لفظ (الشيخ الضال) كما يلهج بذلك المبتدعة!
ومع ذلك ففيه السدي، وقد ضعفه الشعبي وابن معين وأبو زرعة والساجي والعقيلي، وقال أبو حاتم والطبري: لا يحتج بحديثه. ووثقه آخرون كما في "تهذيب التهذيب" (1/274).
ورواه أحمد (1/131)، النسائي في الكبرى (1/107)، والبيهقي في الكبرى (1/304)، وأبو يعلى (1/334)، وابن أبي شيبة (2/470) كلهم عن:
[عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي قال لما مات ابو طالب أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت يا رسول الله ان عمك الشيخ الضال قد مات قال فقال انطلق فواره ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني قال فواريته ثم أتيته فأمرني فاغتسلت ثم دعا لي بدعوات ما يسرني أن لي بهن ما على الأرض من شيء].
ورواه النسائي في الصغرى (190) من حديث ناجية ولفظه: (عن علي رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال إن أبا طالب مات فقال اذهب فواره قال إنه مات مشركا قال اذهب فواره فلما واريته رجعت إليه فقال لي اغتسل).
قلت: وهذا ضعيف الإسناد كما سأبين إن شاء الله تعالى وقد تلاعب النواصب في متنه كما ترى فزادوا فيه: (الشيخ الضال) تضليلاً للناس عن الحقيقة! وزادوا في بعض طرقه أيضاً كما ترى (إنه مات مشركاً)!
قال ابن المديني أيضاً: "لا أعلم أحداً روى عنه غير أبي إسحاق وهو مجهول".
وقال أبو حاتم: "شيخ". أي ضعيف عنده.
وقال ابن حبان في المجروحين (3/57): "كان شيخا صالحا الا ان في حديثه تخليط لا يشبه حديث أقرانه الثقات عن علي فلا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد، وفيما وافق الثقات فان احتج به محتج أرجو انه لم يجرح في فعله ذلك".
فمثل هذا لا يصح حديثه.
وهذا أشد ضعفا من السدي، فهو من جملة المنكرات، وقد حكم على كلا الروايتين المعلقون على مسند أحمد الذين يشرف عليهم شعيب الأرنأووط بالضعف.
وهناك لفظ ثالث رواه ابن سعد (1/123):
[وأخبرنا محمد بن عمر قال حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده عن علي قال أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بموت أبي طالب فبكى ثم قال اذهب فاغسله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه قال ففعلت ما قال وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر له أياما ولا يخرج من بيته حتى نزل عليه جبريل عليه السلام بهذه الآية ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى قال علي وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلت].
وفي إسناده محمد بن عمر الواقدي وهو متروك عند الأكثر. إلا أن ذكر قوله فيه (حتى نزل عليه جبريل...) منكر لا يصح البتة فهي آية من سورة التوبة وهي مدنية وأبو طالب توفي قبل الهجرة بمكة!
وروى ابن سعد (1/124-125): عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث قال: قال العباس: يا رسول الله أترجو لأبي طالب؟ قال: كل الخير أرجو من ربي.
وهذا أصح الروايات في القضية وأنظفها إسناداً! ورجاله رجال الصحيح وفيهم حماد بن سلمة وحديثه هذا ليس مما يؤيد التجسيم ولا النصب.
وبه يتبين أن الحديث الذي جاء فيه أن سيدنا عليا عليه السلام قال عن أبيه (الشيخ الضال) وأنه (مات مشركاً) لا يصح وهو من جملة الأكاذيب المخالفة للواقع ولما قررناه في الحلقتين السابقتين! فلا يصحنَّ لعاقل أن يحتج بمثل هذه البواطيل.
والله أعلم.
وصورة غلاف الكتاب (الشهاب الثاقب لكبد من آذى أبا طالب) هو لجد جدي العلامة علوي بن أحمد بن عبد الرحمن السقاف، شيخ الشافعية بمكة المكرمة وشيخ السادة آل باعلوي (1255هـ - 1335هـ) صاحب حاشية ترشيح المستفيدين في فقه السادة الشافعية، وأنا الفقير إليه تعالى: حسن بن علي بن هاشم بن أحمد بن علوي بن أحمد بن عبد الرحمن السقاف، من يرجو من الله تعالى خفي الألطاف، والحمد لله رب العالمين.



_______________________________