Page 1 of 1

بيان بطلان ما ينقل عن عبدالرحمن بن مهدي من أنه قال:( إنَّ الجهمية أرادوا ينفوا أن يكون الله كلَّم موسى وأن يكون على العر

Posted: Mon Mar 25, 2024 3:19 pm
by عود الخيزران
بيان بطلان ما ينقل عن عبدالرحمن بن مهدي من أنه قال:( إنَّ الجهمية أرادوا ينفوا أن يكون الله كلَّم موسى وأن يكون على العرش أرى أن يُستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم):

قال الذهبي في كتابه "العلو" النص رقم(399):
[عبدالرحمن بن مهدي الإمام (135 ـ 198):
399- نقل غير واحد بإسناد صحيح عن عبدالرحمن الذي يقول فيه علي بن المديني حافظ الأمة: لو حلفتُ بين الركن والمقام لحلفتُ أني ما رأيت أعلم من ابن مهدي، قال:
(إنَّ الجهمية أرادوا ينفوا أن يكون الله كلَّم موسى وأن يكون على العرش أرى أن يُستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم )].


أقول في بيان بطلان هذا النقل:

لا يثبت، هذا الكلام رواه عبد الله بن أحمد في كتاب "السنة" (1/119-121) الذي جمع في الطامات والبلايا! ومن تأمل ما نقله عبدالله بن أحمد في كتاب السنة هناك لم يجد ذكراً للعرش في كلام ابن مهدي وإنما كلامه هناك عن القرآن!! وهذا خارج عن موضوع العلو! ونجد هنالك أن هذا الكلام روي عن ابن مهدي بالألفاظ التالية: (من زعم أن الله تعالى لم يكلم موسى صلوات الله عليه يستتاب فان تاب والا ضربت عنقه) وهذه من جملة فتاوى القتل وإباحة دماء المخالفين مع أنه لا يوجد في أهل الإسلام من ينكر أن الله تعالى كلم سيدنا موسى {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}الأنبياء:164، وروي عنه هناك أيضاً بلفظ: (أنا لا أرى أن نستتيب الجهمية) والله تعالى يقول: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}التوبة:11، وروي عنه أيضاً بلفظ: (لو كان لي من الأمر شيء لقمت على الجسر فلا يمر بي أحد من الجهمية إلا سألته عن القرآن فإن قال إنه مخلوق ضربت رأسه ورميت به في الماء) وهذه فتوى دموية موغلة في الغلو! أرد الحنابلة بها أن يرووا غليلهم من الحقد الذي امتلأت به قلوبهم على مخالفيهم! وهذه الفتوى من ابن مهدي مع أنه لا نص يعضدها هي مخالفة لقوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}الأنبياء:2. وروي عنه أيضاً بلفظ: (الجهمية يستتابون فإن تابوا والا ضربت أعناقهم) وقد رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" (برقم546) فقال: [أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن علي الوراق، حَدَّثَنَا عمرو بن العباس، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول: وذكر الجهمية، فقال: أرى أن يعرضوا على السيف قال: وسمعت عبد الرحمن بن مهدي، وقيل له: إن الجهمية يقولون: إن القرآن مخلوق، فقال: إن الجهمية لم يريدوا ذا، وإنما أرادوا أن ينفوا أن يكون الرحمن على العرش استوى، وأرادوا أن ينفوا أن يكون الله تعالى كلم موسى، وقال الله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}الأنبياء:164، وأرادوا أن ينفوا أن يكون القرآن كلام الله تعالى، أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم]. و(عمرو بن العباس) قال الحافظ ابن حجر في "التقريب": [صدوق ربما وهم]. وقال ابن حبان في "الثقات" (8/486): [ربما خالف]. والوراق (ت272هـ) الراوي عنه لا تعرف له رواية عن عمرو بن العباس (ت235هـ) إلا عند البيهقي فقط وأظنها بإجازات! ولم أجدها في شيء من كتب الحديث إلا في أربعة مواضع من كتب البيهقي فقط! وهذا يُدخل الريبة على هذه الرواية! ومحمد بن يعقوب أبو العباس (ت346) بين وفاته ووفاة شيخه الوراق (74) سنة، فهذا إسناد ومتن لا يوثق به! وابن مهدي إن قال ذلك فهو غير مصيب فيما قال!! إذ لا أحد يجحد أنَّ الله تعالى كلَّم سيدنا موسى تكليماً وإنما اختلفوا في معنى ذلك!! وهذه المسألة لا علاقة لها بموضوع العلو!!