قصص حدثت معي أنقلها لكم شخصياً –والله تعالى على ما أقول شهيد ووكيل-:
وهذه القصص مفيدة جداً لطلبة العلم ورواد الحقائق الذين يجب أن يعرفوا ويطلعوا على جلية الأمر للعبرة والتاريخ ولئلا يغرر بهم!
عبد القادر الأرنأووط ألباني الأصل، شامي المولد، سلفي المشرب يدور في فلك الوهابية والسلفية للانتفاع والتبرك بهم! وهو صديق الشيخ شعيب الأرنأووط ويظنه كثيرون شقيقاً وأخاً لشعيب الأرنأووط، ليس كذلك!
كان الإثنان قد درسا عند الشيخ محمد صالح الفرفور الحنفي رحمه الله تعالى، ثم بعد مدة عملا في المكتب الإسلامي عند زهير الشاويش المتمسلف مع الألباني، وهناك مكتب أو مكاتب يعمل فيها موظفون وهم مجموعة من محققي الكتب برواتب شهرية تأتي من الوهابية وأكثر أولئك المحققين من الشباب المغمورين المغلوب على أمرهم، فكثير من الكتب التي يوضع عليه اسم مثل عبد القادر أو شعيب لا تكون من جهدهم! وأحياناً يجبرهم زهير الشاويش أن يضع هو أيضا اسمه على غلاف بعض الكتب التي أشرفوا على تحقيقها ككتاب "شرح السنة" للبغوي، أو "الرد الوافر" لابن ناصر الدين الدمشقي، وزهير شهد فيه شيخه الألباني أنه لا يعرف في العلم والتحقيق لا كثيراً ولا قليلاً! كما سيأتي نقل بعض ذلك في آخر هذه المقالة إن شاء الله تعالى!
ولنعد إلى موضوع المحقق الفذ عبد القادر الأرنأووط:
لقد قام الشيخ عبد القادر الأرنأووط السلفي الدمشقي مثلاً بالتلاعب بكتاب "الأذكار" للإمام النووي فحرّف بعض ما فيه! فالنووي قال في آخر كتاب الحج فيه:
(فصل في زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأذكارها)!!
فجعله عبد القادر الأرنأووط هكذا:
(فصل في زيارة مسجد رسول الله..)!!
فأبدل لفظة (القبر) بلفظة (المسجد) تماشيا من الفكر الوهابي! فإذا جاء من يحتج بكلام العلماء من غير الوهابية، قال له الوهابية: هذا إمامكم النووي يقول زيارة المسجد ولا يقول زيارة القبر!
ثم حذف –عبدالقادر الأرنأووط- من كلام الإمام النووي نحو تسعة أسطر، كما بينته مفصلاً في كتابي "الإغاثة بأدلة الاستغاثة" وكما سأنقله لكم هنا إن شاء الله تعالى لتتأملوه. فذهبت إلى دمشق واعترضت عليه وراجعته في ذلك بمنزله هناك سنة (1994م) فقال لي: بأن دار الهدى في الرياض هي التي قامت بهذا الفعل.
فقلت: له وكيف تقبل أنت بهذا واسمك على الكتاب؟ فأعطاني ورقة بخطه وقع عليها بأنه يتبرأ من ذلك! وهذا لا يبريه بنظري وإنما هو لإسكات المعترضين!
وإنني أسوق لكم كلام الإمام النووي الأصلي ثم أُردفه بالكلام المبدّل لنتبيّن حقيقة الأمر، وليعشق مَنْ يعشق سلفية العصر على بيّنة!! فأقول:
كلام الإمام النووي الأصلي غير المحرّف: في كتاب الحج من الأذكار (ص 306 طبع دار الفكر دمشق) وكذا في المخطوط وباقي الطبعات وفي شرح الأذكار لابن علاّن ما نصه:
[(فصل في زيارة قبر رسول الله وأذكارها): اعلم أنّه ينبغي لكل من حجَّ أنْ يتوجّه إلى زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سواء كان ذلك طريقه أو لم يكن، فان زيارته صلى الله عليه وآله وسلم من أهم القربات وأربح المساعي وأفضل الطلبات، فإذا توجه للزيارة أكثر من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وآله وسلم في طريقه. فاذا وقع بصره على أشجار المدينة…] اهـ كلام الإمام النووي الأصلي غير المحرَّف.
أما الكلام المحرّف المنسوب للإمام النووي الذي حرّفه (عبد القادر الأرناؤوط) الوهابي بأمر من سادته طمعاً في المال العائد من طبع الكتاب بتحقيقه: ففي كتاب الأذكار (طبع دار الهدى الرياض 1409هـ باشراف وموافقة مراقبة المطبوعات برئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء ص 295) ما نصه:
[فصل في زيارة مسجد رسول الله: اعلم أنّه يستحب من أراد زيارة مسجد رسول صلى الله عليه وآله وسلم أنْ يكثر من الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم في طريقه فإذا وقع بصره على أشجار المدينة …] اهـ.
فتأمْل هذا التحريف ولا أدري كيف حصل هذا تحت أنظار رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة (!) علماً بأنّ الكتاب إذا كان فيه كلمة توسّل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بيت من الشعر فيه مدح له صلى الله عليه وآله وسلم فإنّ عين رئاسة البحوث تضبطه وتصادر الكتاب وتمنع دخوله. فهل أصاب عين رئاسة البحوث العمى فلَم ترَ هذا التحريف لأنه يوافق مشربها؟!!
ثم تمادى المحقق –عبدالقادر- المذكور فاسقط بعد صحيفة من كتاب "الأذكار" قصة العُتْبي التي ذكرها الإمام النووي لأنها تخالف ذاك المشرب العكر، فهل هذه هي الأمانة العلمية؟!
وكان بإمكانه أنْ يُعَلَّق عليها بالإنكار كما فعل بعض إخوانه في طبعات أخرى دون أن يقترف هذا التحريف والتلاعب المشين الذي يؤدي إلى تشكيك المسلمين بما يطبع ويطرح بين أيدي عامة الناس من أمهات المراجع وكتب التراث.
وسبب هذا التحريف فيما نرى: أقول: والذي دعى المحقق والمشرف إلى أن يحرّف عبارة الإمام النووي ويحذف منها: هو التعصب لرأي ابن تيمية الحرّاني الذي أنكره عليه فحول علماء أهل السنّة، وإليك بيان ذلك: قال الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (3/66): ((والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شدّ الرحل إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنكرنا صورة ذلك … وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية)). اهـ
وأقول أيضاً: إن هذه التحريفات اعتاد عليها الحشوية المجسمة في كل عصر كما أثبتت ذلك وقائع التاريخ وعندي على ذلك أمثلة تزيد على الثلاثمائة سأصدرها قريباً في رسالة أسردها فيها سرداً، وانظر إلى ما يقوله الإمام الحافظ التاج السبكي في كتابه (قاعدة في الجرح والتعديل ص (48) من الطبعة الخامسة):
[وقد وصل حال بعض المجسمة في زماننا إلى أنْ كتب شرح "صحيح مسلم" للشيخ محي الدين النووي، وحذف من كلام النووي ما تكلّم به على أحاديث الصفات، فإنّ النووي أشعري العقيدة فلم تحمل قوى هذا الكاتب أن يكتب الكتاب على الوضع الذي صنّفه مصنّفه. وهذا عندي من كبائر الذنوب، فإنّه تحريف للشريعة وفتح باب لا يؤمّنُ معه بكُتُب الناس وما في أيديهم من المصنّفات فقبّح الله فاعله وأخزاه …] الخ انتهى كلام الإمام الحافظ السبكي.
وبعد أن قصصنا عليكم كيف تلاعب عبد القادر الأرنأووط بكتاب الأذكار وكيف ذهبت إلى دمشق لأقابله وأناقشه وألومه كيف فعل ذلك التحريف والتزوير، أبين لكم بعض أقوال وشهادات الألباني في زهير الشاويش الذي يتلاعب بالطبعات والكتب:
قال الألباني في مقدمة "صفة صلاته" ص (4) واصفاً الشاويش بالأوصاف التالية:
ـ [وما ذلك إلا لغلبة الجشع التجاري على الناشر] اهـ!!
ـ [لا يعفيه من المسؤولية لظهور أصابع تلاعبه ببعض كتبي وتحقيقاتي التي جدّد طبعها في غيابي عنها، فتصرّف فيها كما لو كانت من تآليفه أو تحقيقاته! يعلم ذلك كل من تتبع ما جدَّ منها وقابلها بما قبلها من المطبوعات منها]اهـ!!
وقال الألباني أيضاً:
ـ [فقد استغل صاحبنا القديم هجرتي إلى عمان... فحشر في التعليق عليها دون علمي وإذني طبعاً ـ ما شاء له هواه النفسي، وجشعه التجاري مع استحلاله الكذب والتزوير]اهـ!!
وقد أُستقبل –الألباني- رضي الله عنه في هجرته تلك بِـ (طلع البدر علينا...) اقتداء بالسنة!!
فـ (محدّث الديار الشامية) و (حافظ الوقت)!! قد صرّح بكل وضوح بأنَّ الشاويش وضّاع!! يستحل الكذب والتزوير!! وأرجو أن لا يكون هذا تكفيراً من الألباني للشاويش لأَنَّ مستحل التزوير والكذب المُصرَّح بتحريمه في القرآن كافراً بلا ريب!! ومن هذا الكلام الذي قاله الشيخ!! الألباني يصح لأي شخص أن يتمسك بقول محدّث الديار الشامية!! بعدم تصديق الشاويش في أي أمر يقوله ويدّعيه حتى لو حلف عليه لأنه يرى استحلال الكذب!!
ـ ووصف الشيخ!! الألباني الشاويش ص (7 و 8 و 9) من مقدمة "صفة صلاته" بالأوصاف التالية:
ـ (السطو) و (المسخ) و (الحذف) و (الإصرار على الباطل) و (تحشية الكتب
بالزور والمين) و (التلاعب بتواريخ طبعات الكتب والمقدمات)!!
وقال هناك إن هذا التصرف من الشاويش:
ـ [لا يصدر من متقٍ لربّه، مخلص في عمله] اهـ.
وأن الشاويش:
ـ [وقع في طامة].
وأنَّ أعمال الشاويش:
[لا فقه فيها ولا علم، وإنما هي المصالح الماديّة والأهواء الشخصية، وفي الكثير ـ من مطبوعاته ـ دعاية لمطبوعاته ومنشوراته. وبعضها زور وتدليس لا يصدر ممن يخشى الله] اهـ!!
وقوله ص (10) أنَّه تصرَّف: [تصرفاً سيئاً جداً لا يُقْدِمُ عليه من عنده أدنى شعور بالأمانة العلمية والإلتزمات الأدبية].
وقوله ص (11) عنه أنه:
(مسكين) و (مضلل) وأن طبعته الجديدة: (مشوهة) ... الخ.
وقوله ص (11) عنه أنه: (ظالم لشيخه) (وباغي) ... الخ.
وقوله عنه ص (12) بأنه: (كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) اهـ!!
وقوله هناك ص (9) عن الشاويش:
[ومن آخر ما طلع به علينا من أفاعيله وتجبره وتجنيه وتدخله في شؤوني الخاصة أنه قدّم إليَّ إنذاراً عدلياً بواسطة كاتب عدل عمان المحترم بتاريخ 21/9/1409 هـ ـ 28/4/1989... وأتبعه بإنذار ثانٍ بتاريخ 13/5/1989...وقد ضمن إنذاره هذا عجائب من الإدّعاءات الباطلة التي لا مناسبة الآن لذكرها، راجياً أن لا يضطرنا استمراره على تجبره وتجنيه أن نكشف القناع عنها للناس...]اهـ.
وقال الألباني عن الشاويش في مقدمته الجديدة للطبعة الجديدة المنقحة! والمهذبة!! من (سلسلة أحاديثه الضعيفة) 1992م متُهَّماً له بالسرقه! وعدم تقوى الله!! وبالتلاعب بحقوق العباد!! ما نصه ص (7) في الحاشية:
[هذه الطبعة هي الشرعية، وأما طبعة المكتب الإسلامي الجديدة، فهي غير شرعية، لأنها مسروقة عن الأولى، وحق الطبع للمؤلف يعطيه من يشاء، ويمنعه مَن لا يتقي الله، ويتلاعب بحقوق العباد، كما أنَّ في هذه الطبعة المسروقة تصرفاً بزيادة ونقص، والله المستعان، وإليه المشتكى من فساد أهل هذا الزمان]اهـ.
وقال الألباني أيضاً في المصدر السابق ص (66) ما نصه:
[ثم تفضّل الله عليَّ، فيسر لي ذلك، فجعلت من "الجامع الصغير" كتابين: "صحيح الجامع" ، و "ضعيف الجامع" وهو مطبوعان، ولكننا نحذر القرّاء من دسائس الشاويش في طبعته الجديدة المكثفة للتجارة بهما، في تعليقاته عليهما، وفي تقديمه لهما والله المستعان] اهـ.
وقول الألباني (وهو مطبوعان) يدل على مهارته! وبراعته!! وبلاغته وفصاحته في اللغة العربية!! وكذا يدل على أنّه فقد أولئك المصححين الذين كانوا يصححون كتبه في المكتب الإسلامي من ناحية العربية وعلى رأسهم شعيب الأرنأووط!!
وقال الألباني في مقدّمة "صفة صلاته" !! [ص (3) الطبعة الجديدة (دار المعارف 1991 م)] عن هذا الشاويش ما نصه:
[فذهبت فائدتها ـ أي الطبعات السابقة لصفة صلاته ـ لقلة أوجهل مَنْ يُشْرف على تصحيح التجارب في المكتب الإسلامي، فإنه الآن ليس كما كنا نعهده قبل عشر سنوات!] اهـ.
وللحق كرة بعد كرة
والحمد لله رب العالمين.
_____________________