تحقيق كتب التراث والحديث وسير المحققين ومناهجهم واتجاهاتهم والتأثيرات عليهم، شعيب الأرنأووط نموذجاً:
مرسل: الجمعة مارس 08, 2024 10:23 am
سألني بعضهم عن عقيدة الشيخ شعيب هل هي وهابية أم أشعرية:
شعيب الأرنأووط ليس صاحب مدرسة فكرية خلافاً للألباني الذي له مدرسة فكرية.
ملخص الكلام أنه كما يظهر يعتقد التنزيه وقد صرح لي مرات وكرات أنه ضد عقيدة ابن تيمية، لكنه لم يستطع أن يظهر ذلك لارتباطه الوثيق بالإشراف على تحقيق الكتب التي هي بيد الوهابية والتي لا بد أن ينفذ فيها مخططاتهم في تلك الكتب فكان يتلون ويظهر لهذا ما لا يظهر لذاك. وكان الرجل ناصبياً شديداً متعنتاً في هذه القضية جداً! وعندي قصص كثيرة جداً في ذلك والله على ما أقول شهيد وحسيب في كل ما أقوله وأنقله عنه، وهذا إنما أذكره للتاريخ ولإفادة طلبة العلم بحقائق خفية تدور حول تحقق الكتب والتراث:
وكنت قد تعرفت إليه في خطبة الجمعة حيث كنت أخطب الجمعة في مسجدٍ بقرب منزله ومكتب التحقيق الذي يعمل فيه، وكان يحضر تلك الخطبة دائماً، ومرة كنت في زيارته في مكتب التحقيق الذي كان في (الأردن/عمان/الشميساني) فجرى ذكر الحجاج بن يوسف الثقفي فقلت: (الذي أتذكره مما مر علي في ترجمته أن جماعة من علماء السلف كفروه). فقال: يا شيخ اتق الله هذا الكلام غير صحيح. وكنا نجلس عند الكتب وكان خلف ظهره كتاب تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر فقلت له لعلك تقرأ لنا ترجمته من التهذيب، فتناول الكتاب وفتح على الترجمة وجعل يقرأ لنا منه ولما وصل إلى الموضع الذي نقل فيه الحافظ ابن حجر تكفير جماعة من أئمة السلف للحجاج قفز عنه الشيخ شعيب ولم يقرأه! ثم قال: هذه هي الترجمة وليس فيها ما قلت يا شيخ حسن. فقلت له: والله أنا أتذكر أن من علماء السلف من كفروه، ولا أتذكر الآن أين وسأراجع ذلك، ولما ذهبت إلى بيتي راجعت ترجمة الحجاج بن يوسف وراجعت تهذيب التهذيب فوجدت ما أبتغيه وما لم يذكره الشيخ شعيب وما خدعنا فيه وادعى أنه لم يرد ولم يُذكر فرجعت إليه ولمته فلم يدر بم يجيب.. فتركته وذهبت.
بعض القصص عن شعيب الأرنأووط:
في أحد أيام سنة 1989م ذهبت إلى زيارة بعض كبار المفتين فوجدت عنده الشيخ شعيب وكان من عادة شعيب أنه إذا اجتمعنا أمام الناس أن يبادرني بالنصائح الأخلاقية فيقول مثلاً: (يا شيخ نريد أن تبحث المسائل العلمية دون انتقاص للمخالف أو سباب) مع أنه كان يشتم بعض المشايخ -والله على ما أقول شهيد- أمامي بأقذع الشتائم ليغيظني عندما لا يكون هناك من لا يريد أن يأخذوا صورة غير لائقة عنه! فقال لي في ذلك المجلس في بيت ذلك المفتي:
أنا أنصحك أن لا تكفر ابن تيمية، فنحن عندما كنا صغاراً في مثل سنك كنا نتسارع ونتكلم كما تتكلم أنت الآن في ابن تيمية ولكن لما كبرنا وأدركنا تعقلنا وانتهينا....
فقلت له: أنا إذا تبنيت حكم تكفير ابن تيمية كما تبناه جماعة من العلماء السابقين كالسبكي وابن حجر الهيتمي وغيرهما معي دليل أحاجج به عند ربي فأقول: يا رب ابن تيمية قال بقدم العالم بالنوع وأثبت التجسيم والتشبيه والحد لله تعالى وقال بقيام الحوادث بذات الرب سبحانه كما قرأت ذلك بعيني في كتب ابن تيمية!
لكن أنت يا شيخ شعيب إذا سألك الله تعالى فقال لك: لماذا في تعليقانك على شرح الطحاوية لابن أبي العز أثبت قدم العالم بالنوع وقيام الحوادث بذات الله وإثبات الحرف والصوت له فما هي حجتك في الجواب غير الأموال التي كنت تستفيدها من هؤلاء القوم الذين نعرفهم جميعا؟!
فقال: أنا منكر لهذه الأقوال الموجودة في التعليقات وأنا مجبر عليها، فأنا لم أكتبها وإنما كتبت غير ذلك، وقبل الطباعة أرسلنا الكتاب بتعليقاتي للشيخ التركي وقدمه التركي للجنةٍ التدقيق عنده فشطبوا بعض تعليقاتي وأضافوا ما يحلوا لهم، وإذا أتيت عندي في المكتب فستجد تعليقاتي الأصلية وليس فيها شيء من ذلك الذي تنكره وأنا منكر لتلك التعليقات!
وأفاد بأنه مغصوب عليها، وانقلب الأمر في المجلس عليه بعد أن كان يريد أن يقلب أهل المجلس على العبد الفقير ويدينه، ولامه ذلك المفتي على إثباته ما ذكرته من تلك التعليقات المشينة الضالة المنحرفة التي اعترف بها وأقر بأنها ليست له!
فانزعج جداً!
فقلت له: هذه التبريرات والتسويغات لن تنفعك ما دام اسنك على غلاف الكتاب والكلام أمام الناس منسوب إليك وسيضل به خلق كثير خاصة من طلبة العلم الذين لن يعرفوا أن هذا ليس كلامك!
ثم قلت له: أنا أعرف بأنك حنفي متعصب فكيف تقر شارح الطحاوية ابن أبي العز مع أن الشيخ علي القاري الحنفي حبيبك يقول عنه في شرح الفقه الأكبر بأنه تابع لمذهب المبتدعة في العقائد؟!
فقال: لا هو يتكلم عن شارح آخر!
فقلت له: كلا بل هو يتكلم عن نفس ابن أبي العز وأنا أبرهن لك ذلك فقد نقل عنه القاري هناك في شرح الفقه الأكبر نحو صحيفة من كلامه وأنا مستعد لأن أخرجها لك من شرح ابن أبي العز وأنا قاطع بذلك فما رأيك؟!
فانزعج جداً وخرج من بيت المفتي وما رضي أن يسلم علي وذهب!
وبعد نحو خمسة عشر يوماً ذهبت إليه في مكتبه فاستقبلني بترحاب وقال لي: والله يا شيخ حسن إن ما ذكرته أنت في ذلك المجلس صحيح، وإن ابن تيمية له طامات وبليات، وعليك أن تكمل في الرد عليه وكشف حاله! وأنا وجدت عدة نصوص شنيعة في كتب ابن تيمية أريد أن أطلعك عليها الآن! وجعل يفتح لي بعض كتب ابن تيمية ويريني بعض النصوص!
فقلت له: لماذا لا ترد أنت على ابن تيمية وتظهر ذلك؟! فسكت. لأنه ما كان يستطيع إظهار ذلك لارتباط أعماله وما يشرف عليه من التحقيقات بأشخاص من كبار الوهابية،
ومرة (قبل نحو ثلاثين سنة من كتابة هذا المقال الآن) زارني الشيخ الفاضل التقي (عمر الكيالي الرفاعي الشافعي) رحمه الله تعالى وكان جده مفتي إدلب وهو دمشقي كان يزورنا في الأردن كثيرا ويبيت عندنا ونتذاكر معه في القضايا والمسائل العلمية وكان عمره يقارب ثمانين سنة، فجرى ذكر الشيخ شعيب فقال لي الشيخ عمر الرفاعي: مرة من المرات قبل نحو أربعين سنة كنت في المسجد الأموي - وكانت تقام فيه صلاتان صلاة للشافعية وصلاة للحنفية- قال: فجئت في وقت الظهر وكانت صلاة الشافعية قد انتهت فأقاموا للحنفية وكان إمام الحنفية غائباً وكان شعيب هناك فنظر الناس إليَّ فلما رأوا مظهري قدموني إماماً بهم وأنا شافعي، فصليت بهم ورفعت يدي في المواضع التي يرفع الشافعية فيها أيديهم فلما سلمت من الصلاة، صرخ شعيب وقال: (يا شيخ غمر نزعت علينا صلاتنا) أي أفسدتها، لأنه رفع يديه عند الركوع والرفع منه، وقام شعيب فأعاد الصلاة لشدة التعصب للمذهب الحنفي!
فلما قص عليَّ الشيخ عمر الكيالي رحمه الله تعالى القصة تعجبت جداً من ذلك! وقلت بأنني أسمع الشيخ شعيب يقول يجب اتباع الحديث والدليل، وأنه لا داعي للتعصب، فالظاهر أنه كان شديد التعصب للمذهب الذي يقلده.
فقلت للشيخ عمر الكيالي دعنا نذهب لزيارة شعيب ونواجهه بهذه القصة وتذكرها أنت أمامه لنرى بماذا سيجيب، فذهبنا إليه وجلسنا وتحدثنا وذكر الشيخ عمر الكيالي القصة فصار شعيب يضحك ويقول والله نسيتها يا شيخ عمر.
وهناك قضايا وأمور علمية كثيرة جرى النقاش بيني وبين الشيخ شعيب فيها لعلي أذكرها فيما يأتي. ومنها أنه كان يقول لي: حديث الذبابة (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه) الذي في صحيح البخاري ليس صحيحاً، لكن في التحقيقات والتعليقات التي يكتبها كان يكتب بأنه صحيح لأن هذا هو المطلوب عند الوهابية ولا يجوز أن يخالفهم بسبب سبل العيش والرزق.
وأما صديقه بشار فأذكر لكم بعض ما في تعليقاته الفذة ومهاراته الخارقة التي واجهته ببعضها فأقول:
في التعليقات على كتاب "تهذيب الكمال" للمزي لاحظوا هذه الملاحظة السريعة:
1- لقد استعان في الكتاب بالشيخ شعيب ليخرّج له أحاديث الكتاب ولو كان محدثاً قادراً على التصحيح والتضعيف لما استعان به!
2- في هذا الكتاب "تهذيب الكمال" دعونا نرى ماذا فعل في بعض ما ورد فيه:
مثلاً حديث (من كنت مولاه فعلي مولاه):
-جاء في المجلد الثالث ص (441):
[قال شعيب: وهو حديث صحيح رواه غير واحد من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو في "المسند"4 / 281 والحاكم 3 / 110 من حديث البراء، وأخرجه من حديث زيد بن أرقم التِّرْمِذِيّ (3713) وأحمد 4 / 368 والحاكم 3 / 110، وأخرجه من حديث سعد بن أَبي وقاص ابن ماجة (121)، وأخرجه من حديث أبي الطفيل أحمد 4 / 370، والحاكم 3 / 109، وابن حبان (2205)، وأخرجه من حديث بريدة أحمد 5 / 347، والحاكم 3 / 110، وأخرجه أحمد 5 / 366 عن خمسة أو ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم].
- وجاء عن نفس الحديث في نفس الكتاب (20/484):
[ليس في كل طرق هذا (الحديث) طريق صحيح، وقد تقدم في المجلد السابق (20 / 3828) أنه لم يكن هذا الحديث معروفا حتى نعق به ناعق من خراسان!].
وهذا كما يظهر قول أحد المعلقين النواصب الذين كانوا يعملون في تحقيق الكتاب! لأن الكتاب اشتغل به كثيرون وعديدون وليس فقط من وضع اسمه على الغلاف!
- وقال عن نفس الحديث في نفس الكتاب أيضاً (22/398):
[هذه الطرق كلها ضعيفة، كما هو واضح بين، ولا أدري لم يكثر المؤلف من إيراد كل هذه الأسانيد عن مثل هذه الاشياء غير الثابتة.].
مع أن الألباني الذي يعظمه بشار جداً يقول بتواتر الحديث ويعيب محاولات تضعيف ابن تيمية له أو لبعض طرقه وألفاظه!
وفي تهذيب الكمال (33/368) ذكر المزي هناك ما نصه:
[..عن الحكم، عَن أبي سلمان المؤذن، عن زيد بن أرقم أن عليا" أنشد الناس من سمع رسول صلى الله عليه وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه"، فقام ستة عشر رجلا فشهدوا بذلك، وكنت فيهم].
ولم يعلقوا على هذا بشيء!
وهناك أموراً علمية تتعلق بتخريج الأحاديث والتعليقات علي هذا الكتاب والكتب الأخرى قد نفردها بكتاب خاص لأنها كثيرة جدا وتبين الاتجاه الفكري لهذا الإنسان!
ويمكن أن نوجه بعض طلبة العلم من المتتبعين والمتفحصين للتفرغ لكشف جلية هذا الأمر والله الموفق!
______________(تعليقات مفيدة)____________
وهناك بعض الفوائد الأخرى:
لما أخرجت كتاب (تناقضات الألباني الواضحات) الجزء الأول قال لي شعيب الأرنأووط:
والله يا شيخ حسن لقد جلست أنا والألباني على طاولة واحدة نحو تسع سنوات ما كنت أتصور أن لديه هذه التناقضات بل هذا الكم الكبير من التناقضات والتخبطات! وكتابك هذا ممتاز جدا فاستمر في هذا العمل ولا تأبه لمن يعارضك فيه!
أما بشار فقد اعترف لي مرات -والله على ما أقول شهيد- أنه في العراق أيام صدام كان يؤلف كتبا ضد الشيعة، وبعضها يضع عليها أسماء مؤلفين شيعة وينشرها على أن أولئك قد رجعوا عن التشيع وتبرأوا منه!
قال: لقد ألفت نحو سبعة كتب في ذلك!
شعيب الأرنأووط ليس صاحب مدرسة فكرية خلافاً للألباني الذي له مدرسة فكرية.
ملخص الكلام أنه كما يظهر يعتقد التنزيه وقد صرح لي مرات وكرات أنه ضد عقيدة ابن تيمية، لكنه لم يستطع أن يظهر ذلك لارتباطه الوثيق بالإشراف على تحقيق الكتب التي هي بيد الوهابية والتي لا بد أن ينفذ فيها مخططاتهم في تلك الكتب فكان يتلون ويظهر لهذا ما لا يظهر لذاك. وكان الرجل ناصبياً شديداً متعنتاً في هذه القضية جداً! وعندي قصص كثيرة جداً في ذلك والله على ما أقول شهيد وحسيب في كل ما أقوله وأنقله عنه، وهذا إنما أذكره للتاريخ ولإفادة طلبة العلم بحقائق خفية تدور حول تحقق الكتب والتراث:
وكنت قد تعرفت إليه في خطبة الجمعة حيث كنت أخطب الجمعة في مسجدٍ بقرب منزله ومكتب التحقيق الذي يعمل فيه، وكان يحضر تلك الخطبة دائماً، ومرة كنت في زيارته في مكتب التحقيق الذي كان في (الأردن/عمان/الشميساني) فجرى ذكر الحجاج بن يوسف الثقفي فقلت: (الذي أتذكره مما مر علي في ترجمته أن جماعة من علماء السلف كفروه). فقال: يا شيخ اتق الله هذا الكلام غير صحيح. وكنا نجلس عند الكتب وكان خلف ظهره كتاب تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر فقلت له لعلك تقرأ لنا ترجمته من التهذيب، فتناول الكتاب وفتح على الترجمة وجعل يقرأ لنا منه ولما وصل إلى الموضع الذي نقل فيه الحافظ ابن حجر تكفير جماعة من أئمة السلف للحجاج قفز عنه الشيخ شعيب ولم يقرأه! ثم قال: هذه هي الترجمة وليس فيها ما قلت يا شيخ حسن. فقلت له: والله أنا أتذكر أن من علماء السلف من كفروه، ولا أتذكر الآن أين وسأراجع ذلك، ولما ذهبت إلى بيتي راجعت ترجمة الحجاج بن يوسف وراجعت تهذيب التهذيب فوجدت ما أبتغيه وما لم يذكره الشيخ شعيب وما خدعنا فيه وادعى أنه لم يرد ولم يُذكر فرجعت إليه ولمته فلم يدر بم يجيب.. فتركته وذهبت.
بعض القصص عن شعيب الأرنأووط:
في أحد أيام سنة 1989م ذهبت إلى زيارة بعض كبار المفتين فوجدت عنده الشيخ شعيب وكان من عادة شعيب أنه إذا اجتمعنا أمام الناس أن يبادرني بالنصائح الأخلاقية فيقول مثلاً: (يا شيخ نريد أن تبحث المسائل العلمية دون انتقاص للمخالف أو سباب) مع أنه كان يشتم بعض المشايخ -والله على ما أقول شهيد- أمامي بأقذع الشتائم ليغيظني عندما لا يكون هناك من لا يريد أن يأخذوا صورة غير لائقة عنه! فقال لي في ذلك المجلس في بيت ذلك المفتي:
أنا أنصحك أن لا تكفر ابن تيمية، فنحن عندما كنا صغاراً في مثل سنك كنا نتسارع ونتكلم كما تتكلم أنت الآن في ابن تيمية ولكن لما كبرنا وأدركنا تعقلنا وانتهينا....
فقلت له: أنا إذا تبنيت حكم تكفير ابن تيمية كما تبناه جماعة من العلماء السابقين كالسبكي وابن حجر الهيتمي وغيرهما معي دليل أحاجج به عند ربي فأقول: يا رب ابن تيمية قال بقدم العالم بالنوع وأثبت التجسيم والتشبيه والحد لله تعالى وقال بقيام الحوادث بذات الرب سبحانه كما قرأت ذلك بعيني في كتب ابن تيمية!
لكن أنت يا شيخ شعيب إذا سألك الله تعالى فقال لك: لماذا في تعليقانك على شرح الطحاوية لابن أبي العز أثبت قدم العالم بالنوع وقيام الحوادث بذات الله وإثبات الحرف والصوت له فما هي حجتك في الجواب غير الأموال التي كنت تستفيدها من هؤلاء القوم الذين نعرفهم جميعا؟!
فقال: أنا منكر لهذه الأقوال الموجودة في التعليقات وأنا مجبر عليها، فأنا لم أكتبها وإنما كتبت غير ذلك، وقبل الطباعة أرسلنا الكتاب بتعليقاتي للشيخ التركي وقدمه التركي للجنةٍ التدقيق عنده فشطبوا بعض تعليقاتي وأضافوا ما يحلوا لهم، وإذا أتيت عندي في المكتب فستجد تعليقاتي الأصلية وليس فيها شيء من ذلك الذي تنكره وأنا منكر لتلك التعليقات!
وأفاد بأنه مغصوب عليها، وانقلب الأمر في المجلس عليه بعد أن كان يريد أن يقلب أهل المجلس على العبد الفقير ويدينه، ولامه ذلك المفتي على إثباته ما ذكرته من تلك التعليقات المشينة الضالة المنحرفة التي اعترف بها وأقر بأنها ليست له!
فانزعج جداً!
فقلت له: هذه التبريرات والتسويغات لن تنفعك ما دام اسنك على غلاف الكتاب والكلام أمام الناس منسوب إليك وسيضل به خلق كثير خاصة من طلبة العلم الذين لن يعرفوا أن هذا ليس كلامك!
ثم قلت له: أنا أعرف بأنك حنفي متعصب فكيف تقر شارح الطحاوية ابن أبي العز مع أن الشيخ علي القاري الحنفي حبيبك يقول عنه في شرح الفقه الأكبر بأنه تابع لمذهب المبتدعة في العقائد؟!
فقال: لا هو يتكلم عن شارح آخر!
فقلت له: كلا بل هو يتكلم عن نفس ابن أبي العز وأنا أبرهن لك ذلك فقد نقل عنه القاري هناك في شرح الفقه الأكبر نحو صحيفة من كلامه وأنا مستعد لأن أخرجها لك من شرح ابن أبي العز وأنا قاطع بذلك فما رأيك؟!
فانزعج جداً وخرج من بيت المفتي وما رضي أن يسلم علي وذهب!
وبعد نحو خمسة عشر يوماً ذهبت إليه في مكتبه فاستقبلني بترحاب وقال لي: والله يا شيخ حسن إن ما ذكرته أنت في ذلك المجلس صحيح، وإن ابن تيمية له طامات وبليات، وعليك أن تكمل في الرد عليه وكشف حاله! وأنا وجدت عدة نصوص شنيعة في كتب ابن تيمية أريد أن أطلعك عليها الآن! وجعل يفتح لي بعض كتب ابن تيمية ويريني بعض النصوص!
فقلت له: لماذا لا ترد أنت على ابن تيمية وتظهر ذلك؟! فسكت. لأنه ما كان يستطيع إظهار ذلك لارتباط أعماله وما يشرف عليه من التحقيقات بأشخاص من كبار الوهابية،
ومرة (قبل نحو ثلاثين سنة من كتابة هذا المقال الآن) زارني الشيخ الفاضل التقي (عمر الكيالي الرفاعي الشافعي) رحمه الله تعالى وكان جده مفتي إدلب وهو دمشقي كان يزورنا في الأردن كثيرا ويبيت عندنا ونتذاكر معه في القضايا والمسائل العلمية وكان عمره يقارب ثمانين سنة، فجرى ذكر الشيخ شعيب فقال لي الشيخ عمر الرفاعي: مرة من المرات قبل نحو أربعين سنة كنت في المسجد الأموي - وكانت تقام فيه صلاتان صلاة للشافعية وصلاة للحنفية- قال: فجئت في وقت الظهر وكانت صلاة الشافعية قد انتهت فأقاموا للحنفية وكان إمام الحنفية غائباً وكان شعيب هناك فنظر الناس إليَّ فلما رأوا مظهري قدموني إماماً بهم وأنا شافعي، فصليت بهم ورفعت يدي في المواضع التي يرفع الشافعية فيها أيديهم فلما سلمت من الصلاة، صرخ شعيب وقال: (يا شيخ غمر نزعت علينا صلاتنا) أي أفسدتها، لأنه رفع يديه عند الركوع والرفع منه، وقام شعيب فأعاد الصلاة لشدة التعصب للمذهب الحنفي!
فلما قص عليَّ الشيخ عمر الكيالي رحمه الله تعالى القصة تعجبت جداً من ذلك! وقلت بأنني أسمع الشيخ شعيب يقول يجب اتباع الحديث والدليل، وأنه لا داعي للتعصب، فالظاهر أنه كان شديد التعصب للمذهب الذي يقلده.
فقلت للشيخ عمر الكيالي دعنا نذهب لزيارة شعيب ونواجهه بهذه القصة وتذكرها أنت أمامه لنرى بماذا سيجيب، فذهبنا إليه وجلسنا وتحدثنا وذكر الشيخ عمر الكيالي القصة فصار شعيب يضحك ويقول والله نسيتها يا شيخ عمر.
وهناك قضايا وأمور علمية كثيرة جرى النقاش بيني وبين الشيخ شعيب فيها لعلي أذكرها فيما يأتي. ومنها أنه كان يقول لي: حديث الذبابة (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه) الذي في صحيح البخاري ليس صحيحاً، لكن في التحقيقات والتعليقات التي يكتبها كان يكتب بأنه صحيح لأن هذا هو المطلوب عند الوهابية ولا يجوز أن يخالفهم بسبب سبل العيش والرزق.
وأما صديقه بشار فأذكر لكم بعض ما في تعليقاته الفذة ومهاراته الخارقة التي واجهته ببعضها فأقول:
في التعليقات على كتاب "تهذيب الكمال" للمزي لاحظوا هذه الملاحظة السريعة:
1- لقد استعان في الكتاب بالشيخ شعيب ليخرّج له أحاديث الكتاب ولو كان محدثاً قادراً على التصحيح والتضعيف لما استعان به!
2- في هذا الكتاب "تهذيب الكمال" دعونا نرى ماذا فعل في بعض ما ورد فيه:
مثلاً حديث (من كنت مولاه فعلي مولاه):
-جاء في المجلد الثالث ص (441):
[قال شعيب: وهو حديث صحيح رواه غير واحد من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو في "المسند"4 / 281 والحاكم 3 / 110 من حديث البراء، وأخرجه من حديث زيد بن أرقم التِّرْمِذِيّ (3713) وأحمد 4 / 368 والحاكم 3 / 110، وأخرجه من حديث سعد بن أَبي وقاص ابن ماجة (121)، وأخرجه من حديث أبي الطفيل أحمد 4 / 370، والحاكم 3 / 109، وابن حبان (2205)، وأخرجه من حديث بريدة أحمد 5 / 347، والحاكم 3 / 110، وأخرجه أحمد 5 / 366 عن خمسة أو ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم].
- وجاء عن نفس الحديث في نفس الكتاب (20/484):
[ليس في كل طرق هذا (الحديث) طريق صحيح، وقد تقدم في المجلد السابق (20 / 3828) أنه لم يكن هذا الحديث معروفا حتى نعق به ناعق من خراسان!].
وهذا كما يظهر قول أحد المعلقين النواصب الذين كانوا يعملون في تحقيق الكتاب! لأن الكتاب اشتغل به كثيرون وعديدون وليس فقط من وضع اسمه على الغلاف!
- وقال عن نفس الحديث في نفس الكتاب أيضاً (22/398):
[هذه الطرق كلها ضعيفة، كما هو واضح بين، ولا أدري لم يكثر المؤلف من إيراد كل هذه الأسانيد عن مثل هذه الاشياء غير الثابتة.].
مع أن الألباني الذي يعظمه بشار جداً يقول بتواتر الحديث ويعيب محاولات تضعيف ابن تيمية له أو لبعض طرقه وألفاظه!
وفي تهذيب الكمال (33/368) ذكر المزي هناك ما نصه:
[..عن الحكم، عَن أبي سلمان المؤذن، عن زيد بن أرقم أن عليا" أنشد الناس من سمع رسول صلى الله عليه وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه"، فقام ستة عشر رجلا فشهدوا بذلك، وكنت فيهم].
ولم يعلقوا على هذا بشيء!
وهناك أموراً علمية تتعلق بتخريج الأحاديث والتعليقات علي هذا الكتاب والكتب الأخرى قد نفردها بكتاب خاص لأنها كثيرة جدا وتبين الاتجاه الفكري لهذا الإنسان!
ويمكن أن نوجه بعض طلبة العلم من المتتبعين والمتفحصين للتفرغ لكشف جلية هذا الأمر والله الموفق!
______________(تعليقات مفيدة)____________
وهناك بعض الفوائد الأخرى:
لما أخرجت كتاب (تناقضات الألباني الواضحات) الجزء الأول قال لي شعيب الأرنأووط:
والله يا شيخ حسن لقد جلست أنا والألباني على طاولة واحدة نحو تسع سنوات ما كنت أتصور أن لديه هذه التناقضات بل هذا الكم الكبير من التناقضات والتخبطات! وكتابك هذا ممتاز جدا فاستمر في هذا العمل ولا تأبه لمن يعارضك فيه!
أما بشار فقد اعترف لي مرات -والله على ما أقول شهيد- أنه في العراق أيام صدام كان يؤلف كتبا ضد الشيعة، وبعضها يضع عليها أسماء مؤلفين شيعة وينشرها على أن أولئك قد رجعوا عن التشيع وتبرأوا منه!
قال: لقد ألفت نحو سبعة كتب في ذلك!