صفحة 1 من 1

بيان حال الأسانيد التي يسوقها الذهبي عن أبي زرعة الرازي والتي تفيد أنه يؤيد المفوضة والمجسمة:

مرسل: الأحد إبريل 14, 2024 9:07 pm
بواسطة عود الخيزران
بيان حال الأسانيد التي يسوقها الذهبي عن أبي زرعة الرازي والتي تفيد أنه يؤيد المفوضة والمجسمة:

قال الذهبي في كتابه "العلو" النص رقم(467):
[467- (ح) وأخبرنا التاج عبد الخالق، أنا ابن قدامة، أنا محمد بن عبدالباقـي، أنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا، أنا هبة الله بن الحسن، أنا محمد بن مظفَّر المقري، نا الحسين بن محمد بن حبيش المقري، نا ابن أبي حاتم سألت أبي وأبا زُرْعـة (ح)، وأنا التاج، أنا ابن قدامة قال: وقرأت بالمَوصل على أبي الفضل الطوسي، أخبركم أبو الحسن ابن العلاف، أنا أبو القاسم بن بشران، أنا علي بن مردك، أنا عبدالرحمن بن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار فكان من مذاهبهم: أنَّ الإيمان قول وعمل يزيد وينقص والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته، والقدر خيره وشرّه من الله تعالى، وأنَّ الله على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله بلا كيف، أحاط بكل شيئ علماً، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}الشورى:11.
أبو زرعة كان إمام أهل الحديث في زمانه بحيث أنَّ أحمد بن حنبل قال: ما عبر جسر بغداد أحفظ من أبي زرعة، وكان من الأبدال الذين تحفظ بهم الأرض، وقال: يحفظ هذا الشاب سبعمائة ألف حديث، قلت: كان رأساً في العلم والعمل، ومناقبه جمَّة، مات سنة أربع وستين ومائتين، حدَّث عنه مسلم في صحيحه].

أقول في بيان حال هذه الأسانيد والتعليق عليها:

هذا الإسناد الذي ساقه الذهبي ، لا نتعرض كسابقه لجميع رجاله وإنما لآخره الذي رواه اللالكائي في "شرح عقائد السنة" (1/197/321) عن محمد بن المظفر المقرىء، عن الحسين بن محمد بن حبش المقرىء، فنقول: أما (محمد بن المظفر المقرىء ت415هـ) فترجمه الخطيب البغدادي في تاريخه (3/265) وقال: [كتبت عنه وكان شيخاً صالحاً فاضلاً صدوقاً]. وكلام الخطيب يشعر أنه ليس بذاك والصدوق كما تقدم لا يحتج به!
وأما (الحسين بن محمد بن حبش المقرىء ت373هـ)، فموثوق في علم القراءات لكن لم ينقل عن أحد توثيقه في الحديث، كما سيأتي بعد أسطر، وأستبعد أن يروي عن ابن أبي حاتم هذه العقائد! ومن الغريب إن ثبتت هذه العقيدة عن أبي زرعة وأبي حاتم أن تصدر منهما هذه الدعاوى وأن أهل السنة متفقون عليها وفيها خلاف طويل جارٍ بين أئمة أهل السنة! وما ينقله ابن أبي حاتم من العقائد لا يوثق به كما قلنا مراراً ومن ذلك أنه نقل قولاً للإمام الشافعي وزاد فيه كلاماً من عنده كما جاء في التعليق على النص رقم (414)! وقد نص على ذلك البيهقي في "الأسماء والصفات" ص (255-256) وبين أنَّ هذه الزيادة من ابن أبي حاتم إذ قال البيهقي عقبها هناك: [زاد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الحنظلي في هذه الحكاية عن الربيع عن الشافعي رضي الله عنه: لأنَّ هذا مخلوق وذلك غير مخلوق] وهذا أمر خطير من ابن أبي حاتم يجعلنا لا نثق بما ينقله ويرويه في هذه البابة ونحوها!!
قال ياقوت الحموي في "معجم البلدان" (3/121): [وكان أَهْلُ الرَّيِّ أهلَ سُنَّةٍ وجماعةٍ، إلى أن تغلَّبَ أحمدُ بنُ الحَسَنِ المَارْدَانِيُّ عليها، فأظهَرَ التشيُّعَ، وأكرَمَ أهلَهُ وقرَّبهم، فتقرَّبَ إليه الناسُ بتصنيفِ الكتبِ في ذلك، فصنَّفَ له عبدُالرحمنِ بنُ أبي حاتم كتابًا في فضائلِ أهلِ البيت وغيره، وكان ذلك في أيامِ المُعْتَمِدِ وتغلُّبِهِ عليها في سنة 275، وكان قبل ذلك في خِدْمةِ كوتكين بن ساتكين التُّرْكي].
(ملاحظة): لم يقف الألباني على توثيق لابن حبش ولذلك قال في "مختصر العلو" ص (205): [والحسين بن محمد بن حبش المقرئ هو أبو علي الدينوري صاحب موسى بن جرير الرقي، أورده ابن العماد في وفيات سنة "373"، ولم يزد! والظاهر من ترجمة ابن المظفر في "تاريخ بغداد" المتقدمة، أنه ورد بغداد إن لم يكن من مواليدها لتحديث ابن المظفر عنه بها، ومع ذلك فلم يترجم له الخطيب فيه. والله أعلم. ولكنه لم يتفرَّد به، فقد تابعه عند المصنف علي بن عبد العزيز وهو البغوي وهو ثقة ثبت، وعلي بن مردك ولم أعرفه]. وفي كلامه هذا سلسلة من الأخطاء تقدَّم بعضها! وهذه الأخطاء هي:
1- أن ابن حبش وإن لم يقف ابن العماد على توثيقه فقد نقل الذهبي في "تاريخ الإسلام" (26/538): [قال أبو عمرو الداني: ... متقدِّم في علم القراءة مشهور بالإتقان ثقة مأمون]. وقال الذهبي في "معرفة القراء الكبار" ص (182): [قال ابن الجزري: حاذق ضابط متقن]. وهذا كله عندنا في القراءات ولا يشمل ذلك الحديث والرواية فكم من إمام في القراءات ضعفوه في الرواية، وهذا مشهور. ولذلك جاء في ترجمته في كتاب "الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء" لمجموعة من الباحثين: [قال الداني: متقدم في علم القراءات مشهور بالإتقان ثقة مأمون].
ولو وقف المتناقض على هذا لطنطن وأبرق وأرعد به! وأبو عمرو الداني لا عبرة عندنا بتوثيقاته فهو مجسم مالكي يظهر هذا من منظومته "المنبهة" في القراءات التي أورد فيها قسماً في العقائد وذم فيها الإمام أبا حنيفة وأصحابه وشتم المعتزلة أقبح الشتائم ونص على وجوب اعتقاد نزول الرب سبحانه وتعالى عما يقول إلى السماء وغير ذلك من الطامات في العقائد. وكذا يقول الداني في كتابه المسمى "الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الاعتقادات وأصول الديانات" وفيها إثبات العينين واليدين والوجه والنزول ونحو ذلك!
2- أن علي بن عبد العزيز ليس هو البغوي كما تقدَّم في الحاشية السابقة موثقاً مدللاً وإنما هو (علي بن عبد العزيز بن مردك)!
3- أن علي بن مردك هو نفسه علي بن عبد العزيز بن مردك كما تقدم هذا أيضاً في الحاشية السابقة موثقاً!
والإسناد الثالث الذي ذكره الذهبي هنا عقب ما تقدَّم فيه علي بن عبد العزيز بن مردك، وقد سبق الكلام عليه، والإسناد إليه فيه أبو الفضل الطوسي، وهو أحمد بن الحسن بن علي بن إسحاق، مجهول الحال، ترجمته في "التجبير في المعجم الكبير" (2/343) للسمعاني. وهو أيضاً في كتاب "المنتخب من معجم شيوخ السمعاني" (1787). ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. فعندنا لا تصح هذه العقيدة عن قائليها لما بيناه.

وذكره للأبدال التي تحفظ بهم الأرض، فأقول:
لو قلنا: (كان سيدنا علي رضي الله عنه ممن تحفظ بهم الأرض) لطاروا في الإنكار علينا! ولو قال هذه العبارة أحدٌ غيرهم كالصوفية مثلاً فهل يقبلونها أم يرفعون عقيرتهم بتكفير قائلها وبتبديعه وتضليله؟!