بيان عدم صحة ما يروج له المجسمة عن أبي حاتم و ابي زرعة من أن مذهبهما التفويض وإثبات المكان الحسي لله تعالى:
قال الذهبي في كتابه "العلو" النص رقم(466):
[466- أنبأنا أحمد بن أبي الخير، عن يحيى بن بوش، أنا أبو طالب اليوسفي، أنا أبو إسحاق البرمكي، أنا علي بن عبدالعزيز، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا زرعة رحمهما الله تعالى عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك؟ فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً ومصراً وشاماً ويمناً فكان من مذهبهم أنَّ الله تعالى على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه بلا كيف، أحاط بكل شيء علماً].
أقول في بيان عدم صحة هذا الإسناد:
هذا الإسناد هزيل لا يثبت. ووقع للألباني المتناقض فيه خبط عجيب! والرواة حنابلة من أولهم لآخرهم! وإليكم تفصيل هذا الإسناد:
1- فأما (أحمد بن أبي الخير 589-678هـ) كان عمره عندما توفي شيخه بن بوش (4سنوات) فلا عبرة بمثل هذه المرويات(!!) فما هي قيمة هذه الرواية! وترجمته كما في "تاريخ الإسلام" للذهبي (50/296): [أحمد بن أبي الخير سلامة بن إبراهيم بن معروف بن خلف المسند المعمر زين الدين أبو العباس الدمشقي الحداد الحنبلي المقرىء الخياط الدلال، ولد في .. سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وتوفي والده الشيخ أبو الخير إمام حلقة الحنابلة وله خمس سنين ولم يسمعه شيئاً بل استجاز له، ثم سمع سنة ستمائة من أبي اليمن الكندي، ... وأجاز له من بغداد أبو الفرج بن كليب وأبو القاسم بن بوش وأبو الفرج ابن الجوزي ... سمع منه عمر بن الحاجب بعرفات سنة عشرين وستمائة وروى عنه الدمياطي وأبو العباس ابن الحلوانية وابن الخباز وابن العطار وابن جعوان والمزي وابن أبي الفتح وابن الشريشي وابن تيمية وأخوه أبو محمد والمجد بن الصيرفي وأبو محمد البرزالي وأبو بكر بن شرف وطائفة سواهم وقرأ عليه المزي شيخنا شيئاً كثيراً وسمع منه "حلية الأولياء" ورثاه بأبيات بعد موته وسألته عنه فقال: شيخ جليل متيقظ عُمِّرَ وتفرَّد بالرواية عن كثير من مشايخه وحدث سنين كثيرة وسمعنا منه الكثير وكان سهلاً في الرواية، وقال توفي يوم عاشوراء وقد قارب التسعين. قلت: كان إنساناً خيراً متواضعاً من أهل الرباط الناصري أضر بأخرة وكان فقيراً متعففاً أجاز لي جميع مروياته...].
2- وأما (يحيى بن بوش 510-593هـ): فقد كان عمره حينما توفي شيخه اليوسفي (6 سنوات) فلا عبرة بمثل هذه المرويات أيضاً(!!) وهو أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش الأزجي الحنبلي الخباز. قال الذهبي عنه في "العبر" (4/283): [كان عامياً]. وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (42/153): [.. سمع الكثير في صغره بإفادة خالة علي بن أبي سعد الخباز من أبي طالب عبد القادر بن يوسف ... وأبي العز ابن كادش... ذكره أبو عبد الله الدُّبيثي وقال: كان سماعه صحيحاً بورك في عمره واحتيج إليه وحدث نحواً من أربعين سنة ولم يكن عنده من العلم شيء ... وآخر من روى عنه بالإجازة أحمد بن أبي الخير تُوفي في ثالث ذي القعدة فجأة من لقمةٍ غص بها فمات، وكان فقيراً قانعاً وربما كان يُعطى على التسميع، وولد سنة عشر وقيل سنة ثمانٍ وخمسمائة..]. ومن شيوخه الحنابلة أبو العز ابن كادش وهو وضاع كبير يروي عقائد باطلة! روى عقيدة باطلة للشافعي عن شيخه العشاري وروى كتاب الصفات والرؤية للدارقطني وكل ذلك باطل مردود! قال الحافظ ابن حجر في ترجمته في "لسان الميزان" (1/218): [أحمد بن عبيد الله أبو العز ابن كادش مشهور من شيوخ بن عساكر، أقرَّ بوضع حديث وتاب وأناب انتهى (كلام الذهبي) وقد ساق له ابن النجار نسباً إلى عتبة بن فرقد السلمي الصحابي وقال: سمع الكثير بنفسه وقرأ على المشائخ وكتب بخطه وكان يكتب خطاً ردياً وكان يفهم طرفاً من علم الحديث وقد خرَّج وألَّف... وكان مخلطاً كذاباً لا يُحْتَجُّ بمثله، وللأئمة فيه مقال. وقال أبو سعد ابن السمعاني: كان ابن ناصر سيء القول فيه. وقال ابن الأنماطي: كان مخلطاً،..]. وقال ابن عساكر: كان صحيح السماع واعترف لابن عساكر بأنه يضع الحديث. فملخص القول أن صحيح السماع هذا كذاب مخلِّط! والسلام.
3- وأما (أبو طالب اليوسفي 434تقريباً-516هـ): وقد روى عن شيخه البرمكي هو ابن (10-11 سنة) وهو عبد القادر بن محمد بن عبد القادر البغدادي، وهو حنبلي. قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (19/386): [الشيخ الأمين الثقة العالم المسند.. قال السمعاني: شيخ صالح ثقة دين متحر في الرواية]. قلت: لم أر له توثيقاً في كتاب "الأنساب" للسمعاني. ولا في كتبه الأخرى التي بحثت فيها.
4- وأما (أبو إسحاق البرمكي) (361-445هـ): فهو كما قال الخطيب في "تاريخه" (6/139): [إبراهيم بن عمر بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن بهران أبو إسحاق المعروف بالبرمكى سمعت من يذكر أن سلفه كانوا يسكنون قديماً ببغداد في محلة تعرف بالبرامكة وقيل بل كانوا يسكنون قرية تسمى البرمكية فنسبوا إليها... كتبنا عنه وكان صدوقاً ديناً فقيهاً على مذهب أحمد بن حنبل وله حلقة الفتوى في جامع المنصور..].
5- وأما (علي بن عبد العزيز 387هـ) فهو البرذعي البزاز التاجر كما قال الخطيب البغدادي في تاريخه (12/30) وهذا نصه: [علي بن عبد العزيز بن مردك بن أحمد بن سندويه بن مهران بن أحمد أبو الحسن البرذعي البزاز نسبه أبو عبد الله بن بكير سكن بغداد وحدث بها عن عبد الرحمن بن أبى حاتم الرازي ... وكان ثقة. سمعت القاضي أبا عبد الله الصيمرى يقول: كان على بن عبد العزيز بن مردك أحد الصالحين ترك الدنيا عن مقدرة واشتغل بالعبادة، قال: وكان أحد الباعة الكبار ببغداد فاعتزل الناس ولزم المسجد]. وهو مترجم أيضاً في "تاريخ الإسلام" للذهبي (27/149) و"التدوين في أخبار قزوين" للرافعي القزويني (3/368)، وتوثيق الخطيب له فيه إشكال فإنه لم ينقل ذلك عمن عاصر بن مدرك ولقيه. وبين وفاته ووفاة شيخه أبي حاتم ستين سنة. فإنَّ ابن أبي حاتم توفي سنـة (327) هـ وهذا توفي سنة (387) كما في"تاريخ بغداد" (12/30).
ومن الخطأ الظاهر ما وقع به متناقض عصرنا الألباني في "مختصر العلو" ص (205) حيث قال: [علي بن عبد العزيز وهو البغوي وهو ثقة ثبت]. والصواب أنه ليس البغوي بل هو البرذعي البزاز. إذ كيف يكون علي بن عبد العزيز البغوي المتوفى سنة (287هـ) وهو مترجم في "تهذيب التهذيب" (7/316) والراوي عنه البرمكي ولد سنة (361هـ)؟! فالشيخ توفي قبل ولادة التلميذ بـ (74سنة)!!
ثم قال متناقض العصر عقب ذلك: [وعلي بن مردك ولم أعرفه]، قلت: هو هو جعله رجلين وهو واحد علي بن عبد العزيز بن مردك! فلم يعرفه بالإسمين! وجعله اثنين!
6- و(ابن أبي حاتم) لا نطمئن لما ينقله لنا من هذه العقائد.
ومن تأمل هذه العقيدة التي يقال بأنه نقلها عن أبيه وأبي زرعة فيها أمور ادَّعوا أنها قول أهل السنة مع أن أهل السنة يختلفون في بعض قضاياها، وفيها شدة في تكفير المخالفين في بعض مسائلها المختلف فيها! وكأنها هي القاعدة أو الأساس لما يُدَّعَى أن ذلك مذهب أهل السنة وأن المخالف فيها كافر أو مبتدع ضال!
ولنعرض تلك العقيدة كما في كتاب اللالكائي (1/197): [أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْمُقْرِئُ , قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَشٍ الْمُقْرِئُ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ, قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أُصُولِ الدِّينِ, وَمَا أَدْرَكَا عَلَيْهِ الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ, وَمَا يَعْتَقِدَانِ مِنْ ذَلِكَ, فَقَالَا: أَدْرَكْنَا الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ حِجَازًا وَعِرَاقًا وَشَامًا وَيَمَنًا فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِمُ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ, يَزِيدُ وَيَنْقُصُ, وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِجَمِيعِ جِهَاتِهِ, وَالْقَدَرُ خَيْرُهُ وَشَرُّهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, وَخَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ, ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ, ثُمَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ, ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ, وَهُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ, وَأَنَّ الْعَشَرَةَ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدَ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ, وَالتَّرَحُّمُ عَلَى جَمِيعِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَالْكَفُّ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ. وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ, وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا كَيْفٍ, أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا, {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}الشورى:11. وَأَنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُرَى فِي الْآخِرَةِ, يَرَاهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِأَبْصَارِهِمْ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهُ كَيْفَ شَاءَ وَكَمَا شَاءَ. وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَهُمَا مَخْلُوقَانِ لَا يَفْنَيَانِ أَبَدًا, وَالْجَنَّةُ ثَوَابٌ لِأَوْلِيَائِهِ, وَالنَّارُ عِقَابٌ لِأَهْلِ مَعْصِيَتِهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَالصِّرَاطُ حَقٌّ, وَالْمِيزَانُ حَقٌّ, لَهُ كِفَّتَانِ, تُوزَنُ فِيهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا حَقٌّ. وَالْحَوْضُ الْمُكْرَمُ بِهِ نَبِيُّنَا حَقٌّ. وَالشَّفَاعَةُ حَقٌّ, وَالْبَعْثُ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ حَقٌّ. وَأَهْلُ الْكَبَائِرِ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَلَا نُكَفِّرُ أَهْلَ الْقِبْلَةِ بِذُنُوبِهِمْ, وَنَكِلُ أَسْرَارَهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَنُقِيمُ فَرْضَ الْجِهَادِ وَالْحَجِّ مَعَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ دَهْرٍ وَزَمَانٍ. وَلَا نَرَى الْخُرُوجَ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَلَا الْقِتَالَ فِي الْفِتْنَةِ, وَنَسْمَعُ وَنُطِيعُ لِمَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمْرَنَا وَلَا نَنْزِعُ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ, وَنَتَّبِعُ السُّنَّةَ وَالْجَمَاعَةَ, وَنَجْتَنِبُ الشُّذُوذَ وَالْخِلَافَ وَالْفُرْقَةَ. وَأَنَّ الْجِهَادَ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ مَعَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُبْطِلُهُ شَيْءٌ. وَالْحَجُّ كَذَلِكَ, وَدَفْعُ الصَّدَقَاتِ مِنَ السَّوَائِمِ إِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ. وَالنَّاسُ مُؤَمَّنُونَ فِي أَحْكَامِهِمْ وَمَوَارِيثِهِمْ, وَلَا نَدْرِي مَا هُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ مُؤْمِنٌ حَقًّا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ, وَمَنْ قَالَ: هُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ فَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ, وَمَنْ قَالَ: هُوَ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ حَقًّا فَهُوَ مُصِيبٌ. وَالْمُرْجِئَةُ وَالْمُبْتَدِعَةُ ضُلَّالٌ, وَالْقَدَرِيَّةُ الْمُبْتَدِعَةُ ضُلَّالٌ, فَمَنْ أَنْكَرَ مِنْهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَعْلَمُ مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ فَهُوَ كَافِرٌ. وَأَنَّ الْجَهْمِيَّةَ كُفَّارٌ, وَأَنَّ الرَّافِضَةَ رَفَضُوا الْإِسْلَامَ, وَالْخَوَارِجَ مُرَّاقٌ. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ كُفْرًا يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ. وَمَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِ مِمَّنْ يَفْهَمُ فَهُوَ كَافِرٌ. وَمَنْ شَكَّ فِي كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَوَقَفَ شَاكًّا فِيهِ يَقُولُ: لَا أَدْرِي مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَهُوَ جَهْمِيٌّ. وَمَنْ وَقَفَ فِي الْقُرْآنِ جَاهِلًا عُلِّمَ وَبُدِّعَ وَلَمْ يُكَفَّرْ. وَمَنْ قَالَ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَهُوَ جَهْمِيٌّ أَوِ الْقُرْآنُ بِلَفْظِي مَخْلُوقٌ فَهُوَ جَهْمِيٌّ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: وَعَلَامَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ الْوَقِيعَةُ فِي أَهْلِ الْأَثَرِ, وَعَلَامَةُ الزَّنَادِقَةِ تَسْمِيَتُهُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ حَشْوِيَّةً يُرِيدُونَ إِبْطَالَ الْآثَارِ. وَعَلَامَةُ الْجَهْمِيَّةِ تَسْمِيَتُهُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ مُشَبِّهَةً, وَعَلَامَةُ الْقَدَرِيَّةِ تَسْمِيَتُهُمْ أَهْلَ الْأَثَرِ مُجَبِّرَةً. وَعَلَامَةُ الْمُرْجِئَةِ تَسْمِيَتُهُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ مُخَالِفَةً وَنُقْصَانِيَّةً. وَعَلَامَةُ الرَّافِضَةِ تَسْمِيَتُهُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ نَاصِبَةً. وَلَا يَلْحَقُ أَهْلَ السُّنَّةِ إِلَّا اسْمٌ وَاحِدٌ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ تَجْمَعَهُمْ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ]. فما جعلناه باللون الغامق المميَّز فهو مما اختلف الصحابة أو أهل السنة فيه وبعضه باطل!
والمعروف أنَّ أبا زُرعة وأبا حاتم لم يكونا يَرَيان الكلام في هذا الموضوع ولا التصنيف فيه كصديقهما أحمد بن حنبل!! وهذا مما يؤكد أنَّ هذا الكلام موضوع عليهما!! ولئن ثبت فما قول الرجال بحجة من حجج الشرع وخاصة مع وجود المخالفين الكثيرين لهما ولغيرهما!!
ومما يجب أن يلتفت إليه الباحث ويتنبَّه له أنَّ أسانيد هذه الروايات كلها تدور على الحنابلة المجسمة ومنهم ابن بطة وغيره وهم من المشهورين في وضع العقائد وانتحال القصص والأقوال!! ولذلك فقد اعترف المتناقض الألباني!! في "مختصر العلو" ص (205) بأنَّ في أسانيد هذه عن أبي حاتم وأبي زرعـة أشخاصاً لم يعرفهم ولم يقف على مَن وثَّقهم عند ابن العماد!! ومع ذلك يقول ليروّج بدعته: ((هذا صحيح ثابت عن أبي زرعة وأبي حاتم)) و ((هذا إسناده جيد)) مع اعترافه بأنَّ في هذا السند من يجهل حاله!! فتأملوا كيف يكون التعصب للباطل!!
ومما يجدر التنبيه عليه أنَّ أحد المبتدعة في عصرنا من أعداء السنة الصحيحة واسمه محمود محمد الحداد قد نشر كتاباً تحت اسم عقيدة أبي حاتم وأبي زرعة!! وأتى فيها بالطم والرم وعليه مؤآخذات كثيرة وحذف وبتر لما وجده في المخطوطة التي ينقل منها!! فأسأل الله تعالى أن يطهر الأرض منه ومن أمثاله من الذين يعيثون في الأرض فساداً وإفساداً إنه سميع مجيب!!
بيان عدم صحة ما يروج له المجسمة عن أبي حاتم و ابي زرعة من أن مذهبهما التفويض وإثبات المكان الحسي لله تعالى:
-
- مشاركات: 777
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm